شهدت السوق المحلية خلال الأسبوع الماضى حالة من الجدل الشديد بعدما أعلنت مصلحة الضرائب عن فرض ضريبة على صناع المحتوى الرقمى ( اليوتيوبرز والبلوجرز) فى مصر بنسبة %10 لكل من تزيد أرباحه عن 500 ألف جنيه سنويا.
وانقسم المتابعون للملف إلى فريقين أحدهما مؤيد للقرار كونه يهدف لحماية قيم المجتمع والحد من انتشار المحتوى الغير هادف، بينما رأى فريق آخر أن تلك الخطوة كانت تحتاج إلى دراسة وافية قبل الشروع فى التطبيق.
وسط كل هذه المعطيات، تهافتت وسائل الإعلام المرئية والمقروءة على تسليط الضوء على أرباح عدد من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعى وعلى رأسها اليوتيوب والتى تتجاوز ملايين الدولارات سنويا، إلا أن أصحاب أغلب تلك القنوات تبرأوا من الأرقام المتداولة مؤكدين أنها عارية تماما من الصحة.
«المال» سعت للكشف عن التناقض الشديد فى تصريحات اليوتيوبرز والبلوجرز من خلال قراءة أرباح كل ألف مشاهدة عبر منصة يوتيوب بناءً على أحدث بيانات رسمية حصلت عليها.
وتختلف سعر 1000 مشاهدة على اليويتوب بناء على 3 عوامل هى بلد المشاهد وموضوع القناة وعدد مرات ظهور الإعلان الترويجى فى الفيديو فعلى سبيل المثال تقدر أرباح كل ألف مشاهدة على “ يوتيوب “ فى مصر “ بنحو 73 سنتا مقابل 2.01 دولار فى السعودية و 1.41 دولار فى المغرب و 1.31 دولار بالجزائر، و 1.17 دولار فى العراق، ترتفع إلى 6.31 دولار فى أمريكا و5.09 دولار فى فرنسا.
الجيار: عقوبة «التهرب» محتملة للمتخلفين عن تقديم الإقرارات
وأشار محسن الجيار مدير مركز خدمة الممولين فى مصلحة الضرائب،إلى أن الضريبه المقرره ليست بالجديدة فهى ضريبة على الدخل اقرها البرلمان منذ عام 2005، مشددا على ضروره تقديم صناع المحتوى الإلكترونى الاقرارات الضريبية تجنبا للخضوع لقضايا التهرب الضريبى والمساءلة القانونية والتى تصل عقوبتها للحبس لمدة تتراوح بين 3 إلى 5 سنوات.
وكشف الجيار عن عقد المصلحة بروتوكولات تعاون مع عدة جهات من شأنها مساعدة المصلحة فى الحصول على معلومات دقيقه بشأن الدخل الحقيقى لصناع المحتوى مثل وزاره الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وادارات مواقع التواصل الاجتماعى التى أبدت استعدادها للتعاون مع الحكومه المصرية فى هذا الصدد.
ورأى أنه من المنطقى تحصيل ضريبة على فئة اليوتيوبرز والبلوجرز فى مصر خاصة وأنهم يحصلون على نفس الخدمات المدعمة مثل باقى المواطنين.
ولفت صانع المحتوى الإماراتى على العصيمى إلى أن صناع المحتوى فى الإمارات يحملون رخصاً تجارية لمزاولة النشاط بعكس السوق المصرية، كما يخضعون لضريبة دخل تحصل سنويا شأن أى نشاط تجارى آخر مما ساهم – على حد تعبيره فى تقنين تلك المهنة داخل بلاده.
النواوى: الأرقام المتداولة إعلاميا أقرب للحقيقة
وتابع محمد النواوى صاحب قناة M Elnawawy على يوتيوب، أن حساب أرباح صناع المحتوى الرقمى عملية معقدة وتخضع لعدة اعتبارات منها عدد الاعلانات على المحتوى نفسه، مشيراً إلى أن الأرقام المتداولة عبر وسائل الإعلام خلال الأسبوع الماضى تكاد تكون أقرب للحقيقة.
وتابع النواوى قائلا: فى حالة وجود أكثر من اعلان ستزيد نسبه الربح ولكنها لن تكون مضاعفة، كما يعتقد البعض.
يشار إلى أن المغرب بدأت مناقشة ملف فرض ضرائب على اليوتيوبرز والبلوجرز منذ مارس الماضى داخل أروقة البرلمان ولكنها لم تشرع فى التنفيذ حتى الآن.
صبرى: كان يجب دراسة أبعاد القرار قبل طرحه
بينما رأى أحمد صبرى رئيس شعبة الديجتيال ميديا فى غرفة صناعة تكنولوجيا المعلومات بالإتحاد العام للصناعات، أن الدولة ستواجه صعوبة فى تحصيل الضريبة المقررة خاصة وأنها ستتعامل مع أفراد وليس مؤسسات، مضيفا أنه يجب التفرقة بين أصحاب الصفحات الإلكترونية الذين يطرحون منتجات للبيع كمصدر رزق لهم ومقدمى المحتوى الرقمي.
وشكك صبرى فى إمكانية موافقة منصات التواصل الاجتماعى فى تزويد الحكومة المصرية ممثلة فى وزارة المالية بأى معلومات مالية تخص المستخدمين من بينهم اليوتيوبرز والبلوجرز، بالإضافة إلى عدم وجود أدوات دقيقة من شأنها الحصول على تقديرات واقعية لأرباحهم .
ولفت إلى أنه كان يجب الإعداد جيدا قبل الشروع فى تطبيق الضريبية مع الأخذ بعين الاعتبار كافة ظروف السوق.
الحارثى: التقنين لا يهدف لتقييد حرية الإبداع
على صعيد آخر، قال محمد الحارثى استشارى تطوير الأعمال و الاعلام الرقمي، أن قرار فرض الضريبه على صناع المحتوى ليس جديدا خاصة وأن دول أقرته من قبل مثل أمريكا وبريطانيا والامارات، مشددا على ضرورة وجود هدف لصناعة أى محتوى رقمى لاسيما وأنه موجه للمجتمع.
واعتبر الحارثى أن تقنين عمل صناع المحتوى لا يعنى تقييدا لحرية الإبداع أكثر من كونه خطوة تنظيمية مع تطور ونمو حجم تلك الصناعة، مشيرا إلى أنه من حق أى مواطن الحصول على منتج مطابق للمواصفات الدولية.
ميلاد: يجب أن تكون الضريبة عادلة.. ومقدمو التكنولوجيا «غلابة»
وألمح بيتر ميلاد صاحب قناة Techno Therapy عبر موقع «يوتيوب»، إلى أن طريقة احتساب أرباح اليوتيوب تخضع لعاملين أولها المنطقة الجغرافية ومدى التفاعل على إعلانات مقاطع الفيديو، مؤكدا أن طبيعة المحتوى التكنولوجى لا تحقق أرباحاً خيالية كما يعتقد البعض.
وطالب ميلاد الدولة بأهمية توفير سرعات إنترنت غير محدودة كخدمة مقابل تحصيل ضريبية من صناع المحتوى الرقمى سواء اليوتيوبرز أو البلوجرز، مشيراً إلى ضرورة وجود إطار تنظيمى دقيق للضريبة المزمعة دون احتسابها بشكل تقديرى بهدف تحقيق مبدأ العدالة الضريبية.