كتب- أحمد عطار:
هل هناك أدب مدونات؟ السؤال السابق يفرض نفسه في الوقت الحالي، فمن ناحية تضم المدونات نوعية جيدة من الكتابة تقترب من كتابة اليوميات، ولكنها كتابة لا تخلو من جاذبية أدبية
ومن ناحية أخري من الممكن أن تعتبر هذه الكتابة كتابة جديدة – إذا التفت إليها النقاد- وقد بدأت هذه الكتابة بالتشكل بعيدا عن الكتب، فهي موجودة علي المدونات، الكتابة التي نقصدها تكاد تكون أقرب إلي الأعمال الأخيرة لإبراهيم أصلان ومحمد المخزنجي..فهي كما عبر عنها أحد المدونين »كتابة لتفاصيل الحياة المعتادة«، وقد تتنوع هذه الكتابة ما بين كونها كتابة جيدة أو كتابة تحتاج إلي معالجة فنية..ولكنها، في جميع الاحوال، كتابة تستحق أن يلقي عليها الضوء.
بالفعل لاقت العديد من هذه الكتابات حظها من النشر حيث بدأت دار »ملامح« نشر العديد من الأعمال – دواوين وروايات – نشرت من قبل علي المدونات، كما نشرت »دار ميريت« أكثر من ديوان لشعراء، هم مدونون بالأساس. وأخيرا قامت »دار الشروق« بنشر ثلاثة كتب ضمن سلسلة جديدة تحمل اسم »مدونة الشروق«..ليصبح لظاهرة المدونات انعكاس أدبي، يظهر في كتب تحقق مبيعات مرتفعة.
يري إبراهيم السيد الشاعر وصاحب مدونة »أبو خليل بن عبد الله الغريب وشهرته: »سيد العارفين« أن كلمة »الكتابة الإبداعية علي المدونات« أفضل من استخدام كلمة »أدب« لأنه لا يوجد أدب علي المدونات، وإلا كنا نتحدث عن السينما النظيفة أو أن »جهاز الفيديو« أحدث تغييرا في صناعة السينما!.
ويضيف صاحب ديوان »كيف يقضي ولد وحيد الويك إند؟« أننا عندما نريد نقد المدونات الأدبية ، لن نستطيع نقدها كما نفعل مع باقي النصوص، لأننا لن نستطيع الاتكاء علي مرجع جمالي أو فلسفي واضح، نستطيع فقط الاعتماد علي التجربة مع الأخذ بعين الاعتبار عامل السرعة في عمل هذه الوسيلة، ولهذا السبب لن نستطيع الوصول إلي حكم قطعي ومطلق .
هل هي كتابة افتراضية لا تجذب القراء؟ يقول السيد إن هذه المدونات تخاطب قارئاً مختلفا ، فهو يختلف إلي حد ما عن المخاطب التقليدي للأدب، إنه أدب افتراضي لمخاطب مفترض.
وقد قدمت المدونات المصرية مساحات واسعة للبوح وتسجيل اللحظات العابرة المتوترة، مثل مدونات: »لست أدري«، »حواديت رحاب بسام« ، و»سوء تفاهم سولو«، وقدم أحمد ناجي في لعبته الروائية »روجرز« شكلا جديدا في استخدامات اللغة والتفاعل بين القارئ والكاتب في شكل متاهة/لعبة روائية تم نشرها في كتاب لاحقا .
وقدم عمرو عزت في مدونته »ما بدالي« ما أسميه عودة قوية لفكرة المقال الأدبي الذي انقرض من مصر مؤخرا..
والحقيقة أن ما قدمته المدونات مؤخرا هو تحريك للمياة الراكدة في علاقة القارئ بالكتابة وقدمت أسماء جديدة طازجة لم تتح لها من قبل فرصة أخري للتواصل مع القارئ التقليدي.
من جانبه يري الشاعر محمود عزت صاحب ديوان شعر العامية »شغل كايرو«، والمدون في الوقت نفسه أن المدونات في نهاية الأمر »وسيلة«، لكن مع الوقت تحولت لظرف من ظروف الكتابة، ظرف استدعي معه »شوية« خصائص للكتابة علي المدونة، مثل الحرية التامة والتلقائية والرغبة في التمرد الدائم علي التصنيف والرقابة وفكرة التخصص.
هل يوجد أدب خاص بالمدونات؟ يجيب »عزت« عن هذا السؤال قائلا : »مش عارف تحديدا فيه نوع أدبي اسمه التدوين أم لا«. ولكن الكتابة المتاحة الآن بالمدونات تؤكد وجود حالة من التطور لما يكتبه المدونون ويقول: من الممكن أن نلاحظ وجود نوع من الكتابات يتطور ناحية صنع مفهوم مثل هذا ليكون»التدوين« فنا جديدا وهو فن الكتابة الحرة، ويوضح »محمود « أن ما يعتبر فن »التدوين« يحتاج إلي أن يتم تصنيفه فيقول ان تعريف التدوين باعتباره الكتابة الذاتية المفتوحة للتعليق علي كل شئ لن يكون تعريفا دقيقا، لأن هناك »قصص« و»أشعار«.. يتم عرضها علي المدونات كتدوينات، وليس باعتبارها اعمالاً إبداعية.
ويوضح أن »محاولة تصنيف التدوين هي بالضبط مثل محاولة تحجيم كمية من الماء في الفراغ«..أي انه أمر مستحيل.
ويعلق صاحب ديوان »شغل كايرو« علي نشر الأعمال المنشورة علي المدونات في كتب حيث يقول : »إن ما يحدد ذلك هو جودة العمل الفني نفسه، فهو الذي يفرض وجوده، فلو أن العمل يستحق التواجد »ككائن ورقي« سيتم ذلك من خلال المهتمين بالنشر.مثلا في محاولة »دار الشروق« الأخيرة لنشر المدونات كان الاختيار انتقائياً بشكل يناسب سياسة الدار وفكرتها عن الكتاب التي لا تخلو طبعا من فكرة الربح و(ده مش شئ سيئ)«!.
لماذا اختيار المدونات لنشر مادتها؟ يبرر »عزت« ذلك قائلا : »لقد اختاروا أعمالاً مميزة لها جمهور، هذا الاختيار لم يكن عشوائيا. أما فكرة اللجوء لنشر مادة المدونات فقد جاءت كمحاولة لفتح الباب لرؤية جيل من المبدعين الشباب جميع الأبواب مسدودة أمامه بسبب الصحفيين المشاهير والفنانين العظام »اللي ماليين الجرايد دلوقتي«. ويضيف أن المدون من الممكن أن يحقق ضجة خلال مدونته ويكون له جمهور«.
في بداية حديثنا مع أحمد ناجي، مؤلف رواية »روجرز«، والتي نشرها كاملة من قبل علي رابط بمدونته »وسع خيالك«، بالطبع قبل أن تصدر في كتاب ورقي، سألناه: هل تري أن هناك ما يسمي بأدب المدونات؟
أجاب أنه من الصعب الإجابة عن هذا السؤال في الوقت الراهن، فالظاهرة لا تزال في بدايتها، ورغم كل شيء، لم يمر حتي عشر سنوات علي ظهور المدونات كتقنية للنشر، لذلك فمثل هذا السؤال لا يمكن الإجابة عنه في هذه اللحظة الراهنة.
هل هناك مدونات تري أنها تستحق النشر؟ يوضح »ناجي« أنه ليس منحازا بصراحة، لفكرة إعادة نشر المدونات في كتب ورقية، حيث يفقد النص الكثير من عناصره مثل التعليقات أو الصور التي تشكل في عدد من المدونات جزءاً أساسياً من تركيبة المدونة، لكن الأمر في النهاية مسألة تخص الكاتب/ المدون … فلا يزال للنشر الورقي بهاؤه الخاص.
ومن المدونات التي يري صاحب مدونة وسع خيالك« أنها ذات مادة جذابة المدونات الآتية »أرض الرمال لبن كرشيان« ، »العرب في الفضاء«، »طي المتصل«، »ربيع«.
هل هناك جاذبية للكتابة إذا كان كاتبها مدونا يجيب »ناجي« أنه ليس شرطاً… فبعض الكتاب تأخذ مدوناتهم صبغة دعائية لأعمالهم الورقية المنشورة أو التي تكون قيد النشر، لكن هناك بعض الكتاب الذين يستغلون مدوناتهم كمساحة للتجريب واللعب كمدونة نائل الطوخي، ومدونة »حواديت« لرحاب بسام..(التي نشرت دار الشروق أجزاء منها تحت عنوان »رز بلبن لشخصين«).
هل تعتبر عملية نشر المدونات في كتب عملية مضمونة؟ يقول أحمد ناجي إنه من الناحية التجارية فإن نشر أعمال سبق نشرها علي مدونة بكل التأكيد سيكون عملية مضمونة. وذلك ينطبق علي الناشر الغربي أو الناشر العربي، وقد حققت كتب من هذه النوعية نجاحاً كبيراً، لأن الناشر منذ البداية يدخل عملية مضمونة. يختار الناشر في الغالب مدونة ذات شعبية وذات تأثير – بالطبع – وبذلك يكسب الكتاب جمهوره حتي قبل طباعته أو طرحه في الأسواق!.
هل هناك أدب مدونات؟ السؤال السابق يفرض نفسه في الوقت الحالي، فمن ناحية تضم المدونات نوعية جيدة من الكتابة تقترب من كتابة اليوميات، ولكنها كتابة لا تخلو من جاذبية أدبية
ومن ناحية أخري من الممكن أن تعتبر هذه الكتابة كتابة جديدة – إذا التفت إليها النقاد- وقد بدأت هذه الكتابة بالتشكل بعيدا عن الكتب، فهي موجودة علي المدونات، الكتابة التي نقصدها تكاد تكون أقرب إلي الأعمال الأخيرة لإبراهيم أصلان ومحمد المخزنجي..فهي كما عبر عنها أحد المدونين »كتابة لتفاصيل الحياة المعتادة«، وقد تتنوع هذه الكتابة ما بين كونها كتابة جيدة أو كتابة تحتاج إلي معالجة فنية..ولكنها، في جميع الاحوال، كتابة تستحق أن يلقي عليها الضوء.
بالفعل لاقت العديد من هذه الكتابات حظها من النشر حيث بدأت دار »ملامح« نشر العديد من الأعمال – دواوين وروايات – نشرت من قبل علي المدونات، كما نشرت »دار ميريت« أكثر من ديوان لشعراء، هم مدونون بالأساس. وأخيرا قامت »دار الشروق« بنشر ثلاثة كتب ضمن سلسلة جديدة تحمل اسم »مدونة الشروق«..ليصبح لظاهرة المدونات انعكاس أدبي، يظهر في كتب تحقق مبيعات مرتفعة.
يري إبراهيم السيد الشاعر وصاحب مدونة »أبو خليل بن عبد الله الغريب وشهرته: »سيد العارفين« أن كلمة »الكتابة الإبداعية علي المدونات« أفضل من استخدام كلمة »أدب« لأنه لا يوجد أدب علي المدونات، وإلا كنا نتحدث عن السينما النظيفة أو أن »جهاز الفيديو« أحدث تغييرا في صناعة السينما!.
ويضيف صاحب ديوان »كيف يقضي ولد وحيد الويك إند؟« أننا عندما نريد نقد المدونات الأدبية ، لن نستطيع نقدها كما نفعل مع باقي النصوص، لأننا لن نستطيع الاتكاء علي مرجع جمالي أو فلسفي واضح، نستطيع فقط الاعتماد علي التجربة مع الأخذ بعين الاعتبار عامل السرعة في عمل هذه الوسيلة، ولهذا السبب لن نستطيع الوصول إلي حكم قطعي ومطلق .
هل هي كتابة افتراضية لا تجذب القراء؟ يقول السيد إن هذه المدونات تخاطب قارئاً مختلفا ، فهو يختلف إلي حد ما عن المخاطب التقليدي للأدب، إنه أدب افتراضي لمخاطب مفترض.
وقد قدمت المدونات المصرية مساحات واسعة للبوح وتسجيل اللحظات العابرة المتوترة، مثل مدونات: »لست أدري«، »حواديت رحاب بسام« ، و»سوء تفاهم سولو«، وقدم أحمد ناجي في لعبته الروائية »روجرز« شكلا جديدا في استخدامات اللغة والتفاعل بين القارئ والكاتب في شكل متاهة/لعبة روائية تم نشرها في كتاب لاحقا .
وقدم عمرو عزت في مدونته »ما بدالي« ما أسميه عودة قوية لفكرة المقال الأدبي الذي انقرض من مصر مؤخرا..
والحقيقة أن ما قدمته المدونات مؤخرا هو تحريك للمياة الراكدة في علاقة القارئ بالكتابة وقدمت أسماء جديدة طازجة لم تتح لها من قبل فرصة أخري للتواصل مع القارئ التقليدي.
من جانبه يري الشاعر محمود عزت صاحب ديوان شعر العامية »شغل كايرو«، والمدون في الوقت نفسه أن المدونات في نهاية الأمر »وسيلة«، لكن مع الوقت تحولت لظرف من ظروف الكتابة، ظرف استدعي معه »شوية« خصائص للكتابة علي المدونة، مثل الحرية التامة والتلقائية والرغبة في التمرد الدائم علي التصنيف والرقابة وفكرة التخصص.
هل يوجد أدب خاص بالمدونات؟ يجيب »عزت« عن هذا السؤال قائلا : »مش عارف تحديدا فيه نوع أدبي اسمه التدوين أم لا«. ولكن الكتابة المتاحة الآن بالمدونات تؤكد وجود حالة من التطور لما يكتبه المدونون ويقول: من الممكن أن نلاحظ وجود نوع من الكتابات يتطور ناحية صنع مفهوم مثل هذا ليكون»التدوين« فنا جديدا وهو فن الكتابة الحرة، ويوضح »محمود « أن ما يعتبر فن »التدوين« يحتاج إلي أن يتم تصنيفه فيقول ان تعريف التدوين باعتباره الكتابة الذاتية المفتوحة للتعليق علي كل شئ لن يكون تعريفا دقيقا، لأن هناك »قصص« و»أشعار«.. يتم عرضها علي المدونات كتدوينات، وليس باعتبارها اعمالاً إبداعية.
ويوضح أن »محاولة تصنيف التدوين هي بالضبط مثل محاولة تحجيم كمية من الماء في الفراغ«..أي انه أمر مستحيل.
ويعلق صاحب ديوان »شغل كايرو« علي نشر الأعمال المنشورة علي المدونات في كتب حيث يقول : »إن ما يحدد ذلك هو جودة العمل الفني نفسه، فهو الذي يفرض وجوده، فلو أن العمل يستحق التواجد »ككائن ورقي« سيتم ذلك من خلال المهتمين بالنشر.مثلا في محاولة »دار الشروق« الأخيرة لنشر المدونات كان الاختيار انتقائياً بشكل يناسب سياسة الدار وفكرتها عن الكتاب التي لا تخلو طبعا من فكرة الربح و(ده مش شئ سيئ)«!.
لماذا اختيار المدونات لنشر مادتها؟ يبرر »عزت« ذلك قائلا : »لقد اختاروا أعمالاً مميزة لها جمهور، هذا الاختيار لم يكن عشوائيا. أما فكرة اللجوء لنشر مادة المدونات فقد جاءت كمحاولة لفتح الباب لرؤية جيل من المبدعين الشباب جميع الأبواب مسدودة أمامه بسبب الصحفيين المشاهير والفنانين العظام »اللي ماليين الجرايد دلوقتي«. ويضيف أن المدون من الممكن أن يحقق ضجة خلال مدونته ويكون له جمهور«.
في بداية حديثنا مع أحمد ناجي، مؤلف رواية »روجرز«، والتي نشرها كاملة من قبل علي رابط بمدونته »وسع خيالك«، بالطبع قبل أن تصدر في كتاب ورقي، سألناه: هل تري أن هناك ما يسمي بأدب المدونات؟
أجاب أنه من الصعب الإجابة عن هذا السؤال في الوقت الراهن، فالظاهرة لا تزال في بدايتها، ورغم كل شيء، لم يمر حتي عشر سنوات علي ظهور المدونات كتقنية للنشر، لذلك فمثل هذا السؤال لا يمكن الإجابة عنه في هذه اللحظة الراهنة.
هل هناك مدونات تري أنها تستحق النشر؟ يوضح »ناجي« أنه ليس منحازا بصراحة، لفكرة إعادة نشر المدونات في كتب ورقية، حيث يفقد النص الكثير من عناصره مثل التعليقات أو الصور التي تشكل في عدد من المدونات جزءاً أساسياً من تركيبة المدونة، لكن الأمر في النهاية مسألة تخص الكاتب/ المدون … فلا يزال للنشر الورقي بهاؤه الخاص.
ومن المدونات التي يري صاحب مدونة وسع خيالك« أنها ذات مادة جذابة المدونات الآتية »أرض الرمال لبن كرشيان« ، »العرب في الفضاء«، »طي المتصل«، »ربيع«.
هل هناك جاذبية للكتابة إذا كان كاتبها مدونا يجيب »ناجي« أنه ليس شرطاً… فبعض الكتاب تأخذ مدوناتهم صبغة دعائية لأعمالهم الورقية المنشورة أو التي تكون قيد النشر، لكن هناك بعض الكتاب الذين يستغلون مدوناتهم كمساحة للتجريب واللعب كمدونة نائل الطوخي، ومدونة »حواديت« لرحاب بسام..(التي نشرت دار الشروق أجزاء منها تحت عنوان »رز بلبن لشخصين«).
هل تعتبر عملية نشر المدونات في كتب عملية مضمونة؟ يقول أحمد ناجي إنه من الناحية التجارية فإن نشر أعمال سبق نشرها علي مدونة بكل التأكيد سيكون عملية مضمونة. وذلك ينطبق علي الناشر الغربي أو الناشر العربي، وقد حققت كتب من هذه النوعية نجاحاً كبيراً، لأن الناشر منذ البداية يدخل عملية مضمونة. يختار الناشر في الغالب مدونة ذات شعبية وذات تأثير – بالطبع – وبذلك يكسب الكتاب جمهوره حتي قبل طباعته أو طرحه في الأسواق!.