نقلت وكالة أنباء الأناضول عن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، عقب صلاة الجمعة أمس، قوله: «موقفنا تجاه الشعب المصرى إيجابى جدا»، مؤكدا أن بلاده تسعى لاستعادة الوحدة ذات الجذور التاريخية مع شعب مصر، فى أحدث تصريح ضمن المحاولات التركية لاستعادة العلاقات مع القاهرة.
وأضاف أردوغان: يحزننا رؤية الشعب المصرى يتضامن مع الشعب اليونانى، فى إشارة إلى النزاع التركى اليونانى على الحدود البحرية ومناطق التنقيب فى شرق البحر المتوسط.
وترأس نائب وزير الخارجية التركى سادات أونال، ونائب وزير الخارجية المصرى السفير حمدى سند لوزا، المحادثات الاستكشافية التى استمرت يومين فى نهاية الأسبوع، فى أول مشاورات سياسية بين الجانبين منذ منتصف عام 2013.
ونقلت محطة تى آر تى الحكومية عن الوزير التركى قوله: «ناقشنا مع أصدقائنا العلاقات الثنائية وما يمكن فعله حيال ذلك» بعد أن انتهت مساء الخميس جولة المفاوضات التى استمرت على مدار يومين بين مصر وتركيا فى القاهرة، بهدف تطبيع العلاقات بين البلدين.
كانت المناقشات صريحة ومعمقة بين الطرفين المصرى التركى وتطرقت إلى القضايا الثنائية وعدد من القضايا الإقليمية، لا سيما الوضع فى ليبيا وسوريا والعراق، وضرورة تحقيق السلام والأمن فى منطقة شرق المتوسط.
وقال وزير الخارجية التركى مولود تشاوش أوغلو إن محادثات التطبيع فى القاهرة كانت «إيجابية»، مشيرًا إلى أن هذه المناقشات الاستكشافية بين مصر وتركيا قد يتبعها اجتماع بين وزيرى الخارجية فى المستقبل.
وأكد تشاوش أوغلو أن الطرفين سيقيمان نتائج الاجتماع، قائلا: «سنتبادل وجهات النظر معًا حول الخطوات التى يمكن اتخاذها لاحقًا»، بينما رأى مراقبون أن المباحثات التى وصفتها الخارجية المصرية بـ«الاستكشافية» جيدة، ويمكن الاعتماد عليها لبناء تفاهمات مشتركة بين الجانبين والتنسيق فى الملفات الإقليمية، وبشكل خاص الملف الليبى ومياه شرق المتوسط.
وكانت «سكاى نيوز عربية» قد نقلت عن مصدر مصرى مطلع على سير المناقشات، قوله إن الجلسات ركزت بشكل أساسى على ملفى ليبيا وغاز شرق المتوسط بشكل أساسى كأحد أهم المجالات التى يفترض أن تشهد تنسيقا عاليا بين البلدين خلال الفترة المقبلة، كما ركزت أيضاً على الموقف التركى من وقف الدعم نهائيا لجماعة الإخوان فى الفترة المقبلة وتسليم المطلوبين إلى القاهرة.
وساد الخلاف بين مصر وتركيا منذ 2013 خاصة بعد إسقاط حكم جماعة الإخوان إثر ثورة 30 يونيو، وتقديم أنقرة دعما ماليا ولوجستيا للجماعة التى نفذت عمليات إرهابية استهدفت مؤسسات الدولة المصرية.
ولكن أشار كبار المسؤولين الأتراك فى الفترة الأخيرة إلى تحسن العلاقات مع مصر، فى تحول عن نهجهم النقدى الحاد السابق تجاه مصر ومؤسساتها.
وأعلن الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، فى 12 مارس الماضى إن البلدين أجريا اتصالات «استخباراتية ودبلوماسية واقتصادية»، معربا عن أمله فى علاقات «قوية» بين البلدين.
وبعد أسبوع من تصريحات أردوغان، طلبت حكومته من ثلاث قنوات تليفزيونية مقرها إسطنبول، مرتبطة بجماعة الإخوان، تخفيف تغطيتها السياسية التى تهاجم الحكومة المصرية، وتوقفت القنوات التليفزيونية على الفور عن بث بعض البرامج السياسية.
وقالت مديرة المركز المصرى للدراسات الديمقراطية، داليا زيادة، لقناة سكاى نيوز عربية إن المحادثات الاستكشافية التى جرت بين الطرفين على مدار اليومين الماضيين اأذابت جبلا من الجليد كان يحول بينهما.
وأكدت زيادة أن مسألة بناء الثقة وعودة العلاقات لقوتها لن تحدث بين عشية وضحاها، وستستغرق وقتا طويلا، لا سيما أن علاقة البلدين المباشرة مرتبطة بتداخل المصالح على المستوى الإقليمى ايضاً، وهى مسألة ستأخذ وقتا لحلها والوصول لصيغة توافقية جيدة بين الطرفين للتعامل معها بما لا يضر أى طرف.
وأشارت إلى اأنه حتى مع وجود الشرخ السياسى طوال السنوات السبع الماضية، كانت العلاقات الاقتصادية مستمرة، كما أن التبادل التجارى مستمر ومتنامٍ أيضاً بين مصر وتركيا، وهذا ربما يكون نقطة جيدة للبدء فى دفع المحادثات فى الطريق السليم، خصوصاً بعد أن أظهرت تركيا حسن النية بتجميد دعمها لجماعة الاخوان، بناء على طلب مصر.
وأضافت: “نتمنى أن تكون عودة العلاقات بين مصر وتركيا بمثابة اعلان لعودة السلام لمنطقة الشرق الاوسط ككل، خصوصاً ان تركيا تسعى بالفعل للمصالحة مع اطراف اخرى، وهو امر مهم نظراً لقرارات امريكا الاخيرة بشأن الانسحاب من الشرق الاوسط للتفرغ لحربها الباردة مع الصين”.
وترى الباحثة أنه آن الأوان للشرق الاوسط حتى يدير ملفاته بنفسه، ودون الاعتماد على أى اطراف او قوى خارجية، وبالتالى فإن التقارب المصرى التركى وعودة العلاقات الطيبة بين الدول العربية وتركيا امر مهم للغاية لضمان مستقبل افضل لمنطقة الشرق الاوسط ككل.