أكد عدد من الخبراء أن شركات التأمين لا تزال غائبة عن الدور المنوط بها في إدارة الأخطار متمسكة بدور المعوّض للمخاطر فقط، وأشار الخبراء إلي أن إدارة الأخطار ليست مسئولية إلزامية علي شركات التأمين بل هي ضرورة تحتمها المتغيرات، مطالبين المؤسسات الاقتصادية بضرورة استيعاب ذلك الدور بإنشاء إدارات متخصصة في إدارة اخطارها.
وعزا عدد منهم، تحول شركات التأمين من مديري مخاطر إلي جهة تعويض، إلي نقص الكوادر المتخصصة في مجال إدارة الخطر، إضافة إلي انخفاض الوعي لدي أصحاب المنشآت بأهمية دور مديري المخاطر.
قال الدكتور سعد السعيد الخبير التأميني ووكيل كلية التجارة جامعة القاهرة السابق، إن إدارة الأخطار يجب أن تبدأ أولاً من أصحاب المنشآت الصناعية والاقتصادية بصفة عامة، والذين يقومون بدراسة الأخطار التي تتعرض لها تلك المنشآت، ونسبة الخسائر المتوقعة أو الناجمة عن تلك الأخطار، بما يمكنها من تقدير قيمة هذه الخسائر المتوقعة مستقبلاً، وذلك ليتمكن مديرو المخاطر من إسنادها إلي جهة أخري قد تكون شركة التأمين.
وأضاف السعيد أن شركات التأمين يقتصر دورها في أغلب الأحيان علي إدارة المحافظ التي تحصل عليها، وهو دور تلام عليه، مطالباً بأن تنبع فكرة إدارة الخطر من قبل مسئولي المؤسسات الاقتصادية والصناعية، لا أن يتم إسناد تلك الأخطار إلي شركة التأمين ومطالبتها بإدارة أخطار غير التي تتضمنها محافظها، كاشفاً النقاب عن أن شركات التأمين نفسها فقدت ذلك الدور منذ وقت ليس بقصير، وتحولت إلي معوّض أخطار وليس إلي مدير مخاطر.
وأوضح السعيد أن ذلك ليس تناقضاً، فشركات التأمين غالباً ما تهرب من دورها كمديري مخاطر بإسناد حصة ليست قليلة لدي شركات إعادة التأمين بالخارج لتقوم الثانية بدور مدير المخاطر.
ونبه السعيد إلي أن بعض المؤسسات الاقتصادية والصناعية بدأت تدرس فعلياً إنشاء شركات خاصة وإدارات خاصة لإدارة الأخطار التي تتعرض لها منشآتهم الصناعية، مثل جمعية العاشر من رمضان، التي أعلنت عن ذلك، إلا أن البعض الآخر وهو الأغلبية يفضل رفع العبء عن كاهله، وإسناد المهمة برمتها إلي شركات التأمين وهو دور لابد من تغييره في أسرع وقت.
كان الدكتور محرم هلال رئيس جمعية مستثمري العاشر من رمضان قد كشف النقاب عن موافقة اتحاد المستثمرين علي إنشاء شركة مساهمة مصرية تضم جمعيات مستثمري مصر،وذلك لتفعيل دور مدير الخطر وتحقيق الوفرة الاقتصادية من خلال كيان موحد يخدم هذا الغرض، مشيراً إلي أن اتحاد المستثمرين بصدد التفاوض مع واحدة من أكبر شركات إدارة الأخطار في العالم لتكون ضمن هيكل المساهمين في الكيان الجديد.
وأضاف أنه ربما لم تكن هناك قوانين تحتم علي المستثمر تعيين مدير للخطر ضمن الهيكل التنظيمي للشركات التي تدير صناعات ثقيلة، لكن يجب أن يتم ذلك وفق مبادرات ذاتية من المستثمرين أنفسهم، متوقعاً أن تبدأ جهات الرقابة علي التأمين في دراسة إعادة هيكلة العملية التأمينية خاصة فيما يتعلق بالأخطار الكبيرة، بحيث لا يتم تأمين أي منشأة إلا إذا قدمت الجهة طالبة التأمين تقريراً عن الخطر والتغطيات المطلوبة، يعتمدها مدير خطر واستشاري تأمين. وبهذا نفعل الدور المهمل لمدير الخطر، واستشاري التأمين أيضاً.
من جانبه أكد الدكتور جلال حربي وكيل كلية التجارة، جامعة القاهرة أن عدم وجود مديري مخاطر داخل المنشآت الصناعية، واكتفاءها بما يسمي بالمسئول التأميني وهو ليس بالضرورة مدير اخطار، أمر بالغ الخطورة، مشيراً إلي أن هناك عدة أسباب لندرة مدراء الأخطار داخل مصر أهمها ندرة الكفاءات التي يتوافر فيها خبرة مدير الأخطار.
أما الدكتور ناشد عبد السلام الخبير التأميني، فأشار إلي أن إدارة الخطر هي نشاط منفصل لإدارة مخاطر المنشآت الصناعية، وإن لم تتمكن المنشآت الصناعية من ذلك فإنها تلخص المسألة في إسناد الملف برمته إلي شركة التأمين.
ورغم أهمية إدارة شركات التأمين لهذه الأخطار، إلا أنها تحولت بفعل تراكمات الزمن إلي جهة تعويض،وكشف عبد السلام أن شركات إعادة التأمين في الخارج بدأت خلال الفترة الماضية في استغلال نقص الكوادر المتخصصة في إدارة الاخطار داخل مصر، وغالت في أسعار الأنشطة التي تعيد تأمينها لأن قبول شركة التأمين خطراً بسعر أقل يكبد معيدي التأمين خسائر كبيرة، لذا فهي تعوض ذلك أو تتحاشي تلك الخسائر بزيادة أسعار وثيقة التأمين وتجبر الشركات علي ذلك.