أحزاب وجيوش

أحزاب وجيوش
شريف عطية

شريف عطية

9:53 ص, الثلاثاء, 20 أغسطس 13

شريف عطية:

ربما ليس من المبالغة فى شىء، اختصار المسيرة السياسية والمجتمعية لمعظم الدول العربية، منذ مطلع النصف الثانى من القرن العشرين إلى اليوم، فيما قد يسمى «الحراك السياسى» لجيوشها، سواء لسطوة حضورها فى المشهد المحلى، على حساب وخصماً من رصيد غيرها من القوى الوطنية والأيديولوجية الأخرى.. التى تراجعت فاعلياتها وأدبياتها إلى حدّ التلاشى تقريباً، حتى من قبل دخول الجيوش الوطنية المعترك السياسى، أو سواء للتطور المثير فى تسليحها.. ما ورطها كعنصر هامشى مفعول به فى الحرب الباردة العالمية من ناحية، كما استدرجها من ناحية أخرى لخوض حروب عربية وإقليمية ذات حسابات دولية، ناهيك عن إغراء قادة عسكريين- بشكل أو آخر- للقفز إلى سدة الحكم فى بلدانهم من ناحية ثالثة.

إلى ذلك، فإن ما يعيشه العالم العربى اليوم من ارتباكات محلية وجيوسياسية، إنما تعود محصلته بوجه عام إلى حصاد عقود سابقة للحراك العسكرى الذى صبغ بطابعه حاضر ومستقبل المراكز العربية الثلاثة الكبرى، العراق- سوريا- مصر، قبل غيرها من الدول فى منطقة الشرق الأوسط «الجديد»، ذلك.. إذ يتعرض العراق منذ استحداثه فى مطلع العشرينيات إلى انقلابين عسكريين فاشلين سبقا تحوله الدموى إلى النظام الجمهورى 1958، قبل أن يشهد خلال الستينيات انقلابين، أدى آخرهما 1968 بقيادة حزب البعث، إلى دخول العراق حربين إقليميتين، إيران- الكويت، قبل الغزو الأمريكى لأراضيه 2003، لينتهى به الأمر إلى ما هو عليه من تفكك وعنف دموى غير مسبوق.

أما سوريا، فقد تعرضت بعد سنوات منذ استقلالها منتصف الأربعينيات، وخلال عقدين تاليين، لنحو عشرة انقلابات عسكرية، أسلم آخرها 1970 مقاليد البلاد إلى حزب البعث، ولتتورط سوريا منذئذ، لأسباب محلية وجيوسياسية، فى عدة حروب إقليمية مع إسرائيل وفى لبنان، دون استثناء اشتراكها مع مصر ضمن قوات التحالف الدولى لتحرير الكويت 1991، ذلك قبل أن ينطبق فكا الكماشة على النظام الحاكم، وعلى الجيش السورى منذ مارس 2011، وليخوضا منذ ذلك الوقت بحوراً من الدم فى صراع أهلى مرير.

أما مصر، وهى بيت القصيد، فإنها تتعرض منذ 2011.. إلى تداعيات صفقة غير مقدسة بين قوى إمبريالية خارجية.. وبين جماعات محلية حديثة العهد بشئون الحكم والسياسة، كادت تؤدي- ولا تزال- بالبلاد إلى صراع أهلى- ولينحاز الجيش للحيلولة دونه- إلى جانب غالبية الشعب منذ 6/30، ما طاش بصواب أطراف «الصفقة»، ولتشن حملة غربية «شيزوفرانية» على ما سمته انقلاباً عسكرياً، فى تعريض متعمد لمستقبل الجيش أمام جماعات مسلحة، تضع احترافيته الأخلاقية على المحك منذ تشكيله الحديث قبل قرنين من الزمان، ربما توطئة لأن يلحق بمصير جيوش عربية سبقته إلى التفكك، إلا أن موقفه التأسيسى منذ 1952، يمثل سياجاً يذود عنه استباقات «النيوليبراليين» من عابرى الأوطان والقوميات (..) تحذر من مغبة الحكم العسكرى مجدداً، فيما الأحزاب مازالت تجاهد للمشاركة فى حياة ديمقراطية مؤسسية فى ظل دستور توافقى.

شريف عطية

شريف عطية

9:53 ص, الثلاثاء, 20 أغسطس 13