‮»‬المأزق الصيني‮« ‬وراء نفي البورصة فرض ضرائب علي أرباح تداول الأسهم

‮»‬المأزق الصيني‮« ‬وراء نفي البورصة فرض ضرائب علي أرباح تداول الأسهم
جريدة المال

المال - خاص

10:26 ص, الثلاثاء, 29 يناير 08

محمد منصور:
 
تسببت المخاوف من تكرار مأذق »البورصة الصينية« الذي حدث في أعقاب شائعة فرض ضرائب علي الأرباح المتحققة بالبورصة، واتجاه الحكومة هناك لكبح المضاربة.. في إسراع إدارة البورصة المصرية بنفي اتجاه الحكومة لفرض ضرائب علي الأرباح الرأسمالية الناتجة عن التداول في سوق الأوراق المالية المصرية.
 

ففي حالة »البورصة الصينية« تراجعت الأسعار بسبب الشائعة بنسبة %8.8 وكان ذلك في السابع والعشرين من فبراير 2007.. أما في البورصة المصرية فقد أكد ماجد شوقي رئيس مجلس إدارة بورصتي القاهرة والإسكندرية في بيان أصدرته الإدارة أنه لا صحة لما تردد في هذا الشأن حيث إن القانون لا يفرض ضرائب علي الاستثمارات في سوق الأوراق المالية.
 
جاء نفي البورصة لهذه الشائعة بسرعة في الوقت الذي كانت فيه السوق متأثرة بالأسواق العالمية وأن الأسهم في حالة انخفاض , وذلك لإنقاذ الموقف المتردي.
 
 لكن موضوع فرض ضرائب علي الأرباح الرأسمالية الناتجة عن التداول في سوق الاوراق المالية ليس بدعة، فهو موجود في بعض البورصات العالمية ويطالب به البعض هنا في مصر وفي الأسواق العربية.
 
والسؤال هو :  هل تفرض الحكومة ضرائب علي الدخل من التداول بالبورصة؟
 
والاجابة أن بعض الدول لا تفرض ضرائب مثل مصر، وبعض الدول تفرض ضريبة إذا تم الشراء والبيع خلال مدة قصيرة مثل أمريكا , وقد تم فرض ضرائب علي المتعاملين في الاسهم الامريكية بالنسبة للمقيمين خارج امريكا الذين كانوا معفيين.
 
وكان من أبرز المطالبين منذ فترة بفرض ضرائب علي أرباح البورصة شريف دلاور أستاذ الإدارة والخبير الاقتصادي , الذي يحلل ما يحدث في البورصة المصرية من خلال الأحداث الأخيرة بقوله إن الهدف الأساسي هو أن تكون البورصة في خدمة الاقتصاد وليس العكس.. فالمطلوب ضخ أموال للاستثمار في البورصة من أجل الاستثمار في الأسهم الخاصة بقطاعات الأعمال سواء الإنتاجية أو الخدمية بهدف الاستثمار المتوسط وطويل الأجل وذلك لخدمة الاقتصاد القومي، وليس أن تكون حركة رواج مصطنعة في البورصة.
 
وأضاف إن عمليات المضاربة موجودة في كل بورصات العالم لامتصاص السيولة، والدليل علي ذلك قيام بعض الدول الصناعية الكبري بالسماح بالقمار وهو نوع من المضاربة لخدمة السياحة. ولكن لا يمكن بالنسبة لاقتصاديات الدول النامية أن تشكل المضاربة الجزء الأساسي في البورصة.
 
والدليل علي ذلك ما نراه عندنا وفي بورصات منطقة الخليج من أن الأسهم تحدث عليها عمليات بيع وشراء، ويحدث بها رواج في مدد قصيرة للغاية وفي أوقات متضاربة جدا بسبب المضاربة. وهذا الرواج الصناعي لا يضيف للاقتصاد القومي لأنها أموال تتراكم وتتبخر في لحظة.
 
لذا اقترحنا منذ سنوات _ الكلام لشريف دلاور- ومنذ تشكيل البورصة في بداية عمليات الإصلاح أن يتم فرض ضريبة تسمي ضريبة »توبن باكس«. هذه الضريبة يتم فرضها علي الأرباح المحققة عن التعاملات قصيرة المدي داخل البورصات، بحيث تصل هذه الضرائب إلي حدود عليا إذا كان البيع في حدود أسبوع أو أسبوعين، وتتناقص هذه الضريبة لتتلاشي تماما بعد عام.. وبهذا نضمن أن المشتري هو مشتر جاد ويهدف إلي الاستثمار ولا يهدف إلي المضاربة السريعة , لا سيما الخوف من المستثمرين الأجانب الذين انسحبوا من البورصة المصرية والعديد من البورصات الأخري وتسييل محافظهم المالية وأحدثوا الأزمة الأخيرة. فهذه الجهات الأجنبية قد تشتري بكميات كبيرة، ثم تقوم بالبيع فجأة للخروج من السوق وهذا يمكن أن يؤثر في فترة الأزمة علي قيمة الجنيه بالنسبة للعملات الأجنبية، وذلك لخروج كم هائل من العملات الأجنبية. وأكد دلاور أن وضع هذه الضريبة التي طالبنا بها مرارا وتكرارا لا يتعارض مع اقتصاديات السوق، خاصة أنها مطبقة في أعتي الدول الرأسمالية.. فمثلا في شيلي يتم فرض ضريبة %30 من الأرباح المحققة من بيع الأسهم.
 
ويقول عصام مصطفي _ محلل مالي _ إن الغرض من فرض الضرائب علي الأرباح الرأسمالية في بعض الدول والأسواق هو الحد من الاستثمار قصير الأجل ومعدلات الدوران العالية التي تتمثل في قصر فترة الاستثمار وأحيانا تصل الي أقل من ساعة وربما دقيقة في الأسهم اللحظية.
 
وأضاف أن طبيعة هذا النوع من الاستثمار والتعامل يرفع مخاطر السوق وبالتالي فان فرض الضريبة علي الأرباح الرأسمالية بالبورصة يحد من تلك المخاط.ر الا أن هذا الأمر سلاح ذو حدين حيث إنه يخفض من متطلبات السوق الا أنه قد يضعف من جاذبيته وفرصته في أن يكون ناشئاً.
 
ويري عصام أنه بالرغم من خطورة فرض ضريبة علي الأرباح الرأسمالية الا أنه يؤيد بشدة فرض الضريبة  للحد من التلاعبات التي أصبحت سمة يصعب السيطرة عليها بالاضافة الي اعادة بث روح الاستثمار طويل الأجل لدي المتعاملين وخصوصا مع سيادة الاعتقاد بتحول البورصة الي دار أشبه »بدار القمار« وليس الاستثمار عند العديد من المستثمرين الحاليين.
 
وعلي مستوي الدول العربية علق  تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي علي فرض ضريبة علي أرباح الاستثمار غير المباشر في البورصة الكويتية، معللاً ذلك بعدم حاجة الكويت »مطلقاً إلي الأموال الساخنة والتي تدخل وتخرج تماماً في الأوقات غير المناسبة«.
 
وعلق تقرير »الشال« علي إقرار مجلس الأمة الكويتي التعديل علي قانون ضريبة الدخل علي أرباح الشركات رقم (3) لسنة 1955 والذي كان يضع سقفاً نسبته 55 في المائة ضريبة علي تلك الأرباح، بالقول «كان الأساس في القانون قد قدم من شركتي النفط Gulf وBP قبل أكثر من خمسين سنة، وهما شركتان أميركية وبريطانية منحتا حق امتياز النفط في الكويت، وغرضهما كان منع الازدواج الضريبي المفروض عليهما في بلديهما. وفي عام 1974 تم إلغاء اتفاق الامتياز، ومعه انتفي الغرض الأساسي من وجود القانون، ولكن الأمر احتاج إلي أكثر من30  سنة لتعديله، وهو دليل علي تخلف التفاعل مع الحدث لدي القطاع العام وسلطات اتخاذ القرار».
 
وأشار التقرير إلي ان السقف خفض من %55 إلي %15، وهو مستوي في حدود ما هو مطبق في الدول المماثلة، ويعتقد أنه في حدود المقبول، وكان قانون الاستثمار الأجنبي غير المباشر رقم (20) والمباشر رقم (8) قد أقرا في عامي 2000 و2001 علي التوالي، ولكن لم يكن من الممكن الإفادة منهما دون تعديل قانون الضريبة. وينص التعديل علي إعفاء أرباح التداول في سوق الكويت للأوراق المالية من الضريبة، ورغم أن هذا الإعفاء سار في معظم دول العالم، فإن خصوصية الاقتصاد الكويتي، وعدم حاجته مطلقاً إلي الأموال الساخن ة والتي تدخل وتخرج تماماً في الأوقات غير المناسبة، ترجح ضرورة الاستثناء أو فرض ضريبة علي أرباح الاستثمار غير المباشر في البورصة«.
 
وطبقا لنصوص قانون الضرائب علي الدخل في مصر فقد ابقي مشروع القانون علي بعض الاعفاءات الضريبة القائمة حاليا ومنها , ناتج تعامل الاشخاص الطبيعيين عن استثماراتهم في الاوراق المالية المقيدة في سوق الاوراق المالية المصرية، مع عدم جواز خصم الخسائر الناجمة عنها او ترحيلها لسنوات تالية , بالاضافة الي  ما يحصل عليه الاشخاص الطبيعيون من عوائد السندات وصكوك التمويل علي اختلاف انواعها المقيدة في سوق الاوراق المالية المصرية التي تصدرها الدولة او شركات الاموال.. وكذلك التوزيعات علي اسهم راس مال شركات المساهمة والتوصية بالاسهم.. والتوزيعات علي حصص راس المال في الشركات ذات المسئولية المحدودة وشركات الاشخاص وحصص الشركاء غير المساهمين في شركات التوصية بالاسهم .. والعوائد التي يحصل عليها الأشخاص الطبيعيون عن الودائع وحسابات التوفير بالبنوك المسجلة في جمهورية مصر العربية وشهادات الاستثمار والادخار والإيداع التي تصدرها تلك البنوك، وكذلك الودائع وحسابات التوفير في صناديق البريد.. وعوائد الأوراق المالية وشهادات الإيداع التي يصدرها البنك المركزي..  وأرباح صناديق التامين الخاصة الخاضعة لأحكام القانون 54 لسنة 1975.
 
 لكن السؤال الذي يطرح نفسه , ماذا عن الأرباح الرأسمالية عند الاندماج؟ هل تخضع للضريبة؟. والاجابة أن القانون نص علي أن الأرباح الرأسمالية الناجمة عن تغيير الشكل القانوني للشركة بما في ذلك الاندماج مع شركة أخري من خلال تبادل الأسهم، لا تدخل ضمن حساب الأرباح والخسائر، وبالتالي لا تخضع للضريبة، بشرط إثبات الأصول والالتزامات بقيمتها الدفترية وقت تغيير الشكل القانوني للشركة.
 
أما عن ودائع الأفراد في البنوك فقد أعفي القانون عوائد الأفراد من الودائع وحسابات التوفير لدي البنوك المسجلة في جمهورية مصر العربية، وكذلك الودائع وحسابات التوفير في صناديق البريد.
جريدة المال

المال - خاص

10:26 ص, الثلاثاء, 29 يناير 08