أثار إعلان شركة ميريس للتصنيف الائتماني عن وضعها التصنيف الائتماني المحلي للجدارة الائتمانية لشركة »أنكوليس« قيد إعادة النظر بعد استقالة محمد نجيب، الرئيس التنفيذي للشركة – العديد من التساؤلات حول مدي تأثر تقييم الشركات أو جدارتها الائتمانية بتغيير الهياكل الإدارية بشكل عام، فضلاً عن معرفة أي من »الاستراتيجية« أو »القائد« الأهم في إصدار توصيات أقسام البحوث ورؤيتها المستقبلية لمختلف الشركات، بالإضافة إلي ماهية التأثر الذي يطرأ علي جدارة الشركات سلباً أو إيجاباً في حالات تغيير الهياكل الإدارية، وهل حالات الاستقالة تتفوق نسبياً في مقدار تأثيرها علي الأداء المتوقع للشركات مقارنة بحالات الوفاة؟
l
|
عمرو الألفى |
اتفق عدد من خبراء سوق المال وأكبر أقسام البحوث العاملة بالسوق المحلية علي أن هناك بعض العوامل التي تؤخذ بعين الاعتبار في تقييم الشركات أو الأوراق المالية ومن الصعب تحديد أو قصر تلك العوامل في صورة رقم أو وزن نسبي داخل التقييم، مثل الشهرة أو الماركة، أو الإدارة، إلا أنهم رهنوا تغير التقييم في حالة تغيير الإدارة التنفيذية بمدي انعكاس ذلك علي التدفقات النقدية المستقبلية للشركة واستراتيجيتها بجانب قدرتها علي الوفاء بالالتزامات، كما أوضحوا أن حالة وفاة القيادات الإدارية تفتح المجال أمام احتمالات تغير استراتيجية الشركات مقارنة بحالات الاستقالة.
الجدير بالذكر أن شركة »ميريس« للتصنيف الائتماني كانت قد اعتقدت أن استقالة الرئيس التنفيذي لشركة »أنكوليس قد تعرضها لمخاطر عدم وجود كوادر تعقبه، مما يولد عدم التأكد من اتجاه أدائها وخططها المستقبلية، لافتة إلي أنه من العوامل الأساسية التي تقف وراء منح الشركة التصنيف الحالي، وجود فريق إداري ذي خبرة عالية، علاوة علي سياسة الشركة المتحفظة تجاه المخاطر والدور المؤثر للعضو المنتدب في وضع السياسات الاستراتيجية ومجريات العمل اليومية والتفاوض علي الفرص الاستثمارية المستهدفة.
قال محمد ماهر، نائب رئيس مجلس إدارة شركة برايم القابضة، إن أقسام البحوث ببنوك الاستثمار أو شركات التقييم الائتماني، عادة ما تعيد نظرها في أي تقييم أصدرته بمجرد حدوث أي تغير جوهري بالشركة محل التقييم، لمعرفة أثر ذلك الحدث علي التقييم سواء بالسلب أو بالإيجاب.
وأضاف »ماهر« أن تغير إدارة الشركات يعتبر حدثاً جوهرياً في حد ذاته، حيث قد يعرض هذا التغير الشركة لمخاطر تحول الاستراتيجية طويلة الأجل بما يؤثر سلباً علي أداء الشركة وجدارتها الائتمانية، لذا يلزم علي الشركات في تلك الحالة استقطاب كفاءات إدارية جديدة علي نفس جودة وخبرات الكوادر القديمة أو أعلي منها.
ولفت نائب رئيس مجلس إدارة شركة »برايم« القابضة إلي أن الإدارات العليا للشركات التي تؤثر علي الاستراتيجية الخاصة بها، أمر يجب أن يؤخذ في الاعتبار عند تقييم الشركة، حيث يتم إدخال تلك الاعتبارات في المعادلات الخاصة بالتقييم.
واستبعد »ماهر« أن يتأثر تقييم شركة »أنكوليس« سلباً بسبب استقالة الرئيس التنفيذي، مستنداً إلي أن الشركة قوية بما فيه الكفاية لتكوين إدارة قوية تكمل مسيرة الشركة علي المدي الطويل.
من جانبه، أوضح عمرو الألفي، رئيس مجموعة البحوث بمجموعة سي آي كابيتال، أن هناك عدداً من العوامل التي تؤخذ في الاعتبار عند تقييم الشركات أو الأوراق المالية وفي الوقت نفسه يصعب تحديدها بمبلغ معين أو نسبة معينة من القيمة العادلة أو التصنيف الائتماني،، مثل الماركات أو الشهرة أو الإدارة.
وأوضح »الألفي« أن تقييم الشركات يتأثر إيجاباً أو سلباً في حالة ثبوت وجود تأثير مباشر لتلك العوامل علي التدفقات النقدية المستقبلية للشركة خلال فترة التقييم، مشيراً إلي أنه في حال انعكاس هذا التغير علي تخفيض التدفقات النقدية المستقبلية للشركة، سيؤدي ذلك إلي رفع معدل خصم التدفقات النقدية في نموذج تحديد القيمة العادلة، في حين أنه في حال تأثير هذه التغيرات علي رفع التدفقات النقدية المستقبلية سيتم خفض معدل خصم التدفقات النقدية المستخدم في التحليل، إلا أنه من الصعب تحديد نسبة الصعود أو الهبوط في معدل خصم التدفقات النقدية، حيث يتوقف الأمر علي الوزن النسبي لتلك العوامل في التقييم بشكل عام وهو الأمر الذي يختلف من محلل إلي آخر.
ولفت رئيس مجموعة البحوث بمجموعة سي آي كابيتال، إلي أنه لا يشترط في حالات الاستقالة تغير القيمة العادلة للشركة أو التقييم الائتماني للأوراق المالية، طالما تمكنت الشركة من توفير إدارة جيدة وتتمتع بكفاءة وخبرة مناسبة تحل محل القيادة السابقة، مستنداً إلي حالة شركة طلعت مصطفي، حيث لم تغير بنوك الاستثمار القيمة العادلة لسهم الشركة بعد حبس رئيس مجلس إدارتها بتهمة قتل الفنانة سوزان تميم، نتيجة عدم تغير استراتيجية الشركة وعدم اعتمادها علي نظام القيادة من خلال رجل واحد »one man show «.
من جهته، رأي مايك ميلر، رئيس قسم البحوث بشركة النعيم، أن تقييم الشركات لن يتأثر سلباً بسبب استقالة أحد القيادات من الشركة نفسها فقط، بل هناك عدد من العوامل المهمة التي تؤخذ في الاعتبار عند مراجعة تقييم الشركات في تلك الحالات، موضحاً أن الأمر يتوقف علي كفاءة فريق الإدارة بشكل عام في إدارة مجريات الأمور بعد استقالة الرئيس التنفيذي أو أي من القيادات العليا بالشركات بشكل عام، حيث إنه إذا ثبت ضعف تلك الإدارة في اتخاذ القرارات الاستراتيجية المهمة بالشركة بما يؤثر سلباً علي الوضع المالي لها، أو تسببها في ظهور حالة من الفساد الإداري بالشركة، يتطلب من أقسام البحوث وجهات التقييم إعادة النظر في توقعاتهما للشركة في ضوء المعطيات الجديدة.
ورجح رئيس قسم البحوث بشركة النعيم، أهمية »الاستراتيجية« عن »القيادات« فيما يخص التقييم، لافتاً إلي أن الشركات التي لن تتأثر بتلك الحالات هي الشركات التي تبني هيكلاً إدارياً يستطيع تحمل تعاقب المدراء أو الرؤساء، بما يجنبها أي هزات سلبية في استراتيجيتها طويلة الأجل إثر هذا التعاقب.
واستند »ميلر« إلي حالة سهم شركة طلعت مصطفي والذي لم تخفض بنوك الاستثمار قيمته العادلة بعد حبس رئيس مجلس إدارتها، مشيراً إلي أن الشركة تمكنت من إنشاء هيكل إداري كفء يتسم بالعمق، وهو ما أدي إلي عدم تأثر استراتيجيتها طويلة الأجل بتعاقب الرؤساء، كما أن من ضمن العوامل التي ساهمت في ثبات التقييم نسبياً أن القطاع العقاري بشكل عام من المتوقع أن يحقق عوائد جيدة في الفترة الحالية، علاوة علي تسجيل الشركة إيرادات هذا العام من الوحدات التي تم بيعها خلال السنوات السابقة.
من جانب آخر، أوضح حسين عبدالحليم، الخبير المالي، أن تغيير تقييم الشركات في حالة استقالة القيادات التنفيذية، يتوقف علي مدي المخاطرة التي قد تواجهها الشركة جراء ذلك التغيير، مشيراً إلي أنه ليس من المتوقع أن تتغير القيمة العادلة أو تقييم أي شركة في حالة الاستقالة، إذا ما لم يحدث أي تغير واضح في استراتيجيتها المستقبلية، إلا أنه لو أدي تغيير الإدارات إلي حدوث فراغ إداري بالشركة سيؤدي ذلك إلي رفع مستويات المخاطر وبالتالي هبوط التقييم.
وفيما يخص وضع شركة »أنكوليس«، استبعد »عبدالحليم« أن تتأثر تقييمات السندات التي تصدرها الشركة سلباً، مشيراً إلي أن تلك السندات ليست لها علاقة بصفة الرئيس التنفيذي، وإنما تعتمد علي قدرة الشركات المصدرة علي الوفاء بالالتزامات المالية المستقبلية، إلا أنه لم يستبعد تأثر تقييم شركة »أنكوليس« نفسها خاصة في حالة ورود احتمال لخفض التوقعات المستقبلية للتدفقات النقدية الخاصة بها، خاصة إذا ما كانت الشركة تعتمد علي شخص الرئيس التنفيذي المستقيل في توريق السندات.
ولفت »عبدالحليم« إلي أن حالات الموت تعتبر أشد ضرراً بالتقييم من حالات الاستقالة، لافتاً إلي أنه في الحالة الأخيرة يقوم الشخص المستقيل بتسليم استراتيجية الشركة المستقبلية للشخص الذي سيخلفه وهو عادة لا يؤثر بشكل جوهري في استراتيجية الشركة، إلا أنه في حالات الموت تتعرض الشركة لحالة من الذعر panic وهو ما قد يعرض الشركة لمخاطر علي المدي القصير.