أدت أزمة نقص رقائق أشباه الموصلات إلى تباطؤ نمو الناتج المحلى الإجمالى الأمريكى إلى %2 خلال الربع الماضى أو مايعادل أقل من ثلث معدل النمو الذى حققه فى الربع الثانى من هذا العام عندما ارتفع إلى أكثر من %6.7، مع زيادة الإصابات بمرض كوفيد-19 لتزداد الضغوط على سلاسل الإمدادات العالمية ويتراجع إنتاج سلع مثل السيارات مما أدى إلى هبوط إنفاق المستهلكين، ليسجل أدنى مستوى منذ سنة الوباء.
وواجه الاقتصاد انكماشا تاريخيا فى أعقاب سلسلة إغلاقات للعديد من الأنشطة الاقتصادية فى الولايات المتحدة بهدف مواجهة الموجة الأولى من جائحة كورونا وتسبب تفشى السلالة المتحورة دلتا فى تفاقم عجز العمالة فى المصانع والمناجم والموانئ واضطراب سلاسل الإمدادات كما تراجع نمو إنفاق المستهلكين، الذى يشكل أكثر من ثلثى النشاط الاقتصادى الأمريكى، إلى %6.1 بعد نمو بلغ %12 فى الربع الثانى من أبريل حتى يونيو.
ضحايا «ديترويت»
وذكرت وكالة رويترز أن جميع شركات السيارات فى مدينة ديترويت مركز هذه الصناعة الضخمة تسببت فى تقليص النمو الاقتصادى خلال الفترة من بداية يوليو لنهاية سبتمبر من العام الحالى فى أكبر نسبة تخفيض للاقتصاد الأمريكى تسببها هذه الشركات منذ 40 سنة ونادرا ما يحدث هذا الهبوط إلا فى حالات الكساد والركود، بينما تسبب الوباء فى انكماش الاقتصاد فى الولايات المتحدة فى شهرين فقط خلال ربيع العام الماضى وظل يسير فى طريق التعافى منذ ذلك الحين.
أكبر خسارة للاقتصاد تسببها «ديترويت» منذ 40 سنة
وإذا كانت سلالات فيروس كورونا المتحورة لعبت دورا خطيرا فى ضعف الأنشطة الاقتصادية فى الولايات المتحدة أثناء شهور الربع الماضى وكبحت النمو فى إنفاق المستهلك، إلا أن صناعة السيارات الأمريكية سجلت أضعف قراءة فى الناتج المحلى الإجمالى لأكبر اقتصاد فى العالم نتيجة أزمة الرقائق التى تعتمد عليها جميع الموديلات الكهربائية ومعظم إنتاج السيارات السمارت التى تعتمد على الطاقة المتجددة مثل تلك التى تعمل بالخلايا الشمسية والهيروجينية والهجين.
ندرة أشباه الموصلات
تتمثل المشكلة الخطيرة التى تعانى منها صناعة السيارات فى الولايات المتحدة وعلى مستوى العالم فى النقص العالمى لأشباه الموصلات المطلوبة لجميع المركبات الحديثة السمارت ولكن بعد استعادة الاقتصاد العالمى لتعافيه من الإغلاقات التى تعرض لها منذ العام الماضى بسبب كوفيد 19 بدأت جميع الصناعات ولاسيما المتخصصة فى الإلكترونيات تسعى وراء الرقائق التى باتت نادرة بسبب اختناقات الإمدادات وانخفاض إنتاجها وتكدس سفن الشحن فى الموانئ.
وكان نتيجة ذلك أن إنتاج السيارات الأمريكية تراجع خلال السبعة شهور من العشرة شهور الأولى من العام الجارى يمعدلات لم تشهدها الصناعة الأمريكية إلا أثناء الكساد لدرجة أن الإنتاج فى سبتمبر الماضى هوى إلى 7.51 مليون سيارة ليسجل أدنى مستوى منذ عام 2010 عندما كانت الشركات تتعافى من الأزمة المالية العالمية وباستثاء الأسابيع التى أغلقت خلالها المصانع فى ديترويت وغيرها من المدن الصناعية الأمريكية أبوابها بسبب وباء كورونا.
وانخفضت مبيعات شركة فورد بحوالى %33 فى السوق الأمريكية وشركتى نيو وبينج فى السوق الصينية بنسبة %35 و%11 على التوالى خلال الشهور القليلة الماضية بينما تعتزم وحدة سيات الإسبانية المملوكة لمجموعة فولكس فاجن الألمانية تمديد تعليق إنتاج مصانعها بالقرب من مدينة برشلونة حتى وقت لاحق العام المقبل.
تفاقم التضخم
وساعد أيضا نقص الرقائق على ارتفاع معدل التضخم إلى أعلى مستوى منذ عقود عديدة لدرجة أنه كان من الصعب على المستهلكين أن يشتروا موديلات جديدة واضطروا إلى شراء سيارات مستعملة برغم أن أسعارها صعدت بأكثر من %10 كل شهر من الشهور الأربعة الماضية على التوالى ومع ذلك فقد ازداد الفارق فى التضخم بين أسعار الجديدة والمستعملة لأعلى مستوى فى تاريخها لصالح المركبات المستعملة.
ويرى المحللون أن أزمة توريد المكونات المختلفة على مستوى العالم أثرت سلبا هذا العام على صناعة السيارات والإلكترونيات بدرجة أكبر من تأثير وباء كوفيد19 على هذه الصناعات خلال العام الماضى لدرجة أن العملاق الألمانى كونتننتال المتخصصة فى إنتاج قطع الغيار تتوقع الآن هبوط مبيعاتها المرتقبة خلال العام الجارى إلى 33.5 مليار يورو (37.8 مليار دولار) بالمقارنة مع توقعات سابقة عند 34.5 مليار يورو.
هبوط الإنتاج 11 مليون سيارة
وأعلنت مؤسسة IHS ماركيت لأبحاث الأسواق المالية والاقتصادية أن مشاكل توريد مكونات السيارات وخصوصا رقائق أشباه الموصلات ستكلف صناعة السيارات العالمية حوالى 11 مليون سيارة على مستوى العالم مع نهاية العام الجارى مما جعل شركة المكونات فوريسيا تعلن عن تقليص إنتاجها منذ شهر الربع الماضى وحتى نهاية الربع الحالى.
وتواجه شركات صناعة السيارات خسائر بقيمة 210 مليارات دولار حيث تعانى المصانع من الإغلاقات ونقص رقائق أشباه الموصلات لترتفع أسعار السيارات الجديدة استجابة للإمدادات المحدودة فى الإنتاج فى جميع أنحاء أميركا الشمالية وأوروبا وآسيا والذى سيقل بأكثر من 7.7 مليون وحدة بنهاية العام الجارى.
وأعلنت رابطة صناع السيارات الأوروبية EAMA أن مبيعات السيارات الجديدة فى دول غرب أوروبا تراجعت فى شهر سبتمبر الماضى إلى أدنى مستوى شهرى منذ عام 1995 بسبب أزمة توريد المكونات التى تفاقمت أكثر خلال الثلاث شهور الماضية لدرجة أن مبيعات كونتتنتال للمكونات هبطت خلال الربع الماضى بحوالى %8.5 مع ضعف إنتاج شركات السيارات الألمانية بالمقارنة بنفس الربع من العام الماضى مع انخفاض هامش تشغيلها بحوالى سالب 2.3 % خلال نفس الفترة.
«المكونات» تقلص إنتاجها
وتعرضت شركات مكونات السيارات فى معظم الدول ومنها كونتننتال إلى أزمة فى الإنتاج بسبب نقص المدخلات الرئيسية ومنها رقائق أشباه الموصلات وغيرها من الإلكترونيات والمكونات الكهروميكانيكية والمواد الخام بسبب ارتفاع التضخم فى معظم دول العالم مما جعل كونتننتال تخفض توقعاتها للإنتاج هذا العام بسبب أزمة الرقائق والاختناقات فى سلاسل توريد المكونات العالمية لشركات السيارات والإلكترونيات المختلفة من الكمبيوتر إلى الموبايلات السمارت .
وعدلت أيضا شركة كونتننتال هامش التشغيل المرتقب مع نهاية هذا العام والذى يراقبه عن كثب المستثمرون لينزل إلى مابين 5.3 و5.6 % بالمقارنة مع توقعاتها السابقة عند 6.5 و7 % علاوة على أن الاضطرابات التى سببها وباء كورونا أدت إلى نقص فى العديد من الخامات من الأخشاب إلى اللدائن وحتى المكونات المختلفة ولاسيما الرقائق مما تسبب فى انكماش الإنتاج والاقتصاد العالمى ككل.
وتعرضت صناعة السيارات الألمانية لخسائر شديدة بسبب نقص رقائق أشباه الموصلات التى تعد من المكونات الرئيسية لسياراتها التقليدية السمارت ولمركباتها الكهربائية مما أرغم العديد من شركات السيارات فيها على تقليص الإنتاج وحتى وقف إنتاج موديلات كثيرة.
وأعلنت شركة “فولكس فاجن” الألمانية، أكبر شركة سيارات فى أوروبا، أن أزمة إمدادات أشباه الموصلات قد تجبرها على إبطاء خطوط الإنتاج خلال الخريف لتتفاقم التخفيضات التى كانت قائمة منذ فبراير الماضى وذكرت شركة “تويوتا” اليابانية أكبر شركة فى آسيا وربما فى العالم أنها خفضت الإنتاج بنسبة 40 % فى سبتمبر.
«الإيطالية» تتفاعل مع «الكهربائية»
تحاول شركات قطع الغيار الإيطالية أن تتكيف مع تحول شركات السيارات العالمية التى تستثمر مئات المليارات فى إنتاج مركبات كهربائية سمارت لتقليل الانبعاثات الكربونية والمحافظة على نقاء الهواء على كوكب الأرض بتعديل منتجاتها لتناسب المحركات الكهربائية التى تتطلب مكونات أقل ومختلفة غالبا عن المستلزمات التى تحتاجها السيارات التقليدية.
وتكافح شركات المكونات الإيطالية صغيرة الحجم للتكيف مع الإنتاج الضخم من السيارات الحديثة السمارت والكهربائية وخصوصا بعد اندماج فيات كرايسلر الإيطالية الأمريكية مع بيجو ستروين الفرنسية والتى نتج عنه فى بداية العام الجارى مجموعة ستيللانتيس رابع أكبر مجموعة منتجة للسيارات فى العالم.
وأكد ماركو ستيلا رئيس قطاع المكونات فى لوبى صناعى السيارات الإيطالية – أنفيا ANFIA – أن شركات قطع الغيار الصغيرة الحجم تواجه مشاكل من ناحية الاستثمارات عندما تعيد التركيز على تعديل منتجاتها لأن إيطاليا ليس بها شركات مكونات ضخمة مثل شقيقتها ألمانيا.
والشركات الإيطالية متخصصة فى قطع غيار السيارات صغيرة الحجم وبالتالى ليست قادرة على التكيف لمواجهة التحديات التى توجهها صناعة السيارات الكهربائية والهجين والسمارت فى إيطاليا وعلى مستوى العالم .
وأشار فرانشيسكو زيربولى بروفيسور الاقتصاد بجامعة فوسكارى فى فينيسيا إلى أن إيرادات شركات المكونات الإيطالية ترتبط ارتباطا وثيقا بقدرة مجموعة ستيللانتيس على إدارة التداخل بين سلاسل إمدادات المجموعة السابقة فيات كرايسلر بعد اندماجها مع الشركة الفرنسية بيجو ستروين.
2200 شركة تحدث منتجاتها
ورأى زيربولى أن شركات المكونات الإيطالية التى يبلغ عددها حوالى 2200 شركة تحاول تحديث منتجاتها من خلال الاستثمار فى أقسام البحوث والتطوير ويبلغ إجمالى إيراداتها ما يقرب من 45 مليار دولار (52 مليار دولار) ويأتى حوالى 42 % من مبيعاتها من مجموعة ستيللانتيس.
وتراجعت مبيعات مجموعة فوريسيا الفرنسية التى تورد العديد من المكونات ومنها لوحات القيادة ورقائق أشباه الموصلات ونظم توصيل الوقود والمقاعد لشركات السيارات العالمية بأكثر من %10 خلال الربع الثالث من العام الجارى لتنزل إلى 3.43 مليار يورو (3.99 مليار دولار) مقارنة مع 3.82 مليار يورو بنفس الفترة من عام الوباء.
وقال باتريك كوللر الرئيس التنفيذى لشركة فوريسيا أن معظم عملاء مجموعة فوريسيا من شركات السيارات العالمية التى خفضت إنتاجها بسبب ظروف السوق الصعبة التى تعانى من قطع إمدادات المكونات ولاسيما رقائق أشباه الموصلات مما أدى إلى هبوط واردات الشركة الفرنسية من باقى المكونات.
وتفوق إنتاج فوريسيا من المكونات على إنتاج العديد من كبرى عملائها من شركات السيارات العالمية ومنها فولكس فاجن الألمانية ورينو الفرنسية وستيللانتيس الإيطالية الأمريكية التى انخفض إنتاجها بأكثر من %19 خلال شهر أكتوبر الماضى بسبب أزمة توريد أشباه الموصلات التى تعانى منها شركات السيارات والموبايلات وغيرها من الأجهزة الإلكترونية على مستوى العالم.
«المكونات» تعرقل التعافى
وأدت مشاكل نقص مكونات رقائق أشباه الموصلات إلى عرقلة جهود شركات السيارات العالمية التى تحاول التعافى من إغلاقات المصانع ومعارض بيع السيارات التى تسبب فيها وباء كورونا فى شهور عديدة خلال العام الماضى، وقللت أيضا من عمليات تحولها نحو إنتاج السيارات الكهربائية كما خفضت إنتاج شركات المكونات فى العالم.
يتوقع المحللون فى IHS ماركيت هبوط مبيعات شركات السيارات الهندية بأكثر من 450 ألف وحدة هذا العام بسبب أزمة نقص رقائق أشباه الموصلات برغم تعافى طلب المستهلك مع تزايد تطعيمات سكان العالم ولاسيما شعوب الدول المتقدمة باللقاحات المضادة لفيروس كورونا.
ومن المتوقع أيضا هبوط إنتاج شركات السيارات الهندية بحوالى 2.9 إلى 3.1 مليون وحدة خلال العام الجارى بالمقارنة مع 3.34 مليون وحدة فى سوق الهند وفقا لتقرير وكالة جيتو دايناميكس لاستشارات أسواق السيارات الصادر مؤخرا.
وبلغت مبيعات السيارات حوالى 2.43 مليون وحدة فى الهند فى عام الوباء بعدما قفزت إلى 3.39 مليون وحدة فى عام 2018 لتسجل أعلى مستوى فى تاريخ مبيعات السيارات فى الهند التى تعانى حاليا من أزمة نقص الرقائق ومن مشاكل سفن الشحن التى ارتفعت أسعار شحنها وتتكدس فى الموانئ بسبب أزمة كورونا.
ماروتى سوزوكى: تخفيض الإنتاج %60
وأعلنت ماروتى سوزوكى أكبر شركة منتجة سيارات فى الهند أنها تنتج حاليا %60 من إنتاجها المعتاد قبل كورونا وقبل أزمة الرقائق وكانت خفضت الإنتاج أيضا بحوالى 60 % فى سبتمبر الماضى بسبب تفاقم نقص المكونات الإلكترونية اللازمة لسياراتها، كما هبطت مبيعاتها بحوالى 37 % فى ذلك الشهر علاوة على أن شركات أخرى منها هيونداى موتور الهند ووكيا الهند وماهيندرا اند ماهيندرا الهندية خفضت إنتاجها فى سبتمبر الماضى بنسبة بلغت خانة العشرات بسبب نقص أشباه الموصلات.
وأدى الطلب المتزايد على الإلكترونيات الاستهلاكية إلى تفاقم ندرة الرقائق الدقيقة المستخدمة فى السيارات، ما أدى بدوره إلى توقف الإنتاج بالمصانع فى جميع أنحاء العالم، ودفع أسعار السيارات إلى الارتفاع باستمرار. وتعد رقائق أشباه الموصلات مكونات حيوية فى السيارات الجديدة، وتستخدم على نطاق واسع فى أنظمة المعلومات ووسائل الترفيه، وكذلك فى الأجزاء الأساسية، مثل نظم التوجيه والمكابح وغيرها.
«المستعملة» تتجاوز «الجديدة»
وبدأت أسعار السيارات الجديدة فى الارتفاع استجابة للإمدادات المحدودة من السيارات، لكن التأثير الأكثر وضوحاً كان على سوق السيارات المستعملة هذا العام حيث قفزت الأسعار بنسبة %14 على أساس سنوى فى المملكة المتحدة وأكثر من 40 % فى الولايات المتحدة كما يؤثر النقص العالمى فى الرقائق على إنتاج السيارات فى الصين واليابان.
ومن المتوقع نمو الطلب العالمى على رقائق أشباه الموصلات الإلكترونية بحوالى %17.3 مع نهاية العام الجارى بالمقارنة مع %10.8 خلال عام الوباء ولكن التوازن فى سوق الرقائق الإلكترونية ربما يعود بحلول منتصف العام المقبل كما أكد المحللون فى المراكز البحثية أن إيرادات سوق أشباه الموصلات – التى تعد من المكونات المتطورة لتصنيع السيارات الكهربائية وذاتية القيادة والإلكترونيات الحديثة من الموبايلات إلى الساعات السمارات وحتى ألعاب الفيديو – يمكن أن تصعد بأكثر من 22.8 % بنهاية العام الحالى إذا اختفت أزمة الرقائق وارتفع إنتاجها خلال الأسابيع القادمة.
استهلاك متزايد للرقائق رغم كورونا
واتجهت الشركات العالمية لاستخدام رقائق أشباه الموصلات مع تطور صناعات الموبايلات وأجهوة النوتبوك والسيارات الكهربائية والألعاب المبتكرة والأجهزة القابلة للارتداء والأجهزة المنزلية الحديثة التى تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة وغيرها من الأدوات المتطورة التى تستخدم الواى فاى ورقائق الذاكرة.
وبرغم استمرار انتشار العدوى من فيروس كورونا الذى تسبب فى إصابة ما يقرب من 247 مليون حالة، وأكثر من 4.9 مليون وفاة فإن هناك استهلاكا متزايدا لأشباه الموصلات منذ العام الماضى وحتى الآن لدرجة أن الشركات الصناعية تستهلك %100 من الطاقة الإنتاجية لهذه الرقائق، ووجود عجز فى المعروض بسبب الاختناقات فى سلال الإمدادات الناجمة عن قيود كوفيد 19 التى فرضتها الحكومات،وأدت إلى إغلاقات للعديد من الأنشطة الاقتصادية فى المصانع والشركات وأرصفة الموانئ وتكدس السفن.
وزادت أسعار رقائق أشباه الموصلات خلال النصف الماضى بسبب أزمة النقص فى إمداداتها، وأدت إلى إغلاق العديد من مصانع السيارات الأمريكية والأوروبية وواليابانية والمكسيكية وتوقعات باستمرار زيادة أسعارها بقية العام الحالى وربما حتى عام 2025 لتزداد إيراداتها إلى أكثر من 600 مليار دولار بمتوسط نمو سنوى 5.3 % مقارنة مع متوسط نمو تراوح بين 3 – 4 % منذ 2016 إلى 2020 .
«التكنولوجية» تتجه لإنتاج «الكهربائية»
وتسعى شركات تكنولوجية عملاقة لإنتاج سيارات كهربائية تعتمد على هذه الرقائق،ومنها شركة آبل الأمريكية التى تتوقع إطلاق سيارتها الكهربائية الخاصة بحلول عام 2025،وبيع ما يصل إلى 1.5 مليون سيارة بعد خمس سنوات من إنتاجها، وأن تضيف مبيعات السيارات الكهربائية يمكن أن تضيف ما يقرب من 75 مليار دولار إلى إيراداتها.
وتضاعف بشكل فعال معدل النمو الإجمالى لشركة أبل مما سيؤدى إلى تزايد الإقبال على شراء هذه الرقائق الحيوية التى ينتجها عدد قليل من الدول أهمها الصين وتايوان واليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة وبعض دول أوروبا والتى تعد شركاتها الكبرى مثل إنتل وسامسونج من أهم موردى هذه الرقائق.
الأزمة مستمرة
ويبدو أن أزمة الرقائق ستستمر حتى بداية العام المقبل على الأقل ولن تتحسن إلا بعد النصف الأول من عام 2022 ولكن شركة فولكس فاجن حذرت من أن الأزمة قد تستمر لسنوات، مع وجود نقص فى الرقائق على مستوى العالم واختناقات لسلاسل التوريد العالمية التى أجبرت شركة هوندا اليابانية على إغلاق بعض من مصانعها وتقليص إنتاج بعضها الآخر.
وكانت الظروف الاستثنائية الناجمة عن تداعيات وباء كوفيد 19 الذى أدى إلى اضطراب حركة التجارة العالمية منذ العام الماضى وحتى الآن، ولاسيما فى مجال السيارات والمنتجات الإلكترونية مع ازدحام الموانئ وتأخير السفن والناقلات واستمرار إبحارها فى المحيطات وانتظارها لأسابيع طويلة حتى تجد رصيفا خاليا فى الموانئ التى تفرع فيها شحناتها بسبب قيود الوباء، هى التى أدت لظهور أزمة أشباه الموصلات ونقص سلاسل توريدات اللوجستيات ليرتفع الطلب على الموارد الطبيعية والاستهلاكية والمنتجات الإلكترونية المتطورة.