إعداد – عبدالغفور أحمد محسن
ارتفعت معدلات إنفاق المستهلكين فى الولايات المتحدة خلال شهر يوليو، مما يعد مؤشراً على تفاؤل الأمريكيين بمستقبل الاقتصاد فى بلادهم، وتوقع الخبراء استمرار صعود معدلات الإنفاق خلال الفترة المقبلة، وهو ما يخفف قليلاً من القلق حيال التراجع الاقتصادى الحالى فى أكبر اقتصادات العالم .
وارتفع معدل الشراء بنسبة %0.5 بعد تغيير طفيف فى يونيو الماضى، وذلك وفقاً لمتوسط توقعات 65 خبيراً اقتصادياً استطلعت وكالة بلومبرج الإخبارية توقعاتهم، بالإضافة إلى بيانات وزارة التجارة، وأشارت الوكالة إلى أن تقارير أخرى لاحقة قد توضح أن الانتعاش فى سوق العقارات عوض التباطؤ الحادث فى القطاع الصناعى .
ويعد التطور الحادث فى انفاق المستهلكين، والذى يشكل حوالى %70 من اقتصاد الولايات المتحدة، مؤشراً على أن الأمريكيين يتطلعون إلى ما بعد الأزمة العالمية الحالية متوقعين نمو دخولهم، ومن المنتظر أن يلقى بن برنانكى، رئيس بنك الاحتياط الفيدرالى «البنك المركزى » خطاباً نهاية الأسبوع الحالى قد تتضح من خلاله الرؤى ووجهات النظر التى يحملها صناع القرار بالبنك لتحفيز الانتعاش الحالى .
وقال مايكل هانسون، الخبير الاقتصادى لدى «بنك أوف أمريكا » ، إن المستهلكين لا يزالون يشاركون فى الانتعاش، موضحاً أن البيانات الاقتصادية الحالية تعد محفزة جداً للاحتياطى الفيدرالى حتى يقفز بها ولكن من المبكر أن نقول إننا فى حالة انتعاش دائم، موضحاً أن الاقتصاد لا يزال يكافح حتى يعاود الوقوف على قدميه .
وساعدت النهضة الحادثة فى سوق العمالة والتوظيف خلال شهر يوليو على تحفيز انفاق المستهلكين خلال الشهر الماضى، حيث ارتفعت الوظائف بمقدار 163 ألف وظيفة خلال يوليو، وهو أعلى معدل للارتفاع منذ فبراير الماضى، وذلك وفقاً لبيانات وزارة العمل الأمريكية، ومن المتوقع أن يظهر تقرير انفاق المستهلكين خلال الأسبوع الحالى ارتفاعاً للدخل بنسبة %0.3 بعد أن ارتفع بنسبة %0.5 خلال شهر يونيو، حيث كان المعدل الأعلى للارتفاع فى الدخول خلال الأشهر الثلاثة الماضية .
وصعدت مبيعات التجزئة بنسبة %0.8 فى شهر يوليو، وهو أعلى ارتفاع لها منذ خمسة أشهر، وفقاً لبيانات نشرتها وزارة التجارة فى 14 أغسطس الحالى، وارتفعت نسبة المشتريات فى أصناف البضائع والخدمات وهو ما يحدث للمرة الأولى منذ عام 2005.
وقال ايد ستاك، رئيس مجلس إدارة، الرئيس التنفيذى لشركة «ديكس سبورتنج جوودز » ، إن موسم العودة إلى المدارس شهد تحسناً ملحوظاً خلال العام الحالى محدثاً طفرة فى مبيعات الشهر الماضى، موضحاً أن الشركة رفعت من توقعاتها لأرباح العام الحالى .
ومن المتوقع أن يدعم ارتفاع طلب المستهلكين من وتيرة النمو الاقتصادى فى الولايات المتحدة، فى ظل صعود مشتريات الأمريكيين بنسبة %1.5 فى معدلها السنوى خلال الربع الثانى من العام الحالى .
وقد تظهر التقارير الأولى لوزارة التجارة خلال الربع الثانى من العام الحالى ارتفاعاً للناتج المحلى الإجمالى بنسبة %1.7 مقارنة بتقاريرها المبدئية التى توقعت ارتفاعاً بنسبة %1.5 ، وذلك وفقاً لاستطلاع وكالة بلومبرج، وعلماً بأن الناتج المحلى الإجمالى للولايات المتحدة ارتفع بنسبة %2 خلال الربع الأول من العام الحالى .
إلا أن وتيرة النمو لم تنجح فى خفض معدل البطالة بالولايات المتحدة والذى تجاوز نسبة الـ %8 لمدة 42 شهراً متواصلاً، وهو ما يفسر إشارات صناع القرار بالاحتياطى الفيدرالى باستعدادهم لاتخاذ خطوات إضافية لتحفيز الانتعاش، وذلك وفقاً لمذكرة رسمية صدرت عن البنك فى 31 يوليو الماضى .
من جهة أخرى عاودت سوق العقارات انتعاشها بعد أن تسبب لفترة طويلة فى الركود الاقتصادى، ومن المتوقع أن ترتفع نسبة مبيعات المنازل أو توقيع العقود الخاصة بالعقارات الموجودة بالفعل إلى %1 بعد أن انخفضت بنسبة %1.4 خلال شهر يونيو .يبدو أن شبح أزمة الغذاء العالمية التى حدثت فى عام 2008 ، سيعود بوجهه البغيض خلال العام المقبل، وسط توقعات بتراجع الإنتاج الأمريكى من المحاصيل الزراعية، لا سيما الذرة والقمح وفول الصويا إلى أدنى مستوياته منذ 10 سنوات تأثرًا بموجة الجفاف العاتية التى تضرب معظم أقاليم الزراعة فى الولايات المتحدة، الأمر الذى يتوقع معه اشتعال أسعار السلع خلال 2013. وارتفعت أسعار العقود الأجلة للذرة تسليم ديسمبر بنسبة %0.8 ليصل سعر البوشل إلى 8.21 دولار فى بورصة شيكاغو للسلع بداية الأسبوع الحالى، كما ارتفعت أسعار العقود الأجلة لفول الصويا فى البورصة نفسها تسليم نوفمبر بنسبة %1.1 لتسجل رقمًا قياسيًا جديدًا بلغ 17.335 دولار للبوشل، وسط توقعات بتدهور المحصول الأمريكى تأثرًا بأسوأ موجة جفاف تضرب الولايات المتحدة منذ حوالى 76 عامًا وتحديدًا منذ عام 1936.
وكانت أسعار العقود الآجلة لفول الصويا قد سجلت رقمًا قياسيًا بلغ 17.1175 دولار للبوشل فى بورصة شيكاغو للسلع منتصف الشهر الحالى، وهو أعلى مستوى تسجله أسعار فول الصويا على الإطلاق، بينما ارتفعت أسعار الذرة لتسجل رقمًا قياسيًا بلغ 8.3075 دولار بداية الشهر الحالى، وفقًا لبيانات بورصة شيكاغو . يشار إلى أن أسعار الذرة صعدت بنسبة %62 منذ منتصف يونيو الماضى، بينما ارتفعت أسعار القمح بأكثر من %50 خلال الفترة نفسها مصحوبة بصعود أسعار الذرة بنسبة %62 ، وفقًا لتقديرات وكالة بلومبرج الأمريكية مؤخرًا .
ويتخوف مراقبون فى ظل هذه المؤشرات من ارتفاع أسعار معظم السلع الغذائية خلال الأشهر المقبلة، كما أبدى البنك الدولى قلقه إزاء ارتفاع أسعار الغذاء العالمية، محذرًا من تأثير ذلك على الدول الفقيرة فى العالم، بالتزامن مع أسوأ موجة جفاف تضرب الولايات المتحدة وتراجع فى مخزون الحبوب لأكبر مصدر لها فى العالم، ووفقًا لتصريحات رئيس البنك جيم يونغ كيم، فى بيان له نشر منتصف الشهر الحالى، فإن معظم المؤشرات لا تدل على انخفاض فعلى متوقع فى إنتاج الحبوب الرئيسية، لكنها لفتت إلى تراجع مخزون المحاصيل مع استمرار اعتماد حصادها على المناخ الدولى .
وتتوقع وزارة الزراعة الأمريكية تراجع إنتاج الولايات المتحدة، أكبر منتج ومصدر للذرة فى العالم، بنسبة %13 ليصل إلى 10.929 مليار بوشل «273.8 مليون طن » خلال العام المقبل، وهو أدنى مستوى له منذ ست سنوات، تأثرًا بأسوأ موجة جفاف تضرب الولايات الغربية الوسطى منذ عام 1936 ، بانخفاض مقداره 2.2 مليار بوشل «273.8 مليون طن » عن العام الماضى الذى سجل إنتاجًا بلغ 12.38 مليار بوشل، وفقًا لآخر تقرير صدر من وزارة الزراعة الأمريكية نشرته وكالة بلومبرج الأمريكية مؤخرًا . كما تتوقع الوزارة تراجع مخزونات الولايات المتحدة من الذرة خلال الموسم الجديد الذى يبدأ 31 أغسطس الحالى، ليصل إلى 650 مليون بوشل، مقارنة بتقديراتها السابقة المستقرة عند 1.183 مليار بوشل، ومنخفضًا عن تقديرات الموسم الحالى البالغة 1.021 مليار بوشل .
وعلى مستوى المؤشرات العالمية تتوقع الوزارة تراجع الإنتاج العالمى خلال العام المقبل ليصل إلى 849.01 مليون طن، مقارنة بتقديرات سابقة مستقرة عند 905.23 مليون طن، ومنخفضًا عن تقديرات العام الماضى البالغة 876.84 مليون طن .
فى حين تتوقع الوزارة تراجع إنتاج الولايات المتحدة من فول الصويا خلال العام المقبل بنسبة %13 ليصل إلى 2.692 مليار بوشل، وسط توقعات بتراجع المخزونات العالمية من فول الصويا مع انتهاء العام الحالى بنسبة %26 ليصل إلى 51.9 مليون طن مترى، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضى، وسط مخاوف من تراجع الإنتاج فى الولايات المتحدة والبرازيل، والأرجنتين، أكبر الدول المنتجة لفول الصويا عالميًا . كما ترجح الوزارة ارتفاع هذا المخزون بشكل طفيف خلال العام المقبل، ليصل إلى 53.4 مليون طن، كما تتوقع الوزارة تراجع إنتاج البرازيل ثانى أكبر منتج لفول الصويا عالميًا، ليصل إلى 66.7 مليون طن خلال العام الحالى، مقارنة بتقديرات سابقة مستقرة عند 75 مليون طن، تأثرًا بالجفاف الذى يضرب معظم مناطق الزراعة فى البرازيل والأرجنتين .