Loading...

هل تنهي الحوكمة التلاعب في القوائم المالية لشركات التأمين؟

Loading...

هل تنهي الحوكمة التلاعب في القوائم المالية لشركات التأمين؟
جريدة المال

المال - خاص

10:26 ص, الأحد, 6 أبريل 03

أحمد رضوان:

نتيجة لتلاعب بعض شركات التأمين في القوائم المالية الخاصة بها لاظهارها بصورة مغايرة للواقع الفعلي لها وخلق حالة من التحسن الوهمي في اداء الشركة امام المستثمرين وحملة الوثائق، طرحت مؤخراً قضية تطبيق معايير الحوكمة علي شركات التأمين للحد من التلاعب والتضارب الواضح في نتائج القوائم المالية التي يتم اعدادها وفقاً للمعايير المحاسبية الموحدة التي أعدتها الهيئة المصرية للرقابة علي التأمين عام 1999، والتي تضمنت بعض الثغرات المحاسبية التي نفذت منها الإدارة العليا للتأثير علي نتائج القوائم المالية، مما يؤثر علي القرار الاستثماري لدي أصحاب رءوس الأموال في ظل قصور المعيار المحاسبي الموحد في إلزام معدي القوائم بإتباع الاسس السليمة والتي تتمتع بالشفافية المطلوبة ومباديء الافصاح .

والمعايير المحاسبية الموحدة المطبقة حالياً اعدتها الهيئة المصرية للرقابة علي التأمين في محاولة للتأكد من سلامة المراكز المالية لشركات التأمين وإعادة التأمين وحماية حقوق حملة الوثائق وعدم تعرضها للضياع والتأكد من كفاية المخصصات الفنية التي كونتها هذه الشركات .

ووضعت الهيئة مجموعة من المؤشرات المالية للحكم علي المركز المالي للشركة واخري للحكم علي نتائج أعمال الشركة. وتم تطبيق هذه المعايير ابتداء من السنة المالية المنتهية في 1999/6/30 إلا ان تطبيقها لم يف بالغرض الكامل وراء اعدادها .

ويوضح محسن إسماعيل ـ مدير عام الهيئة المصرية للرقابة علي التأمين في إحدي دراساته ـ انه بتحليل مكونات المعايير المحاسبية المصرية يمكن الكشف عن العديد من أوجه القصور والإنتقادات، فقد تم التركيز علي القوائم المالية وليس التقارير المالية بالرغم من أهمية الثانية والتي تتضمن ايضاحات متممة للقوائم المالية تساعد في توجيه قرارات إعادة الهيكلة المالية.. كذلك أغفلت المعايير المحاسبية قوائم مالية أخري في ظل تحرير سوق التأمين والاتجاه نحو الخصخصة مثل قائمة المتغيرات في حقوق المساهمين وقائمة الأرباح المحتجزة ولم تميز هذه المعايير في نموذجي الإيرادات والمصروفات بما يخص نشاط التأمين المباشر وما يخص النشاط الاستثماري .

كما لم تتم التفرقة بين العقارات بغرض الاستثمار والعقارات بغرض الإستخدام. كذلك لم تتضمن أي اشارة إلي متطلبات العرض والافصاح العام عن الأنشطة التي تقوم بها الشركة للمجتمع وكذلك تقرير العمالة علي الرغم من أهمية هذا التقرير في توفير معلومات حول اعادة هيكلة العمالة .

ويشير محسن إسماعيل إلي انه لا تتم إعادة تقييم كل من الاستثمارات العقارية والأصول الثابتة وحقوق المساهمين ونفس الأمر بالنسبة للاستثمارات المالية سواء المتاحة للبيع أو المقتناه بغرض الاحتفاظ بإستثناء السندات الحكومية بالدولار الأمريكي الذي يتم الاحتفاظ بها حتي تاريخ استحقاقها وكذلك وثائق صناديق الاستثمار بالعملات الأجنبية التي تصدرها البنوك وشركات التأمين .

ويوضح د/ محمد يوسف ـ مدير مركز البحوث والدراسات التجارية كلية التجارة جامعة القاهرة ـ انه رغم التغييرات التي حدثت في نشاط شركات التأمين وإعادة التأمين خلال عامي 2000 ، 2001 إلا انه لوحظ وجود استقرار ثابت في معدل العائد علي الاستثمار (ROI) ومعدل العائد علي حقوق حملة الوثائق (ROP) لأكثر من %75 من هذه الشركات ويوضح هذا أن العديد من التغيرات في المخصصات الفنية وعناصر الإيرادات والمصروفات انما حدد بعضها علي أساس محاولة الحفاظ علي مستوي هذه المعدلات وبمعني أخر فإن الثبات الكامل في هذه المعدلات خلال سنتين كاملتين إنما يدل علي ان إعداد القوائم المالية تم من خلال تصميم عكسي لها يبدأ من تحديد المؤشرات المطلوب تحقيقها مسبقاً ثم العودة إلي مقدار الأرباح الواجب إظهارها وما يتعلق بهذه الأرباح من إيرادات ومصروفات وبناء عليه يتم تحديد البنود التفصيلية لهذه القوائم  في ضوء هذا الاتجاه مما يعكس التدخل الارادي من قبل معدي هذه القوائم والإدارة العليا في ترتيب الهياكل المالية المناسبة للمؤسسات المالية ومن ثم فإن مستوي الشفافية والإفصاح عن حقيقة المركز المالي تصبح محل تساؤلات وقد يؤدي هذا التدخل المتعمد إلي اظهار بعض المخصصات بواسطة الخبراء الإكتواريين بشكل فضفاض أو غير حقيقي مما قد يؤدي إلي إحداث تغيير في العديد من العناصر المؤثرة في إعداد هذه المخصصات ولعل من أبرز هذه المتغيرات معدل سعر الفائدة المستخدم والذي إذا ما حدث به تغيير فإن قيمة العديد من هذه المخصصات الفنية سوف يتغير إلي الشكل الذي يعكس رقم الإيراد والمصروف المطلوب تحقيقه .

ويشير د/ يوسف إلي انه بالرغم من ان تطبيق المعيار المحاسبي الموحد لشركات التأمين يحقق العديد من الأهداف إلا ان تطبيقه منفرداً قد لا يفيد في تحقيق نتائج عمل جيدة، وتدخل مستويات إدارية وفنية في إعداد القوائم المالية يؤثر علي الإفصاح الجيد عن حقيقة الوضع المالي وقد أثر بشكل واضح علي نتائج محتويات هذه القوائم، وتبين ان عدم تطبيق مباديء وقواعد حوكمة شركات التأمين ترتب عليه ان أغلب الشركات تعمل علي إظهار الاستقرار في معدلات العائد النهائية بشكل يكاد ان يتصف بالثبات إذا لم يكن بالتحسن ولقد اتجه العديد منهم إلي إظهار بيانات بشكل متغير وبنسب نمو مختلفة لا تتناسب مع طبيعة الموقف في حالات عديدة بهدف الحفاظ علي الشكل العام لمخرجات قوائم الإيرادات والمصروفات .

ويوضح د. محمد يوسف أن التدخل المتعمد بغرض احداث تقييمات غير مناسبة أو تبويب غير سليم لبعض العناصر يؤثر مباشرة علي حقيقة أعمال شركات التأمين وذلك من خلال بعض الأمثلة علي النحو التالي :

عدم الموضوعية التي قد يلجأ إليها البعض في تصنيف الاستثمارات في الأوراق المالية إلي استثمارات بغرض الاحتفاظ بدلاً من أن تكون استثمارات مخصصة للمتاجرة وذلك هروباً من اعداد وتكوين مخصص هبوط أسعار لها حيث إن أسعارها بالبورصة في حالة انخفاض مستمر .

 تقييم بعض الحصص التي تملكها شركات التأمين في شركات مسجلة بالبورصة ولكنها غير متداولة «شركات مساهمة مغلقة» في ضوء تقييم غير سليم فنياً ولا يعكس القيمة الحقيقية لأسهمها بالسوق مما يؤثر سلباً علي نتيجة أعمال شركات التأمين ويضخم من صافي أرباحها بشكل وهمي .

ــ التقدير الخاطئ لمخصص المطالبات تحت التسديد واعتماده علي متوسطات فضفاضة مما يؤثر علي حركة وقيمة الرصيد المستخدم في آخر المدة .

ــ تجاهل بعض التعويضات تحت التسوية رغم أنها حدثت في نهاية الفترة ولم يتم ادراجها ضمن تعويضات العام المعدة عنه القوائم المالية .

ــ فرض عمولات علي عمليات تأمين كانت في الأصل لا تخضع لأي نوع من العمولات حيث إن هذه المعاملات التأمينية يتم الحصول عليها بشكل مستمر ومباشر دون أي جهد اضافي .

ــ التدخل في حركة الودائع الدولارية وتحويل بعضها بسبب أو لآخر إلي الجنيه المصري في ظل اتجاه مؤكد لارتفاع أسعار الصرف مقابل قيمة العملة المحلية مما يخلق عبئا مستقبليا لم يتم ادراجه ضمن عناصر المخصصات والمصروفات عند اعادة تحويل هذه المبالغ مرة أخري إلي الدولار لاستخدامها في سداد التعويضات والالتزامات المستحقة بالدولار .

ــ تأجيل سداد بعض المستحقات والتعويضات المطلوبة في نهاية السنة المالية بغرض تحسين موقف النقدية والمديونية .

ــ محاولة إصدار وثائق بأسعار متدنية جدا بغرض المنافسة لتصعب عملية اعادة التأمين عليها بشكل يؤثر علي حقوق حملة الوثائق والمركز المالي للشركة .

ومن ثم يؤكد د. يوسف ان الأمر لا يتطلب فقط تطبيق المعيار المحاسبي الموحد بل يتطلب الأمر أيضاً ضرورة تطبيق مباديء حوكمة الشركات في قطاع التأمين لما له من حساسية أساسية وأهمية كبيرة في تحقيق نتائج صحيحة بعيدة عن أية تدخلات .

ويعرف إيهاب عقل شريك بمكتب حازم حسن KPMG للمحاسبة مفهوم حوكمة شركات التأمين بأنه مجموعة القوانين والقواعد التي تحدد العلاقة بين إدارة الشركة من ناحية والممولين وحملة الوثائق من ناحية أخري، وبشكل أكثر تحديداً يقدم هذا المفهوم إجابات لعدة تساؤلات أهمها كيفية ضمان الممولين ألا تسيء الإدارة استغلال أموالهم والتأكد من انها تسعي إلي تعظيم ربحية وقيمة أسهم الشركة في الأجل الطويل وكذلك رقابة الإدارة بشكل فعال .

وحدد إيهاب عقل أهمية تطبيق الحوكمة علي شركات التأمين في تعميق سوق المال وتعبئة المدخرات ورفع معدلات الاستثمار وزيادة قدرة الشركات في الحصول علي التمويل وتوليد الأرباح وحماية حقوق حملة الوثائق وزيادة الثقة في الاقتصاد القومي حيث انها تضمن الافصاح عن القوائم المالية والمساواة بين المساهمين وتضمن الإطار التنظيمي والبنية الأساسية للسوق وضمان حقوق الملكية وطبقاً للدراسات يوضح إيهاب عقل ان نسبة مرتفعة من المستثمرين علي استعداد لدفع ثمن أعلي في الشركات التي تطبق مباديء الحوكمة ويعتبرونها أصلا من أصول الشركة .

كما أكد أهمية قيام الهيئة المصرية للرقابة علي التأمين بتطبيق مباديء حوكمة شركات التأمين ولخص دورها كجهة رقابية في التأكد من توافر المعلومات المالية وغير المالية والإفصاح الفوري عن الأحداث الجوهرية التي تؤثر علي المركز المالي للشركة لكافة المتعاملين في السوق في وقت واحد وبالشكل الذي يساهم في اتخاذ قرارات الاستثمارات في ضوء نتائج حقيقية، كذلك تطوير قاعدة البيانات بالهيئة وإخطار الشركات ومراقبي الحسابات بالملاحظات التي تنكشف للمحللين الماليين بهذه الجهات لاتخاذ اللازم بشأنها والتأكد من التزام الشركات بمعايير المحاسبة والتزام المراجعين بمعايير المراجعة وإعداد وتطوير أدلة استرشادية عن متطلبات الإفصاح والشفافية ومتابعة المتغيرات الحديثة بالسوق وإصدار إرشادات عن المعالجات المحاسبية بشأنها ومتابعة إصدار المعايير المحاسبية اللازمة أولاً بأول .

وأكد إيهاب عقل أهمية التأكد من وجود نظم رقابة داخلية فعالة لحماية أصول المنشأة وحقوق الغير والتأكد من التزام الشركات بالمتطلبات القانونية العامة والمتخصصة في مجال عمل شركات التأمين وإعادة التأمين، مشيراً إلي دور آخر للهيئة وهو فرض عقوبات رادعة علي الشركات المخالفة ونشر هذه العقوبات لإخطار جميع المتعاملين في السوق بها في التوقيت المناسب .

جريدة المال

المال - خاص

10:26 ص, الأحد, 6 أبريل 03