»‬لوس أنجلوس تايمز‮«: ‬معظم الأمريكيين لا يفضلون التدخل عسكريا في ليبيا

»‬لوس أنجلوس تايمز‮«: ‬معظم الأمريكيين لا يفضلون التدخل عسكريا في ليبيا
جريدة المال

المال - خاص

2:10 م, الأحد, 12 أغسطس 12

إعداد – أيمن عزام

 

 
لم يعد خيار التدخل العسكري يحظي بتأييد معظم الأمريكيين خصوصا بعد خبرات التدخل المريرة التي عانتها الجيوش الأمريكية في حروبها الخارجية بداية من فيتنام حتي العراق وأفغانستان، وهو ما يبرر امتناع الإدارة الأمريكية عن التسرع بطرح خيار التدخل في ليبيا، حيث اعتبر وزير الدفاع الأمريكي أن الإجماع الدولي شرط أساسي للتدخل.

 
وذكرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز أن الحروب الأمريكية في العراق وأفغانستان تعد بمثابة تكرار لحرب فيتنام الفاشلة، حيث استمرت جميع هذه الحروب لفترة زمنية طويلة وكبدت الخزانة الأمريكية خسائر فادحة دون أن تفلح في تحقيق معظم أهدافها المعلنة.

 
وساد شعور لدي الأمريكيين بأن بلدهم لم يعد يمتلك الإرادة الكافية لتحقيق الأهداف القومية عن طريق القوة العسكرية علي الرغم من أنها لاتزال متفوقة علي جميع دول العالم في العتاد العسكري، بل ويري البعض أنها قد خسرت ميزة التفوق الأخلاقي الذي كان يتيح لها ممارسة دور الشرطي العالمي.

 
ولم يعد مبرر حماية حقوق الإنسان كافيا لشن حرب أمريكية في المنطقة، كما لم يعد من الممكن إحراز نصر سهل في حالات التورط في حروب خارجية للدفاع عن الديمقراطية وحماية الأقليات، ويصعب من ناحية أخري علي دولة واحدة مهما كانت قوتها ومواردها التدخل عسكرياً وحل جميع المشاكل العالمية بما فيها المجاعات والنزاعات، ويزداد التدخل صعوبة لحل نزاعات في منطقة الشرق الأوسط التي يتعذر علي الولايات المتحدة تحديد الأطراف التي تستحق التدخل لصالحها، كما لا ينبغي التهوين من خطورة مرحلة إعادة البناء التي تلي التخلص من الأنظمة الفاسدة، خصوصاً أن الثوريين لا يفضلون عادة تلقي معونات خارجية.

 
وترفض الصحيفة لهذه الأسباب تأييد التدخل العسكري الأمريكي في الصراع الدائر حالياً في ليبيا ومعارضة فرض حظر جوي، استنادا إلي الصعوبات التقنية التي تكتنف خطوة من هذا النوع، وسيكون من شأن خطوة من هذا النوع دفع الولايات المتحدة للتورط بشكل كامل في حرب مع النظام الليبي بشكل يفتح الباب لخوض حروب مماثلة دفاعا عن المطالبين بالديمقراطية في اليمن أو البحرين أو إيران.

 
ولابد أن يسعي واضعو السياسات بضغط من الثورات العربية للإجابة علي تساؤل أساسي يتعلق بالظروف التي تستدعي تدخلا أمريكيا في هذه الثورات، وحجم الخسائر المادية والبشرية التي يمكن تحملها جراء هذا التدخل، بالنظر إلي أن دعوي الدفاع عن النفس التي تعد حجة مقبولة للتدخل خارجياً قد يصبح من الممكن استخدامها لتبرير شن حروب استباقية في الخارج بدعوي إحباط تهديد وشيك.

 
وتتولي مدارس فكرية أمريكية تقديم إجابات مختلفة عما إذا كانت الولايات المتحدة تعد مسئولة أخلاقياً عن التدخل عسكرياً لوقف مجازر مماثلة لتلك التي وقعت في رواندا في 1994 أو دارفور أو البوسنة، أو الإطاحة بالأنظمة الديكتاتورية عندما تخرج الجماهير للشوارع للمطالبة برحيلها، مثلما هو الحال في ليبيا حالياً.

 
ويري علي سبيل المثال مناصرو الواقعية في السياسة الخارجية أن الدول ينبغي عليها شن الحروب عندما تصبح المصالح أو الأمن القومي عرضة لتهديدات جدية وحيوية ويعتقد الواقعيون أن الاعتبارات الأخلاقية لا ينبغي أن تلعب دوراً جوهرياً في اتخاذ مثل هذه القرارات وأن التدخل الخارجي لأسباب إنسانية يخفق في تحقيق أهدافه ويجلب أخطاراً لم تكن في الحسبان، ويتم إيراد الحربين اللتين شنتهما الولايات المتحدة بدعوي الدفاع عن النفس في أعقاب حادثة 11 سبتمبر كمثال علي الحرب الواقعية التقليدية .

 
كما يري آخرون أنه يمكن شن حرب للدفاع عن مبادئ أخلاقية عندما تكون أهدافها عادلة بالقدر الذي يتيح تبرير الخسائر المادية والبشرية المترتبة عليها بشرط تغليب هذه المبادئ علي المصالح الذاتية، واللجوء للحل العسكري كخيار أخير بعد استنفاد الخيارات الأخري وتوفر فرصة جيدة للنجاح.

 
ويمكن للولايات المتحدة تبرير حروبها في المنطقة استنادا إلي مبدأ أقرته الأمم المتحدة عام 2006 يقتضي السماح للمجتمع الدولي بتولي مسئولية حماية المدنيين من انتهاكات تشمل الإبادة وجرائم الحروب والتطهير العرقي والجرائم التي يتم ارتكابها ضد الإنسانية، كما يقر اللجوء لأشكال أخري من العمل الجماعي لوقف هذه الجرائم في حال إخفاق الوسائل السلمية في تحقيق الأهداف المرجوة.

 
ويحرص ريتشارد هيس، رئيس مجلس العلاقات الخارجية، علي التفرقة فيما بين »حروب الضرورة« التي يتم شنها دفاعاً عن مصالح قومية حيوية عندما تكون الأخيرة معرضة لتهديدات ومخاطر، و»حروب الاختيار« التي يمكن وصفها بأنها خيرة أو شريرة والتي تصبح ضرورية عندما تطغي مكاسبها المتوقعة علي الخسائر.

 
ولا تقتضي حرب الاختيار استبعاد إمكانية شن حروب لأسباب إنسانية، وعلي الرغم من أنه قد لا يكون هناك التزام واضح بحماية المدنيين الذين يعانون من ظروف مأساوية، فلا ينبغي علي سبيل المثال التساهل مع حالات الإبادة الجماعية للشعوب، استسلاما لمبدأ سيادة الدولة علي أراضيها أو استنادا لواقع الاختلاف في الدين أو الثقافة.

 
أما في ليبيا فلا ينبغي الخروج عن الإجماع الدولي وشن حرب أحادية دون موافقة الأطراف الإقليمية والأمم المتحدة، خصوصاً أن الوضع هناك لم يرق بعد لمستوي الإبادة الجماعية، ويتعين في مثل هذه الظروف تعزيز المعونات الإنسانية المقدمة للثوار وفرض حظر صارم علي النظام الليبي.

 

جريدة المال

المال - خاص

2:10 م, الأحد, 12 أغسطس 12