تعرض دور البنوك في البورصة لنوبات من المد والجزر
قامت خلالها بالعمل علي تخفيف حدة الازمات التي تعرضت لها البورصة في حالات
المد وكانت في حد ذاتها أثناء الجزر من بين أسباب الأزمة بافتقادها القدرة
علي لعب دور القيادة لحركة السوق من خلال اسهمها التي شهدت تراجعاً
ملحوظاً لا يمكن تجاهله.
وتلاحظ هبة الذوئيبي بقطاع البحوث بالمجموعة المالية هيرمس أنه من بين 33 بنكاً مسجلة أسهمها بالبورصة احتفظت 6 بنوك فقط بقيادة النشاط داخل القطاع.. وهذه البنوك تحظي بدرجة متابعة عالية لنشاط اسهمها حيث تستأثر وحدها بنحو %70 من اجمالي تعاملات القطاع.. ومع ذلك فإن اسعار اسهم هذه البنوك تراجعت بالنسبة لـ 5 منها، هي التجاري الدولي الذي هبط متوسط سعر سهمه بواقع %3.64 خلال عام 2002 وكان أقل اسهم هذه البنوك انخفاضاً تلاه البنك المصري الأمريكي مسجلاً هبوط في متوسط سعر سهمه %4.97 ثم سهم بنك مصر الدولي بفارق هائل بلغت نسبة التراجع فيه %27.51 وتبعه سهم البنك المصري لتنمية الصادرات مسجلا نسبة تراجع بلغت %30 وكان أكثر هذه البنوك انخفاضاً في متوسط سعر سهمه البنك الوطني المصري الذي تراجع بنسبة %45.47.
وانفرد متوسط سعر سهم البنك الأهلي سوسيتيه جنرال بتحقيق الارتفاعات الوحيدة بين اسهم البنوك النشطة مسجلا ارتفاعاً بلغ %36.98.
وتري هبة الذوئيبي أن الأرقام كافية لتعكس اداء اسهم البنوك في البورصة وبصفة عامة فان التجاري الدولي علي سبيل المثال سجل من حيث كمية الاسهم المتداولة خلال عام 2002 رقماً بالغ الضخامة هو 21.483.309 أسهم وكان بذلك أكثر اسهم البنوك تداولا وحقق اجمالي قيمة تعاملات 608.976.669 جنيه.. وكان أعلي سعر اقفال له هو 31.92 جنيه في 10 ابريل 2002 بينما كان أدني سعر اقفال له هو 25.5 جنيه في يومي 11، 12 نوفمبر من نفس العام.
أما ثاني سهم من حيث كمية التداول فكان سهم البنك الوطني المصري الذي تم التعامل في هذا العام علي 6.879.401 سهم منه فيما بلغت قيمة هذه التعاملات 102.731.315 جنيه وبلغ أعلي سعر اغلاق له 22.09 جنيه في 14 ابريل ليهبط إلي 9.01 جنيه في أدني سعر اغلاق له في 20 نوفمبر من العام نفسه.
وبالنسبة لثالث سهم من حيث أكبر كمية تداول فكان سهم البنك المصري لتنمية الصادرات الذي تم التداول علي 4.231.505 سهم منه بلغت قيمتها 75.284.413 جنيهاً وكان أعلي سعر اغلاق له في 9 مايو حيث سجل 23.56 جنيه هبط بعدها في 31 أكتوبر إلي 12.1 جنيه.
وتلي سهم بنك تنمية الصادرات سهم البنك المصري الأمريكي الذي بلغ عدد الاسهم التي تم التداول عليها منه 3.327.275 سهم بلغت قيمتها 100.952.944 جنيه.. وكان أعلي سعر اغلاق لسهمه هو 34.25 سجله في 9 يناير 2002 هبط بعدها إلي 25.47 في 14 أكتوبر من نفس العام.
وجاء بعد ذلك سهم بنك مصر الدولي في المركز الخامس من حيث كمية التداول التي شملت 2.713.697 سهم بلغت قيمتها 52.015.107 جنيه.. وكان أعلي سعر اقفال له هو 23.37 في 7 مارس هبط بعدها في 30 ديسمبر إلي 14.99 جنيه.
وكان أقل الاسهم تداولاً هو سهم البنك الأهلي سوسيتيه جنرال الذي تم التداول علي 1.208.941 سهم منه بلغت قيمتها 24.942.194 جنيه.. وسجل أعلي سعر له في 3 ديسمير حيث كان اغلاقه علي 24.44 جنيه.. وكان قد سجل في أدني اغلاق له 16.35 جنيه في 15 يناير من نفس العام.
ومن جانبه اعترف الدكتور محمد السهرجتي الخبير المالي والمستشار السابق لهيئة سوق المال أن مؤشر هيئة سوق المال ومؤشر اداء البورصة كليهما يعكس تراجعاً في اداء البورصة في عام 2002.. وكان قطاع البنوك هو احد القطاعات التي تأثرت بركود السوق سواء بالنسبة لتعاملاتها بيعا وشراء علي الأوراق المالية أو بالنسبة للتعامل علي اسهمها التي كانت تقود السوق في وقت سابق.
وشدد السهرجتي علي أنه لا ينبغي التعامل مع قطاع البنوك مجتزءاً من المسار العام لاداء السوق والحديث عنه باعتباره قطاعاً متردي الاداء.. فعام 2002 يتميز بضعف مستوي الاداء بوجه عام سواء بالنسبة حتي لتعاملات الافراد أو المؤسسات.
واشار إلي أن أهم الأسباب التي أدت إلي التردي العام في الاداء هي التغيرات التي طرأت علي أسعار الصرف.. حيث أدي ذلك إلي تزايد خروج الاجانب من البورصة وتفضيل عدم الاحتفاظ بالأوراق المالية علي آجال طويلة نسبياً لتفادي تقلبات الأسعار فزادت لذلك حجم مبيعاته وتراجعت معدلات شرائه لتفادي الخسائر المتوقعة لأسعار الصرف.
وأكد السهرجتي علي الدور المؤثر لتعاملات الاجانب في البورصة مشيراً إلي أنها تمثل ما بين 20 إلي %30 من اجمالي التعاملات.. لهذا كانت لردود أفعالهم تأثيرات ملموسة علي طبيعة الاداء.. حيث كثيراً ما تسببت عمليات تسييل الأوراق المالية التي كانت في حوزتهم في إلحاق الضرر البالغ بتعاملات البورصة.
وأضاف أن البنوك كانت أحد القطاعات التي تأثرت بتلك التحولات وكان من الطبيعي علي سبيل التحوط أن تخفض من حجم استثماراتها في البورصة.. خاصة أنها اضطرت إلي تكوين مخصصات خسائر ليس لفروق هبوط الاسهم في البورصة وحدها ولكن تكوين مخصصات لخسائر فروق أسعار الصرف ومخصصات ثالثة للخسائر الناجمة عن القروض غير المنتظمة.. وبالتالي كان من الطبيعي أن يتراجع دورها بوجه عام داخل البورصة.
وتوقع السهرجتي قياساً علي اداء البنوك خلال الفترة الماضية من العام الجاري أن تعوض ما تعرض له دورها من اهتزاز خلال عام 2002.
ومن جهة اخري لاحظ محسن عياد نائب مدير المعاملات الدولية ببنك كايرو باركليز أن البنوك حاولت استكمال الدور الذي بدأته في اوائل التسعينيات عندما قامت بالتعامل علي اسهم شركات قطاع الاعمال العام التي تم خصخصتها وبالرغم من ان ذلك الدور كان بتوجيهات سيادية إلا أن الأثر العام لهذا الدور كان اثرا ادار البورصة ورفع معدلات التداول بها ولكن شيئاً فشيئاً تزايدت خسائر البنوك وقلت كميات طرح الاسهم والاصدارات الجديدة وتزامن ذلك مع حالة ركود اخذت في آلاستشراء حتي استحكمت الأوضاع في عام 2002.. الذي كان في نفس الوقت عام للمتغيرات السياسية والتوترات الحادة ما ادي في نهاية المطاف إلي تراجع اداء البنوك كمؤسسات مستثمرة وكمالكة للاسهم ومتعامل علي اسهمها في ذات الوقت.
واشار عياد إلي أن اداء صناديق البنوك أيضاً تأثر بحالة الركود التي تعاني منها الاسواق مما أدي إلي هبوط جماعي لأسعار وثائقها.. وبالتالي لابد من العمل علي ايجاد آلية لتفعيل دور القطاع المصرفي كمستثمر من جهة وكصانع للسوق من جهة اخري في طريق قيادة اسهمه لحركة التداول النشط بالنسبة للقطاعات الاخري.
واستبعد ان تكون البنوك قادرة علي توسيع قاعدة الملكية خلال عام 2002 بتدوير محافظ أوراقها المالية وطرح حقها مما تمتلكه من مساهمات في البنوك المشتركة سواء لعملائها أو لجمهور المكتتبين وهي الأوضاع التي سبق لها في الماضي انعاش تعاملات السوق.. فلم تحدث حالة واحدة من طرح هذه الحصص في عام 2002.. مع أن طرح أي منها في الوقت الملائم كان كفيلاً بتنشيط السوق.
في الوقت نفسه أكد عياد أن البنوك باستثناء ما قام به سيتي بنك بالنسبة لشركة اسمنت حلوان لم تقم بضمان أية عمليات اكتتاب.. كما تراجع حجم ما قامت به من تسويق لشركات بهدف البيع.. وهذا لا يعود إلي ضعف مباشر في اداء البنوك بقدر ما يعود إلي ظروف السوق والتي جعلت ادارات البنوك عاجزة عن مواجهة الوضع المتردي للبورصة في هذا العام.
وعما إذا كانت البنوك قد عزفت عن التعامل الفعال في سوق الأوراق المالية قال محسن رشاد المدير العام السابق للمعاملات الخارجية ببنك مصر الدولي.. أنه من الضروري قبل الحكم علي اداء البنوك في آلبورصة تفحص محافظ استثمارها حيث توجد استثمارات بغرض المتاجرة واخري بغرض الاحتفاظ.. وبطبيعة الحال فإن الغالبية العظمي إن لم تكن كل الاسهم المحتفظ بها هي بغرض المتاجرة وهذا يعود لهيكل الأموال داخل البنوك.. والبنوك التجارية بوجه عام التي تمثل القطاع الأعم داخل السوق المصرفية.. وتتسم بكونها أموالاً للحفظ لمدة آجال قصيرة وجانب منها يوجد تحت الطلب.. لهذا فإن البنوك ربما تكون أكثر القطاعات تحفظاً تجاه المغامرة وعندما تتجه أسعار الأوراق المالية إلي الهبوط فإنها علي الأغلب تأخذ في تبني سياسات متحفظة.
وهو ما يتعارف عليه ــ علي حد قوله ــ بالحساسية تجاه متغيرات السوق والتصرف تبعاً لانعكاساتها ما إذا كانت مشجعة أو محبطة.. وفيما يتعلق بالوضع الذي ساد في عام 2002 فهو وضع ابرز ما يمكن ملاحظته فيه هو هيمنة الركود علي عمليات التداول بالبورصة تبعاً لما يدور في سوق النشاط الاقتصادي بوجه عام.
وفي ظل هذا الوضع ونظراً لهيكل الأموال لدي غالبية البنوك فقد كان من الطبيعي أن يكون اداء البنوك بدوره أقل فاعلية.
ولفت عياد النظر إلي ضرورة اخذ دور صناديق الاستثمار التي انشأتها البنوك في الاعتبار والتي اسهمت ولا تزال في الحفاظ علي معدلات تداول ما كانت لتتحقق في غيبتها وهذه الصناديق طرحت البنوك أكثر من %95 منها.. وتأسيساً علي أن غالبية البنوك في السوق ليست في الأساس بنوك استثمار فإن ما قامت به في عام 2002 بالرغم من ضآلته مقارنة بسنوات التسعينيات إلا أنه يظل مؤثراً في طبيعة النشاط الاجمالي بوجه عام.
أما فيما يتعلق بالتعامل علي اسهمها نتيجة لطبيعة مناخ الثقة في البورصة بوجه عام فقد تعرضت لتراجعات كما لعب الركود دوراً بارزاً في ذلك من وجهة اخري بالاضافة إلي أن فترة الصعود الأولي في مؤشرات البورصة كانت طبيعية بالنسبة لعودة مزاولة النشاط بها.. ولكن بمضي الوقت بدأ المسار التصحيحي يتحكم في تعاملاتها لتأخذ العديد من الاسهم في فقدان جانب كبير من الأسعار التي وصلت إليها في بدء التداول.
ورغم كل ذلك فإن هناك بعض الأسهم داخل قطاع البنوك يجري تقييمها في هذه الفترة بأقل من قيمتها الحقيقية.