كتب – حـــازم شــــريف:
لم يكن غريبا أن يكون محمد سعد هو أول المهنئين لعادل إمام علي فيلمه الأخير «التجربة الدانماركية».. كما اخبرتنا بذلك مجلة روز اليوسف في سياق حملتها الواضحة لمؤازرة إمام قبل أسبوعين.
فإذا كان سعد يجسد آخر تجليات ــ أو بعبارة أخري تداعيات ــ موجة أفلام الاسكيتشات الضاحكة والتي بدأت مع انفجار هنيدي في فيلم «إسماعيلية رايح جاي» قبل عدة سنوات .. فإن ما فعله إمام في فيلمه الأخير، ليس أكثر من اعتراف واضح من نجم النجوم بسطوة الموجة الجديدة وقدرتها الفائقة علي دغدغة جيوب المشاهدين علي أعتاب شباك التذاكر.
فبإستثناء حفنة من الجمل الحوارية تصلح أن تكون نواة لنسيج درامي غير موجود بالأساس، فإن الفيلم اعتمد علي نفس الأسلوب السائد في أفلام الموجة الضاحكة.. مجموعة من الاسكتشات تعج بالإفيهات، تستطيع أن تستبدل أياًِ منها مكان الآخر، دون أن تشعر بأي تأثير علي تتابع الأحداث.
القصة باختصار.. أن وزير قرر أن يتقدم باستقالته كي يستمتع بحياته «يعيش حياته» لكن المفاجأة تكمن في نهاية الفيلم.. ليس في أنه قرر التضحية بمتعته واستعادة حياته الضائعة من أجل البقاء مع أبنائه الأربعة- كما يفعل أغلب المصريين وفقاً لنظرية القصور الذاتي ــ ولكن ــ المفاجأة ــ تأتي حين نكتشف في مشهد النهاية أن هذه التضحية «بالأفضل» لم تسفر عن تغيير حياة الأبناء إلي «الأفضل» وكأن الأصل في الأمور أن يوهب البشر حياتهم للتناسل دون أن يمتلكوا حتي ثقافة هذا التناسل، بل وفي ظل جهل فاضح بأسس وقواعد التربية المتحضرة التي تجعل من هؤلاء الأبناء مجرد حفنة متلاحمة من «البلطجية» كما صورت اسكتشات الفيلم نفسه أبناء البطل الوزير!
وهكذا أوقعت معايير الشباك ــ أو ما يبدو أنه كذلك ــ عادل أمام الذي يقدم نفسه في حواراته الإعلامية علي أنه أحد النماذج التقدمية في فخ نفس المضمون التقليدي.. الغرب المنحل في مواجهة الشرق الأصيل، الحياة المادية المتفسخة في مقابل تقاليد العائلة والعصبية الحميمية.. وكان لابد وأن ينتصر في النهاية للطرف الثاني من المعادلة لحساب زبون الشباك.
الفرق بين عادل إمام في «رجب فوق صفيح ساخن» ــ حين بدأ ــ وعادل إمام ــ حيث انتهي- في «التجربة الدانماركية» هو رصيد هائل من النجومية صنعها عبر أكثر من عشرين عاماً، يوازيه كم مهول من العلاقات الإعلامية والاجتماعية والسياسية المتشابكة تكفل له حمايته من تصنيفه في خانة «اللمبي» وتضمن بدلا من ذلك تتويجه علي عرش فنان الشعب!
ولعله ليس من قبيل المصادفة أن فيلم محمد سعد الأخير «اللي بالي بالك» يعرض في ذات التوقيت بل وفي نفس عدد دور العرض تقريبا 64 دار عرض لسعد مقابل 63 لإمام في حين أن ملك الموجة الضاحكة «محمد هنيدي» يعرض فيلمه الجديد «عسكر في المعسكر» في 77 دور عرض.. هذه هي الخريطة الجديدة التي يسعي إمام لتغيير ملامحها.
وقد نجح في ارضاء جميع الرغبات.. الضحك بالإفيهات، الإثارة وفرتها النجمة الصاروخية نيكول سابا، قيم المجتمع بالانتصار للتقليدية، أما النزعة الذكورية الشرقية فوجدت ضالتها في صفعة هوت بها يد الوزير علي وجه البطلة الغربية «الدانماركية» أوقعتها في حبه لأنها كشفت لها عن «رجل حقيقي- لا نتحرج في وصف ذلك بالإسفاف ــ حتي الوزراء أنفسهم تم تعويضهم عن التلميح بجمودهم في مواقعهم مهما حدث ومهما تسببوا فيه من كوارث بأكثر من جملة حوارية علي لسان البطل الوزير.. من عينة أن الديمقراطية للشعب وليس للوزراء وأن الشعب يستطيع أن يعيش حياته بعكس الوزيــر! -نترك الحكم للقاريء- حتي المراهقات وجدوا ضالتهم في أبطال الفيلم من الشباب حسني الطلعة مفتولي العضلات.
ليس عيبا أن يرضخ إمام كفنان له مكانته لنفس الضغوط التي أودت مبكراً بحياة النجم الشاب «علاء ولي الدين».. الخوف من عدم اضحاك الجماهير ومن ثم خسارة معركة الشباك.. ولكن الخطيئة أن يحاول البعض أن يصور لنا ذلك الرضوخ، علي أنه انتصار للفن الجميل.
لم يكن غريبا أن يكون محمد سعد هو أول المهنئين لعادل إمام علي فيلمه الأخير «التجربة الدانماركية».. كما اخبرتنا بذلك مجلة روز اليوسف في سياق حملتها الواضحة لمؤازرة إمام قبل أسبوعين.
فإذا كان سعد يجسد آخر تجليات ــ أو بعبارة أخري تداعيات ــ موجة أفلام الاسكيتشات الضاحكة والتي بدأت مع انفجار هنيدي في فيلم «إسماعيلية رايح جاي» قبل عدة سنوات .. فإن ما فعله إمام في فيلمه الأخير، ليس أكثر من اعتراف واضح من نجم النجوم بسطوة الموجة الجديدة وقدرتها الفائقة علي دغدغة جيوب المشاهدين علي أعتاب شباك التذاكر.
فبإستثناء حفنة من الجمل الحوارية تصلح أن تكون نواة لنسيج درامي غير موجود بالأساس، فإن الفيلم اعتمد علي نفس الأسلوب السائد في أفلام الموجة الضاحكة.. مجموعة من الاسكتشات تعج بالإفيهات، تستطيع أن تستبدل أياًِ منها مكان الآخر، دون أن تشعر بأي تأثير علي تتابع الأحداث.
القصة باختصار.. أن وزير قرر أن يتقدم باستقالته كي يستمتع بحياته «يعيش حياته» لكن المفاجأة تكمن في نهاية الفيلم.. ليس في أنه قرر التضحية بمتعته واستعادة حياته الضائعة من أجل البقاء مع أبنائه الأربعة- كما يفعل أغلب المصريين وفقاً لنظرية القصور الذاتي ــ ولكن ــ المفاجأة ــ تأتي حين نكتشف في مشهد النهاية أن هذه التضحية «بالأفضل» لم تسفر عن تغيير حياة الأبناء إلي «الأفضل» وكأن الأصل في الأمور أن يوهب البشر حياتهم للتناسل دون أن يمتلكوا حتي ثقافة هذا التناسل، بل وفي ظل جهل فاضح بأسس وقواعد التربية المتحضرة التي تجعل من هؤلاء الأبناء مجرد حفنة متلاحمة من «البلطجية» كما صورت اسكتشات الفيلم نفسه أبناء البطل الوزير!
وهكذا أوقعت معايير الشباك ــ أو ما يبدو أنه كذلك ــ عادل أمام الذي يقدم نفسه في حواراته الإعلامية علي أنه أحد النماذج التقدمية في فخ نفس المضمون التقليدي.. الغرب المنحل في مواجهة الشرق الأصيل، الحياة المادية المتفسخة في مقابل تقاليد العائلة والعصبية الحميمية.. وكان لابد وأن ينتصر في النهاية للطرف الثاني من المعادلة لحساب زبون الشباك.
الفرق بين عادل إمام في «رجب فوق صفيح ساخن» ــ حين بدأ ــ وعادل إمام ــ حيث انتهي- في «التجربة الدانماركية» هو رصيد هائل من النجومية صنعها عبر أكثر من عشرين عاماً، يوازيه كم مهول من العلاقات الإعلامية والاجتماعية والسياسية المتشابكة تكفل له حمايته من تصنيفه في خانة «اللمبي» وتضمن بدلا من ذلك تتويجه علي عرش فنان الشعب!
ولعله ليس من قبيل المصادفة أن فيلم محمد سعد الأخير «اللي بالي بالك» يعرض في ذات التوقيت بل وفي نفس عدد دور العرض تقريبا 64 دار عرض لسعد مقابل 63 لإمام في حين أن ملك الموجة الضاحكة «محمد هنيدي» يعرض فيلمه الجديد «عسكر في المعسكر» في 77 دور عرض.. هذه هي الخريطة الجديدة التي يسعي إمام لتغيير ملامحها.
وقد نجح في ارضاء جميع الرغبات.. الضحك بالإفيهات، الإثارة وفرتها النجمة الصاروخية نيكول سابا، قيم المجتمع بالانتصار للتقليدية، أما النزعة الذكورية الشرقية فوجدت ضالتها في صفعة هوت بها يد الوزير علي وجه البطلة الغربية «الدانماركية» أوقعتها في حبه لأنها كشفت لها عن «رجل حقيقي- لا نتحرج في وصف ذلك بالإسفاف ــ حتي الوزراء أنفسهم تم تعويضهم عن التلميح بجمودهم في مواقعهم مهما حدث ومهما تسببوا فيه من كوارث بأكثر من جملة حوارية علي لسان البطل الوزير.. من عينة أن الديمقراطية للشعب وليس للوزراء وأن الشعب يستطيع أن يعيش حياته بعكس الوزيــر! -نترك الحكم للقاريء- حتي المراهقات وجدوا ضالتهم في أبطال الفيلم من الشباب حسني الطلعة مفتولي العضلات.
ليس عيبا أن يرضخ إمام كفنان له مكانته لنفس الضغوط التي أودت مبكراً بحياة النجم الشاب «علاء ولي الدين».. الخوف من عدم اضحاك الجماهير ومن ثم خسارة معركة الشباك.. ولكن الخطيئة أن يحاول البعض أن يصور لنا ذلك الرضوخ، علي أنه انتصار للفن الجميل.