شهد أداء سهم بنك قناة السويس نقلة نوعية منذ مطلع الشهر الحالي، حيث اتجه للصعود بوتيرة سريعة بلغت ذروتها في جلسة الثلاثاء الماضي حيث ارتفع بنسبة %18 ليصل الي اعلي متسوياته منذ نوفمبر 2008 بتحركه من جديد فوق قيمته الاسمية البالغة 10 جنيهات. وعلي الرغم من صعود السهم الاخير فانه، كان الاسوأ أداء بين اسهم البنوك منذ مطلع عام 2008، ووصل في مطلع مارس الي ادني مستوياته منذ طرحه في البورصة بتحركه قرب مستوي 5 جنيهات.
كان السهم قد تأخر في وقف نزيف الاسعار، والارتداد لأعلي عن البورصة التي نجحت في تكوين قاع تاريخية لحركتها قرب 3400 نقطة في منتصف فبراير، لتكسر هبوطها العنيف، وتتحرك يوم الثلاثاء الماضي عند اعلي مستوياتها منذ نوفمبر 2008، بتسجيلها 5200 نقطة، لتكون قد اضافت %54 الي رصيدها منذ منتصف فبراير.
من جهة اخري تأخر صعود السهم حتي منتصف مارس، مع تصاعد وتيرة صعوده في الجلسات الاخيرة، لتبلغ نسبة ارتفاعه في الشهرين الاخيرين %100، متفوقا علي البورصة.
وعلي الرغم من صعود سهم قناة السويس الاخير فإنه لا يزال يتداول بعيدا عن اعلي مستوياته علي الاطلاق التي سجلها في مطلع عام 2008 بوصوله الي 38 جنيهاً. وتبع ذلك هبوطه تدريجيا لعدة عوامل تزامن وقوعها، وتسارعت وتيرة هبوط السهم بعد اندلاع الازمة المالية العالمية، في اكتوبر الماضي، جاء ذلك اثر قيام البنك ببناء مخصصات كبيرة في الربع الثالث من عام 2008 لمواجهة اي تعثر محتمل في سداد القروض من طرف العملاء، وتبع ذلك استمراره في تعزيز المخصصات في الربع الاخير من عام 2008، ليبلغ اجمالي المخصصات الموجهة للقروض المتعثرة في عام 2008 ما قيمته 570 مليون جنيه، لتلتهم بذلك ارباح البنك بالكامل. وادي ذلك الي عدم قيام البنك بتوزيع كوبون نقدي عن ارباح عام 2008 للعام الرابع علي التوالي. وضغط ذلك بقوة علي السهم خلال تعاملات مارس التي تم في بدايتها الاعلان عن نتائج اعمال عام 2008. وتبع ذلك اعلان البنك في نهاية ابريل انه قارب بالفعل علي الوصول بمعدل تغطية القروض المتعثرة الي اجمالي القروض الي المستويات المطلوبة، وسيسمح ذلك بوصول ايرادات النشاط الي خانة الارباح في عام 2009 ، ويعزز من فرص قيام البنك بتوزيعات ارباح سخية.
كان ذلك وراء تسارع وتيرة صعود السهم في الجلسات الاخيرة، ووصول هذا التسارع الي ذروته في جلسة الثلاثاء بعد اختراق البورصة مستوي مقاومة اساسياً لحركتها عند 5200 نقطة. وكان ذلك قد عزز من فرص اتساع نطاق صعود البورصة، لتبحث القوة الشرائية عن اسهم لشركات وبنوك واعدة، تتداول باقل من قيمتها العادلة، وكان من ضمنها سهم بنك قناة السويس بعد عودته للاضواء إثر تزايد فرص قيام البنك بتوزيع ارباح.
ويجيء تزايد الفرص في هذا النطاق بعد وصول معدلات التغطية لمستويات مرتفعة انعكاسا لقيام البنك بتعزيز المخصصات بشكل متواصل في السنوات الاربع الاخيرة، وسيزيد ذلك من فرص قيام البنك بتوزيع كوبونات نقدية عن ارباح عام 2009.
كان البنك قد اعطي اولوية مطلقة في السنوات الأربع الاخيرة للصعود بمستوي جودة اصوله، وتجنب الازمة الائتمانية التي تعرض لها في مطلع العقد الحالي نتيجة اندفاعه في منح الائتمان خلال النصف الثاني من التسعينيات، في استجابة لمتطلبات السوق آنذاك، حيث شهد اتجاهاً عاماً لتمويل المشروعات من خلال الاقتراض، ويظهر ذلك ضخامة الرافعة التمويلية للشركات التي دخلت السوق خلال تلك الآونة.
وجاء اندفاع بنك قناة السويس في منح الائتمان مصحوبا بعدم تدقيقه في الحصول علي الضمانات الكافية، وساهم ذلك في وصول معدل تشغيل القروض للودائع الي مستوي مقلق. وانعكس بالسلب علي الاستثمارات والخدمات المصرفية الاخري التي لم يعطها البنك اهتماما كافيا، ويظهر ذلك محدودية العائد منها آنذاك. وبحلول عام 2000 شهدت السوق مستجدات متلاحقة أدت لتباطؤ الاقتصاد القومي، واثر بالسلب علي مختلف قطاعات الاقتصاد، ويعد هذا السيناريو مرشحاً للحدوث حاليا بعد اندلاع الازمة المالية العالمية.
ويعتبر ذلك ضمن اكبر التحديات التي ستواجه البنك، كون التباطؤ الاقتصادي سيضغط بقوة علي قطاعي السياحة والاستثمار العقاري اللذين يشكلان حيزاً كبيراً من محفظة قروضه، وستكون جودة قروض البنك في هذا النطاق والضمانات التي حصل ويحصل عليها المحدد لقدرته في الحد من بناء المخصصات لمواجهة اي تعثر من قبل العملاء في هذا النطاق.
وكان اندفاع بنك قناة السويس في منح الائتمان لقطاعي السياحة والعقارات مطلع العقد الحالي قد تبعه ركود اقتصادي، مما أثر علي قدرة العملاء علي الوفاء بالتزاماتهم حياله، ليحقق خسائر متلاحقة من الائتمان بلغت ذروتها في عام 2005. وكان ذلك قد دفع البنك المركزي للتدخل مع اصدار توجيهاته لبنك قناة السويس ببناء مخصصات في هذا العام بقيمة 674 مليون جنيه لتحسين معدل تغطية القروض المتعثرة، وادي ذلك الي تكبد البنك خسائر خلال العام بلغت 524 مليون جنيه. وصاحبت ذلك اطاحة المساهمين الرئيسيين بالادارة القديمة، وجلب ادارة جديدة في مطلع عام 2006. وتبنت تلك الادارة سياسة ائتمانية متحفظة، تهدف في المقام الاول للصعود بمستوي جودة الاصول، ودفعها ذلك للقيام بتوجيه صافي ارباح البنك بالكامل في عام 2006 للمخصصات، ليبلغ ما تم بناؤه منها168 مليون جنيه. واتبع البنك السياسة نفسها في عام 2007 حيث تم توجيه الارباح بالكامل للمخصصات ليبلغ ما تم بناؤه منها 275 مليون جنيه.
ويهدف البنك من التعزيز المكثف للمخصصات في الفترة الاخيرة للوصول بمعدل تغطيتها للقروض المتعثرة الي مستوي %100 أسوة بالبنوك النخبة، وتراوح هذا المعدل في نهاية عام 2007 حول مستوي %70 مع قيام البنك باعدام جزء من القروض المتعثرة وغير المنتظمة لتتراجع نسبتها لاجمالي القروض الي حوالي .%40 وبتعزيز المخصصات القياسي في عام 2008 بوصول ما تم بناؤه منها الي 570 مليون جنيه، يكون البنك قد اقترب بالفعل من الوصول بمعدلات التغطية الي %100، وبالتالي سيكون مؤهلاً لتوزيع ارباح نقدية علي المساهمين بدءا من العام المالي الحالي، ومن شان ذلك اعطاء دفعة للسهم.
وساعد البنك علي المضي قدما في تنفيذ برنامجه الهادف للوصول بمعدلات التغطية الي %100 تمتعه بمستويات سيولة مرتفعة تم توليدها من نشاط البنك الرئيسي المتمثل في الائتمان، وتزامن ذلك مع تصاعد الايرادات من الانشطة المصرفية الاخري، بالاضافة الي تحقيق ارباح راسمالية ضخمة من بيع مساهمته في شركتين تابعتين. ودفع ذلك صافي ايرادات النشاط للارتفاع في عام 2008 بنسبة قياسية بلغت %83 مسجلة 796 مليون جنيه مقابل 433 مليوناً في عام 2007.
من جهة اخري فإن تكبد البنك خسائر من اعادة تقييم استثماراته المالية المقتناة بغرض المتاجرة، حد من صعود إيرادات النشاط جاء ذلك انعكاسا لتراجع الاسهم الكبري منذ مطلع مايو الماضي، التي تشكل الجانب الاكبر من محفظة البنك المقتناة بغرض المتاجرة، انعكاسا لهبوط مؤشر البورصة الرئيسي، خلال عام 2008 بنسبة بلغت % 56، حيث سجل في اقفاله 4596 نقطة، مقابل10549 نقطة في 2007.
وانعكس هبوط البورصة علي القيمة السوقية لمحفظة البنك المقتناة بغرض المتاجرة، وباعادة تقييمها في بداية ونهاية العام الماضي، يكون البنك قد تكبد خسائر من هذا البند بلغت 25 مليون جنيه بعد ان كان قد حقق ارباحاً قياسية من اعادة تقييم الاستثمارات المالية المقتناة بغرض المتاجرة في عام 2007 بلغت 49 مليون جنيه نتيجة الصعود القياسي للبورصة خلال العام.
ومن المنتظر ان تتراجع خسائر البنك من هذا البند بدءا من العام الحالي بعد نهوض البورصة الاخير، وظهور القوة الشرائية، مع تراجع القوة البيعية بعد عزوف شرائح عريضة من المستثمرين عن بيع ما في حوزتهم من اسهم.
وتتمثل استثمارات البنك المقتناة بغرض المتاجرة في وثائق صناديق استثمار مفتوحة للاسهم بقيمة 79 مليون جنيه، وكانت قيمها الاستردادية قد شهدت تراجعاً حاداً في عام .2008
من جهة اخري حد من الخسائر من اعادة تقييم الاستثمارات المقتناة بغرض المتاجرة كونها تشمل سندات حكومية بلغت قيمتها في سبتمبر الماضي 74 جنيهاً.
وكان الارتفاع القياسي في صافي ارباح النشاط قد جاء بسبب عدة عوامل تزامن وقوعها، علي رأسها ارتفاع صافي الربح من نشاط البنك الرئيسي المتمثل في الائتمان والارصدة لدي البنوك في عام 2008 بنسبة %11، مسجلا 850 مليون جنيه، مقابل 765 مليون جنيه في 2007، كما ارتفعت تلكفة الودائع والاقتراض بمعدل اقل بلغ %2.6 مسجلة 734 مليون جنيه مقابل 715 مليون جنيه في عام المقارنة. ليرتفع صافي العائد من الائتمان بنسبة %132 مسجلا 116 مليون جنيه مقابل 50 مليون جنيه.
وترتكز استراتيجية البنك الائتمانية الاخيرة علي تنويع محفظة قروضه لتشمل القطاعات الحيوية المتمثلة في الاتصالات، الاسمدة، الغاز الطبيعي بالاضافة الي السياحة والاستثمار العقاري مع استهداف القطاع الاستهلاكي.
وارتفع عائد البنك من الفوائد القادمة لأذون الخزانة بنسبة %24 في عام 2008 مسجلا 150 مليون جنيه مقابل 121 مليون حنيه في العام السابق. وباضافة العائد من القروض يكون صافي العائد من المصدر الرئيسي للدخل المتمثل في الفوائد قد ارتفع بنسبة %55، مسجلا 266 مليون جنيه، مقابل 171 مليون جنيه في 2007.
وكان البنك قد قام في العام الماضي بزيادة كبيرة في رصيده من اذون الخزانة لاستغلال ارتفاع العائد عليها بعد الزيادات المتتالية في اسعار الفائدة منذ مايو الماضي لتصل الي %11.5، وتبع ذلك تخفيضها علي مرحلتين، الاولي في فبراير الماضي بمقدار نقطة مئوية كاملة، والثانية في نهاية مارس بمقدار نصف نقطة مئوية اضافية، ليتراجع العائد عليها الي %10، وسيحد ذلك من جاذبية الاذون كوعاء استثماري، وتزايد اهمية الصعود بمستوي تشغيل القروض للودائع.
واستقر معدل تشغيل القروض للودائع لبنك قناة السويس في نهاية ديسمبر 2008 مسجلا %49، وهو ما يقل عن متوسط القطاع البالغ %54، وساهم في ارتفاع العائد من الفوائد العام الماضي توجيه البنك جانباً كبيراً من فائض السيولة لديه الي أرصدة البنك المركزي ليبلغ رصيدها في نهاية ديسمبر الماضي 1.04 مليار جنيه مقابل 109 ملايين جنيه في الشهر نفسه من عام 2007.
وشهدت ايرادات البنك من خارج الفوائد ارتفاعاً جماعياً أكبره من بيع الاستثمارات المالية، جاء ذلك نتيجة قيام البنك ببيع حصته في شركة قناة السويس لتوطين التكنولوجيا مع تحقيقه ارباحاً رأسمالية من هذا البند بلغت 457 مليون جنيه، كما قام البنك ببيع حصته في شركتي »شارم جروب للفنادق« و»امسترز« للقري السياحية محققا منهما أرباحاً راسمالية بقيمة 103 ملايين جنيه. وبخصم الخسائر من بيع بعض الاستثمارات المالية، يكون البنك قد حقق صافي عائد من بيع الاستثمارات المالية بلغ 419 مليون جنيه. وكانت ارباح البنك من بيع الاستثمارات المالية قد بلغت 92 مليون جنيه في عام المقارنة
وبالنسبة للعائد الرئيسي من خارج الفوائد المتمثل في العمولات والخدمات المصرفية، فقد ارتفع في عام 2008 علي الرغم من تصاعد المنافسة في مجال التجزئة المصرفية مع تنامي اهتمام البنوك العامة بها، وصعدت ايرادات البنك من هذا البند بنسبة %26 مسجلة 62 مليون جنيه، مقابل 49 مليون جنيه في عام المقارنة. وباضافة العائد من الفوائد للعائد من خارجها، يكون صافي ايرادات النشاط قد ارتفع بنسبة %83، مسجلا 796 مليون جنيه مقابل 433 مليون جنيه في 2007.
وجاء الارتفاع القياسي في ايرادات النشاط ليمكن البنك من توجيه المزيد من السيولة للنهوض بكوادره والمامها باحدث التقنيات البنكية، خاصة في مجال التجزئة المصرفية، بالاضافة الي تطوير واعادة هيكلة نظم المعلومات، وانعكس ذلك علي المصروفات الادارية والعمومية لترتفع بمعدل كبير مسجلة 233 مليون جنيه مقابل 147 مليون جنيه في فترة المقارنة. لتكون بذلك قد شكلت نسبة %29 من صافي ايرادات النشاط مقابل %34 في فترة المقارنة.
وتم توجيه كامل ايرادات النشاط بعد خصم المصروفات الادراية والعمومية الي بند المخصصات، ليبلغ ما تم بناؤه منها 570 مليون جنيه، وكان ذلك وراء عدم قيام البنك بتوزيعات ارباح عن عام 2008.