إنها »موسيقي الشارع« التي انتشرت مؤخراً في مصر من خلال عدة فرق كان من أبرزها فرقة »المصنع« التي قدمت عدة حفلات في القاهرة و الإسكندرية.
في البداية، أوضح جورج وهيب، مدير فرقة »المصنع« أو »WORK SHOP « أن اسم الموسيقي التي يقدمونها هي »موسيقي الشارع«، موضحاً أنها مدرسة من مدارس العزف العالمية التي يتم من خلالها تقديم نمط أو أسلوب موسيقي مختلف عن المتواجد علي الساحة الفنية، »فمزيكا الشارع« – علي حد قوله – لا تعتمد علي نوتة موسيقية محددة يعمل عليها الفريق، لكنها تعتمد في الأساس علي الارتجال مع تنظيم وحفظ بعض الخطوات لتخرج في صورة »هارموني«، أي أن الفريق يصنع الموسيقي التي يستسيغها دون قيود، فهذا الأسلوب يعتمد علي إبداع وارتجال العازفين الذين لا يشترط فيهم أن يكون لديهم خبرة أو ممارسة سابقة مع العزف أو الموسيقي بل هم في الغالب هواة، ولكن يتم تعليمهم أساسيات العزف من خلال بعض التمارين البسيطة، ثم تترك لهم المساحة الكافية من الحرية للانطلاق والإبداع لصنع ابتكارهم وفنهم الخاص بهم. لافتاً إلي أنه عند عزف هذه النوعية من الموسيقي يمكن دمج وإدخال الغناء أو رقص »الكلاكيت« معها.
وأشار »وهيب« إلي أنه يركز في الفترة الحالية علي اجتذاب أفراد تكون لديهم الموهبة الفطرية علي لعب الموسيقي من أجل خلق كوادر جديدة صالحة لنشر هذه النوعية من الموسيقي، مؤكداً أن موسيقي الشارع قادرة علي مخاطبة جميع الطبقات، كما أنه يمكن أن يصاحبها غناء يتناول موضوعات تتعلق بالمشاكل المجتمعية المحيطة وأزمات الشباب أو الحب والسلام، لكن من خلال كلمات مختلفة الأسلوب عما هو متداول ومألوف.
وأضاف »وهيب« أن فرقة »المصنع« ليست الفرقة الوحيدة التي تقدم هذه النوعية من الموسيقي في مصر حالياً، ولكنها كانت صاحبة الريادة في تقديم وخوض تلك التجربة، موضحاً أنه يسعي لنشر »موسيقي الشارع« في بعض الدول العربية مثل لبنان من خلال إقامة حفلات بها.
ومن جانبها، لفتت أسماء العماوي، إحدي العازفات بالفرقة، إلي أن هذا النوع الموسيقي من المفترض تقديمه في الشارع، كما يحدث في الدول الأوروبية ليعبر عن مشاكل المجتمع المؤثرة بالأفراد، ولذلك أطلق عليها »موسيقي الشارع« حيث إنها تمثل نوعاً من الحوار الفني في الشارع، لذا فهي منتشرة في الخارج بشكل أكبر، لكنها لم تحقق نفس الرواج لدينا حتي الآن نظراً لأننا في مصر ليس لدينا هذه الثقافة، فنحن غير معتادين علي رؤية فرق موسيقية تعزف بالشارع وإلا اعتبرنا أعضاءها مجموعة من »المتسولين« فأصبح الحل هو تقديم هذا الفن في المراكز الثقافية أو مكتبة الإسكندرية وغيرها من المواقع الثقافية.
وقالت »العماوي« إنه من الممتع للغاية أن يجد الشخص نفسه قادراً علي صنع تلك الموسيقي الجميلة من استخدام الخردة من صفائح المهملات وبراميل بلاستيك وشكمانات السيارات التالفة وغيرها من الأدوات التي لا ينظر إليها إلا علي أنها مجرد نفايات لا تصلح لأي استخدام.
وأوضحت »العماوي« أن الفرقة تسعي لتقديم أعمال فنية تمزج ما بين الموسيقي الشرقية و الغربية، فالتعبير الموسيقي ذو نكهة غربية ولكن الكلمات والقضايا التي تعبر عنها تتعلق بمشكلات المجتمع المصري كمشكلة زحام المرور، وارتفع الأسعار ونهب أموال الدولة.
ومن جانبه، قال الفنان فتحي سلامة إن المصريين قادرون علي تقبل مختلف أنماط الموسيقي المختلفة ولكن ذلك يعتمد علي طريقة الأداء والأسلوب الذي يتم به تقديم هذا الفن لكي يحقق صدي للجمهور، مدللاً علي ذلك بالصدي الذي لاقته الموسيقي الإلكترونية لدي الجمهور المصري، حيث تعتمد هذه النوعية من الموسيقي علي التأثيرات المرئية إلي جانب الصوت لتقدم حالة من التكامل بين الموضوع والشكل، حتي يعيش المتلقي في أجواء العمل من خلال الموسيقي والأضواء، فإذا كان الجمهور قد تقبل هذا النوع بحفاوة واستمتع به لذلك إذا أحسن مقدمو موسيقي الشارع صنع تناغم خاص نابع من الشرق وبه بعض الحداثة – وليس العكس بأن تكون الموسيقي المقدمة غربية ويتم تمصيرها ٠ فمن الممكن أن تلقي قبولاً هي الأخري من قبل الجمهور المصري، موضحاً أن الكثير من الفرق الغربية تقدم بالفعل هذه النوعية من الموسيقي، لذلك فهي ليست طريقة مبتكرة ولكنها محاولة لتقديم مزيج من اللونين الشرقي والغربي، معرباً عن سعادته بوجودها في مصر.
ومن جانبه قال وائل إحسان، مغني بفرقة »سيتي باند«، إنه تحمس لرؤية الفرقة وعند مشاهدته أحد عروضها استمتع بما تقدم من »موسيقي الشارع« إلي أن التحق بها بعد ذلك معترفاً بأنه لم يتوقع وجود كل هذا الهارموني والتناغم بين الإضاءة والصوت، بالإضافة إلي الجاذبية التي أضفاها رقص »الكلاكيت« علي العرض الموسيقي، معرباً عن توقعه نجاح هذا النوع من الموسيقي في مصر مثلما نجحت من قبله موسيقي »الجاز« و»الروك« و»الهيب هوب« وأصبحت لها قاعدة جماهيرية كبيرة.