وظائف ماسبيرو.. « زيتنا فى دقيقنا »

وظائف ماسبيرو.. « زيتنا فى دقيقنا »

وظائف ماسبيرو.. « زيتنا فى دقيقنا »
جريدة المال

المال - خاص

9:16 م, الأربعاء, 20 مايو 15

رحاب صبحى:

إذا أتتك الفرصة ذات يوم أن تزور مبنى ماسبيرو على كورنيش النيل (مقر اتحاد الإذاعة والتليفزيون) فلا بد أن تلفت انتباهك ظاهرة مدهشة عند وقوفك فى أحد الطوابير الطويلة المؤدية إلى مصاعد المبنى المتعددة، فمن أعراف هذا المبنى أن تقوم إدارات العلاقات العامة بمختلف القطاعات بتعليق لوحات إلى جانب المصاعد تنعى فيها من توفاه الله من العاملين بالمبنى أو أقاربهم، ليست هذه الظاهرة المدهشة بالطبع، بل المدهش هو ما يكتب عادة فى هذه اللوحات، والتى عادة ما تجىء صياغتها كالآتى: توفى إلى رحمة الله المخرج.. بقطاع التليفزيون، زوج المحامية.. بالشئون القانونية، ووالد المونتير.. بالمتخصصة، والمذيعة.. بالفضائية، أخو.. المدير بالأمانة العامة، والمهندس.. بالهندسة الإذاعية، والمحاسب بالإذاعة.. وهكذا.

ففى ماسبيرو تشعر فعلاً بـ«الجو العائلى».. لكنه عائلى بالمعنى السلبى للكلمة، بمعنى استحواذ عائلات بعينها على المناصب والمكاسب، مشكلة تعمل على استبعاد من هم ليسوا «من السكان الأصليين لماسبيرو» من الوصول إلى وظائف ومناصب المبنى العتيد.

وعن هذه الأجواء، يقول حسام محرز، المذيع بقطاع القنوات المتخصصة، إن ماسبيرو كان يتسم منذ بداياته بالصعوبة الشديدة فى فرص الالتحاق به ما لم يكون المتقدم لديه واسطة ومحسوبية، أو أن يكون من أبناء العاملين، ولن ينكر أحد ذلك.

ويتذكر محرز فى هذا الصدد ما حدث معه فى اختبارات الإذاعة، وكان السؤال الذى طرح عليه من قبل الإعلامى الكبير الذى كان يختبره وقتها يهدف بوضوح إلى تعجيزه عن الإجابة، وذلك حينما طرح عليه الممتحن الجهبز سؤالا من المهم لأى إعلامى أن يعرفه: «صف ما هو مرسوم على ورقة الخمسة جنيهات»!، وهذا هو نموذج من الأساليب التى تستخدم لاستبعاد غير المرغوب فيهم.

لكن الأمور لم تسر مع محرز على نفس المنوال طوال مسيرته، فهو يتذكر فى المقابل الاختبارات التى أجريت له عند تقدمه للالتحاق بقطاع المتخصصة فى بداية إنشاء هذا القطاع، وهى الاختبارات التى كان يقوم بها وقتها الإعلامى حسن حامد، مؤسس ورئيس قطاع المتخصصة وقتها، وكانت اختبارات على أسس مهنية وليس بها أى تحيز لأى شخص، وكان الاختيار يقوم على أسس دقيقة جدًا.

وأكد محرز ضرورة أن تكون هناك حيادية فى لجان اختيار الإعلاميين والفنيين والموظفين الجدد بالمبنى، على أن تكون الاختبارات قائمة على أسس مهنية تحدد لكل وظيفة فى ماسبيرو، وأن يتم الإعلان عن هذه الوظائف فى وسائل الإعلام العامة، لا أن تتم بطريقة خفية لا يعلم بها إلا المحظوظون كما يحدث.

ولفت محرز إلى أنه لا يجب أن ننكر أن هناك بعض الإعلاميين فى الإذاعة والتليفزيون من أبناء وأقارب عاملين فى ماسبيرو إلا أنهم كانوا متميزين مثل: عائلة بسيونى (أمين بسيونى وابناه تامر وعلاء) وعائلة البيطار والأتربى.. وغيرهما، لكن للأسف يوجد هناك باب خلفى فى ماسبيرو كان مفتوحا للمجاملات ولأبناء العاملين، وهناك واقعة فجة تثبت صحة ذلك، وهى ما فعله أسامة الشبيخ رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون الأسبق الذى عين أكثر من 1300 موظف فى ماسبيرو مرة واحدة، حوالى 90 فى المائة من أبناء قريته! كما أنه كان هناك عرف يقوم على تعيين من يأتون بتوصيات وتوقيعات من أعضاء مجلس الشعب أو الحزب الوطنى دون النظر إلى مدى ما يتمتع به هذا الشخص من كفاءة أو قدرات ولما سيقدمه لماسبيرو، كما أن المجاملات بين القيادات بعضها البعض أدت إلى تعيين طابور طويل من المحاسيب والأقارب.

واتفق إيهاب المرجاوى، المخرج بقناة النيل للأخبار، فى الرأى مع محرز فى أن عهد رئاسة حسن حامد لقطاع قنوات النيل المتخصصة تميز بوجود اختبارات نزيهة يتم من خلالها اختيار العاملين الجدد على أسس مهنية، لافتا إلى أن أغلب العاملين فى القنوات المصرية والعربية الخاصة كانوا من قطاع المتخصصة، ووقتها كان يتم الإعلان عن الوظائف فى الجرائد العامة، لكن فيما عدا هذه الحالة فإن ماسبيرو يعد أحد أهم بؤر الواسطة والمجاملات فى مصر، وهناك عائلات كاملة تسيطر على أطراف وقطاعات المبنى.

وأشار إلى أن التوريث أو الواسطة ليسا مسيطرين على أسلوب اختيار المذيعين فقط، بل منتشرين فى كل الإدارات حتى الحسابات والفنيين، فالموظف الذى يستعد للخروج للمعاش يعد ابنه لاستلام مكانه، وهذا حدث فى قناة النيل للأخبار و«زيتنا فى دقيقنا»، بل إن بعض القيادات قامت بنقل موظفين من المكتبة إلى وظيفة مصممى جرافيك دون وجود أى قدرات أو مهارات مهنية لهم فى هذا المجال، بدلا من الاستعانة بخريجى كليات فنون تطبيقية المتخصصين فى هذا المجال!

وكشف المرجاوى أنه بعد وقف التعيينات فى ماسبيرو الآن يقوم العاملون حاليًا بتغيير المسمى الوظيفى، فيقومون بالتحويل من مخرج إلى مذيع على سبيل المثال، دون مراعاة اعتبارات المهنية والتخصص.

وأشار إلى أنه يجب تعيين الكفاءات فى ماسبيرو من خلال المسابقات واختيار الكفاءات بنزاهة وشفافية، وأن تكون لجان الاختيار من خارج ماسبيرو لضمان حيادها، ولتجنب ما حدث مؤخرًا من إلغاء مسابقة لمذيعى الإقليميات بعد اكتشاف أن أغلب نتائجها قائمة على التوريث.

وأضاف المرجاوى أنه يجب أن نبتعد عن المحسوبية فى ماسبيرو، وأن يتم تعيين أوائل الخريجين من معهد سينما وكليات إعلام، خاصة فى الجانب التخصصى من المذيع والمخرج ومصممى الجرافيك، مشيرا إلى أن ماسبيرو قد أوقف التعيينات فى الفترة الأخيرة، وهذا خطأ كبير لأن المبنى يشيخ حاليًا، لذا لا بد من إعادة ضخ دماء جديدة.

ومن جانبه، أضاف الإعلامى أحمد عبدالعزيز، المذيع بقطاع المتخصصة، أنه يجب حسن اختيار أعضاء لجان الاختبارات فى ماسبيرو، وأن يوضع لها معايير واضحة، لأن هناك من يشاركون فى هذه اللجان ممن لا يفقهون شيئًا عن الإعلام.

وأشار إلى أن القانون يلزم أن يكون التقدم للوظائف فى ماسبيرو من خلال إعلان رسمى لكن أغلب الإعلانات تكون داخلية فى المبنى، والذين يعلمون أن هناك اختبارات هم العاملون به فقط، وهذا لا يعطى حقًا للمواطن العادى أن يعمل فى ماسبيرو، مؤكدًا أن التوريث فى ماسبيرو قد يعوق المواطن العادى الذى يريد أن يعمل بالمبنى؛ لأن الواسطة هى التى تتدخل، لكن المناخ العام فى مصر كان قبل الثورة أغلبه على نفس الشاكلة، وهو وضع لم ينته حتى الآن، معلنًا أنه ضد فكرة التوريث التى قامت الثورة على هدمها.

وأعلن عبدالعزيز أنه منذ وقف التعيينات أو التعاقد فى ماسبيرو بدأ التحايل على المسمى الوظيفى، ومن الممكن أن يحول المخرج إلى مذيع وهكذا، وهذا خطأ كبير يحدث فى ماسبيرو؛ لأن هناك تفاوتًا كبيرًا بين كل تخصص، ضاربًا المثل بالقناة الثقافية التى كان بها 15 مذيعًا فأصبحوا فجأة 36 مذيعًا!.

وأشاد بلجنة الاختبارت التى تقدم لها فى ماسبيرو عند تقديمه أوراقه للعمل فى ماسبيرو منذ 17 عاما، وأنها كانت مكونة من خبراء مثل فاروق شوشة، وسعد لبيب، وبهاء طاهر، ورئيس قناة النيل الثقافية جمال الشاعر، وحسن حامد الذى كان من أفضل القيادات التى أقامت اختبارات فى ماسبيرو، وقد اختارات إعلاميين متميزين يشيد بهم الإعلاميون والخبراء الآن، وهذا لأنه كانت هناك اختبارات حقيقية وعلى أسس مهنية سليمة.

جريدة المال

المال - خاص

9:16 م, الأربعاء, 20 مايو 15