توقع عدد من وكلاء السيارات وكبار الموزعين خروج صغار التجار والمتعاملين بكميات محدودة من بيع العلامات التجارية لأسباب تتعلق بصعوبة تعاملهم مع الأزمات المتعددة، وضعف قدرتهم على امتصاص الصدمات، ولجوئهم إلى حرق أسعار مع أزمات المبيعات وتراجعها، وزيادة (الأوفر برايس) أو الزيادات السعرية مع الطرازات منخفضة الكميات داخل السوق.
وقالوا إن الأزمات المتتالية وتراجع حجم رأس مال المتعاملين من صغار التجار وراء هذه الممارسات التى ينتهجونها، والتى تكون بمثابة طوق النجاة لهم لفترات معينة؛ إلا أنها تضر بالسوق على الأجل البعيد، مشيرين إلى أن سياسة السوق حاليًا تتجه إلى «البقاء للأقوى»، من حيث القدرة على الحصول على كميات.
وأضاف الوكلاء أنه فى الفترات الماضية كانت الشركات تحاول اجتذاب أكبر قدر من الموزعين، إلا أن التجارب أثبتت أن عددًا محدودًا منهم يعمل على ضبط الأسعار والسياسات التوزيعية فى الاتجاه الصحيح، بدلًا من الاعتماد على العدد الكبير الذى قد يكون غير مؤثر فى ظل أزمات السوق المختلفة.
يأتى ذلك فى الوقت الذى تشهد السوق تراجع عدد السيارات على خلفية تقليل المصانع العالمية إنتاجها بسبب التداعيات السلبية والاحترازية لفيروس كورونا المستجد، فبعض الطرازات، مثل فيات تيبو، قرر وكلاؤها رفع فترة الحجز إلى أكثر من ثلاثة أشهر، فيما بدأت طرازات أوبل جراند لاند (إسبانية المنشأ) فى الانخفاض، وكذلك الطرازات الصيبنية مثل إم جى وغيرها.
أما بالنسبة للإنتاج المحلى، فلم يسلم من تأثيرات الفيروس، حيث تراجعت طرازات من السوق، خاصة ذات المكونات القادمة من الصين كشيفروليه أوبترا وغيرها من المجمعة محليًا الأخرى.
فى البداية، أكد مدير أحد توكيلات السيارات الأوروبية -فضل عدم ذكر اسمه- أن الشركات بدأت تتجه إلى العمل مع عدد محدود من كبار الموزعين ذوى الملاءة المالية القوية، بدلاً من الاعتماد على عدد كبير ، خاصة مع تراجع المبيعات وفرض زيادات مع انخفاض الكميات.
وقال إن سوق السيارات تتجه حاليًا إلى حالة من تصفية الموزعين لفرز ذوى الرؤية بعيدة المدى والضعفاء منهم الذين يتخوفون من اتخاذ قرارات توزيعية مصيرية، خاصة فى التعامل مع أزمات السوق المختلفة.
وأضاف أن بعض الموزعين قرروا الاستغناء عن حصص من بعض العلامات التجارية المختلفة، وهو ما دفع وكلاءها للاعتماد على عدد محدود من الموزعين ذوى الرؤية بعيدة المدى والملاءة المالية القوية.
وأشار إلى أنه ليس من المنطقى أن يتعامل وكلاء السيارات مع الموزعين على قدم المساواة، قائلًا إن البقاء للأقوى، فى ظل ظروف السوق المتغيرة، ما بين أزمات عالمية وتأثيرات اقتصادية ربما تجعل من الصعب على صغار التجار والموزعين التعامل معها .
وفى سياق آخر، أكد أحد أكبر موزعى العلامات التجارية المتعددة ووكيل غير حصرى لعلامات أمريكية أن الأزمات المتتالية التى تتعرض لها السوق ستعمل على خروج صغار التجار ودخلاء مهنة توزيع السيارات، موضحاً أن وكلاء السيارات بدأوا الاعتماد على الشركات القوية وذوى الخبرة فى عملية توزيع السيارات .
وتابع أن الشركات الكبيرة تعمل باستراتيجية طويلة المدى، تعتمد على تعزيز اسم طراز داخل السوق مع الاحتفاظ بكميات أخرى، حتى ولو كان الطلب منخفضاً، موضحاً أن شركته تحملت خسائر على بعض الطرز التى تشهد حاليًا طلبًا مرتفعًا لمدة تصل إلى ما يقرب من سنتين وسبعة أشهر، وهو الأمر الذى يوضح أن السياسة بعيدة المدى هى الأكثر فاعلية داخل السوق.
وأضاف أن تعزيز اسم منتج أو طراز يعتمد على الاستثمار، وليس فقط فى الكميات، مؤكداً أن بعض الشركات التى تنظر على المدى القريب لن تستطيع تحقيق نجاحات داخل السوق، فبعض الموزعين لم يستطع تصريف كميات لطرازات من دفعات كان متفقًا عليها مع الوكلاء، وهو الأمر الذى دفعه للتراجع عن الاتفاقيات، وبالتالى فإن سياسة العمل التى تعتمد على التعامل اللحظى مع معطيات السوق أثبتت بالدليل القاطع عدم نجاحها خاصة مع أزمات السوق المتتالية.
وتوقع خروج صغار التجار والمتعاملين فى عدد محدود من الطرازات لعدم مقدرتهم على التعامل مع صدمات السوق المتتالية، مؤكدًا أن شركته يبلغ حجم عمالتها حوالى 3 آلاف موظف، وتعمل بأسس وأنظمة راسخة، بالنسبة لدراسات السوق وتوجيه الاستثمارات وأولوياتها وغيرها.
وأكد أن دخلاء المهنة، الذين قرروا دخول السوق فى فترات زيادة أسعار العملات الأجنبية منذ عام 2011 وحتى الآن، أثروا سلبًا على الضوابط المهنية، ويعتمدون على سياسات لحظية تعتمد على سعر السلعة بغض النظر عن الماركات والعلامات التى يتعاملون فيها، وبدون دراسات وتوقعات لحجم طلباتهم من الوكلاء.
وأضاف أن وكلاء السيارات اتجهوا حاليًا إلى الشركات الكبيرة فى التوزيع، خاصة أنهم الاكثر التزامًا بالكميات التى يطلبونها، ويحترمون تعاقداتهم، موضحاً أن لديهم التزامات مع الشركات الأم بكميات متفق عليها، وبالتالى فإن الموزعين الذين يرجعون فى تعاقداتهم ربما يعرضون الوكالات لعدم الالتزام مع الشركات العالمية.
وقال إن شركات السيارات الكبيرة تعمل منذ 2011 وحتى الآن بصورة استثنائية فى التعامل مع السوق، خاصة فى ظل الظروف والأزمات المتتالية التى كان آخرها فيروس كورونا، والذى بدوره يؤثر على حجم الكميات القادمة من الشركات الأم بتراجعها وحركة الشحن وغيرها.
وعلى صعيد متصل، أكد علاء السبع رئيس شركة السبع أوتوموتيف، موزعى العديد من العلامات، أن هناك عددًا من الموزعين قد عملوا على ضخ استثمارات ضخمة فى الاستحواذ على حصص كبيرة من ماركات، وهو ما يجعل تلك العلامات تحصد طلبًا مرتفعًا خلال الفترة الراهنة.
وتابع أن الفترة الحالية تشهد حالة من تراجع حجم المعروض داخل السوق لأسباب تتعلق بتخفيض الشركات العالمية والمصانع للحصص القادمة لأغلب الأسواق، ومنها المصرية، بسبب تداعيات فيروس كورونا المستجد، الأمر الذى يصب فى صالح الشركات التى استثمرت فى مخزونها من الطرازات وحصدت الحصص الأكبر من التوزيع.
وقال إن سياسة وكلاء السيارات حاليًا تتجه إلى الاعتماد على عدد محدود من الموزعين الذين يقومون بإعادة البيع لباقى التجار، وذلك لأسباب تتعلق بتراجع البعض عن استلام الكميات المتفق عليها بخلاف قدرة آخرين على تصريف كميات، فى ظل ظروف السوق المتقلبة والمخاطرة برأس المال.
وتوقع السبع أن تستقر أسعار السيارات داخل السوق بنفس معدلاتها الحالية ما لم يتم تطبيق أى ضرائب أو رسوم جديدة، مشيرًا إلى أنه فى حال فرض ضريبة %30 على المستوردة طبقاً للأنباء المتعلقة باستراتيجية السيارات أو تطبيقها فى شكلها ومقترحها السابق، فإن الأسعار من الممكن أن تزيد بنسبة %35 مقارنة بالأسعار الحالية.