قفزت أسعار المعادن النفيسة خلال العام الماضى مع تدفق المستثمرين على شرائها وسط وباء فيروس كورونا الذى أدى إلى تزايد مخاوفهم من إطلاق موجة غير مسبوقة من التحفيزات المالية من البنوك المركزية ومن الحكومات الأوروبية والأمريكية والتى ستؤدى إلى ارتفاع معدلات التضخم وهبوط قيمة العملات القوية ولاسيما الدولار.
وذكرت وكالة بلومبرج أن أسعار الذهب فى التعاملات الفورية صعدت بأكثر من 25 %خلال عام 2020 لتقترب من 1899 دولارا للأوقية لتسجل أعلى مستوى منذ عام 2010 بينما قفزت أسعار الفضة %48 لتتجاوز 26 دولارا للأوقية والبلاديوم %26 للسنة الخامسة على التوالى ليبلغ 2449 دولارا للأوقية والبلاتين %11 ليصل إلى مايزيد عن 1072 دولارا للأوقية.
وسجلت أسعار الذهب أكبر مكسب سنوى منذ أكثر من عشر سنوات بسبب التقلبات التى اعترت الأسواق المالية نتيجة وباء كورونا كما زادت بحوالى %6.8 خلال الشهر الأخير من العام الماضى مع تراجع الدولار إلى أدنى مستوياته فى أكثر من عامين بفضل التحفيز الأمريكى.
وهوت أسعار المعدن الأصفر النفيس بأكثر من %6 خلال شهر نوفمبر من العام الماضى لتنزل إلى 1770 دولارا للأوقية فى أسوأ أداء شهرى منذ أبريل 2018 لتزايد التفاؤل بخصوص ابتكار بعض الشركات العالمية عدد من اللقاحات اللازمة لمكافحة الوباء والوقاية من مرض كوفيد 19 المميت.
كانت أسعار الذهب ارتفعت لأرقام قياسية خلال أغسطس الماضى بسبب البرامج التحفيزية كما زادت ممتلكات الذهب خلال شهر أكتوبر فى صناديق المؤشرات المدعومة بالمعدن النفيس لتسجل أعلى مستوى فى تاريخها.
وتراجعت أسعار الذهب قليلا مع تزايد التفاؤل فى الأسواق المالية بطرح لقاحات كورونا مما جعل الدولار الأمريكى، واصل انخفاضه مما دعم أسعار المعدن الأصفر مع نهاية العام الماضى، إلا أن المحللين فى بنك مورجان ستانلى الأمريكى يرون أن المعادن النفيسة بما فيها الذهب ستتعرض لضغوط خلال العام الجديد مع عودة الأسواق المالية لطبيعتها وزيادة عوائد السندات، بينما يتوقع بنك HSBC البريطانى استمرار زيادة أسعار الذهب مع وجود شكوك فى جدوى اللقاحات وبقاء وباء كورونا حتى عام 2022.
ويعتمد معظم أداء الذهب هذا العام على توقيت عودة الأسواق المالية نهائيا لطبيعتها، وإلى متى ستستمر السياسات التحفيزية ولاسيما أن جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى (البنك المركزى) أشار إلى أن طرح كميات ضخمة من النقود بتيسيرات كبيرة سيستمر طوال 2021.
وأكد فازو مينون المدير التنفيذى لاستراتيجية الاستثمار فى مؤسسة اوفرسيز تشاينيس بانكينج كورب التى تتخذ من سنغافورة مقرا لها، أن العوامل الدافعة الرئيسية لصعود الذهب -ولاسيما الدولار الضعيف وهبوط أسعار الفائدة- ستدعم ارتفاع أسعاره حتى إذا جرى توزيع لقاحات مرض كوفيد 19 على جميع سكان العالم لدرجة أن محللين يتوقعون ارتفاع أسعار الذهب إلى 2000 دولار للأوقية بسبب كورونا، بينما يرى آخرون أنها ستنخفض لانحسار الوباء.
لكن هناك احتمالات قوية لزيادة المساعدات المالية فى حزمة التحفيز التى ستمنحها الإدارة الأمريكية الجديدة للعاطلين والشركات المتعثرة، وخاصة أن مؤشر الدولار اقترب فى نهاية العام الماضى من أدنى مستوى له منذ أكثر من أربع سنوات مما يجعل الذهب ملاذاً آمناً ضد التضخم والأزمات.
لكن مكاسب أسعار الذهب تأثرت سلبا بتوزيع لقاحات للوقاية من وباء فيروس كورونا على ما يزيد عن 13 مليون شخص فى أكثر من 30 دولة ، وزيادة الإقبال على المخاطرة، إلا أن المستثمرين تدفقوا على المعدن الأصفر لأنه أداة للتحوط فى مواجهة التضخم وانخفاض قيم العملات ولاسيما الدولار بسبب حزم التحفيز الضخمة.
وجاء أيضا ارتفاع أسعار الذهب خلال العام الماضى بعد ظهور احتمالات قوية لزيادة مدفوعات الحكومة الفيدرالية للمساعدات المالية للتخفيف من تداعيات فيروس كورونا إلى 2000 دولار للفرد برغم شعور المستثمرين بتفاؤل قوى لحدوث انتعاش اقتصادى العام الجارى وانحسار مخاوفهم من وباء فيروس كورونا بعد توزيع لقاحات من شركات عالمية للوقاية من مرض كوفيد19.
ومع ذلك يتجه مستثمرون لشراء أصول تقليدية عالية المخاطر للاستفادة من ارتفاع عوائدها أثناء الانتعاش الاقتصادى، وتجنب الذهب الذى لا يدر عائدا برغم ارتفاع أسعار الذهب خلال الأسابيع الماضية بأمل إطلاق برامج تحفيز اقتصادى مالى ضخم مع فوز جو بايدن بسباق الانتخابات الأميركية وبقاء أسعار الفائدة قرب الصفر.