كشف بيان الدكتور يوسف بطرس غالي، وزير المالية، بشأن بدء العمل بالموازنة الجديدة للدولة للعام المالي الجديد 2011/2010، اختلافاً واضحاً حول إسناد المشروعات الحكومية، فقد أكد غالي في أول أيام العمل بالموازنة الجديدة – ضمن مبادئه السبعة التي تحكم الإنفاق العام – ضرورة الالتزام قدر الإمكان بالأطر القانونية في إسناد المشروعات الحكومية والابتعاد عن الإسناد بالأمر المباشر.
كما شدد غالي في منشوره لإعداد الموازنة العامة »وهو المنشور الذي يتم إرساله إلي جميع الهيئات للالتزام بما ورد فيه أثناء إعداد موازناتها« شدد علي عدم قبول أي مشروعات يكون فيها الإسناد بالأمر المباشر، قدر الإمكان فيما يعده الخبراء تراجعاً نسبياً من الخطرالتام إلي الإمكانية لاستكمال ما لم يتم من مشروعات في السنة المالية 2010/2009.
وكان غالي قد أعلن عن 7 مبادئ تحكم الإنفاق العام في الموازنة الجديدة، منها إعداد دراسات جدوي اقتصادية شاملة للمشروعات الممولة من الموازنة العامة، وذلك قبل الشروع في تنفيذها خاصة المشروعات الاستراتيجية، مع إعطاء الأولوية في الإنفاق العام للمشروعات التي لم تستكمل حتي الآن رغم تخصيص مبالغ مالية لها، ووضع بيان بمصادر تمويل المشروعات العامة، ودراسة كيفية رد هذا التمويل أو سداده، مع الحرص قدر الإمكان علي الالتزام بالأطر القانونية في إسناد تلك المشروعات، والابتعاد عن أسلوب »الأمر المباشر«، ومنح الأولوية للإنتاج والتوريد المحلي لضمان تحفيز الاقتصاد.
من جانبه أكد الدكتور مختار الشريف، الخبير الاقتصادي، أن تغيير الصيغة التي اعتمد عليها أمر إسناد المشروعات جاء من أجل تحقيق المرونة للمشروعات التي لم تستكمل خلال السنة المالية المنصرمة، بسبب طول مدة طرح الممارسة المالية سواء عن طريق المناقصة أو المزايدة فهناك عدد من المشروعات التي يصعب استكمالها خلال العام ويتم إسنادها بالأمر المباشر.
وأشار الشريف إلي أن البديل الوحيد للخروج من هذا المأزق هو إعداد »موازنة الأداء« التي تعتمد علي تحديد القيمة الاستثمارية للمشروع بالكامل دون التقيد بالعام المالي.. لكن هذا النظام في إعداد الموازنة يحتاج إلي نظام محاسبي متطور جداً، وهو ما لم تنجح في إنجازه دول كثيرة، ليبقي الحل في إيجاد نوع من المرونة في التعامل مع ما لم يستكمل من المشروعات.
وقال الشريف إن ما يحكم الموازنة العامة للدولة هو مبادئ إعداد الموازنة نفسها، إضافة إلي مناقشات ومطالبات أعضاء مجلس الشعب وتقارير الجهات الرقابية كالجهاز المركزي للمحاسبات، ومعظم ما يتم تغييره في منشور إعداد الموازنة يكون نتيجة مطالبات أعضاء مجلس الشعب أو ملاحظات الجهاز المركزي للمحاسبات.
وأضاف الشريف أن المبادئ السبعة لم تشتمل علي مبدأ »ترشيد الإنفاق العام«، بمعني استخدامه استخداماً صحيحاً بما لا يعني تقليصه.
وأكد مصطفي السلاب، وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب، أن الابتعاد عن الإسناء بالأمر المباشر هو هدف يحقق العدالة والجدوي الاقتصادية، كما أنه يضمن دخول أطراف جديدة وشركات جديدة ضمن المشروعات التي تطرحها الحكومة، وإلا يتوقف الأمر علي شريحة معينة وإقصاء الآخرين.
وفيما يخص إعطاء أولوية للإنتاج والتوريد المحلي أكد السلاب ضرورة ألا يقتصر نمو الاقتصاد علي الاستثمار الخارجي.. فالسوق المحلية تضم 85 مليون مستهلك يحتاجون أولاً إلي تغطية احتياجاتهم قبل توجه المصدرين إلي الخارج بشرط القضاء علي المعوقات الداخلية، خاصة الإدارية منها والتي تخص إنجاز أوراق المشروعات والتراخيص الصناعية.
وقال السلاب إن مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص ستؤدي إلي تحفيز الاستثمار أيضاً، لأنها ستشجع القطاع الخاص علي الدخول في مشروعات أكبر.
وقال المهندس نادر علام، عضو الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين، إن المبدأ الخاص بإعطاء أولوية للإنتاج والتوريد المحلي ليس معناه تقليص دعم الصادرات، وإنما الهدف منه دعم الإنتاج المحلي.. إضافة إلي ترشيد دعم الصادرات ليكون علي أساس القيمة المضافة، مما يعني أيضاً مزيداً من الدعم للصناعة الوطنية.
وفيما يخص الابتعاد عن الإسناد بالأمر المباشر قدر الإمكان قال إنه ضرورة لفتح مجال أكبر أمام الشركات مهما بلغ حجمها للدخول في هذه المشروعات.
واقترح علام أن يقتصر الإسناد بالأمر المباشر علي موافقة رئيس الوزراء.. في حالة المشروعات التي لا يمكن أن يقوم بها سوي عدد محدود من الشركات.
يذكر أن خطة التنمية الاقتصادية للعام المالي الحالي نصت علي توجيه الإنفاق العام نحو غاياته كأداة لرفع معدلات التنمية الاقتصادية ودعم الخدمات والاحتياجات المجتمعية من منطلق أن الإنفاق العام في أي مجتمع هو المحرك الرئيسي للتنمية.. وبلغ حجم الإنفاق العام في الموازنة الحالية 403.168 مليار جنيه.