لا يبدو أن العالم سيكون مؤهلا للتخلص من أزمة سلاسل الإمداد التى اندلعت إبان جائحة كورونا فى 2020 وأثبتت كونها مشكلة مركبة وبالغة التعقيد، إذ استمرت على مدار العامين الماضى والجارى ويتوقع أن تبقى فى 2023، بل وربما حتى 2024.
وحسب تقرير مجلة «ماى لوجيستكس ماجازين» المتخصصة فى رصد سلاسل التوريد والخدمات اللوجستية وأخبار الشحن، فإن أقرب السيناريوهات هو أن تنتهى الأزمة بحلول نهاية العام القادم، لكن قد تحدث بعض العراقيل التى تطيل أمد الأزمة حتى 2024.
الاقتصاد أقل تأثرا بالأزمة
وفقا للتقرير، من المرجح أن تتباطأ اضطرابات سلاسل الإمداد ولكنها لن توقف الانتعاش الاقتصادى الحالى، لأن العديد من الصناعات فى جميع أنحاء العالم تعمل على تطوير حلول جديدة لسلاسل الإمداد.
وأوضح التقرير أن الولايات المتحدة لديها خطط ضخمة لإعادة هيكلة البنية التحتية، فى حين أن الاتحاد الأوروبى لديه القدرة على تخفيف عبء هذه الأزمة بشكل كبير.
وذكر التقرير أن تفشى كوفيد-19 دمر التجارة العالمية فى عام 2020، مما أدى إلى شل سلاسل الإمداد فى وقت اعتقد فيه معظم المتخصصين فى القطاع أن الاضطرابات فى أنظمة الإمداد العالمية ستكون عابرة.
وأشار التقرير إلى أن المشكلات تنبع من مجموعة متنوعة من المتغيرات، بعضها عابر والبعض الآخر هيكلى، لافتا إلى أن تراكم الطلبات إلى جانب إغلاق المصانع والمخاوف العمالية ونقص المعدات، جعل التنبؤ بنتائج العام الجديد أمرًا صعبًا.
نقص العمالة لا يزال سائدا
ولا يزال نقص العمالة فى العديد من القطاعات اللوجستية فى جميع أنحاء العالم حادًا لذا تعمل معظم الشركات لساعات إضافية لتلبية الطلبات، كما فعلت خلال العام ونصف العام الماضيين.
ولفت التقرير إلى أن القوى العاملة الموجودة حاليا أضحت «مرهقة» وأقل فعالية بعد أن غادر العديد من العمال هذا القطاع، بينما لا تزال الولايات المتحدة تعانى من هجرة العمالة التى حدثت فى العامين الماضيين.
وبحسب التقرير، لا تزال هناك فرص عمل أساسية فى مجال الخدمات اللوجستية وغيرها من المجالات ذات الصلة.
فى عام 2022، اندلعت الإضرابات فى بلدان عدة كنتيجة مباشرة لظروف العمل السيئة إذ يريد العمال أجوراً وظروف عمل أفضل.
الطلب مرتفع
مع زيادة الطلب العالمى بعد نهاية فترة الجائحة، زادت الحاجة إلى حلول لوجستية سريعة بشكل كبير، وكان هناك القليل مما يمكن أن يفعله المتخصصون فى الصناعة لتلبية الطلب المتزايد.
وترجع زيادة الطلب أساسًا إلى أن الناس وفروا الكثير من المال من خلال عدم إجراء العديد من عمليات الشراء أثناء الوباء وأصبحوا الآن أحرارًا فى إنفاقها.
والأكثر من ذلك، أن السياسات المالية والنقدية وحزم التحفيز التى نفذتها العديد من الدول فى جميع أنحاء العالم زادت من تفاقم المشكلة، ويعتقد العديد من الخبراء أن الطلب سيستمر فى الارتفاع حتى عام 2023.
وفقًا لخبراء شركة الشحن Peasley Transfer & Storage ، فإن هذا يعنى أنه حتى إذا تمت استعادة سلاسل التوريد بكفاءة بنسبة %100، فسيظل هناك تراكم كبير فى عمليات التسليم أثناء النقل مما يعنى أن تظل أزمة سلسلة التوريد العالمية تسبب مشاكل.
العرض مقيد
ويؤثر الجمع بين ارتفاع الطلب ومحدودية العرض بشكل كبير على أسعار السلع الأساسية، إذ ارتفعت أسعار العديد من السلع منذ بداية 2022 بسبب عدم تطابق العرض مع الطلب، والظروف المناخية، ومشاكل كوفيد-19، والكوارث الطبيعية، وإضرابات العمال فى مواقع الإنتاج.
وتؤثر الزيادات فى أسعار السلع الأساسية على هوامش ربح الشركات التى تعتمد على المواد الخام كمدخلات والشركات التى تعتمد على تصدير السلع، ولا يؤثر عدم التوازن بين العرض والطلب على السلع فحسب، بل يؤثر أيضًا على سعر وتوافر العناصر الوسيطة والعمالة.
وبحسب التقرير، فإنه فى مواجهة هذا السيناريو الصعب، ليس أمام الشركات بديل سوى تمرير التكاليف بالكامل، أو جزء منها، إلى العميل، مما يؤدى إلى زيادة التضخم.
وفى حالات أخرى، ليس أمام الشركات خيار سوى تقليص الإنتاج، بسبب نقص المواد والعمالة، أو فى حالات معينة، وقف الإنتاج مؤقتًا.
وفقًا لدراسة عن الشركات الأوروبية، فإن أهم عائق للإنتاج هو نقص المواد الخام أو المعدات.
على الصعيد العالمى، تشمل الصناعات الأكثر تأثرًا بالنقص السيارات والمعدات الكهربائية والنقل والبناء، ويمكن أن يؤثر ذلك أيضًا على شركات الخدمات اللوجستية الكبيرة.