فجرت قائمة العشرين الكبار »الاكثر انفاقا« في مجال الاعلانات حسب الاحصاءات الصادرة من شركة بارك للأبحاث الخاصة بسوق الدعاية و الاعلان كثيرا من المفاجآت في السنوات الثلاث الاخيرة حيث احتلت الهيئات الحكومية مثل البنك الاهلي والمصرية للاتصالات ومصر للطيران ووزارة المالية للمرة الاولي مراكز متقدمة في القائمة تتطور من عام إلي آخر، بالإضافة إلي انضمام بعض الشركات العربية مثل »اتصالات« و»اعمار« و»داماك« إلي القائمة.
وكما يؤكد العاملون في مجال الدعاية و الاعلان فإن السبب الرئيسي لرواج الاعلانات في الفترة الأخيرة هو الانفتاح الذي حدث في السوق المصرية وظهور العديد من المنتجات الجديدة و المتقدمة بالاضافة الي ظهور الوعي الاعلاني لدي المؤسسات الحكومية وزيادة حجم الاستثمارات العربية والاجنبية في السوق.
ونتيجة لذلك فان كل الشركات تتباري في التعريف بنشاطها و الترويج لمنتجاتها وخدماتها ، ومن هنا نجد ان سوق الاعلان حققت طفرة كبيرة في الثلاث سنوات الاخيرة ، حيث تضاعف حجم الانفاق علي الاعلان في السوق المصرية من 321 مليون دولار عام 2003 ليصل الي 759 مليون دولار في عام 2006، وبانقضاء عام 2007 يصل الي 1.3 مليار دولار بزيادة تقدر بحوالي %75 عن 2006 .
ونتيجة هذا الوعي الاعلاني تبوأت الهيئات الحكومية مراكز متقدمة ، فنجد المصرية للاتصالات انتقلت من المركز الحادي عشر في 2006 بإجمالي 4.8 مليون دولار تم انفاقها علي حملتها الاعلانية إلي المركز الرابع في عام 2007 بإجمالي 17.8 مليون دولار، ومن الواضح ان هذا التطور في مركز المصرية للاتصالات يأتي نتيجة المنافسة الشرسة بين الشركات في مجال المحمول حيث احتلت شركات المحمول الثلاثة المراكز الاولي علي مدار هذه الفترة وذلك نتيجة لدخول »اتصالات« الاماراتية السوق لتقدم خدمة جديدة لأول مرة في السوق المصرية وهي خدمة الجيل الثالث.
وفي هذا الصدد يؤكد عقيل بشير رئيس الشركة المصرية للاتصالات ان الشركة قدمت هذا العام خدمات جديدة كان لا بد من الترويج لها لكي تحافظ علي حجمها في السوق حيث ان ظهور المحمول بهذه القوة في السوق المصرية وتعدد العروض ورخص المكالمات اثر سلبيا في نشاط التليفون الثابت والخدمات المختلفة ولذلك كان لابد من تحسين الخدمة.. ولذلك تمت إضافة رقم ثامن علي ارقام التليفون وتحسين خدمة الدليل الشخصي وعروض الانترنت لكي تحافظ الشركة علي مكانتها في السوق ولا نخسر عملاءنا لصالح شركات المحمول.
ووفقا للاحصائيات اشارت المصرية للاتصالات إلي نجاحها خلال العامين السابقين في تحقيق دخل اضافي نتيجة للخدمات المتنوعة التي اضافتها الي محفظتها الامر الذي جعلها تصمد امام المنافسة الشرسة التي تواجهها من قبل شركات المحمول، وبالاضافة الي المصرية للاتصالات نجد ان وزارة المالية احتلت ايضا مراكز متقدمة فقد احتلت المركز السابع عام 2006 بحجم إنفاق 5.6 مليون دولار والمركز الثالث عشر في عام 2007 بحجم إنفاق 7.9 مليون دولار, وذلك بعد حملة الاعلانات المكثفة الخاصة بالضرائب التي شنتها منذ ظهور قانون الضرائب الجديد منذ عام 2005-2004 بالاضافة إلي الحملة الأخيرة الخاصة بالاعلان عن الوظائف ونظام التدريب التي ينظمها اتحاد الصناعات.
وأوضح وزير المالية يوسف بطرس غالي ان الحملة الخاصة بنظام الضرائب الجديد التي شنتها الوزارة من خلال جميع وسائل الاعلام ساعدت علي تعريف الناس بمزايا القانون الجديد كما حذرت المواطنين من عقوبة التهرب الضريبي مشيرا الي انه من الضروري استمرار هذه الحملة لايجاد نوع من التفاعل بين الناس والوزارة وينضم الي هذا الرأي أدهم نديم، رئيس مركز تحديث الصناعة وهو المركز المسئول عن تلقي اتصالات الحملة الاعلانية التي شنها اتحاد الصناعات وتلبية اهتمامات الشركات الصناعية من العمالة موضحا ان نتيجة الاعلان الذي تم اذاعته في التليفزيون، تلقي المركز ما يقرب من الـ 350 الف طلب من العمالة وتم التنسيق بين قدراتهم الفنية ومتطلبات المصانع وتم ارسال ما يقرب من 20 الف عامل الي المصانع المختلفة علي ان يتم تدريبهم قبل تعيينهم.
واضاف ان هذا الاعلان ساعد علي ايجاد حلقة وصل بين هؤلاء الذين لا يجدون عملا والشركات التي تتعطش الي العمالة وينهي نديم حديثه موضحا ان المسلك الاعلامي الذي اتبعته الحكومة في الفترة الاخيرة ومضاعفة حجم الانفاق علي الاعلان من اهم الوسائل التي ستخلق نوعا من الاتصال بين الحكومة والناس وتعطي مصداقية لها.
وبالاضافة الي المصرية للاتصالات ووزارة المالية احتل البنك الاهلي ايضا في عام 2007 المركز السادس حيث انفق 16.5 مليون دولار علي حملته الاعلانية وكان في عام 2006 قد احتل المركز الرابع بإجمالي 8.5 مليون دولار.
ويؤكد مسئول ادارة الائتمان في احد فروع »البنك الاهلي« ان الترويج للمنتجات الخاصة بالبنك من خلال الصحافة او الراديو كان له اثر ايجابي في حركة التعاملات والنشاط في البنك خاصة فيما يتعلق بمجال الائتمان والقروض الخاصة بالسيارات والاسكان بصفة خاصة موضحا ان الاعلان هو الوسيلة الافضل لاطلاع المواطن العادي علي خدمات البنك خاصة الاعلان في اماكن التجمعات مثل النوادي والكافيهات او من خلال الراديو حيث يصل إلي الغالبية العظمي من الناس اثناء ذهابهم الي العمل.
وضرب مثلا بالاعلان الخاص بصناديق الاستثمار مثل صندوق العمر وغيره موضحا ان قاعدة كبيرة من العملاء والمواطنين تعرفوا علي مزايا صناديق الاستثمار وعدلوا عن الاستثمار بصورة فردية في البورصة بفعل حملة الاعلانات المكثفة التي شنتها البنوك.
وبالاضافة الي الهيئات الحكومية بدأت ايضا الشركات العربية تحتل مكانة متقدمة في القائمة فإحتلت شركة »اتصالات« للمحمول المركز الثاني خلال عام 2007 بإجمالي 43.07 مليون دولار تم انفاقها علي حملتها الاعلانية.
ويؤكد مسئول في مؤسسة »بارك« للابحاث أن هذا الاقتحام القوي لشركة اتصالات يبدو طبيعيا خاصة ان هذا اول ظهور لها في السوق المصرية وسط متنافسين شرسين منذ اكثر من عامين وهما «موبينيل» و «فوادفون» فكان لا بد ان تكثف الشركة حملاتها الاعلانية وتضاعف من حجم دعايتها بمختلف انواعها للترويج لخدماتها والمزايا التي تقدمها لعملائها خاصة خدمة الجيل الثالث والفيديو كول التي يتم ادخالها لاول مرة في السوق المصرية.
وهذا يفسر اختيار الشركة لاعداد مؤتمر صحفي كبير في أحد الفنادق الفخمة للاعلان عن بدء تشغيلها بالاضافة الي اختيارها لأحد الوجوه السينمائية الذي حقق نجاحا كبيرا لحملاتها الاعلانية وذلك لتحقيق اقوي واسرع تأثير في اذهان الناس.
ويؤكد حازم متولي المدير التجاري لشركة »اتصالات« ان دخول اتصالات السوق المصرية كان يجب ان تصحبه حملة اعلانية ضخمة للترويج لعروضها وخدماتها الجديدة والمتنوعة والتي تخاطب جميع طبقات المجتمع وذلك لكي تستطيع ان تواجه المنافسة الشرسة في السوق والهدف من هذه الحملة هو النجاح في تحقيق معدل انتشار واسع وسط سوق تهيمن عليها شركتان منذ ما يقرب من 5 سنوات.
ويشير متولي الي ان الحملة الاعلانية الخاصة باتصالات ستتضاعف خلال الفترة القادمة وذلك نتيجة لتنوع العروض والخدمات التي ستقدمها المرة القادمة، وإلي جانب شركة اتصالات الاماراتية احتلت شركة »داماك« المركز الثامن في عام2007 بما يقرب من 11 مليون دولار اجمالي ما انفقته علي الاعلان ومن المتوقع ان يلحق بالقائمة في عام 2008 كثير من الشركات العربية التي جاءت الي مصر تستثمر في مجال العقارات خاصة بعد الازدهار العقاري الذي شهدته مصر في الفترة الاخيرة منها شركتا »أملاك« و»ديار القطرية« وغيرهما .
وتقول مروة فايد مسئولة الاعلان في شركة داماك انه من الطبيعي عند دخول اي شركة جديدة السوق ان تقوم بتكثيف حملاتها الاعلانية حتي تتعرف عليها السوق و يتطلع الناس الي خدماتها وامكانياتها وهذا يفسر قيام داماك وغيرها من الشركات الاخري الجديدة في السوق المصرية بشن حملات اعلانية مكثفة خاصة مع تعدد الشركات العربية العاملة في مجال العقارات ، نتيجة للازدهار العمراني الذي تشهده مصر في الفترة الأخيرة.
وقد انضمت شركة داماك الاماراتية للعقارات الي قائمة الشركات الاكثر انفاقا علي الاعلان بسبب الحملة الاعلانية الضخمة التي قامت بها قبل بدء المشروع الخاص بها وهو مشروع “هايد بارك” والذي تم الاعلان عنه يوم 10 ديسمبر من العام الماضي.
وقامت شركة داماك بالتعامل عنددخولها السوق المصرية مع شركة الدعاية والاعلان “ستار كوم” وهي الشركة التي تتولي اعلاناتها في دبي وقامت هذه الشركة بالاعداد والتنظيم لاكبر حدث لدي الشركة علي مدار الأشهر الثلاثة او الاربعة الاخيرة من خلال حملة اعلانية منظمة في الصحف المختلفة بالاضافة الي بعض اعلانات “الاوت دورز” في الاماكن المتميزة وحملة اعلانية تليفزيونية واحدة واخري في الراديو.
وتؤكد مروة فايد ان شركتها بعد التعرف علي السوق المصرية تفضل الان ان تتعامل بصورة مباشرة مع الجمهور بطرقها الخاصة دون الاعتماد علي شركة دعاية واعلان خاصة ولذلك فانها تعتقد ان شركة Starcom سينكمش دورها عند هذا الحد موضحة انه فيما يتعلق بالجرائد فان الشركة تتعامل مع صحفييها مباشرة وفيما يتعلق بـ”الاوت دورز” ايضا فهي تتعامل مع الموزعين بصورة مباشرة وسيقتصر دور شركة الدعاية والاعلان علي حملات الراديو والتليفزيون التي تعطيها الشركة اهمية كبري.
والمشروع الرئيسي الذي خصصت من اجله شركة داماك حملة اعلان واسعة هو مشروع “هايد بارك” وهو مشروع اسكاني بحجم استثمار 7 مليارات دولار يمتد علي 4.7 مليون متر مربع منها مليون متر مربع حدائق خضراء وبذلك فهي تعد اكبر حديقة خضراء خاصة يتم انشاؤها في مصر تضم فيلات سكنية مختلفة التصميمات والاشكال والجنسيات ايطالية واسبانية وغيرهما.
وتضيف ان الشركة لا تحدد ميزانية مخصصة لحجم الدعاية والاعلان الخاصة بها وانما تسعي فقط الي تحقيق اهدافها من خلال التسويق للمكان وبيع الوحدات ومن ثم تقلل او تضاعف من حجم دعايتها الاعلانية.
ومن اهم الظواهر الاخري التي يمكن ملاحظتها من خلال فحص القائمة ان شركتي المحمول »موبينيل« و»فودافون« تبوأتا المركز الاول والثاني علي مدار عامي 2005 و 2006 وفي عام 2007 تراجعت »فوادفون« لتحتل المركز الثالث بعد اتصالات.
في حين ان »موبينيل« تبوأت المركز الاول عام 2005 و 2006 وخلال 2007 قفز حجم انفاقها بصورة ملحوظة ليصل الي 51.8 مليون دولار حيث انفقت في كل من عامي 2005 و 2006 ما يقرب من 20 مليون دولار.
ويفسر مسئول شركة بارك الطفرة الهائلة لشركة موبينيل في حجم الانفاق علي الاعلان بانقضاء عام 2007 موضحا ان بعد دخول شركة اتصالات السوق شنت فودافون حملة اعلانية كبيرة مضادة مما كان له اثر سلبي علي الشركة الجديدة التي دخلت سوق المحمول في مصر وهنا لم تكن موبينيل في حاجة لأن تقوم بأية حملات اعلانية ففودافون حققت الهدف وحدت من انتشار اتصالات ولكن بعد ذلك شنت موبينيل حملة اعلانية ضخمة خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة من خلال جميع وسائل الاعلام مما ضاعف حجم اعلانها من 21 مليون دولار عام 2006 الي 51مليون دولار خلال 2007.
اما عن شركة »فوادفون« فقد ارتفع ايضا قيمة ما انفقته علي الاعلان في عام 2007 ليصل الي 27 مليون دولار.
ويضيف ان الطفرة الملحوظة في الاعلانات التي شهدتها سوق المحمول في الفترة الاخيرة ترجع الي ظهور منتج جديد وهو خدمة الجيل الثالث الذي ظهر في السوق مع بداية شركة »اتصالات« في الاشهر الاولي من 2007 حيث انه كان من الطبيعي ان تكثف كلتا الشركتين »فودافون« و»موبينيل« حملاتهم الاعلانية في عام 2007 نتيجة لدخول منافس ثالث في السوق لان كلا من الشركات الثلاث تبارت في تقديم العروض والخدمات المختلفة للحفاظ علي قاعدة عملائها مع محاولة اجتذاب بعض من عملاء منافسيها، وهذا يفسر تفوق »فوادفون« في قمة حملتها الاعلانية خلال الاشهر الخمسة الاولي من هذا العام نتيجة تقديمها خدمة الجيل الثالث التي لم تشترك فيها »موبينيل« منذ البداية ولكن سرعان ما لحقت بها موبينيل وشنت حملة اعلانية كبري واحتلت المركز الاول مرة ثانية.
ومن الشركات الاخري التي احتلت مراكز متقدمة في قائمة الاعلانات في عام 2007 نجد شركة هشام طلعت مصطفي حيث احتلت المركز الخامس بإجمالي 16.56 مليون دولار بعد ان كانت تحتل المركز العاشر في 2006 بإجمالي 4.9 مليون دولار وترجع هذه القفزة الي الحملة الاعلانية التي نظمتها الشركة من اجل مشروع مدينتي بالاضافة الي الحملة الاعلانية التي سبقت التوسعات والطرح الكبير للشركة الذي تم في شهر ديسمبر والحملة الاعلانية المتنوعة التي صاحبته.