أحمد على عبد الرحمن الرئيس التنفيذى للشركة لـ «CEO Level Podcast»: «البريد للاستثمار».. رحلة التحول من أنشطة الاستثمـارات التقليدية إلى أسلوب الإدارة المحترف

 6 مليارات جنيه القيمة الدفترية لأصول الشركة موزعة على 18 كيانًا

أحمد على عبد الرحمن الرئيس التنفيذى للشركة لـ «CEO Level Podcast»: «البريد للاستثمار».. رحلة التحول من أنشطة الاستثمـارات التقليدية إلى أسلوب الإدارة المحترف
جريدة المال

دعاء محمود

إيهاب المزين

10:00 ص, الخميس, 17 أبريل 25

شهدت الحلقة الجديدة من برنامج “CEO LEVEL PODCAST”، لقاءً موسعًا مع رئيس واحدة من أبرز الشركات فى قطاع الاستثمار، وهى “البريد للاستثمار” والتى تأسست فى عام 2006 لتكون الذراع الاستثمارية للهيئة القومية للبريد.

استضاف حازم شريف رئيس التحرير ومقدم برنامج «CEO LEVEL PODCAST» فى حلقة هذا الأسبوع، أحمد على عبد الرحمن، الرئيس التنفيذى لشركة البريد للاستثمار – PFI، المملوكة للهيئة القومية للبريد المصرى، والذى كشف عن مسيرة مهنية مميزة بدايةً من عمله فى القطاع المصرفى وانتقاله لمجال بنوك الاستثمار وحقوق الملكية فى مصر والخليج.

تطرق عبد الرحمن خلال الحلقة إلى خطته فى تغيير الصورة الذهنية عن الاستثمار الحكومى وتنفيذ عمليات ناجحة وعوائد مجزية مستفيدًا من خلفيته الطويلة ببنوك الاستثمار والمؤسسات المالية والكبرى.

وكشف عن الخطة التوسعية للشركة وحجم محفظتها الاستثمارية وسياستها الجديدة خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى كواليس الشراكة مع “أكسا” لتدشين أول شركة تأمين متناهية الصغر والتى ستخلق بدورها فرص واعدة فى السوق المصرية، كما ستفتح آفاقًا جديدة للنمو فى هذا القطاع.

وتحدث الرئيس التنفيذى للشركة عن مستهدفات عام 2025 والتى تتمثل فى إطلاق ذراع جديدة لإقراض المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وإعادة هيكلة استثماراتها فى “شاري” و”وان فاينانس”، بالإضافة إلى تأسيس كيان لرقمنة خدمات البريد المسجل.

ويرى عبد الرحمن أن الانتشار الجغرافى هو مركز القوة الرئيسى لهيئة البريد والبريد للاستثمار، خاصة مع توافر قاعدة عملاء تصل إلى 20 مليون فرد.

وإلى نص الحوار المتاح على قناة «ALMAL TV» بموقع «يوتيوب» ومنصات البودكاست والتواصل الاجتماعي.

● حازم شريف: ضيفى اليوم ينتمى إلى القطاع المالى بمختلف أنواعه، وهو من ذوى الخبرات المتعددة والتى تخطت 25 عامًا، معنا أحمد على عبد الرحمن، الرئيس التنفيذى لشركة البريد للاستثمار، الذراع الاستثمارية للبريد المصري.. أهلًا بك.

أحمد علي: أشكرك على الاستضافة الكريمة، وأهلا بك.

● حازم شريف: بدايتنا الكلاسيكية هى التعريف بالضيف، أنا أعرفك جيدا والقطاع يعرفك، لكن الشريحة الأوسع سيكون لديها الشغف أيضًا، وبالتالى نود أن نعرف من هو أحمد على عبد الرحمن؟

أحمد علي: تخرجت فى كلية التجارة جامعة القاهرة، دفعة عام 1990، وبعد قضاء الخدمة العسكرية التحقت بالعمل فى القطاع المصرفى، وتحديدًا البنك المصرى الأمريكى، والمعروف حاليًا بــ”كريدى أجريكول”، واستمر عملى هناك لمدة 5 سنوات.

عملت بعد ذلك فى العديد من القطاعات حتى وصلت إلى قطاع ائتمان الشركات، ثم التحقت بالعمل فى “سيتى بنك” خلال عام 1997 فى المجال نفسه لمدة عامين، حتى بدأ قطاع أسواق المال فى مصر مع قانون 95 لسنة 1992 والتى نشط بعدها نشاط قطاع البورصة وأسوق المال والصنادق، فانتقلت حينها إلى شركة “برايم” وذلك فى عام 1999، وكنت مسئولًا عن نشاط بنوك الاستثمار على مدار 5 أعوام، وقتها كانت فترة رواج لسوق المال وكانت تلك الفترة بمثابة نهاية مرحلة وبداية رحلة جديدة لأسواق المال، انتهى بطرح “أوراسكوم تيليكوم:.

● حازم شريف: تعنى ما حدث من رواج للاكتتابات فى هذه الفترة ثم انتهى؟

أحمد علي: نعم، كانت البورصة نشطة، حتى أحداث 11 سبتمبر 2001، والتى كانت بداية لركود عالمى استمر حتى التصحيح مع بداية برنامج الإصلاح الاقتصادى فى 2003.

استمر عملى فى القطاع المصرفى على مدار 12 عامًا

● حازم شريف: هذه أسوأ فترة عاصرتها من 2001 حتى 2004، مع حرب الخليج الثانية، ولم تكن هيّنة حقًا وجرى التعويم الأول وقتها.

أحمد علي: بالفعل هى من أصعب الفترات، ولكنى أعتقد أن برنامج الإصلاح المصرفى الذى قام به الدكتور فاروق العقدة وقتها، حتى إنه عندما حدثت الأزمة المالية فى 2008 لم تتأثر بها مصر، وأتذكر التاريخ فى فبراير 2003، بدأ التغيير وعملية تخفيض قيمة العملة، ووقتها كنت فى دبى، فى “برايم”، وقررت أن أنتقل إلى الاستثمار فى الصفقات بدل من بيع الصفقات، وكانت الفرصة مع إحدى الشركات العائلية فى السعودية.

● حازم شريف: أى فى سوق جديدة بتحديات مختلفة.

أحمد علي: كان هذا جزءًا من التحفيز، بينما كان الفرق الأساسى أن طبيعة عملى فى مصر كانت فى اتجاه البيع، بينما دورى فى السعودية كان الاستثمار فى صفقات، وأشير إلى أن السوق المصرية حين كانت الأنشط فى المنطقة، متقدمة للغاية عن الأسواق الخليجية.

وبحلول 2005 تقريبًا، ظهر قانون سوق المال فى السعودية، واستدعوا وقتها أهم صناع السوق من العالم؛ لدراسة الأسواق المحيطة والعالم، وقيّموا أغلب التجارب، وكانت النتيجة هذا القانون.

ومن أهم دوافعى أيضًا أن هذا العرض تزامن مع الاكتتاب العام لشركة الاتصالات السعودية “STC” فى عام 2003، وكان بمثابة ثورة فى البورصة السعودية، ومنها بدأت الدورة الاقتصادية، والتى انتهت فى 2008.

كنت محظوظًا وقت الخروج من مصر وعُدت فى الوقت المناسب

● حازم شريف: فى أى الشركات العائلية كنت تعمل؟

أحمد علي: “سعد جروب”، وأغلب طبيعة عمل هذه العائلات كانت فى القطاع العقارى، وقطاع سوق المال، أى الاستثمار فى الأسهم والمحافظ؛ ولكنها لم تمثل لى نقلة بالمعنى الحرفى، على الرغم من أننى أستثمر مع كبار المستثمرين الموجودين فى العالم وليس فى مصر فقط، وكانت تجربة هائلة؛ ولكننى لم أشعر بالانتماء للمؤسسات العائلية.

بعد فترة طلبت “برايم” منى العودة للانضمام إليهم فى ظل توسعاتهم بالإمارات؛ لرئاسة عملياتهم، فقضيت معهم تقريبًا من 2006 حتى 2008 – الأزمة المالية العالمة، حيث شهدنا فترة للفوران والركود، وكل المؤشرات كانت تشير إلى خطورة الموقف عالميًا، ثم حدث الانهيار المفاجئ بينما لم يكن الناس ينتبهون.

وتأثرت الإمارات بشكل أسوأ عن أسواق المنطقة، وهو ما أشعل الأسواق العالمية والمحلية، وارتفعت أسعار المنتجات والأصول وحتى البورصة، ولم تكن عادلة أبدًا.. على عكس ما حدث فى مصر، ولم يكن أثرها متداعيًا علينا.

وكانت “بلتون” من بين الشركات فى الإمارات، وفى 2008 قاموا بإعادة هيكلة، وانضممت إليهم.

● حازم شريف: أى أنك انتقلت من “برايم” إلى “بلتون” فى الإمارات؟

أحمد علي: نعم، قضيت سنة ونص، وعندما كانت بدايات 2009 بدأت الأسواق تتعافى، وتستعيد جزءًا مما فقدته، وفى ظل هذا الهدوء، عرضت على “كامكو للاستثمار” تعيينى كرئيس تنفيذى للشركة فى مصر، فى ذلك الوقت كانت تتوسع بقوة، وتأثرت بالأزمة المالية العالمية، وكانت الشركة لديها بالفعل رخص إدارة الًاصول وبنوك الاستثمار والسمسرة، وكانت لديهم الخطة لتأسيس بنك استثمار متكامل “full-fledged investment bank”.

ثم عرضوا عليّ تولى مهام الرئيس التنفيذى للشركة فى مصر، فى أبريل 2010، ووقتها كنت أتابع وأؤمن بتطور السوق المصرية من قبل الأزمة المالية العالمية؛ لأننى بدافع ممارسة عملى أتابع الأسواق الأخرى، ويمكننى أيضًا أن أرى العوامل ومصادر القوة.

● حازم شريف: لا أود أن أتخطى شيئًا، وذكرت جملة سأتوقف عندها، أنك مؤمن بالسوق المصرية والنجاح فى السوق المصرية يكون ملموسًا، وبعيدًا عن الديباجة، ما الفرق بين النجاح فى مصر أو فى دولة أخرى بالخليج مثلا؟

أحمد علي: فى هذه المرحلة لم تكن الأسواق الأخرى تشهد مثل النجاحات التى تحدث فى مصر، وفى 2005 كانت بداية التحديات التى حدثت فى سوق المال فى السعودية، بأحجام تداول مهولة، مع تقنين سوق المال والأنشطة، فحدث تنظيم للقطاعات الأساسية، وهى الأسهم والعقارات، وسبقتهم الإمارات قليلًا، ولكنك هنا أمام أسواق مختلفة بقوانين مختلفة إلى حد بعيد.

ويحب ألا نغفل أن حجم السوق نفسها مهم، فالإمارات كسوق تختلف عن السعودية ويختلف عن مصر، وبالتالى فإن تنوع حجم السوق مع تنوع درجة رقابتها وتنظيمها، يؤثر بطريقة أو بأخرى.

ولكن اليوم، السعودية أصبحت فى مكان آخر، ونحن إلى حد ما تراجعنا، والفكرة أن تلك الفترة التى تحدثنا عنها، كانت هناك رقابة للسوق المصرية ترى الفرص الموجودة، وهذه الفرص – كما قلت – هى الحجم، والتنوع والموارد ودرجة التعليم، بالإضافة إلى العلاقة والتعرض إلى مؤسسات دولية ومستثمرين أجانب.

وكل هذه العناصر لم تكن موجودة فى هذه الأسواق فى ذلك الوقت، وبالتالى كان لدينا من عناصر القوة التى تجعلنا منافسًا ومعيارًا للأسواق الأخرى، وهذا ما دفعنى للعودة إلى مصر فى أبريل 2010.

● حازم شريف: وعُدت إلى مصر كعضو منتدب لـ”جلوبال إنفست هاوس”؟

أحمد علي: نعم، وتحوّلت بعدها إلى “كامكو للاستثمار”، وهى إحدى قصص النجاح والفشل فى آن واحد بدأت مع الألفية الجديدة ثم تحولت إلى أحد أكبر مديرى الأصول والاستثمارات المباشرة والسمسرة والأبحاث فى المنطقة، وتوسعوا توسعًا غير مدروس، متزامنًا مع الانتعاش الذى شهدته الأسواق الخليجية، فحدث الانفجار.

● حازم شريف: وهل كانوا يستثمرون فى الأسهم الخاصة؟

أحمد علي: كل شيء، كانوا مديرى أصول ومديرى أموال ولهم استثمارات مباشرة، وكانوا أصحاب الاستثمار أى أنهم المصدر والعميل، أى أنه كان يدير أمواله وأموال غيره، وعندما حدثت صدمة 2008، كان تأثيرها مدمرا على الشركة، وقامت بإعادة هيكلة كاملة، تخارجوا من الكثير من الأسواق بعدما كانوا داخل 40 سوقا، وهذا أيضًا رقم كبير على شركة لم تكمل 10 سنوات وانتهى بها الأمر أنها بمرحلتين من إعادة الهيكلة، المرة الأولى حدثت فى 2008، وقد وضعت البنوك قيودا بسبب الدين على الميزانية العامة للشركة.

«أبراج» كانت من أنجح التجارب ولكن ..

● حازم شريف: قبل استكمال قصة “جلوبال”. ألاحظ أغلب تجارب الاستثمار المباشر فى المنطقة لم تحقق المرجو منها، ولا أحصى أسماءً، ولكن شركة “أبراج” مثلًا باعتبارها مثالًا واضحًا، ما نموذج شركة الاستثمار المباشر الذى تراه ناجحًا فى المنطقة بآخر 20 سنة؟

أحمد علي: فى رأيى الشخصى، ما حدث لـ”أبراج”، يتعلق بممارسات غير منضبطة من القائمين عليها فى هذا الوقت، ولكن كنموذج عمل يتعلق باستثمار أموال الآخرين وفى خلق قيمة وتعظيم هذه القيمة والتخارج الناجح، أعتقد أن “أبراج” كانت من أنجح التجارب.

والدليل اكتسابهم رؤوس أموال ومستثمرين من كل الجهات، وآخرهم “بيل جيتس”، وهو ما حدثت بسببه المشكلة، وبالتالى فنموذج العمل نفسه ناجح، وتنفيذه كان نجاحًا؛ ولكن فى بعض الوقت، ما يحدث أنك بعدما تصدق نفسك، وتعتقد أنك يمكنك التغلب على أى مشكلة، يمكننا أن نقول إنه “جنون العظمة”، وفى هذه المرحلة تشعر وكأنك فوق المراقبة، ولا تسمح لأى مستثمر أن يشكك فى مصداقيتك، وهذا هو السبب الأساسى للمشكلة.

● حازم شريف: ولكن كان هناك مشاكل قانونية؟

أحمد علي: ما حدث أشار إلى سوء الإدارة والحوكمة، ولكن كنموذج عمل فهو ناجح.

● حازم شريف: نستنتج أنك ترى أن “أبراج” هو أنجح نموذج عمل تم تطبيقه، بغض النظر عن النهايات التى آلت إلى محاكمتهم أمام القضاء الأمريكي.

أحمد علي: بالضبط، ويوجد نماذج عمل أخرى، ولنضع فى الاعتبار أن نموذج عمل الاستثمار المباشر أو الملكية الخاصة يعتمد فى الأساس على القيمة الحقيقية التى تقدمها، وله عوامل أساسية، فى البداية تقديم رأس المال، والاستثمار فى الشركات فى مراحل محددة بالأخص فى مراحل النمو والتوسع، ثم الجزء الثانى من الخبرات الفنية الموجودة بفريق العمل إستراتيجيًا وفيما يتعلق بالتشغيل ومؤشرات كفاءة معينة والتوسع فى الأسواق، وعملية نقل المهارات المتكاملة والخبرات إلى فريق الإدارة، وهذا هو الهدف الأساسي.

● حازم شريف: نعود إلى “جلوبال” فى أبريل 2010، أخبرنى ماذا حدث؟

أحمد علي: كنت محظوظًا جدًا؛ لأننى رجعت إلى مصر مع “جلوبال” فى أبريل 2010، وكل الرخص كانت موجودة، وبدأنا فى إعادة الهيكلة، وبناء وتنظيم فريق العمل، مع اهتمامهم الشديد بالإعلام والترويج للشركة، حصلنا على أول عملية مع “بلتون” فى اكتتاب “عامر جروب”، وكان بمثابة إنجازًا كبيرًا، إذ إن خلال هذه الفترة من 2008 إلى 2011 لم تحدث اكتتابات غير “عامر جروب”.

● حازم شريف: فى أى شهر كان ذلك، وكيف كان المشهد وقتها؟

أحمد علي: فى نوفمبر 2010، وقمنا بحملة ترويجية قوية، وتمت تغطية الاكتتاب لأكثر من 4 و5 مرات، وجمعنا تمويلًا ضخمًا من الكويت والإمارات، وتم الطرح فى 2011، مع انتشار حالة “لا سلم ولا حرب”، ولا أحد يستطيع فهم أو توقع أى شيء.

وكانت الرؤية وقتها أن ننتظر حتى يتضح المشهد السياسى، وبالتالى تم طلبى للعمل فى فرع الشركة فى السعودية مع فريق عمل كامل وكبير.

● حازم شريف: وهل أغلقت الشركة مكتبها بمصر؟

أحمد علي: اتفقنا وقتها أن يكون المكتب قيد الانتظار، وحافظنا على نشاطى إدارة الأصول والسمسرة كما هما، أما بنوك الاستثمار فكنت مسؤولًا عنها فى مصر والسعودية، وذهبت فى 2012 إلى المكتب فى السعودية حتى 2015 لتولى مهام الرئيس التنفيذى هناك.

وأول قرار اتخذته هو إغلاق نشاط السمسرة، بعد تجارب سابقة، لأن السوق السعودية غير المصرية فى هذا الوقت، إذ يتحكم فيها القطاع المصرفى، من خلال الشركات الخاصة به، ويعتمد اعتمادًا كليًا وجزئيًا على عملاء القطاع المصرفى.

وقتها لم يكن نموذج السمسرة ناجحا فى السعوديةً، لما له من خسائر مالية كبيرة، مع عدم وجود فرصة مناسبة فى السوق السعودية، ودعمتنى الإدارة فى هذا القرار، ثم ركزنا على إدارة الأصول وبنوك الاستثمار، بنموذج عمل بسيط.

وبعد 2013، وبعد أحداث الثورة، بدأت مصر تستقر وكنا نستعد للمؤتمر الاقتصادى فى 2015، وأشير هنا إلى الاختيار الثانى، بعد العودة أول مرة فى أبريل 2010 إلى مصر، وكان رهانى عليها دائما، وعدت مرة أخرى فى 2015، وأيضاُ مازال رهانى فى محله.

وفى ظل السنوات الثلاثة فى السعودية، وصلت الأصول تحت الإدارة إلى حوالى 300 مليون دولار، وحققنا التصنيف الأول بالنسبة للشركات المستقلة، فكان نموذج العمل فريدا من نوعه، وبالنسبة لى كانت تجربة مختلفة.

وفى 2015 كانت الرؤية متفائلة؛ بسبب المؤتمر الاقتصادى فى شرم الشيخ. وكانت فترة مبشرة بالخير، وحتى ردود الأفعال السعودية كانت متوجهة لحضور المؤتمر، فكان قرارى بالعودة لمصر.

ساهمنا فى «صميم» فى ظهور قانون التمثيل النسبى إلى النور

● حازم شريف: وهل عدت بدون أى عروض أخرى؟

أحمد علي: هذا ما حدث، وعدت متوجهًا إلى المؤتمر فى شرم الشيخ.

وقد شجعت حالة التفاؤل العامة الكثيرين للحضور والاطلاع على ما سيُقدم، وبدأت فى رحلتى مع شركائى فى شركة “صميم”، وكنت أعرف خالد راشد وقد عملنا سويًا من قبل حتى اتضحت فكرة المستثمر النشط.

● حازم شريف: حتى تتضح الصورة لمشاهدينا، فإن شركة “صميم” هى شركة هدفها الاستثمار فى الشركات المقيدة فى البورصة بأسلوب الاستثمار النشط، ويتمثل فى الاستحواذ على حصص فى شركات، ثم الضغط لتعديل الإستراتيجية الخاصة بها، لتحقيق عوائد، والتخارج بعدها.

أحمد علي: الفكرة نفسها كانت محفزة، وخالد كان صاحب الاقتراح والفكرة، وقمنا بالتخطيط ودراسة نماذج العمل العالمية؛ لأن المستثمر النشط من أحد المعايير الأساسية لنجاحه، أن تكون لديه المنظومة متكاملة، ولهذا حقق نجاحًا فى الخارج؛ لأنهم بدأوا فى تطبيقه منذ زمن، وأعتقد أن من الدروس المستفادة أن تبحث عن جاهزية السوق لهذا النوع من الاستثمار.

● حازم شريف: عندما تقارن بين تطبيق نماذج العمل عالميًا وتطبيق المنظومة فى مصر.. ما الذى يجعل السوق غير جاهزة للاستثمار؟

أحمد علي: أعتقد أن أحد الأسباب الأساسية هو التطور فى الإطار التشريعى الذى يحمى حقوق الأقلية، ودعنى أوضح أننا من سنة 92، تطورنا مع الوقت، ولكن حدثت حالة من الركود والتثاقل، إذ إن هناك عدم تقبل لثقافة دخول حصة الأقلية إلى مجالس الإدارات، وعلى الرغم من الاتفاق مع المساهمين بشروط محددة، إلا أن hostile takeover ليست فكرة مرحب بها بين حصص الأغلبية أن تقوم باستحواذ عكس رغبتهم.

● حازم شريف: حتى نوضح هذه الفكرة “hostile takeover” هو نوع من الاستحواذ يعتبر عدائيًا، أى يتم دون الاتفاق مع المساهمين الرئيسيين.

أحمد علي: نعم، وكان نموذج العمل بسيطًا جدًا، وكنا ندرس الشركات الموجودة بأقل من قيمتها الحقيقية، وقمنا بحصر السوق ووجدنا أكثر من 35 شركة، إذ كنا نتابع روافد النمو والتوسع فى هذا الوقت، والتى تمثلت فى الأنشطة المالية غير المصرفية، بما فيها من فرص واعدة، واخترنا شركة “برايم”؛ لأنها كانت إحدى الشركات المهيأة للاستفادة من هذه الطفرة، بالإضافة إلى علامتها التجارية القوية، بالإضافة لمعرفتى السابقة بقدرات فريق العمل، ومما أثار انتباهنا، أن الشركة بها سيولة تعادل القيمة السوقية لها أو تزيد عليها.

ودعنى أوضح أيضًا أن هناك فرقا بين أن أستثمر فى شركة وأديرها لفترة قصيرة، وبين أننى أخوض استثمارًا؛ لأنفذ خطة تضيف قيمة على المدى البعيد للشركة، وكمجموعة شركاء كانت هذه رؤيتنا تجاه جميع أنشطة الاستثمار منها غير المصرفية ومنها سوق المال؛ لنتوسع من خلالها، فدرسنا الشركة وقمنا بتحليلها، ثم استثمرنا بها، وعندما وصلنا لـ%5 أعلنّا، وتحدثنا إلى الإدارة المتمثلة فى المساهمين الأساسيين، وبلغناهم خطتنا وكان هناك ترحيب فى البداية.

● حازم شريف: ومتى تخارجت من هذه الشركة؟

أحمد علي: لقد أسسنا «صميم» فى 2016، ورفعنا رأس المال واستثمرنا، ثم قضينا مع الإدارة التنفيذية حوالى سنة ونصف من المناوشات والشكاوى فى هيئة الرقابة المالية وحضرنا فى الجمعيات للاعتراض على القرارات، وضغطنا فى هذه المعركة، وكنّا أحد الأسباب الأساسية لصدور قانون التصويت التراكمى والتمثيل النسبى، وهو يعطى الأقلية حق التمثيل بنسب معينة فى مجلس الإدارة، وكان هذا أصل الخلاف وبعدها شعرت أننا وصلنا لحائط سد، فقررت التخارج، وبالنسبة لى كان القرار مبنيا على عدم الاستعداد للتعامل مع هذه البيئة، ثم فى 2018 عملت مع “بلتون”.

● حازم شريف: وأى وظيفة توَليت؟

أحمد علي: كنت نائب الرئيس التنفيذى ورئيس قطاع الاستثمار، وقد تم الاستحواذ على “بلتون” فى فترة سابقة، من قبل “نجيب ساويرس” ومجموعة “ACT”، وكان الهدف التوسع إقليميًا، وكانوا قد استحوذوا على شركة “أورباخ جرايسون” للسمسرة فى أمريكا وقاموا بمجموعة طروحات مثل “ابن سينا” و”إم تى آى MTI”، فكانت الشركة “نجمة صاعدة”، ثم طرحنا “كونتاكت – CONTACT”، وواجهنا بعض المشاكل، حيث اعتذر الفريق وقررت الاستمرار.

وتعيّن إبراهيم كرم رئيسًا تنفيذيًا وكنت قد عملت معه فى السابق، وكانت أهدافه فى التوسع، ووضعنا خطتنا فى 2020، وشرعنا فى بناء منصة لإدارة الأنشطة المصرفية والمالية الدولية، بدأنا بشركة تأجير وتمويل استهلاكى، المعروفة اليوم بـ”SEVEN”، ثم أسسنا شركة تأجير، وأخرى لتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة، وما كدنا نؤسس شركة تمويل عقارى حتى تفشى وباء كورونا فى 2020، وقرر المساهم الرئيسى لأسباب مختلفة أن يغير إستراتيجيته، وتخارج لصالح “شيميرا” الإماراتية، ومن ناحيتى، قررت البحث عن تحدٍ جديد، حتى انتقلت إلى “البريد للاستثمار”.

● حازم شريف: ومنذ متى انضممت إليهم؟

أحمد علي: انضممت إليهم فى مارس 2023.

● حازم شريف: وماذا كانت طبيعة هذا العرض أو التصور؟

أحمد علي: كانوا يبحثون عن رئيس تنفيذى جديد، وكانت الشركة تمر بمرحلة انتقالية وكانوا بحاجة لإدارة قادمة من داخل الصناعة ذات خلفية استثمارية، والتوجه نحو تحويلها لشركة استثمارية، قد يصل بها إلى طرح جزءٍ منها فى البورصة، كان توجها إستراتيجيا بعيد المدى.

بدأنا كذراع خدمية لهيئة البريد ثم تحولنا إلى منافس قوي

● حازم شريف: إذا وصفنا الشركة بأنها الذراع الاستثمارية، لماذا تحتاج هيئة البريد لأن يكون لها ذراع استثمارية؟

أحمد علي: شركة البريد للاستثمار تأسست فى 2006، وكان الهدف منها الشراكة مع القطاع الخاص، إذ أرادت الحكومة المصرية المساهمة مع الشريك الإماراتى فى رخصة المحمول المُصدرة فى 2006 وهى “اتصالات مصر”، فتأسست “البريد للاستثمار” ككيان ذى غرض خاص للدخول فى هذا الاستثمار.

● حازم شريف: وأصبحت حصتها %20 فى “اتصالات مصر” أى أنها شركة عملاقة منذ تأسيسها.

أحمد علي: هذا كان أول استثمار وظلت الشركة هكذا حتى الموجة الثانية من الاستثمارات فى بدايات 2015 حيث بدأت استثمارات مختلفة فى قطاعات مختلفة.

وأصبحت الشركة الامتداد الطبيعى لـ”البريد”، وتقدم خدمات وتضيف قيمة، ولكن من خلال شركات منفصلة وليس من خلال “البريد”، فأسست كيانات تقوم على خدمة أعمال الهيئة القومية للبريد، فبدأت بشركات نقل أموال، وحراسة، ونظم معلومات، وتوريدات.

● حازم شريف: عندما بحثت عن “البريد للاستثمار” لم أستوعب بشكل كامل حجم الأعمال التى تقوم بها، فلنوضح لمتابعينا طبيعة استثمارات الشركة؟ وإذا ما كانت رؤيتك فى الاتجاه نفسه أم قررت تطويرها؟

أحمد علي: البدايات الأولى فى تأسيس “البريد للاستثمار” انتهت، وتم تحقيق الهدف منها ثم تطورت الشركة لمرحلة تالية لتصبح ذراعًا خدمية للهيئة القومية للبريد، وأسست – كما قلنا – شركات للمقاولات، ونقل الأموال، والحراسة، ونظم المعلومات. وكان الهدف تأدية الخدمة بجودة وكفاءة أعلى.

واستمرت الشركة على هذا المنوال من قبل انضمامى، متجهين نحو الخروج عن منظومة البريد وبدء المنافسة فى القطاعات نفسها، فأصبحت هناك قاعدة أساسية وخبرات متقدمة واستقرار يجعلك تستطيع التوسع والمنافسة داخل السوق، وأعتقد هذا هو الاتجاه الأساسي.

● حازم شريف: عندما انضممت إلى الفريق، كيف كان وضع الشركة بشكل عام؟ وكيف كان وضع السيولة؟ والاستثمارات المختلفة الموجودة فعليًا؟ وما رؤيتك التى حددتها مع الإدارة؟

أحمد علي: أحد أهم الروافد الأساسية للشركة كان حصتها فى شركة “اتصالات”، التى وفرت عوائدها سيولة فى الشركة، سمحت لها بالاستثمار فى الشركات سابقة الذكر، وبحلول 2022 كانت القيمة الدفترية للاستثمارات حوالى 6 مليارات جنيه.

● حازم شريف: وهل قمتم بتقييم الشركة فى البداية؟

أحمد علي: قمنا فيما بعد بذلك، ووضعنا سياسة استثمارية واضحة، وكان الهدف أيضًا واضحًا، لأننا الذراع الاستثمارية للبريد؛ ولكننا فى الوقت نفسه نمارس نموذج عمل الملكية الخاصة أو الاستثمار المباشر، وبالتالى تنوعت استثماراتنا بكل القطاعات، بفضل الخبرات والكوادر المتنوعة، وكان هذا تحديًا فى خلق فريق عمل حاضر فى الصناعة ولديه خلفية استثمارية وبنوك استثمار، وبدأنا ندرس الـ DNA للهيئة القومية للبريد؛ لنستطيع تنسيق هذه الخبرات مع المحفظة القائمة، بالإضافة إلى عناصر القوة متمثلة فى الانتشار، وقاعدة العملاء، وأيضا العلامة التجارية والثقة التى يدعمها العملاء.

واعتمدنا على تلك العوامل مع المحفظة وفريق العمل لتحقيق مستهدفاتنا ولتحقيق سياسة استثمارية واضحة.

● حازم شريف: وما محددات هذه السياسة؟

أحمد علي: “نحن نستثمر فى أغلبية وليس فى أقلية”، على عكس الأسهم الخاصة، إذ إن نظام الأسهم الخاصة التقليدى يدفع نحو الاستثمار بحصص الأقلية فى الشركة بمحددات أساسية، ولا أعتقد أن تجربة الأقلية قد نجحت فى السوق المصرية أو فى أسواق المنطقة.

وكان أهم أسباب هذه السياسة أنها تعطيك القدرة والمرونة للتحرك ومواجهة أى تغيرات على مستوى الاقتصاد الكلى أو حتى على المستوى التنفيذى والتشغيلى وتغيير الاستراتيجية، وهذا ما تعلمته من التجربة.

وحتى إذا استثمرنا بحصص الأقلية فإنها تكون مؤثرة، ويوجد محددات واضحة واتفاق لحدود كل مساهم أو شريك فى التصرف والقرار بالشركة.

ثانيًا، الدراسة أوضحت أن لدينا خبرات متراكمة ومحافظ قائمة فى نشاطين أساسيين، وهما النشاط المالى بكل ما يتعلق به من إقراض واستثمار وإدارة اصول، والآخر هو القطاع اللوجستى، ولدينا فيه تجربة شركة البريد للتوزيع، وهى إحدى كبرى الشركات العاملة فى مجال والتابعة لهيئة البريد المصرى، ووضعنا الخطوط العريضة للقطاعات وركزنا على الـ FINTECH، وحددنا الاستثمارات وحصلنا على الموافقات الداخلية وموافقة الهيئة القومية، وبدانا العمل بالفعل.

● حازم شريف: قمتم بتحديد مبدأ الاستثمار بالأغلبية، وحددتم حالات الأقلية لضمان قدرتكم على السيطرة أو التحكم، ثم حددتهم القطاعين المالى واللوجيستى، ولكن بدون وضع حجم للاستثمارات فى كل شركة سواء كبيرة أو صغيرة.

أحمد علي: هذ الأمر كان يمكن القيام به وكذلك ضخ الأموال وقت بناء الشركة على الورق، لكننى حاليًا أمتلك محفظة استثمارات فى شركات متنوعة، وبالتالى من الصعوبة تحديد قيمة معينة للاستثمار فى كل شركة أرغب فى الدخول بها.

«تمويلى» حالة واضحة لنموذج العمل الناجح

● حازم شريف: هل تخارجكم من “تمويلي” كان له علاقة بهذه السياسات؟ أم كانت فرصة مناسبة؟، وما ظروف التخارج؟

أحمد علي: نعود مرة أخرى إلى نموذج العمل التقليدى، والذى تمثله دورة رأس المال فى الاستثمار المباشر، وهى الدورة الاستثمارية بين 5 إلى 7 سنوات.

“تمويلي” كانت ظروفها مختلفة، وكنا قد وصلنا لدورة رأسمال متكاملة، ونمتلك %30 من “تمويلي” من 2017، وكانت رؤية جميع الشركاء واحدة ومتفقة إستراتيجيًا، مع شريك متفاهم وهو “NI CAPITAL”.

● حازم شريف: ”NI” هى الذراع الاستثمارية لبنك الاستثمار القومى.

أحمد علي: نعم، وقمنا بهذا الاستثمار فى 2017 حتى جاءت فرصة مناسبة للتخارج منها، بحلول 2023 وفى أواخر 2024 تخارجنا منها، وأصبحت “تمويلي” مثالا حيا وواضحا لنموذج العمل الخاص بنا والذى نرغب أن نسير عليه فى الفترة المقبلة.

“نحن نستثمر لخلق قيمة طبقًا لسياسة وإستراتيجية واضحة ثم أقوم بتعظيم هذه القيمة عن طريق اسمى التجاري”، وخلق القيمة فى حالة “تمويلي” تم من خلال علاقة مباشرة بتمثيل من مجالس الإدارات المختلفة، إذ إننا لا ندير فعليًا حتى وإن كنا ضمن مجالس الإدارة، فاختيار المديرين هو العامل الأساسى لنجاح أى استثمار من عدمه، وكذلك التناسق والتناغم بين المساهمين، بالإضافة إلى خطة عمل واضحة قابلة للتغيير طبقا للتغيرات والتحديات التى تواجهنا، وفى النهاية يجب أن تكون نية التخارج موجودة؛ لأن الهدف هو إعادة ضخ دورة رأس المال فى فرص استثمارية أخرى، وبذلك تصبح “تمويلي” حالة واضحة لنموذج العمل الناجح الذى نرغب تقديمه.

دمج المحفظة القائمة فى الإستراتيجية الجديدة ضمن التحديات التى واجهتنا

● حازم شريف: كيف تتعامل مع الاستثمارات القائمة بما يتمشى مع السياسات الحالية للشركة؟ بمعنى أنه إذا كانت لديك حصة صغيرة فى أحد الاستثمارات دون وجود تأثير فعلى لكم، فهل تفكرون فى بيع هذه الحصة أو الاستحواذ على نسبة أكبر منها؟ أم أنك وضعت خطًا واضحًا بين ما تم قبل تطبيق السياسة الجديدة وما بعدها؟

أحمد علي: لا بالعكس، وبالمناسبة أنت تطرقت إلى نقطة مهمة والتى ربما تعتبر أحد التحديات التى واجهناها لفترة طويلة والمتمثلة فى كيفية دمج المحفظة الاستثمارية القائمة حاليًا بتشكيلاتها وتنوعاتها المختلفة مع الإستراتيجية الجديدة، ومن هنا كان لابد من وجود توجه إستراتيجى على مستوى أعلى، بحيث يتم تحديد ماهية الاستثمارات التى تتمشى مع تلك الإستراتيجية وكذلك ما الذى ينبغى التخارج منه، فليس بالضرورة أن تكون ملائمة لنا بالكامل الآن.

وبناءً على ذلك قمنا بتقسيم المحفظة الخاصة بنا إلى جزء أطلقنا عليه استثمارات إستراتيجية وتشغيلية، وركزنا على الجزء الذى يخدم قطاعات الهيئة بالكامل، وهو قطاع مهم وإستراتيجي.

● حازم شريف: سبق أن مرت أمامى أمثلة تاريخية لشركات تم إنشاؤها بغرض خدمة الهيئة أو الشركة أو حتى الكيان الأكبر وهو ما يُعد تحديًا، لأن الانطباع السائد فى مثل هذه الحالات هو ضمان ايرادات كبيرة فى البداية على أن يتم التوسع لاحقا، لكن الواقع كثيرًا ما يخالف ذلك، فهل ينطبق هذا النموذج عليكم؟ وإذا كانت الإجابة بنعم، فهل أنت راضٍ عن هذه الحالة؟

أحمد علي: لا.. بالتأكيد لن أكون راضيًا عن تلك الحالة وهى غير موجودة لدينا بالمناسبة، وأود أن أوضح أن هناك فرقًا كبيرًا بين النظرة إلى الأمر من زاوية المستثمر أو المساهم فى مجلس الإدارة والذى يمارس ضغطًا أو يدفع نحو اتجاه معين، وبين التنفيذ الفعلى على أرض الواقع بواسطة الإدارة، فالدور الإشرافى والرقابى لفريق العمل يتمثل فى الضغط المستمر فى الاتجاه الذى تتبناه.

وأعتقد أنه قبل أن أتولى المسئولية كان هناك توجه بالخروج من المنطقة المضمونة الخاصة بالاعتماد على الهيئة، لأسباب قد تتعلق بمخاطر مختلفة مرتبطة بنمو “البيزنس” نفسه والقابلية للتوسع خارج إطار المنظومة ذاتها، فهناك أسباب كثيرة تدعم فكرة أن ذلك يمثل تحديا كبيرا.

والسؤال هنا هل نجحنا فى ذلك؟ أعتقد أننا حققنا نجاحًا مقبولًا ومازلنا نطمح لتحقيق المزيد، وبصفتك مساهم أو ممثل للشركة لدى مجلس الإدارة ومن خلال فريق إدارة المحفظة فإنك مطالب دائما بأن تضغط فى الاتجاه الذى يحقق هذا الهدف وهو ما يمثل تحديًا ولكن النجاح يُقاس بنتائج الأعمال ونسبة المكون الخارجى ضمن “Capital Business” الحالي.

وأنا أعتقد أن نسب الإنجاز التى تحققت حتى الآن تُعد جيدة رغم أنه قد يكون هناك تفاوت فى مستويات الأداء من إدارة إلى أخرى، فمثلًا القطاعات المرتبطة بالتكنولوجيا والـ”System Integration” والـ”Managed Services” قد يكون لديها فرصة أكبر للنمو من شركات مرتبطة بقطاعات أخرى مثل نقل الأموال.

● حازم شريف: القيمة الدفترية لأصول الشركة تمثل نحو 6.2 مليار جنيه.. كم عدد الشركات التى تندرج تحت هذه القيمة ضمن محفظة استثماراتكم؟

أحمد علي: نحو 18 شركة.

ندرس حاليًا تأسيس شركتين جديدتين فى نشاط الخدمات اللوجستية

● حازم شريف: وما عدد الشركات التى تعمل فى مجال الخدمات اللوجستية والمالية؟

أحمد علي: نمتلك نحو 5 شركات تعمل فى قطاع الخدمات المالية، من بينها شركة لإدارة الأصول تم تأسيسها خلال العام الماضى، وهى تحقق نتائج جيدة من حيث حجم الأموال المُدارة والتنوع.

وتتركز أنشطة هذه الشركات فى قطاعات الخدمات المالية غير المصرفية، مثل التمويل الاستهلاكى، وذلك بعد تخارجنا من شركة “تمويلي” المعنية بالتمويل المتناهى الصغر، كما نملك شركتين فى قطاع الملكية الخاصة ورأس المال المخاطر “Venture Capital”، بالإضافة إلى شركة متخصصة فى إدارة الأصول.

● حازم شريف: 5 شركات حاليا فى القطاع المالى من أصل 18 شركة.. وماذا عن الكيانات التى تعمل فى مجال الخدمات اللوجستية؟

أحمد علي: نمتلك حاليًا شركتين فقط فى الخدمات اللوجستية، وهو القطاع الذى نرى ضرورة التوسع والنمو به بشكل أكبر، ولذلك نقوم حاليًا بدراسة إطلاق شركتين جديدتين فى هذا الشأن.

● حازم شريف: لديكم حاليًا 7 كيانات من أصل 18 شركة تتمشى مع الإستراتيجية الحالية.. فهل هناك نية للتخارج من الـ 11 المتبقية، أم أن الوضع سيبقى كما هو عليه؟

مع الأخذ فى الاعتبار أن من بين هذه الشركات “اتصالات”، والتى أعتقد أن التخارج منها غير مطروح نظرًا لطبيعة القرار السيادى المرتبط بها، وبالتالى إذا تم استبعادها فماذا عن باقى الاستثمارات؟

أحمد علي: كما ذكرت مسبقًا، ليس من الضرورى أن نتخارج من الاستثمار ولكن الأهم هو تعظيم العائد من هذا الاستثمار، لأن هناك حالات تكون فيها مستثمرا سلبيا “Passive Investors” أى مجرد متلقٍ، ومع ذلك يمكننا خلق قيمة مضافة من خلال التكامل والتنسيق مع باقى شركات المحفظة، وقد شهدنا هذا النموذج فى عدد من الشركات مثل “تمويلي” قبل التخارج منها.

قانون التأمين الأخير أول تشريع مقنن ومستقل على مستوى العالم

● حازم شريف: لكن أليست شركة “تمويلي” كانت تصلح بأن تستمر وفقاً لاستراتيجيتك؟

أحمد علي: نعم، وبالمناسبة هو ليس قرار تخارج، بل بالعكس هو قرار خلق قيمة، وتلك القيمة ستأتى من خلال التوسع فى المنظومة غير البريدية، وبالتوازى مع عمل شراكات إستراتيجية.

وأعتقد أن أحد المحددات الأساسية للإستراتيجية الخاصة بنا، هو كيفية تعظيم الأصول المتاحة من خلال الدخول فى شراكات، لنتمكن من خلق قيمة والوصول إلى حد ما من الخبرة فى قطاع معين مغاير للتحدى الخاص بالنمو خارج نطاق البريد، لكنه يتمتع بمقومات واضحة للنجاح.

ومن ضمن الأمثلة على ذلك شراكتنا الإستراتيجية مع شركة التأمين متناهى الصغر “AXA”، والتى تُعد ضمن المبادرات القوية التى قامت بها الهيئة العامة للرقابة المالية فى إطار تقنين قانون التأمين الأخير والفصل بين الخدمات، ويعتبر القانون بمثابة طفرة إذ سيكون أول تشريع مقنن ومستقل على مستوى العالم لشركات التأمين متناهى الصغر.

وأود أن أؤكد أن هذه الشراكة بين “AXA” والهيئة القومية للبريد ستخلق بدورها فرصة كبيرة واعدة فى السوق المصرية، وستفتح آفاقًا جديدة للنمو فى هذا القطاع.

● حازم شريف: هل تم الاستقرار على اسم الشركة؟

أحمد علي: ليس بعد.

● حازم شريف: هل تم تحديد رأسمال الشركة؟

أحمد علي: لقد حددنا 100 مليون جنيه كرأسمال للشركة وقت توقيع عقود التأسيس، وبعد الانتهاء من اللائحة التنفيذية للتشريع الجديد، أقر القانون أن الحد الأدنى 70 مليون جنيه، وبالتالى يمكن أن يتجاوز رأس المال هذا المبلغ.

● حازم شريف: كم تبلغ نسب الشراكة؟

أحمد علي: %51 لشركة البريد للاستثمار، و%49 لشركة “AXA”، وهذه الشراكة تتسق مع إستراتيجيتنا التى تحدثت عنها مسبقا بأن نمتلك زمام الإدارة مع وجود الشريك الإستراتيجي.

● حازم شريف: وهل ستكون هذه أول شركة تأمين متناهية الصغر؟

أحمد علي: نعم، ونحن تقدمنا بطلب للحصول على ترخيص للشركة.

● حازم شريف: ومتى سيتم الحصول على الترخيص؟

أحمد علي: أعتقد خلال النصف الثانى من العام الجاري.

● حازم شريف: هل ستستخدم الشركة الجديدة مقار فروع البريد؟

أحمد علي: لا، فالشركة ستكون مرخصة ومنفصلة تمامًا، والهدف الأساسى من الشراكة مع الهيئة القومية للبريد هو تعظيم قاعدة العملاء والفروع، وأود أن أنوه بأن البيانات الخاصة بعملاء البريد تتمتع بسرية كاملة ولا تتم مشاركتها، بل يُركز التعاون على تعظيم الأصول وتعزيز الوجود فى السوق.

وأود الإشارة مجددًا إلى سبب اعتبارنا شركة “تمويلي” نموذجا لقصة نجاح، هو أن أحد الروافد الأساسية لنمو “تمويلي” كان الهيئة القومية للبريد، من خلال الوجود الفعلى فى الفروع واستخدام الشركات الصغيرة والمتوسطة (SMEs) والشركات “المايكرو” التى تعمل مع الهيئة، كما أنه تم تنفيذ %63 من عمليات الصرف والتحصيل من خلال فروع الهيئة القومية للبريد، وهو ما أضاف قيمة حقيقية للشركة بفضل وجود البريد للاستثمار كشريك إستراتيجى، وهذا النموذج نسعى لتكراره.

الحصول على ترخيص أول شركة تأمين متناهية الصغر بالشراكة مع “أكسا” فى النصف الثانى من 2025

● حازم شريف: إذن، لدينا شركة تأمين التمويل متناهى الصغر بالشراكة مع “أكسا” والتى لم يتم الإعلان عن اسمها حتى الآن، وقد سبق أن صرحت بأن هناك 5 شركات تعمل فى قطاع الخدمات المالية وتُعد هذه الشركة واحدة منها.. فماذا عن الكيانات الأربعة الأخرى؟

أحمد علي: لدينا شركة “ستاندرز” والتى تُعد واحدة من أكبر مقدمى خدمات إدارة المنشآت.

● حازم شريف: هل شركة “ستاندرز” لها علاقة بالخدمات المالية؟

أحمد علي: لا ليست لها علاقة بذلك.

● حازم شريف: لكن هل هناك شركة ضمن الخمسة كيانات لها علاقة بالقطاع المالي؟

أحمد علي: نعم هناك شركة “وان فاينانس”.

● حازم شريف: وما النشاط الأساسى لشركة “وان فاينانس”؟

أحمد علي: متخصصة فى التمويل الاستهلاكي.

● حازم شريف: حدثنا عن الوضع الحالى لشركة “وان فاينانس”؟

أحمد علي: “وان فاينانس” تم تأسيسها فى عام 2020، وبدأت نشاطها الفعلى فى 2021، وهى شركة صاعدة فى مجال التمويل الاستهلاكى، بالشراكة مع “إن آى كابيتال”.

● حازم شريف: ما حجم الحصة المملوكة للشركة فى “وان فاينانس”؟

أحمد علي: نمتلك نسبة %39 تقريبًا.

● حازم شريف: وماذا عن شركة “إن آى كابيتال”؟

أحمد علي: “إن آى كابيتال” و”أيادي” يمتلكان النسبة المتبقية والبالغة %61.

● حازم شريف: لكن لدى انطباع بأن شركة “وان فاينانس” لم تحقق نقلة نوعية واضحة فى السوق منذ عام 2020، فهل هذا الانطباع دقيق؟

أحمد علي: لا، ولكن ينبغى النظر إلى طبيعة القطاع ذاته، فالقانون المنظم لهذا النشاط لم يصدر إلا فى عام 2018، بينما تأسست شركة “وان فاينانس” فى عام 2020، وبدأت ممارسة نشاطها فعليًا بعد عام من التأسيس، وبالتالى فإن عمر الشركة لا يتجاوز الـ 4 أعوام.

واليوم أصبحت الشركة تحقق أرباحًا فعلية، وقد تجاوز حجم إصداراتها حاجز الـ 2.5 مليار جنيه، كما أنها مدعمة بهيكل رأسمالى قوى إلى حد كبير، فضلًا عن أنها شهدت مؤخرًا تغييرًا على مستوى الإدارة، إلى جانب رفع حجم رأس المال.

● حازم شريف: كم بلغ حجم رأس المال بعد الزيادة؟

أحمد علي: 400 مليون جنيه.

نعتزم إجراء عملية توريق بنهاية العام الحالى

● حازم شريف: هل هناك أى إصدارات جديدة مستهدف إطلاقها قريبًا تتعلق بالتوريق أو شيء من هذا القبيل؟

أحمد علي: نحن بالفعل أتممنا عمليتى توريق، إحداهما نفذت خلال العام الماضى، والأخرى فى العام الجاري.

● حازم شريف: هل من المخطط تنفيذ عملية توريق جديدة؟

أحمد علي: نعم، فهذا يأتى ضمن برنامج مدته 3 أعوام، ومن المقرر إجراء عملية توريق فى نهاية 2025، فالأمور تسير فى الاتجاه الصحيح، ولابد أن نوضح أن قطاع التمويل الاستهلاكى واجه تحديات كبيرة بداية من عام 2024، خاصة مع رفع سعر الفائدة.

● حازم شريف: هل تعتبر أن التباطؤ فى النمو ميزة؟

أقصد أنكم قمتم بتغيير الإدارة التنفيذية وذلك بالتأكيد لأسباب، وفى الوقت ذاته ترى أن حالة التباطؤ بمثابة ميزة ولذلك يُمكن القول إنك محظوظ، إذ إن الأمور انقلبت لصالحك فى التوقيت المناسب.

أحمد علي: لا، لأنه فيما يتعلق بالتباطؤ الذى شهده عام 2024، أعتقد أنه لم تكن هناك شركة توقعت ما سيحدث فى ذلك العام عندما كانت تضع خططها خلال 2023.

ولكن إذا نظرنا بشكل عام سنجد أنه فى العام الماضى، بلغ حجم الإصدارات حوالى 80 مليار جنيه، وهذه الصناعة تم تقنينها فى 2018، وكانت واحدة من أكثر الصناعات نموًا وتسارعًا خلال السنوات الأربع أو الخمس الماضية، وأعتقد أن 2025 سيكون أفضل مع التوقعات بخفض أسعار الفائدة.

● حازم شريف: وما حجم حصتكم السوقية فى عام 2024؟

أحمد علي: لا أتذكره حاليًا.

● حازم شريف: أتوقع أنه كان محدودًا؟

أحمد علي: أعتقد أن حصتنا أقل من %4.

● حازم شريف: إذن لديكم %4 من الـ 80 مليار جنيه؟

أحمد علي: يجب الأخذ فى الاعتبار أن السوق يمكن أن تُقاس بعدة طرق، منها حجم الإصدارات الجديدة أو حجم المحفظة.

● حازم شريف: كم يبلغ حجم المحفظة؟

أحمد علي: فى عام 2024 بلغ 1.7 أو 1.9 مليار تقريبًا بما يمثل نسبة من 2.5 إلى %3.

أتوقع اختفاء من 10 إلى 15 شركة توريق خلال عام بسبب التحديات المختلفة

● حازم شريف: ما المستهدف لحجم المحفظة خلال السنوات الثلاث المقبلة؟

أحمد علي: معظم الشركات فى هذا القطاع تنظر عند تخطيطها المالى إلى القيمة المضافة من خلال النمو فى حجم المحفظة، وهناك أكثر من 40 شركة تعمل فى السوق حاليًا، وأعتقد أنه فى عام 2025، ستختفى من 10 إلى 15 شركة نتيجة للتحديات المختلفة، وبالمناسبة فهذا أمر صحى للسوق على المدى الطويل، خاصة أن التوريق لم يعد سهلًا كما فى السابق، ولذلك فاللاعبون الذين يقفون على أرض صلبة ويدعمهم شركاء أقوياء سيكونون الرابحين.

● حازم شريف: ما معدل النمو المستهدف للمحفظة؟

أحمد علي: نستهدف الوصول إلى 3 مليارات جنيه فى عام 2025، أى بنمو نسبته %50.

● حازم شريف: هل خروج تلك الشركات سيُتيح فرصة للاستحواذ على محافظها؟

أحمد علي: رغم حداثة الصناعة، فإن عمليات الاستحواذ التى تم تنفيذها فى هذا القطاع محدودة، لأنك فى النهاية تشترى محفظة، ومدى جودتها يُعد عاملًا مهمًا، ربما تكون الفرص أفضل لمن يأتى من خارج القطاع.

 أما بالنسبة لنا، إذا كنا نرغب فى مضاعفة حجم محفظتنا من 2 إلى 4 مليارات جنيه مثلا، فمن الأفضل التفكير فى منتج جديد ومختلف وفريق عمل أكثر كفاءة، لذلك لا تشهد الصناعة الكثير من الاندماجات أو الاستحواذات.

● حازم شريف: سؤالى الأخير فى هذا الشأن، هل تستخدم فروع البريد فى الترويج للتمويل الاستهلاكي؟

أحمد علي: لدينا خطة بهذا الشأن، ومع تغيير الإدارة والتحديات التى واجهناها فى 2024، فإن هدفنا هو تعظيم أصول البريد، سواء على صعيد الفروع أو قاعدة العملاء.

● حازم شريف: هل سيكون هناك منتج جديد؟

أحمد علي: نعم.

● حازم شريف: ما طبيعة هذا المنتج؟

أحمد علي: كنا نفكر فى منتج جديد لطرحه فى السوق منذ فترة، وهو عبارة عن بطاقة (كارت) يتيح للمستخدم شراء السلع وتقسيط ثمنها.

● حازم شريف: هل من الممكن أن نرى خدمات تأمين متناهى الصغر وتمويل استهلاكى فى مكاتب البريد بالصعيد؟

أحمد علي: نعم، هذا موجود.

الانتشار الجغرافى مركز قوة لـ«البريد» ولدينا 20 مليون عميل

● حازم شريف: نعود إلى “الكارت” الذى تحدثت عنه منذ قليل فهو متوفر حاليًا فى السوق من خلال عدة شركات مثل “فوري”.. ولكن أرى أن ميزة البريد هى الانتشار الجغرافى، أليس كذلك؟

أحمد علي: نعم، هذه نقطة القوة الأساسية لدينا، ونموذج عمل “فوري”- من وجهة نظرى- مختلف إذ يركز على الشركات، أما إستراتيجيتنا فهى موجهة للأفراد والمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر خاصة أننا نمتلك قاعدة عملاء تصل إلى 20 مليون عميل، وأغلب استثماراتنا فى إدارة الأصول أو التخصيم سواء التى تمت خلال العام الماضى أو المرتقبة ستخاطب هذه الفئة.

● حازم شريف: هل لديكم شركات أخرى تعمل فى مجال الخدمات المالية؟

أحمد علي: لدينا “وان فاينانس” والشركة القابضة “شاري”، وهى مختصة فى الخدمات المالية غير المصرفية بالشراكة مع أحد البنوك التجارية، وتعمل فى نشاطين هما التمويل متناهى الصغر والتمويل الاستهلاكى، وللعلم هدفنا لم يكن التواجد فى كيانين يمارسان النشاط نفسه.

جارٍ إعادة هيكلة استثماراتنا فى «شارى» و«وان فاينانس»

● حازم شريف: هل تعتزم التخارج من شركة “شاري” منعًا لتعارض المصالح؟

أحمد علي: لا، ولكن الشركة حاليًا فى مرحلة إعادة هيكلة، إذ نمتلك %17 من “شاري”، وهناك شركاء آخرون.

● حازم شريف: وما اسم البنك التجاري؟

أحمد علي: البنك المصرى الخليجى، وكان الهدف حينها هو تفعيل التعاون مع الهيئة القومية للبريد من خلال هذا الاستثمار، إذ واجهنا بعض التحديات التكنولوجية فى ذلك الوقت وتم تغيير الإدارة، وبدأنا فى تنفيذ إعادة هيكلة والتى بدأت تؤتى ثمارها حاليًا، وأعتقد أننا نسير فى الطريق الصحيح.

● حازم شريف: أحتاج إلى توضيح أكثر.. تخيل أننى عضو مجلس إدارة فى البنك المصرى الخليجى، وأراك تعقد شراكة مع “أكسا” للتأمين، وتؤسس شركة تمويل استهلاكى، وتجلب إدارة جديدة، إذن لماذا عقدت مع البنك تلك الشركة؟

أحمد علي: لكن هذا الاستثمار لم يحدث اليوم.

● حازم شريف: نعم، لكن هناك تضارب مصالح أليس كذلك؟

أحمد علي: بالطبع، هناك تضارب ولو عدنا بالزمن للوراء لم أكن سأقوم بالاستثمارين معًا.

● حازم شريف: ولكنك لم تكُن موجودًا حينها على حد علمي.

أحمد علي: بغض النظر إن كنتُ موجودًا أم لا.

● حازم شريف: وما الذى ستُسفر عنه إعادة الهيكلة؟

أحمد علي: الهدف الأساسى هو خلق قيمة لأن الهيكلة ستحقق هذا الهدف.

● حازم شريف: هل تفكر فى بيع “شاري”؟

أحمد علي: للعلم أحد السيناريوهات المطروحة هى البيع، ولكن هناك زاوية أخرى أنه يُمكن أن تُحقق الشركة عوائد، أو يمكن أن نتخارج من الشركة الأولى التى تعمل فى النشاط نفسه.

● حازم شريف: وماذا عن الشركتين الرابعة والخامسة؟

أحمد علي: لدينا شركة إدارة الأصول.

● حازم شريف: ما طبيعة عملها؟ وهل تُدير صناديق عادية؟

أحمد علي: نعم، هى شركة مُرخصة من الهيئة العامة للرقابة المالية وتُدير محافظ وصناديق.

● حازم شريف: ما حجم الأصول التى تقع تحت إدارتها؟

أحمد علي: أفضل عدم الإفصاح عن الرقم فى الوقت الحالى، فمعظم الشركات لا تفصح عن حجم المحافظ، وللعلم ما يتم إعلانه من خلال الجمعية المصرية لإدارة الاستثمار يخص الصناديق فقط وليس المحافظ، ونحن لا نمتلك حتى الآن صناديق، بل محافظ مؤسسية فقط.

وأود التنويه بأن السبب وراء تأسيس شركة لإدارة الأصول أن هناك جانبا آخر مرتبطا بها يتمثل فى شركة التوزيع ذاتها، وهى كيان تم إنشاؤه بالتعاون مع “إن آى كابيتال”، وكان الهدف من تدشينها الحصول على رخصة التوزيع لصناديق الاستثمار.

● حازم شريف: هل يمثل هذا النشاط شركة منفصلة عن إدارة الأصول؟

أحمد علي: نعم منفصلة تمامًا.

● حازم شريف: وإدارة الأصول مملوكة لك بالكامل؟

أحمد علي: نعم.

● حازم شريف: وشركة التوزيع مناصفة بينكم وبين “إن آى كابيتال”؟

أحمد علي: نعم، وكان ذلك جزءًا من التمرين الإستراتيجى لبناء منصة استثمارية متكاملة هدفها الأساسى هو خدمة الأفراد، ولذلك كان من الضرورى أن نمتلك ذراعا للتوزيع وقررنا بالتالى الاستحواذ على حصة “إن آى كابيتال” وهو ما حدث بالفعل فى العام الماضى وأصبحت الشركة مملوكة لنا بالكامل.

● حازم شريف: هل هناك شركات جديدة تستهدف تأسيسها فى مجال الخدمات المالية خلال الفترة المقبلة؟

أحمد علي: كما ذكرت سابقًا، نحن نطمح إلى تغطية جميع مجالات الخدمات المالية غير المصرفية، ولذلك هناك قطاعات جديدة نحتاج إلى الدخول بها خاصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر والذى يُعد قطاعا حيويا ومهما، ويزخر بالفرص.

● حازم شريف: هل تقصد شركات مختصة بتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة؟ أم شركات تأمين مثلًا؟

أحمد علي: أقصد تأسيس شركات تخاطب قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر (SMEC)، وقد يتضمن ذلك أيضًا استثمارًا مباشرًا سواء عبر تأسيس شركات جديدة أو الاستحواذ على كيانات قائمة فى هذا القطاع.

ولكن نُفضل تأسيس شركات لأن عملية الاستحواذ تتطلب تقييمًا دقيقًا، ومستشارًا ماليًا، وتقديرًا للقيمة العادلة، أما فى حال تأسيس كيان جديد فغالبًا ما تكون الإجراءات أسرع وهو ما قمنا به سابقًا وقد أثبت نجاحه.

وللعلم، الاستثمار المباشر لا يتجه عادة إلى الشركات الناشئة أو الدخول فى مراحل مبكرة جدًا، ولكننا نُفضل إنشاء شركات جديدة لأننا نرى أن الوقت للوصول إلى السوق سيكون أسرع خاصة مع الخبرات المتوفرة لدينا وقد نتحالف مع فرق عمل ذات خبرة أو نقوم بتكوينها كما حدث مع شركتى “وان فاينانس” و”تمويلي”.

● حازم شريف: هل لديكم نية للاستثمار فى الشركات الصغيرة والمتوسطة؟

أحمد علي: نحن نعتقد أن الاستثمار المباشر أو الملكية الخاصة فى الشركات الصغيرة ليس هو النموذج الأمثل لنا ولذلك لا نستثمر فيه بشكل مباشر بل نُفضل تمويله، والقانون الصادر مؤخرًا بشأن الإقراض للشركات الصغيرة والمتوسطة يمثل دفعة قوية، ونحن نهدف إلى الاستفادة منه.

قد نقوم بتأسيس شركة بغرض الإقراض لتلك الشركات أو نركز على منتج بعينه مثل التخصيم، والذى أرى أن مشكلته فى مصر تكمُن فى أنه رغم ارتباطه بشكل أساسى بنشاط التأجير التمويلى فإنه لم يشهد وتيرة النمو نفسها، وهناك أسباب لذلك على رأسها المخاطر المرتبطة بالاحتيال، فالتخصيم بطبيعته نشاط قصير الأجل عادة لا تتجاوز مدته العام الواحد.

ولا تزال البنوك تسيطر على هذا النشاط إلى حد كبير حتى الآن بشكل أو بآخر، ولم يشهد طفرة مماثلة لتلك التى شهدتها أنشطة مالية أخرى، ونحن نعمل على نموذج عمل جديد يعتمد على التكنولوجيا فى اختيار الشركات القابلة للحصول على التمويل، والتحقق من الموردين، ومتابعة عمليات السداد، فالتكنولوجيا عنصر أساسى فى هذا الشأن.

الاستثمار المباشر فى الكيانات الصغيرة ليس النموذج الأمثل لنا ونفضل إقراضها

● حازم شريف: هل تعتزم إنشاء شركتين إحداهما للتخصيم والأخرى للإقراض؟

أحمد علي: نعم، هذا وارد فكل واحدة منهما لها تراخيص مختلفة ويمكن إطلاق كل نشاط على حدة، أو قد نبدأ بشركة واحدة ثم نقوم بتوسيع أنشطتها لاحقًا من خلال الحصول على ترخيص إضافى، فالأهم هو ألا ندخل إلى نشاط لمجرد الوجود به، لكن نبحث دائمًا عن منتج يعالج مشكلة حقيقية ويواجه تحديات قائمة فى السوق، خاصة أننا نتمتع بخبرات متراكمة خاصة فى الأنشطة المالية غير المصرفية.

كما أن التكنولوجيا ستساعدنا فى ذلك لأنها ستستهدف بشكل رئيسى الشركات الصغيرة والمتوسطة، فمعظم التحديات التى تواجه هذا القطاع حاليًا تكمن فى أن هذه الكيانات غير قابلة للإقراض، لأسباب عديدة من بينها عدم توافر القوائم المالية، وغياب التدفقات النقدية المنتظمة والفكر التجارى، هذا بجانب افتقارها لهيكل مؤسسى واضح.

● حازم شريف: لاحظت أنك تطرقت إلى التكنولوجيا، وفى الوقت ذاته تحدثت عن رأس المال المخاطر، وهو يتطلب قدرًا كبيرًا من التكنولوجيا. فهل أنتم بحاجة إلى الاستثمار فى شركات تساعدكم فى هذا المجال؟

أحمد علي: نحن نُفكر فى كيفية التعامل مع رأس المال المخاطر فإستراتيجيتنا واضحة نحن نرغب دائمًا فى الحفاظ على قدر من التحكم فى الشركات التى نستثمر فيها، إما من خلال حصة أغلبية أو حتى حصة أقلية ولكن مع حقوق واضحة وصريحة.

هذا التصور لا يتناسب مع طبيعة الاستثمار فى رأس المال المخاطر، ولذلك بدأنا نفكر فى حلول بديلة، إذ ندرس حاليًا إنشاء ذراع للاستثمار المباشر أو الملكية الخاصة تسمح لنا بالدخول بحصص أقلية فى قطاعات خارج نطاق القطاعات الأساسية التى نركز عليها.

ومن خلال هذه الذراع، نستطيع الدخول فى قطاعات قادرة على خلق قيمة حتى إن لم يكن لدينا فيها تحكم كامل ولكن سيكون هناك قدرة على ممارسة نوع من أنواع الرقابة على الشركات، من خلال نموذج الشريك المسؤول عن الإدارة، فى حين يكون الطرف الآخر مستثمرًا ماليًا فقط.

● حازم شريف: هل هناك خطة زمنية لتنفيذ تلك الخطط سواء فى مجال الخدمات المالية والتخصيم والإقراض، أو الذراع المستهدف إنشاؤها للاستحواذ على كيانات لا تنطبق عليها شروط السياسات العامة لديكم؟

أحمد علي: بالضبط.

● حازم شريف: وهل تتوقع تنفيذ كل ذلك خلال عام 2025؟

أحمد علي: بإذن الله، وأعتقد أن الاستثمار المباشر سيتم تنفيذه بوتيرة أسرع من ذراع رأس المال المخاطر والذى سيستغرق وقتًا أطول نسبيًا، لكن ما يحدث الآن فى القطاع سيدعم خططنا حينما نكون مستعدين لتقديم نموذجنا الخاص فى هذا المجال.

● حازم شريف: وهل سيتم تنفيذ هذا النموذج «رأسمال المخاطر»؟ أم من خلال شراكة مع طرف آخر؟

أحمد علي: لا، هذه المشروعات تحتاج إلى فرق عمل متخصصة، والأساس فى نجاحها هو وجود فريق إدارى محترف ونحن حاليًا ندرس النموذج الأنسب، إذا كنا سنستعين بشركة متخصصة لإدارة هذه المحفظة، أم نقوم نحن بتكوين الفريق المناسب واستقطاب الكفاءات القادرة على إدارتها.

● حازم شريف: ما هى الشركات التابعة لكم العاملة فى قطاع اللوجستيات؟

أحمد علي: كما ذكرت سابقًا لدينا استثماران فى قطاع اللوجستيات، إحداهما “رودرز” وهى من الكيانات الواعدة.

● حازم شريف: وما طبيعة عمل هذه الشركة تحديدًا؟

أحمد علي: تربط مقدمى خدمات التوصيل من الأفراد والشركات الصغيرة والمتوسطة بمقدمى خدمات التجارة الإلكترونية والتجزئة.

● حازم شريف: ومن هم الشركاء فى هذه الشركة؟

أحمد علي: شركاؤنا هم “فوري” وآخرون مثل “Last Milers”، بقيادة الأردنى سامر، وكنا بدأنا المفاوضات عليها منذ فترة وانتهينا مؤخرًا من زيادة حجم رأسمالها وإتمام الشراكة.

وقد بدأت الشركة فى العمل فعليًا ولكن يمكن القول إنها فى مرحلة التشغيل الأوّلى، فنموذج العمل الخاص بها مبتكر وجديد، لأن هذه الصناعة كما ذكرت ضخمة للغاية، وجزء كبير منها مرتبط بما يُعرف بـ “Last Milers” (الطيارين) ويتحكمون بنسبة كبيرة من السوق.

التحدى الرئيسى يكمن فى أن هذه الصناعة تعتمد على منتج أو بائع يقدم سلعة يتم توصيلها للمستهلك عن طريق خدمات التوصيل، ولكن المشكلة تكمن فى الفترة الزمنية التى تمر من لحظة تقديم العميل للطلب وحتى استلامه للسلعة ثم استرجاع الأموال إلى المورد والتى قد تتراوح ما بين أسبوع وأسبوعين.

لذلك، إذا تمكنا من إنشاء كيان يستطيع تنفيذ هذه العملية بسرعة أكبر فهذه فرصة كبيرة للغاية، وهو ما يقوم عليه نموذج العمل لدينا، أما النقطة الثانية أن هذا النموذج يتيح لنا تقديم خدمات إضافية مثل خدمات التأمين متناهى الصغر إذ يمكن تقديم وثائق تأمين على الحياة أو ضد المرض أو ضد فقدان العمل، فهناك العديد من الخدمات التى يمكن إضافتها لهذه القاعدة التى ننشئها من خلال شركة “رودرز”.

● حازم شريف: وما الشركة الأخرى فى قطاع اللوجستيات؟

أحمد علي: لدينا شركة أخرى فى هذا القطاع لكنها مملوكة للهيئة القومية للبريد.

لدينا شركة قيد التأسيس لرقمنة خدمات البريد المسجل 

● حازم شريف: هل لديكم شركات أخرى تحت التأسيس؟

أحمد علي: نعم، لدينا شركة أخرى قيد التأسيس فى مجال خدمات البريد المسجل.

● حازم شريف: وما طبيعة عمل هذه الشركة بالتحديد؟

أحمد علي: رقمنة منظومة البريد المسجل بالكامل، وستكون أول شركة تقدم هذه الخدمة.

● حازم شريف: ما المقصود بذلك، فمثلًا إذا أردت إرسال دعوة لجمعية عمومية عبر البريد المسجل فكيف ستعمل هذه المنظومة؟

أحمد علي: بالضبط، سواء أردت إرسال دعوات جمعيات عمومية أو كشوف حسابات بنكية أو إخطارات أو إشعارات قانونية، فالشركة ستقوم بتنفيذ ذلك بشكل رقمى، وذلك ضمن سياسة الدولة للتحول الرقمي.

● حازم شريف: هل تم تأسيس الشركة رسميًا؟

أحمد علي: فى فترة الانتهاء من إجراءات التأسيس.

● حازم شريف: كم يبلغ حجم رأسمال الشركة؟ ومن هم الشركاء؟

أحمد علي: نحن لا نزال فى المفاوضات النهائية.

● حازم شريف: هل تم الاستقرار على الإدارة؟

أحمد علي: نحن حاليًا فى مرحلة اختيار فريق العمل.

● حازم شريف: هل تمتلك شركتك الحصة الأكبر فى هذا الكيان؟

أحمد علي: لا، ولكن مع الهيئة القومية للبريد نمتلك معًا حصة الأغلبية.

● حازم شريف: ما القطاعات الأخرى التى تبدى الشركة اهتمامًا بها بخلاف الخدمات المالية واللوجستية؟

أحمد علي: دعنى أعطيك مثالًا، وهو أن الشركة التى نؤسسها حاليًا فى مجال التخصيم كانت هناك رغبة بأن نستثمر بها كرأسمال مخاطر ولكننا غيرنا النموذج وقلنا لابد أن نؤسس شيئًا مختلفًا، لأن هدفى هو أن أتعامل مع فكرة وتكنولوجيا وفريق قادر على التنفيذ وفى الوقت نفسه لا أتحمل المخاطر التقليدية الناتجة عن رأس المال المخاطر.

وفى الشركة الجديدة لديّ التحكم بنسبة %90 فى الاستثمار وفى الوقت ذاته هو نموذج عمل تقليدى ولكن القيمة الحقيقية خُلقت من التكنولوجيا الموجودة، ولذلك حينما تجمع بين الاثنين فى نموذج عمل لا يصبح جديدًا تمامًا وإنما الزاوية التكنولوجية فيه هى التى أضافت له قيمة، ولذلك نقوم حاليًا بتأسيس الشركة.

● حازم شريف: أنت تمتلك %90 من الشركة؟

أحمد علي: بالضبط، فأنت حولت الأمر إلى نموذج عمل تقليدى ولكن بطريقة مختلفة.