أعترف أن دراستي للفلسفة تحولت من طالب يرنو نحو الحصول علي شهادة إلي عاشق ملهم يقشعر بدنه حينما يسمع أو يقرأ أو ينطق بكلمة فلسفة والتي تعني حب الحكمة.
ومن ضمن النظريات الفلسفية التي مازالت مبادئها متغلغلة في ذهني تلك التي لصاحبها الفيلسوف الالماني فيريدرك هيجل »1831-1770«، وتتلخص نظرية ذلك الفيلسوف والذي عرف بأنه صاحب أسلوب معقد علي الرغم من أنه لا يجيد الخطابة والكلام بأن أي فكرة لابد أن يتولد عنها نقيض لها وبتصارع الفكرة والنقيض تتولد فكرة جديدة وبمرور الوقت يظهر لتلك الفكرة نقيض لها وتتصارعان لتتولد فكرة جديدة وهكذا إلي ما لا نهاية.
وكما قلت أحببت الفلسفة إلي حد العشق والالهام ولم أكن أتصور في يوم من الأيام أن أري بعيني اختباراً حقيقياً لوصول الفكرة الي مرحلة الشيخوخة وتولد أخري جديدة تمثل النقيض لها، وها هي الفكرة تتبلور في الواقع المصري المعايش، فلقد مرت الدولة بمرحلة النضوج في عهد عبدالناصر لتصل الي ذروتها في عهد أنور السادات، ليأتي عصر جديد سيطر فيه رجال أمانة السياسات علي جميع مقاليد الحكم، ولم يكن لأحد أن يتصور أن يصبح الحزب الحاكم هو نفسه الفكرة التي سيتولد منها النقيض بعدما تفشي الفساد جميع أركانه وسط تواجد هزيل للأحزاب السياسية والتي يتصارع كل منها مع الآخر.
ولعل النقيض الذي انتجته القيم الفاسدة المسئول عنها النظام تجسد في شخصية محمد البرادعي، وبعيداً عن كوني مع أو ضد ذلك الرجل فإنني أري أنه يمثل النقيض الحقيقي للحزب الحاكم، فمنذ أن وطأت قدماه أرض الوطن ونحن نري حراكاً سياسياً يثير الجدل حتي إن ظهرت صور ذلك الحراك منذ بضعة أعوام وحتي إن أخذت شكلا صورياً هزلياً إلا أنها في النهاية ظاهرة تستحق التركيز والربط بينها وبين النظرية الهيجلية.
لقد صاغت فلسفة »هيجل« بشكل منظم النظرة »الديالكتيكية« الي العالم؛ وما يوافق ذلك من منهج ديالكتيكي في البحث، ولقد صاغ »هيجل« الديالكتيك باعتباره علماً فلسفياً يعمم التاريخ لكامل المعرفة وكذلك القوانين الأكثر شمولاً لتطور الواقع الموضوعي وانتقد بعمق وحزم المنهج الميتافيزيقي ليصوغ وإن كان بشكل مثالي قوانين ومقولات الديالكتيك.
والتساؤل الجوهري في حال الربط بين هيجل والبرادعي – علي اعتبار أن الأول صاحب النظرية الفلسفية والثاني أحد أطراف تلك النظرية بشكل أو بآخر – ما الفكرة التي ستتولد من الصراع بين النظام الفاسد كفكرة والبرادعي كنقيض للفكرة؟ هل ستظهر فكرة ضعيفة وإن كانت جديدة وتتحول المسألة إلي بكاء علي اللبن المسكوب؟ أم أنها ستتحول إلي بداية جديدة لعهد جديد يُحترم فيه كرامة الإنسان في انسانيته وليس لعقيدته أو طبقته؟ هل ستختفي أزمة الخبز والبوتاجاز وتقلد من يستحق المنصب الذي يستحقه والقضاء علي الأفكار العقيمة؟ أم ستظهر أزمة جديدة لا تقتصر فقط علي سيطرة أصحاب العمامات البيضاء والسوداء علي منابرنا التي تركناها لهم يعبسون فيها كيفما يشاءوا لتظهر أفكار أكثر تعقيداً ليس من نوعية النظرية الهيجلية وانما من نوعية نواب القمار والأحزاب الأكثر ترنحاً والرأسمالية التي لا تعرف للماركسية طريقاً؟
آثار فلسفة هيجل نجدها تعمل في اتجاهات متباينة أشد ما يكون التباين؛ فـ»الماركسية« أخذت عنها وكذلك »البروتستانتية« المتحررة، و»الوجودية« تأثرت بها، وكذلك البراجماتية والوضعية المنطقية ولكن نظرية البرادعي أين سنراها؟
ماهر أبو الفضل يكتب: هيجل والبرادعي
التساؤل الجوهري في حال الربط بين هيجل والبرادعي – علي اعتبار أن الأول صاحب النظرية الفلسفية والثاني أحد أطراف تلك النظرية بشكل أو بآخر – ما الفكرة التي ستتولد من الصراع بين النظام الفاسد كفكرة والبرادعي كنقيض للفكرة؟
ماهر أبو الفضل
12:01 ص, الثلاثاء, 30 مارس 10
ماهر أبو الفضل
12:01 ص, الثلاثاء, 30 مارس 10
End of current post