‮»‬بي بي سي‮«: ‬تداعيات إقليمية خطيرة للتدخل العسكري في ليبيا

‮»‬بي بي سي‮«: ‬تداعيات إقليمية خطيرة للتدخل العسكري في ليبيا
جريدة المال

المال - خاص

1:33 م, الثلاثاء, 15 مارس 11

المال – خاص

وجدت القوات المسلحة نفسها بعد تنحي الرئيس السابق حسني مبارك مضطرة للتعامل مع مطالب سياسية متتالية وموجة واسعة من الإضرابات العمالية بالإضافة إلي اندلاع فتن طائفية مجهولة المصدر.

ورغم انهيار معظم أعمدة النظام المصري الحاكم خلال الثورة، لكن المؤسسة العسكرية تتمتع بإعجاب وتقدير بين العامة لأسباب عدة منها رفضها إطلاق النار علي المتظاهرين وتوجيه التحية العسكرية من اللواء محسن الفنجري لشهداء الثورة علي شاشة التليفزيون الحكومي.

ولأن الجيش لم يكن مستعداً لتولي مهمة حكم أكبر دولة في العالم العربي، لم يبد المجلس الأعلي للقوات المسلحة حتي الآن أي مؤشر علي نيته التشبث بالحكم، بل حرص القادة العسكريون في مصر علي إحداث تحول سريع لتسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة، رافضاً الاستماع لمخاوف البعض من مغبة الانتقال السريع للحكم، وما سيؤل إليه الأمر من سيطرة الإخوان المسلمين وبقايا النظام السابق علي السلطة.

ودعا الجيش إلي الاستفتاء علي مجموعة من التعديلات الدستورية، يليها إجراء انتخابات برلمانية في يونيو ورئاسية بعدها بشهرين والتي يتوقع أن تشهد تنافساً بين المرشحين الأبرز حتي الآن وهما الدكتور محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وعمرو موسي، أمين عام جامعة الدول العربية سابقاً.

يقول اللواء متقاعد محمد قدري، المستشار العسكري لدي مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية، إن الجيش وجد نفسه مضطرا لإرضاء الجميع والاستماع للجميع وهو أمر لم يعتده، موضحاً أن الجيش يركز في تلك المرحلة علي الوقت وليس الجودة، فهو يري أن مد المرحلة الانتقالية إلي عام أو عامين سيحول الوضع إلي جحيم بالنسبة له.

وأضاف: يمكننا القول بأن الإسراع بإجراء انتخابات برلمانية هو هدية للإخوان المسلمين والتي أعلنت عزمها عدم الترشح للانتخابات الرئاسية ولكنها مستعدة وبقوة للانتخابات البرلمانية بفضل شبكة فروعها المنتشرة في أنحاء البلاد وخبرتها الطويلة في المنافسة الانتخابية والتي تفتقر لها القوي السياسية المنافسة.

واعترافاً منه بقوة جماعة الإخوان المسلمين، سارع الجيش خلال الأسابيع الأخيرة لاسترضاء الجماعة والتعامل معها ككيان سياسي شرعي، ورغم تعهد الإخوان بنبذ العنف، لكنهم يسعون لتأسيس دولة إسلامية.

ويقول شادي الغزالي حرب، معارض بارز ومؤيد للدكتور البرادعي، إن القوات المسلحة تتعامل مع الإخوان المسلمين وكأنهم القوي المحركة للثورة وأنهم يضفون عليهم مصداقية وشرعية أكثر مما يستحقون.

وعين المجلس الأعلي للقوات المسلحة قيادياً من جماعة الإخوان المسلمين في اللجنة المسئولة عن التعديلات الدستورية، كما أن رئيس اللجنة المستشار طارق البشري يعتقد البعض بميله للإسلاميين.

إعداد – دعاء شاهين

 

 
يستمر الجدل حول تدخل المجتمع الدولي لفرض الحظر الجوي علي ليبيا، بعد إعطاء جامعة الدول العربية الضوء الأخضر للحظر وترحيب واشنطن بالقرار من ناحيتها، ومن المؤكد أن عملية الحظر هذه ستساهم في تضييق الخناق أكثر علي العقيد معمر القذافي  الذي لم يتورع في استخدام الطائرات الحربية وسلاح المدفعية ضد الثوار الليبيين في واحدة من أبشع صور الحروب الأهلية.

 
إلا أن الكاتب الأمريكي ستيف كليمونز، مؤسس وخبير برنامج الاستراتيجية الأمريكية التابع لمؤسسة أمريكا الجديدة، يري في هذه الخطوة تهديدا سياسيا ضخما في مقابل عائد ضئيل.

 
ويحذر الكاتب، في تقرير نشر علي موقع الـ»بي بي سي«، من تأثير التدخل الأمريكي لفرض الحظر الجوي علي ليبيا علي سمعة ومصالح الولايات المتحدة ومن إمكانية سرقة نجاح الثوار الراغبين في الإطاحة بمعمر القذافي.

 
وقال »ستيف«: إذا ما نظرنا للأمر من وجهة نظر لوجيستية وعسكرية بحتة، فإن الحظر الجوي لن يحقق سوي نتائج محدودة في تقويض القوة الحربية لـ»القذافي« فضلا عنه أنه سيحتاج إلي تكاليف كبيرة وتوغل عسكري واسع.

 
وقد طلبت المعارضة الليبية تنفيذ حظر جوي دون إدخال أي أسلحة أو أجهزة رادار أو جنود داخل الحدود الليبية، وهو أمر يصعب حدوثه لأن الحفاظ علي مراقبة المجال الجوي الليبي ومنع طائرات »القذافي« من التحليق لا يمكن أن يدارا كلية عبر أسطح السفن الرابضة قرب الساحل أو من القاعدة العسكرية لحلف الناتو في جنوب إيطاليا.

 
وتتطلب عملية الحظر الجوي تفكيك قواعد الصواريخ المضادة للطائرات التي تمتلكها ليبيا، كما تتطلب توجيه ضربات عسكرية ضد طائرات »القذافي« وتحتاج لتحليق مستمر للطائرات، حاملة أنظمة الرادار المسماة بـ»أواكس« وطائرات مقاتلة، إلا أن تلك العملية لن يكون لها في الأغلب تأثير علي طائرات الهليكوبتر والدبابات ووحدات المشاة التابعة للنظام الليبي.

 
وقد تشمل العملية إنزالاً لإمدادات المياه والغذاء والأدوية إلي المعسكرات الملاصقة للحدود الليبية – المصرية، والليبية – التونسية بالإضافة إلي تزويد الثوار بالأسلحة.

 
ولعل ما يخشاه الغرب من الإسراع نحو فرض الحظر الجوي علي ليبيا هو التغيير الذي قد يحدثه هذا التدخل في الهيكل العام للشرق الأوسط، فالقصة حينها لن تكون عن الشباب المثقف المتفاعل عبر الشبكات الاجتماعية الطامح في إقصاء الفساد وتغيير العقد الاجتماعي المبرم قسرا بين الحاكم والمحكوم في تلك الدول، بل ستكون حول أسئلة من نوع: ماذا يفعل الغرب في بلادنا الآن؟ ما مستوي القوة المستخدمة ودرجة تدخل الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا في ليبيا وغيرها من المناطق الساخنة؟ هل هذا كله من أجر النفط والطاقة مرة أخري؟

 
وستتحول حينها عدسات الكاميرا عن المحتجين لتنتقل إلي مشاهد حاملات الطائرات والجنود الأجانب البيض المسيحيين وكأنها حملة صليبية أخري للغرب في الشرق الأوسط، لتصبح تلك هي الرواية السائدة في الإعلام والعقل العربي.

 
وقد حاول العقيد معمر القذافي خلال خطاباته ارتداء عباءة المدافع عن أرض ليبيا وثورتها ضد تدخل قوي الاستعمار الغربي الجديدة لإضفاء شرعية زائفة علي تمسكه بالسلطة ومهاجمة معارضيه.

 
وحرص الرئيس الأمريكي باراك أوباما علي سد هذا الباب في وجه القذافي من خلال حشد الرأي العالمي ضد الزعيم الليبي وانتزاع إدانة دولية لجرائمه امتدت إلي الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي أيضا، وهو ما ساهم في عزله إقليمياً ودولياً.

 
وقد يؤدي تطبيق الحظر الجوي إلي إعطاء »القذافي« المبرر الذي يحتاجه إليه للاتصال بكل من يحملون في قلوبهم ضغينة للغرب بفعل عقود من الإذلال والإهمال، حيث ساهم غزو العراق في ذرع بذور الكراهية تجاه الغرب والتي قد تنمو أكثر في حال دخول سفن وطائرات الولايات المتحدة وحلف الناتو لتنفيذ عمليات في ليبيا.

 
لذا فإن الآثار السياسية السلبية الممزوجة بحقيقة كون الحظر الجوي لن يأتي بتغيير كبير في معادلة الحرب الليبية المشتعلة تدفعنا إلي النظر في التداعيات الإقليمية الخطيرة لمثل هذا التدخل.

 

جريدة المال

المال - خاص

1:33 م, الثلاثاء, 15 مارس 11