توقع محمد يونس، رئيس شركة كونكورد للاستثمارات العالمية، أن تشهد الفترة المقبلة إقبالا استثمارياً كبيراً قادماً من الخارج، بعد أن تم تصنيف مصر ضمن عدد من الدول التي أطلق عليها دول البريك الجديدة، أسوة بدول البريك الأربع وهي روسيا والصين والهند والبرازيل، وأن تشهد الفترة المقبلة استقبال السوق استثمارات ضخمة سواء مباشرة أو غير مباشرة.
محمد يونس |
ودعا يونس، في تصريحات لـ»المال« للاعتماد علي سياسة الاستثمار طويل الأجل، والاهتمام بأوضاع الشركات وليس تحركات الأسهم في اختيار الأسهم التي يتم الاستثمار فيها.
وشبه رئيس شركة كونكورد للاستثمارات العالمية، الجهات الرقابية بـ»المجلس الحسبي« فيما يتعلق بمهمتها في حماية مصالح صغار المستثمرين خاصة من المضاربات التي تعج بها السوق وتؤدي لضياع أموالهم، ورأي أن قرارات وقف التعامل علي الأسهم التي تتضح عليها علامات التلاعبات، خاصة أن إثبات هذه التلاعبات من أصعب الأمور وتحتاج لتصوير وتسجيلات للمتلاعبين.
ورحب »يونس« بإدخال مزيد من الأدوات المالية الجديدة إلي السوق المصرية، إلا انه في الوقت نفسه دعا للتحوط من سوء استخدامها وما يمكن أن يؤدي إليه من تداعيات خطيرة علي مستقبل السوق ومصالح المستثمرين.
في البداية، أوضح رئيس شركة كنكورد للاستثمارات المالية أن العام الماضي شهد اتجاه المستثمرين للبحث عن دول أخري لضخ أموالهم فيها تتمتع بنفس معدلات النمو التي حققتها دول »البريك« الأربع، بعد ما لمسوه من قدرة الدول النامية، ومن بينها دول البريك، علي النمو بشكل أفضل من الدول الصناعية في أعقاب الأزمة المالية التي نشبت نهاية عام 2008، وما أظهرته من قدرة علي مواصلة النمو بمعدلات أقل نسبيا من السنوات الماضية ولكن بنسب أعلي من الدول الصناعية الكبري.
ومن المعروف ان دول البريك هو مصلطح تم إطلاقه علي أربع دول هي البرازيل وروسيا والهند والصين، تم الاهتمام بها بشدة خلال السنوات الماضية لتمتعمها بمعدلات نمو مرتفعة واستقرار جاذب للاستثمارات، مما دفع المؤسسات والصناديق لضخ مئات المليارات من الدولارات بها.
ووصف يونس تصنيف مصر ضمن دول البريك الجديدة بالتطور المهم، خاصة بعدما فات مصر استثمارات ضخمة من عدم وضعها ضمن المجموعة الأولي.
وأضاف ان اليابان علي سبيل المثال، والتي مرت بحوالي 15 سنة من أصعب ما يمكن اقتصاديا، بدأت تتوجه للخارج من حوالي 5 سنوات، وأصبحت من كبار المستثمرين في دول البريك الأولي، وهو التحول الذي تابعته مجموعة كونكورد عن كثب لتواجدها في اليابان من خلال مكتب تابع لها بطوكيو، تم افتتاحه منذ 4 سنوات، وبدأت منذ ذلك التاريخ في الترويج للاستثمار في مصر بين المؤسسات اليابانية، وهو ما تطلب وقتا طويلا حتي اقتنعت ببدء التوجه لمصر، نظرا لاختلاف طبيعة المستمثرين والمؤسسات اليابانية التي يتم اتخاذ القرار فيها بداية من أدني مستوي في الإدارة وحتي المستويات العليا ولا تعتمد علي القرارات الفوقية، مما يجعل عملية اتخاذ القرارات بها تستغرق وقتا طويلا، وتتسم استثماراتهم في الوقت نفسه بطول الأجل.
وأشار إلي أن هذه الجهود الترويجية أسفرت عن تأسيس صندوقي استثمار بطوكيو ونيوريورك برؤوس أموال 190 مليون دولار للاستثمار في الأسهم المصرية، فيما يجري التفاوض حاليا علي مجموعة أخري من الصناديق التي ستديرها أيضا شركة كونكورد للاستثمارات العالمية.
وتراوحت عوائد صناديق الاستثمار التي تديرها كونكورد خلال العام الماضي بين %33 و%35.
ووصف محمد يونس، السياسة الاستثمارية التي تتبعها شركته بطول الأجل، بما يمكنها من تحقيق عوائد جيدة، نظرا لبطء حركتها في الأسهم التي تتخذ فيها مراكز مالية، حيث تبحث عن شركات جيدة ماليا للشراء فيها مع الاحتفاظ لمدد قد تصل إلي أربع سنوات، مشيرا إلي ان شركته التي تقوم بإدارة أموال المؤسسات والأفراد ذوي الملاءة المالية الضخمة سواء المحليين أو الخارجيين، لا تكترث بأداء الأسهم التي تستثمر فيها، ولكنها تولي اهتمامها لأداء الشركات واحترافية إداراتها ونتائجها المالية خلال عدد من السنوات بما يؤدي لتعظيم العوائد علي المدي الطويل.
ورأي محمد يونس، أن المشكلة الأساسية التي تعاني منها السوق المصرية تكمن في أنها تغلب عليها المضاربة وليس الاستثمار، ما اعتبره توجها خطيرا يساهم فيه التحليل الفني الذي بات يوجه السوق بالفعل.
وحول الإجراءات التي تتخذها إدارة البورصة للقضاء علي التلاعبات التي تحدث بالسوق، اتفق رئيس شركة كونكورد للاستثمارات العالمية مع قرار وقف التعامل علي 29 سهما ومطالبة الشركات بالإفصاح عن خططها المستقبلية، وشبه دور الجهات الرقابية في حماية صغار المستمثرين بـ»المجلس الحسبي« الذي يحرص علي مصالح القصر، مشيراً إلي ان السوق شهدت في الفترة الماضية تلاعبات فجة أدت لارتفاع صاروخي، لأسهم عدد كبير من الشركات التي تعاني بشكل واضح ماليا وتسليم هذه الأسهم لصغار المستثمرين من منخفضي الوعي الذين تضيع مدخراتهم، لذا فالسلاح الوحيد الذي يمتلكه رئيس البورصة في هذه الحالة هو وقف التعامل، خاصة مع انخفاض نسب أسهم التداول الحر بالشركات بما يمكن المتلاعبين من التحكم في أسعارها، وفي الوقت نفسه إعلام المساهمين بأوضاعها المالية ونتائجها خلال السنوات الأخيرة.
وأكد يونس صعوبة إثبات التلاعبات، رغم وضوح آثارها، نظرا لأن ذلك يتطلب إجراءات بوليسية كتصوير المتلاعبين والوقوف علي اتفاقاتهم وإجراء تسجيلات صوتية لهم، حتي يمكن الإعتداد بها.
وأرجع ترحيبه باجراءات وقف التعامل علي الأسهم التي تتضح عليها آثار التلاعبات إلي أنها ستدفع صغار المستثمرين لاختيار الأسهم التي يضخون أموالهم فيها، وقال أنه لا مفر من مواجهة التلاعبات بوقف التعامل علي الأسهم التي تعاني منها.
وعلي الجانب الآخر، رحب محمد يونس باستحداث أدوات مالية جديدة في السوق وإن حذر في الوقت نفسه من سوء استخدامها، كما هو الحال في الاقتراض بغرض البيع الذي قد يؤثر بشكل كبير علي اتجاه الاسهم للهبوط مالم يتم تطبيق قاعدة »UP TACK RUEL «، والتي أدي حذفها من القواعد المنظمة للاقتراض بغرض البيع في أمريكا إلي زيادة حدة هبوط السوق وقت الأزمة.
وتقوم قاعدة »UP TACK RUEL « علي الزام المتعاملين بالاقتراض بغرض البيع بعدم بيع نفس السهم بسعر يقل عن السعر الذي تم بيعه به في آخر تنفيذه إلا بعد أن يتم بيعه بسعر أعلي، وذلك لمنع المؤسسات وكبار المستثمرين من التحكم في اتجاهات الأسهم.
وحدد رئيس شركة كنكورد للاستثمارات العالمية عددا من القطاعات التي تتمتع بمعدلات نمو مرتقبة، وعلي رأسها البترول والمعادن كالذهب، والقطاع الغذائي والطبي والتشييد والبناء، والأخير بالتحديد يساهم بنحو %15 في النمو الاقتصادي، ومرشح للاستمرار في تحقيق معدلات نمو جيدة ولا يعاني من أي ضعف خاصة أن الطلب عليه لا نهائي في مصر.
وأكد يونس ان القطاعات السابقة تتمتع بأساس قوي وطلب مستمر، خاصة أنها تقع ضمن القطاعات الدفاعية التي لا مفر من الانفاق فيها.
ورأي أن المناخ مهيأ لابرام صفقات ضخمة في مصر، بالنظر لما تذخر به البنوك في مصر من سيولة ضخمة، حيث لا تزيد نسبة القروض علي %55 من الودائع.
وفيما يتعلق بالاستثمارات التي تديرها الشركات التابعة لكونكورد، قدر محمد يونس حجم الأموال التي تديرها بنحو 1.5 مليار دولار مستثمرة في البورصة المصرية، ومليار دولار يتم استثمارها في البورصة الأمريكية.
وتدير الشركة صندوق »EGYPTIAN DIRECT INVESTMENT « والبالغ رأسماله 34 مليون دولار، وتم مد أجله لعامين في نهاية عام 2008 بعد أن حقق ارباحا كبيرة من استثمارين تم التخارج منهما مطلع 2008 بواقع %36 في شركة معمل البرج و%18 في شركة كونتكت لتجارة السيارات.
وحقق الصندوق الذي تديره شركة ستان هوب أوفرسيز، التابعة لشركة »Concord inter-national « بنيويورك 70 مليون دولار، بما مكن الصندوق من توزيع ضعف رأسماله علي المساهمين، ودفعهم للموافقة علي مد أجله لعامين آخرين ينتهيان أواخر العام الحالي 2010.
وتوقع محمد يونس، أن يتم مد أجل الصندوق لمدة عامين جديدين، بالنظر لنجاح الاستثمارين المتبقيين في حوزته وهما حصته في شركة بسكو مصر وكذلك في مشروع أبو سومة.
وأضاف أن شركته تتلقي عروضا متوالية لشراء حصتها في بسكو مصر، نظراً لنجاحها وارتفاع أرباحها بشكل سنوي، بعد أن تم ضخ 110 ملايين جنيه فيها خلال السنوات الماضية وإضافة خطوط إنتاج جديدة، كما رصدت الشركة 100 مليون جنيه لاستثمارها خلال العام الحالي.
وصعدت أرباح التشغيل خلال السنوات الأربع الماضية التي شهدت دخول الصندوق في هيكل الملكية وضخ الاستثمارات، من 10 ملايين إلي 25 مليون جنيه، كما يتوقع أن تصل مبيعاتها إلي حوالي 950 مليون جنيه عام 2014 مقارنة بنحو 130 مليون جنيه عند شرائها في إطار برنامج الخصخصة.
ورجح يونس أن تحتفظ كونكورد باستثمارها في شركة بسكو مصر لمدة تتراوح بين عامين وثلاثة أعوام أخري.
وأضاف أن التفاؤل بمستقبل الشركات العاملة في القطاع الغذائي مثل بسكو مصر يقوم علي أسس قوية مدعومة بضخامة حجم الطلب علي منتجاتها، حيث يوجد في مصر قرابة 16 مليون طالب و4 ملايين موظف.