أثار الإعلان عن إحدي الشركات التي ستتخصص في إصدار الأبحاث والتقارير المالية لخدمة شركات السمسرة المتوسطة والصغيرة بسوق المال المحلية، بعد مناداة مريرة من قبل المتعاملين بالبورصة علي مدار السنوات الأخيرة بضرورة توافر تلك النوعية من الشركات، التي ستعمل بشكل مباشر علي تغيير الثقافة المالية لعملاء شركات السمسرة الصغيرة التي لا تمتلك الامكانيات الوفيرة لمواجهة التكاليف الباهظة لإنشاء قسم للبحوث تابع لها.. أثار العديد من التساؤلات حول مدي فرص نجاح تلك الشركات في السوق المحلية، وماهية الصعوبات التي ستواجهها.
|
هانى حلمى |
ورغم تأييد رؤساء شركات السمسرة الصغيرة والمتوسطة لأهمية توافر تلك النوعية من الشركات، فإنهم حددوا عدداً من التحديات التي ستواجهها، علي رأسها وضع تلك الشركات في منافسة مباشرة مع أقسام البحوث التابعة لشركات السمسرة الكبري، في ظل فتح معظم المتعاملين بشركات السمسرة الصغيرة حسابات بشركات السمسرة الكبري، للحصول علي التقارير المالية الصادرة عن أقسام البحوث بهذه الشريحة من الشركات.
ونصح الخبراء شركات الأبحاث بعدم الاكتفاء بتغطية الشركات المدرجة بمؤشر EGX 30 والتي وصفوها بكونها »قُتلت بحثاً«، مطالبين بضرورة تركيز شركات الأبحاث علي عنصر التفرغ الذي يعتبر الميزة التنافسية التي تمتلكها تلك الشركات، من خلال تقديم التغطية البحثية لشركات EGX 70 .
كما طالب الخبراء بابتكار فكر تسويقي جديد بشركات الأبحاث لاختراق عملاء شركات السمسرة المتوسطة والصغيرة التي يسيطر عليها الفكر المضاربي.
وأكد المتعاملون ضرورة تواكب عدد الشركات المقيدة بالبورصة التي ستقوم شركات الأبحاث بتغطيتها مع السعر الذي ستقدم به تلك الخدمة، لافتين إلي أنه إذا ما لم تقبل شركات الأبحاث علي توفير أكبر تغطية بحثية عما تقدمه شركات السمسرة الكبري، ستواصل شركات السمسرة الصغيرة والمتوسطة العمل بطريقتها المعتادة، والتي تتضمن تعيين محلل مالي متوسط الكفاءة، سيقوم بتحليل الميزانيات التي سيحصل عليها من إحدي جهات نشر المعلومات.
في البداية، أيد هاني حلمي، رئيس مجلس إدارة شركة »الشروق« للسمسرة فكرة إنشاء شركات تقدم خدمات استشارية وبحوث لشركات السمسرة المتوسطة والصغيرة، بما قد ينمي الثقافة المالية للمتعاملين بالسمسرة والعملاء.. لكنه رأي في الوقت نفسه عدداً من العواقب التي قد تقف في مسار عمل تلك النوعية من الشركات.
وأوضح حلمي أن العاملين بشركات السمسرة الصغيرة لديهم حسابات بالفعل في شركات السمسرة الكبري، من أجل الدخول إلي التقارير المالية الدورية التي تصدر عن أقسام البحوث الصادرة عن أقسام البحوث الكبري والمعروفة بالسوق المحلية.
كما أن هناك محللين ماليين ذوي كفاءة متوسطة لدي شركات السمسرة الصغيرة يقومون بإضافات بسيطة للتقارير الصادرة عن أقسام البحوث الكبري لتقديم معلومات مالية متفقة نسبياً مع احتياجات العميل بشركات السمسرة الصغيرة، وهو ما يعتبر العائق الأكبر أمام عمل شركات خدمات البحوث في الفترة الحالية فالأبحاث التي ستقدمها سيتم وضعها في مقارنة مباشرة عن تلك الصادرة عن أقسام البحوث التابعة لشركات السمسرة الكبري بسوق المال المحلية.
من جانب آخر، حدد رئيس مجلس إدارة شركة الشروق للسمسرة التحدي الثاني أمام شركات خدمات البحوث في تغطية الشركات الكبري المقيدة بسوق المال والمدرجة بمؤشر EGX 30 من قبل كل أقسام البحوث بشركات السمسرة الكبري بالفعل، مؤكداً أن الشركات القيادية بالبورصة »قُتلت بحثاً«، لذا رأي أن شركات خدمات الإدارة قد تمتلك ميزة تنافسية نسبية في حال تمكنها من تغطية الشركات الأوسع نطاقاً، والتي تهم الشريحة الأكبر من عملاء شركات السمسرة الصغيرة والمتوسطة.
من جانبه، قال عصام مصطفي، العضو المنتدب لشركة بريميير للسمسرة، إن إنشاء شركات متخصصة في مجال الأبحاث لخدمة شركات السمسرة المتوسطة والصغيرة هو فكرة جيدة من حيث المبدأ.
كما أنها خدمة مرغوب فيها خاصة في ظل إطار التخصص والتفرغ الذي ستقدمه تلك الشركات.. لكنه ربط مدي نجاح تلك النوعية من الشركات في السوق المحلية بمدي تفهم القائمين علي إدارة أعمالها لاحتياجات الشركات المتوسطة والصغيرة من خدمات أقسام البحوث، خاصة في ظل سيطرة الفكر »التسويقي« لخدمات البحوث لدي العديد من شركات السمسرة المتوسطة.
لذا أكد »مصطفي« حاجة شركات خدمات البحوث إلي توافر ذكاء كاف في طرح الخدمات بما يتلاءم مع طبيعة عميل شركات السمسرة الصغيرة والمتوسطة، لافتاً إلي أن التحدي الأكبر أمام شركات خدمات الأبحاث يتلخص في عميل شركات السمسرة الصغيرة والذي تسيطر عليه النزعة المضاربية في طريقة الاستثمار، فضلاً عن أن القائمين علي أعمال الشركات الصغيرة يعتبرون الأبحاث المالية بمثابة خدمات من النوع الترفيهي.
بالتالي لم يتوقع العضو المنتدب لشركة بريميير للسمسرة، أن تتمكن شركات خدمات الإدارة من التعاقد مع شركات السمسرة صغيرة الحجم علي المدي المنظور، في ظل تركز الطلب علي تلك النوعية من الخدمات عند الشركات المتوسطة الراغبة في النمو واستقطاب عملاء أكبر.
ويري مصطفي أن علي شركات خدمات الإدارة ابتكار طريقة تسويق لاستقطاب عملاء كبار نسبياً من شركات السمسرة صغيرة الحجم، وهو ما قد يفتح لها المجال لاقتحام الشركات الصغيرة، من خلال تقديم استشارات مالية تتناسب مع السياسة الاستثمارية للعميل، علي سبيل المثال ابتكار طريقة لسرد الأخبار الجوهرية المحتملة في الفترة المقبلة علي الشركات- بطريقة لا تضرها من الناحية القانونية-.
واعتبر العضو المنتدب لشركة بريميير للسمسرة السلاحين الوحيدين لشركات خدمات البحوث هما التفرغ والتميز، مستشهداً بتمكن الصين من اقتحام الأسواق المختلفة من خلال دراسة ظروف تلك الأسواق وامكانياتها وثقافتها بشكل يسمح لها باقتحام تلك الأسواق بسهولة.
ويري أنه رغم وضع شركات خدمات الأبحاث في مقارنة مباشرة مع أقسام البحوث بكبري شركات السمسرة بالسوق، فإن شركات خدمات الأبحاث ستستخدم سلاح التفرغ لمحاربة التميز الذي تتمتع به أقسام الأبحاث بشركات السمسرة الكبري، واستغلال انخفاض درجة مرونة تقاريرها.
من جهته، أيد محمد حسين، رئيس مجلس إدارة شركة بيت الاستثمار العالمي جلوبال للسمسرة، فكرة إنشاء شركات لتقديم الأبحاث المالية لشركات السمسرة المتوسطة والصغيرة، الأمر الذي سيعمل بشكل كبير علي توفير التكاليف التي ستتكبدها شركات السمسرة المتوسطة والصغيرة الحجم لإنشاء أقسام للبحوث، سواء المالية أو الفنية، في ظل ارتفاع أجور المحللين الماليين أو الفنيين بشكل عام.
ورغم اعتقاد حسين أن شركات الأبحاث ستواجه منافسة شرسة مع أقسام الأبحاث التابعة لكبري شركات السمسرة العاملة بالسوق، لكنه إذا تمكنت شركات الأبحاث من تقديم خدماتها بكفاءة وفي الوقت نفسه اللعب علي عنصر »مرونة« التقارير التي تصدرها وفقاً لرغبة الشركات، وعدم الاقتصار علي الشركات التي قُتلت بحثاً من قبل أقسام البحوث الأخري سيعتبر عنصراً تنافسياً لها في المستقبل القريب.
وأضاف رئيس مجلس إدارة شركة بيت الاستثمار العالمي جلوبال للسمسرة، ان تخصص شركات الأبحاث في شركات مؤشر EGX 30 قد يفقدها ميزتها التنافسية خاصة في تمكن أي متعامل بالسوق من الاطلاع علي كل التقارير الصادرة عن أي شركة من شركات المؤشر من شبكة المعلومات الدولية، وهو ما دفعه إلي المناداة بتغطية الشركات المقيدة المتوسطة وعدم الاقتصادر علي الشركات القيادية بالسوق فقط.
في سياق متصل، أيد سليمان نظمي، رئيس مجلس إدارة شركة الأهرام للسمسرة فكرة إنشاء شركات الأبحاث للوفاء بمتطلبات شركات السمسرة المتوسطة والصغيرة، في ظل معاناة معظم شركات السمسرة بالسوق من التكاليف الباهظة لإنشاء إدارات أقسام بحوث سواء مالية أو فنية.
ورهن »نظمي« نجاح شركات الأبحاث بسوق المال في الفترة المقبلة بمدي توافق السعر الذي ستقدم به خدمات التحليل مع عدد الشركات التي ستقوم بتغطيتها، منادياً بضرورة اتجاه تلك الشركات إلي استهداف اختراق الأسهم المتوسطة والصغيرة، وتوفير تغطية بحثية لتلك النوعية من الشركات لتتمكن من التوافق مع احتياجات عملاء شركات السمسرة المتوسطة والصغيرة، فضلاً عن إثبات شركة الأبحاث مصداقيتها وحياديتها في تحديد القيم العادلة والتوصيات الخاصة بالأسهم الصغيرة والمتوسطة.
وأوضح رئيس مجلس إدارة شركة الأهرام للسمسرة، أنه إذا ما تمكنت شركة الأبحاث من تغطية عدد من الشركات بما يتناسب مع الرسوم التي ستتقاضاها، ستلجأ شركات السمسرة، إلي تعيين محلل مالي والاشتراك مع إحدي جهات نشر المعلومات للحصول علي ميزانيات الشركات وتحليلها بما يتناسب مع احتياجاتها دون تكبد تكاليف باهظة.