أكد الخبراء أن زيادة نسبة استصلاح الأراضي الصحراوية وزراعة المحاصيل التصديرية بمعدل %20 سنويا سيساعد علي تشجيع المزارعين للعودة إلي زراعة القطن بدلا من الاتجاه إلي محاصيل أخري، مطالبين بضرورة دعم الدولة للمزارع وتعويضه عن سعر بيع القطن المنخفض حاليا حتي تنجح وزارة الزراعة في مسعاها لزيادة مساحات الأراضي المستصلحة والمزروعة بنسبة %20 سنويا.
كان وزير الزراعة أمين أباظة قد أكد مؤخرا حرص الدولة لتشجيع استصلاح الأراضي الصحراوية وتحويلها إلي مجتمعات عمرانية حقيقية وتشجيع الحاصلات الزراعية التصديرية التي تتمتع بميزة تنافسية عالية مثل القطن، الارز، الفواكه، ونباتات الزينة بمعدلا %20 سنويا.
ويقول حمدي الصوالحي أمين الجمعية المصرية للاقتصاد الزراعي ان هدف وزارة الزراعة في الوقت الحالي هو إعادة تنشيط زراعة القطن، وذلك بعد تراجع المساحات كثيرا في العام الأخير، والتي وصلت إلي حوالي 300 الف فدان أي أقل بنسبة تعادل حوالي %20 عن المساحة المزروعة من القطن خلال الأعوام السابقة، مشيرا إلي أنه منذ 15 عاما كانت مساحة زراعة القطن تصل إلي مليون ونصف المليون فدان في العام الواحد.
وينبه الصوالحي علي ضرورة اتجاه آليات وزارة الزراعة للعمل علي إنشاء صندوق لموازنة أسعار القطن لتعويض المزارع عن فارق سعر شراء القنطار، بعد انخفاض سعره حيث وصل الي حوالي من 350 جنيها الي 400 جنيه للقنطار وبالتالي فان الصندوق قد يضع سعرا يصل من 550 جنيها الي 600 جنيه لتعويض المزارعين فارق السعر بدلا من الخسارة ضاربا مثالا بانه لو السعر المحدد بالصندوق 600 جنيه للقنطار وقام المزارع ببيع القنطار بـ400 جنيه فان الصندوق لابد ان يدفع له 200 جنيه لتعويضه عن خسارته.
كما يتوقع امين الجمعية المصرية للاقتصاد الزراعي ان مساحة القطن قد تزيد في الفترة المقبلة في حال اذا تم تنفيذ وعود تعويض المزارعين عن خسائرهم وبالتالي تشجعهم علي زراعة القطن، اما علي المستوي التجاري فيري الصوالحي ان الفترة المقبلة »سيبقي الحال كما هو عليه« من ركود للسوق العالمية للقطن، مرجعا ذلك الي انخفاض الاسعار بعد الازمة المالية العالمية والتي لا يكون امام التجار إلا الخضوع لهذا الوضع العام وعدم القدرة علي التصدير باسعار اعلي من السعر العالمي.
ويري الصوالحي ان %20 نسبة جيدة كبداية لانه من السهل تحقيقها مشيرا الي انها ستؤدي الي مضاعفة مساحة الاراضي المزروعة من القطن علي مدار 5 سنوات بحيث يمكن ان تصل الي انتاج 600 الف فدان في العام لذلك لابد من زيادة النسبة لاحقا.
ومن جانبه يستبعد د. محمد فاروق الخبير الاقتصادي تحقيق نسبة زيادة %20 في استصلاح الاراضي الصحراوية وتحويلها الي مجتمعات عمرانية، وزراعة الحاصلات التصديرية في ظل غياب المنظومة القادرة علي تطبيق ذلك والتي لابد ان تتكون من عدة عناصر يأتي علي رأسها التخطيط الجيد طبقا للامكانيات بحيث يتم تفعيل الاستفادة من الامكانات الحالية من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة في الزراعة بالنسبة لكل من المياه وانتاج الفدان، الي جانب الاستغلال الامثل للايدي العامة ومراعاة تكنولوجيا مكافحة الآفات الزراعية، بالاضافة الي ضرورة اعادة تأهيل الكوادر لادراك ماهية الثقافة الزراعية.
ولذلك يتوقع فاروق عدم تحقيق اي آمال في الربع المقبل من العام او الذي يليه او حتي لعدة اعوام.
وعن محصول القطن فيقول فاروق إنه اذا نظرنا الي احواله المتدهورة فاننا نتوقع زيادة تدهوره نظرا لتعمق ثقافة الربحية الشخصية بعيدا تماما عن النظرة القومية التي لابد ان يصاحبها انتماء.
مشيرا الي انه في الماضي كان هناك ارتباط وثيق بين الدولة التي تنظر الي الربحية القومية والي المزارع الذي ينظر الي الربحية الذاتية حيث ان آليات الدولة كانت كفيلة بان تحدث التوازن لتحقيق مزيج من الربحية القومية والربحية الفردية في ذات الوقت مما يؤدي الي استفادة جميع الاطراف.
ويضيف فاروق انه حاليا قد زادت الفجوة بين آليات الدولة القومية والمصلحة الشخصية مما نتج عنه توجه الافراد المستثمرين الي زراعة المحاصيل التي تدر عليهم ربحية اعلي واسرع، لافتا الي ان انكماش سوق القطن وتراجع الطلب العالمي عليها بعد الازمة العالمية ايضا قد اثر بالسلب عليها بشكل كبير وجعل المنافسة اكثر شراسة.
ويري عادل العزبي نائب رئيس شعبة المستثمرين باتحاد الغرف التجارية ان مشروع العناية بالزراعة يجب ان يكون هو المشروع القومي الاول في مصر في الفترة الحالية، مشيرا الي انه كمرحلة اولي ـ تتراوح من 5 الي 7 سنوات ـ فان نسبة زيادة الاراضي بـ%20 سنويا هي نسبة كافية بشرط ان تتم زيادتها بعد هذه الفترة طبقا للظروف المالية، موضحا انه لو بدأنا بالخطوة الاولي التي اشار اليها وزير الزراعة امين اباظة فان ذلك سيساعد علي الوصول الي »نقطة قوة الاندفاع والانطلاق« تفي تطوير المجال الزراعي.
ويؤكد العزبي انه بشكل عام لا حل لمشاكل مصر الاقتصادية الحقيقية دون العودة الي العناية بالزراعة حتي يمكن سد الفجوة الغذائية التي تعتمد نسبة عالية منها علي الاستيراد مما يعرض المجتمع المصري الي مخاطر جسيمة خاصة في اوقات الازمات مما يجعله يؤكد ان العناية بكفاءة الارض الزراعية والدورة الزراعية والانتاج المحصولي هو الوسيلة الجدية في هذا المجال.