واصل البنك الوطني المصري جني أرباح سياسته الائتمانية التوسعية التي مكنته من الصعود بأرباحه من الاقراض في الأشهر التسعة الاولي من عام 2009، وصاحب ذلك تخطي تغطية المخصصات للقروض المتعثرة نسبة %100، وهو ما مكن البنك من القيام بتخفيض كبير في بناء المخصصات الموجهة لها. وأدي لوصول شرائح متزايدة من الايرادات لخانة الأرباح لترتفع في الأشهر التسعة الاولي من عام 2009 بنسبة %11 مسجلة 328 مليون جنيه مقابل 296 مليون جنيه في فترة المقارنة. وجاء الصعود بالأرباح علي الرغم من تراجع المصدرين الرئيسيين للدخل من خارج الفوائد المتمثلين في العمولات والخدمات المصرفية والعائد من التوزيعات النقدية للاسهم ووثائق الاستثمار.
وجاء تراجع الايرادات من خارج الائتمان ليحد من وتيرة صعود أرباح البنك حيث كان صافي الربح قد ارتفع في عام 2008 بنسبة %54 بدفع من تصاعد صافي الربح من الائتمان والانشطة المصرفية الاخري، وصاحب ذلك حد البنك من بناء المخصصات بعد تخطي تغطيتها للقروض المتعثرة .%100وقيامه بتوزيع كوبون بقيمة 2.3 جنيه عن أرباح العام، تمثل عائدا بنسبة %5. سعر السهم خلال تعاملات الاسبوع الحالي بلغ 45 جنيهاً.
وكانت الطفرة في الأرباح في عام 2008 انعكاسا لتبني البنك استراتيجية هجومية في السنوات الثلاث الأخيرة للخروج من تحت مظلة البنوك المتوسطة، لينضم الي البنوك الكبري بعد قيامه بسلسلة من زيادات رأس المال المدفوع، ليصل الي مليار جنيه. وقام في ديسمبر الماضي بزيادة رأس المال المدفوع من جديد بنسبة %5 ليصل الي 1.05 مليار جنيه.
واستغل الوطني المصري نمو قاعدته الرأسمالية ليقوم باتباع استراتيجية تسعي إلي استهداف القطاع الاستهلاكي وتقديم القروض والخدمات المصرفية مرتفعة الربحية. وانعكس ذلك ايجابا علي أرباح الوطني المصري من الائتمان والخدمات المصرفية في السنوات الاربع الأخيرة، حيث تصاعدت الايرادات من الفوائد بمعدلات كبيرة، وحد من وصولها الي خانة الأرباح قيام البنك ببناء مخصصات ضخمة لرغبته في الصعود بمعدل تغطيتها للقروض المتعثرة الي مستوي %100. وحدث ذلك بالفعل بحلول عام 2008، وهوما مكن البنك من الحد من معدل بناء المخصصات الموجهة للقروض المتعثرة.
وواصل الوطني المصري الحد من بناء المخصصات في الأشهر التسعة الاولي من العام الحالي، حيث اقتصر ما تم تجنيبه لها علي 1.1 مليون جنيه مقابل 101 مليون جنيه في الأشهر التسعة الاولي من عام 2008 .
وساعد البنك علي القيام بالحد من بناء المخصصات تمكنه من التوصل لسلسلة تسويات مع عدد من الاطراف المتعثرة مكنتهم من العودة لتسديد اقساط القروض والفوائد المستحقة عليهم، بعد ان كانوا قد تعثروا في السداد لاسباب متعددة، وانعكس ذلك بالايجاب علي جودة محفظة القروض والعائد من الائتمان.
وبالنسبة لنشاط البنك الرئيسي المتمثل في الائتمان فقد استمر في النمو في الشهور التسعة الاولي من عام 2009 بدفع من ارتفاع رصيد البنك من القروض بنسبة %4 مسجلا 6.36 مليار جنيه مقابل 6.1 مليار جنيه في فترة المقارنة. من جهة اخري اتجهت الودائع للارتفاع بمعدل اعلي بلغ %6 مسجلة 11.6 مليار جنيه مقابل 10.9 مليار جنيه في ديسمبر 2008. لتضغط علي معدل تشغيل القروض للودائع ليبلغ في نهاية سبتمبر الماضي %54 مقابل %56 في ديسمبر 2008. وهو ما قلل من صعود العائد من القروض لتبلغ نسبته %3 مسجلا 452 مليون جنيه مقابل 438 مليون جنيه.
وبالنسبة للمصدر الثاني للدخل من الفوائد المتمثل في العائد من اذون الخزانة فقد ارتفع في الأشهر التسعة الاولي مسجلا 223 مليون جنيه مقابل 22 مليون جنيه في فترة المقارنة. انعكاسا لارتفاع رصيد البنك من اذون الخزانة مسجلا 3.79 مليار جنيه مقابل 1.43 مليار جنيه في ديسمبر 2008.
من جهة اخري تراجع العائد من الودائع لدي البنوك مسجلا 59 مليون جنيه مقابل 307 ملايين جنيه في فترة المقارنة. وهو ما جاء انعكاسا لتراجع الارصدة لدي البنوك لتبلغ في سبتمبر الماضي 498 مليون جنيه مقابل3.33 مليار جنيه في ديسمبر 2008.
ليكون بذلك اجمالي العائد من القروض والارصدة المشابهة قد تراجع في الأشهر التسعة الاولي بنسبة %4 مسجلا 889 مليون جنيه مقابل 855 مليون جنيه في فترة المقارنة. كما تراجعت تكلفة الودائع والتكاليف المشابهة لتبلغ 489 مليون جنيه مقابل 560 مليون جنيه في فترة المقارنة. وهو ما كان وراء ارتفاع صافي العائد من الفوائد بنسبة %11 ليصل إلي 365 مليون جنيه مقابل 329 مليون جنيه في فترة المقارنة.
ومن المرجح ان يقوم البنك بمراجعة سياسته في هذا النطاق بعد التراجع الحاد في العائد علي الاذون بعد قيام البنك المركزي بخفض الفائدة منذ فبراير في 6 قرارات متتالية قبل ان يقوم بتثبيتها في الربع الأخير. ومن شأن قيام البنك بالحد من رصيده من الأذون اعطاء دفعة لمعدل تشغيل القروض للودائع بالتزامن مع تراجع تكلفة الاقراض، وزيادة اقبال القطاع الخاص علي الحصول علي تمويل الانفاق الاستثماري، وهو ما بدأ في الظهور مؤخرا خاصة في القطاعات الحيوية وفي مقدمتها الاتصالات والبترول ومواد البناء والعقارات. وسيزيد ذلك بدوره من قدرة البنوك علي الصعود بقروضها دون الضغط علي هامش ربح الفوائد، لأن تراجع تكلفتها سيزيد من اقبال القطاع الخاص عليها خاصة الشركات الكبري.
وستعتمد قدرة البنك الوطني المصري في الحفاظ علي الاتجاه الصعودي لأرباحه علي قدرته علي توظيف مستويات السيولة المرتفعة التي يتمتع بها، والتي ساهمت فيها الزيادات المتتالية في رأس المال التي قام بها، وكان آخرها في منتصف ديسمبر الماضي بمقدار 50 مليون جنيه، وسبقها قيامه في يوليو 2008 بزيادة رأس المال بمقدار 250 مليون جنيه، ليصل رأس المال المدفوع الي مليار جنيه، عن طريق توزيع سهم مجاني امام كل ثلاثة اسهم قائمة، بالقيمة الاسمية البالغة 10 جنيهات. ويهدف بنك الكويت الوطني، الذي يمتلك نسبة تقترب من %100 من البنك الوطني المصري، من زيادة رأس المال إلي تعزيز تواجده في السوق المصرية، وزيادة قاعدته الرأسمالية لمواجهة المنافسة المتصاعدة في القطاع بعد توجه البنوك التجارية الخاصة لزيادة رؤوس اموالها تباعا مؤخرا.
وسيستفيد البنك في سعيه لتوظيف مستويات السيولة المتوافرة لديه من تجاربه السابقة في اقراض المشروعات الصغيرة والمتوسطة، التي اعطت البنوك اهمية قصوي للتوسع فيها. وكان الوطني المصري قد عاني من صعوبات كبيرة في مطلع العقد الحالي نتيجة الانفلات الائتماني من جانب إداراته آنذاك مع توجيه الجانب الاكبر من القروض للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي تعد الاكثر حساسية للركود والاضعف قدرة علي مواجهته، وجاء الارتفاع المتواصل الأخير في معدلات التضخم قبل ان يستقر مؤخرا ، ليزيد المخاوف من انجراف الاقتصاد لمرحلة من الركود خاصة بعد اندلاع الازمة المالية العالمية التي ادت للتباطؤ الاقتصادي المرشح للاتساع.
ومن ضمن أسباب الصعوبات الائتمانية التي واجهت البنك في مطلع العقد الحالي عدم توجيهه شرائح كافية من القروض للشركات متعددة الجنسيات، التي تتمتع بدعم قوي من الشركات الام، بالاضافة الي عدم استطاعته منافسة البنوك الكبري في منح الائتمان للشركات المحلية العاملة في القطاعات الحيوية، التي تشمل البترول، الاسمدة، الكهرباء، الغاز الطبيعي، الاتصالات. وللتعامل مع هذا القصور نجحت استراتيجية البنك الأخيرة الهادفة الي الدخول في القروض الدولارية الضخمة التي اشترك عدد من البنوك النخبة في منحها للقطاعات الحيوية خلال السنوات الثلاث الأخيرة. وحقق البنك عدة مكاسب من تلك الاستراتيجية، فمن جهة استفاد من الخبرات المتراكمة لتلك البنوك الكبري في ترتيب القروض والحصول علي الضمانات الخاصة بالسداد مع متابعته عبر مراحله المختلفة، ومن جهة اخري تجنب منافسة قوية مع البنوك الاكبر حجما.
وبالنسبة للمصدر الرئيسي للدخل من خارج الفوائد فقد تراجعت ايرادات الوطني من العمولات واتعاب الخدمات المصرفية في الأشهر التسعة الاولي بنسبة %19 مسجلة 115 مليون جنيه مقابل 142 مليون جنيه في فترة المقارنة. وبالنسبة للايرادات الاخري من خارج الفوائد فقد تراجع العائد من توزيعات الاسهم ووثائق الاستثمار مسجلا 2 مليون جنيه مقابل 19.5 مليون جنيه في فترة المقارنة.
وبالنسبة للإيرادات الاخري من خارج الفوائد فقد ارتفعت أرباح البنك من بيع شرائح من مكونات محفظته من الاوراق المالية المتاحة للبيع مسجلة 22 مليون جنيه مقابل 18 مليون جنيه في فترة المقارنة.
كما ارتفعت ايرادات المتاجرة لتبلغ 24 مليون جنيه مقابل 10.9 مليون جنيه في فترة المقارنة، وجاء الجانب الاعظم من تلك الايرادات من التعامل في العملات الاجنبية حيث بلغ 23 مليون جنيه مقابل 18 مليون جنيه في فترة المقارنة. من جهة اخري تحول البنك لتحقيق أرباح من اعادة تقييم استثماراته المالية المقتناة بغرض المتاجرة المتمثلة في اسهم بلغت قيمتها 500 ألف جنيه بعد ان تكبد خسائر من هذا البند بلغت 7 ملايين جنيه في فترة المقارنة. جاء ذلك بعد صعود مؤشر البورصة الرئيسي في الأشهر التسعة الاولي من العام الحالي بنسبة %48، في الوقت الذي شهد فيه تراجعا كبيرا في فترة المقارنة علي اثر القرارات الاقتصادية الشهيرة في الخامس من مايو 2008 .
وباضافة العائد من الفوائد للايرادات من الانشطة المصرفية الاخري يكون صافي ايرادات النشاط قد ارتفع في الأشهر التسعة الاولي بنسبة %2 مسجلا 529 مليون جنيه مقابل 519 مليون جنيه في فترة المقارنة.
وحافظ البنك علي اتباع سياسته الهادفة لالمام كوادره باحدث التقنيات المصرفية لتصبح مهيأة لمنافسة البنوك النخبة في مجال التجزئة المصرفية. وبلغت المصروفات الادارية والعمومية 132 مليون جنيه بنسبة %25 من صافي ايرادات النشاط مقابل 119 مليون جنيه بنسبة %23 من صافي ايرادات النشاط في الأشهر التسعة المنتهية في سبتمبر 2008 .
ومن المنتظر ان تتجه المصروفات الادارية والعمومية للتسارع خلال الفترة المقبلة نتيجة السياسة التوسعية التي يتبعها البنك لشبكة فروعه وما يتطلبه ذلك من تطوير للكوادر. ويبلغ عدد فروع البنك في الوقت الحالي 32 فرعا. وتعتمد استراتيجية الوطني في هذا النطاق علي جعل الافرع الجديدة اصغر حجما مع تواجدها في المناطق الجغرافية الحيوية، علي ان تعمل الافرع الكبيرة علي خدمة الافرع الاصغر حجما. ويهدف البنك الي استخدام شبكة فروعه في الترويج لسلة الخدمات المصرفية التي يقدمها بذهابه للعميل. ومن المنتظر ان يعطي ذلك دفعة للعائد من العمولات والخدمات لتعود للارتفاع من جديد علي الرغم من تصاعد المنافسة في سوق التجزئة المصرفية مع القاء البنوك العامة والاجنبية بثقلها لاجتذاب اكبر شريحة ممكنة من سوقها.
وجاء وصول معدلات تغطية المخصصات للقروض المتعثرة الي قرب %100 ليدفع البنك للحد من بناء المخصصات لينحصر ما تم تجنيبه لها علي 9 ملايين جنيه مقابل 101 مليون جنيه في فترة المقارنة. ودفع ذلك بمزيد من صافي ايرادات النشاط للوصول الي خانة الأرباح لترتفع بنسبة %11 مسجلة 328 مليون جنيه مقابل 296 مليون جنيه في فترة المقارنة.
ليكون بذلك بنك الكويت الوطني قد كسب رهانه علي الوطني المصري، وهو ما دفعه للاستحواذ عليه بالكامل في سبتمبر 2007 علي مضاعف ربحية فاق اكثر التوقعات تفاؤلا بعد وصوله بسعر عرض الشراء الي 77 جنيها، ليصل مضاعف الربحية الي 26 مرة ليكون الاعلي بين البنوك التجارية الخاصة الكبري، ويتراوح متوسط مضاعف الربحية في القطاع حاليا حول 8 مرات. ويتداول السهم الاسبوع الحالي قرب 45 جنيهاً، وبلغ نصيب السهم من أرباح الأخير 3.12 جنيه، ليكون بذلك يتداول علي مضاعف ربحية بلغ 14 مرة. من جهة اخري بلغ مضاعف الربحية علي أرباح الاشهر التسعة الاولي 10 مرات، حيث بلغ نصيب السهم من الأرباح 4.38 جنيه.
وكان سهم البنك الوطني المصري قد شهد صعودا دراماتكيا خلال السنوات الأربع الأخيرة علي خلفية تطور مؤشرات ربحية البنك نتيجة للاصلاحات الهيكلية واسعة النطاق التي اجرها، وكان ذلك قد انعكس علي السهم ليرتفع من مستوي 17 جنيهاً الذي كان يتداول حوله في مطلع عام 2005 ليتحرك حول مستوي 50 جنيهاً في منتصف 2007 . وتبع ذلك قيام بنك الكويت الوطني بالتقدم في سبتمبر 2007 بعرض شراء 75 مليون سهم من الوطني المصري تمثل %100 من اسهمه علي سعر 77.01 جنيه مع نجاحه في الحصول %98.2. وقام الوطني الكويتي في أبريل 2008 بشراء نسبة %1.8 من السوق علي نفس السعر.
وكان هذا العرض قد فاق اكثر التوقعات تفاؤلا متخطيا تقييمات مراكز البحوث للسهم. انعكاسا لرهان الوطني الكويتي علي أداء القطاع المصرفي المصري ورغبته القوية في دخوله، ومما ساهم في صعود البنك الكويتي بعرض الشراء قرار البنك المركزي بوقف إعطاء رخص لتأسيس بنوك جديدة مع تضاؤل الفرص الأخري المتاحة بعد سلسلة الاندماجات والاستحواذات التي تمت خلال السنوات الأربع الأخيرة.