ميرال الطحاوي‮: ‬الاغتراب في‮ »‬بروكلين هايتس‮« ‬حقيقي‮.. ‬ولا أشعر به في مصر

ميرال الطحاوي‮: ‬الاغتراب في‮ »‬بروكلين هايتس‮« ‬حقيقي‮.. ‬ولا أشعر به في مصر
جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الأربعاء, 12 يناير 11

حوار ـ علي راشد
 
حينما تسمع عن الضجة التي اثارتها روايتها الاخيرة ربما تسمع ولا تدقق وربما تأخذك السخرية قائلا »عادي«، ولكن حينما تغوص في اجواء الرواية تدهش وتأخذك الرواية صفحة بعد الأخري لرقة الاسلوب الذي ينتقل بك من حدث لآخر من خلال استخدام تقنية الفلاش باك والمزاوجة بين الماضي والحاضر وبين مكان وآخر، وفي النهاية تتعجب من هذا العمل الذي سرقك من العديد من الاعمال الأخري وتقول بجدارة إن جائزة نجيب محفوظ في الرواية او »البوكر« قليلة جدا علي بروكلين هايتس«، اما اذا تعاملت مع ميرال الطحاوي صاحبة الرواية فستقول »إنها اكبر من اي جائزة«.

 

 
ميرال الطحاوى 

بعد حصولها علي جائزة نجيب محفوظ في الرواية وترشيحها في القائمة القصيرة للبوكر عن روايتها »بروكلين هايتس« التقت »المال« ميرال الطحاوي لتناقش معها فكرة الاغتراب والجو النفسي لبروكلين هايتس.
 
بداية اعربت »ميرال« عن سعادتها بحصولها علي الجائزة، مؤكدة ان الجائزة مثلت لها مفاجأة جميلة، كما ان الجوائز لها دور ايجابي في الحياة الادبية، فهي تحفز الشباب علي الكتابة والقراءة وتلفت الانظار لكتب غير مقروءة وتخلق حركة من الحراك الثقافي، وتساعد الاجيال الجديدة في الانتشار مما يساعد في ازدهار الحركة الثقافية والكتاب.
 
ونفت »ميرال« ما تردد عن اعتراضها علي اديب نوبل وان ما قيل كان مجرد كلام نقلته جريدة »اخبار الادب« واعتذرت عنه في العدد الذي يليه، وقالت إن شهاداتها في حياة نجيب محفوظ وبعد وفاته تؤكد وفاءها له، وانها تري نجيب محفوظ بالنسبة للرواية العربية »الأب«، مشيرة الي ان ما حدث نوع من التمرد وليس الاختلاف علي طريقته في الكتابة وابراز اشكال جديدة من الكتابة لترسيخ وجود جيل يحاول ان يصبح افضل من السابق، كما يبرز اثر نجيب محفوظ علي جيله والجيل الذي يليه ولن نستطيع ان ننكر ذلك.
 
كما اكدت انها استخدمت تقنية القطع السينمائي من خلال المزاوجة بين وجه مصري وآخر من بروكلين، والسبب في ذلك ان كل مسافر بطبيعة السفر تتحول عينه رغما عنه لكاميرا تلتقط التفاصيل الجديدة حتي لو سافر لايام قلائل ويعود الي وطنه سيري الاشياء بعين جديدة، كما انها استفادت من قراءتها للادب العالمي بشكل عام في تكريس هذه التقنية في الرواية، واضافت ان التقنية السينمائية ليست جديدة وإنما استخدامها بأفقين متوازيين ربما يكون هو الجديد، لأن الرواية بها القطع المزدوج والمراوحة بين هنا وهناك واللعب علي هذه المراوحة السينمائية كان متعة اثناء كتابة النص.
 
ولفتت »ميرال« الي انها حينما تناولت فكرة الاغتراب في الرواية كان هذا الاغتراب حقيقيا لان الرواية تتحدث عن المهاجرين، وبطلة العمل ليست مهاجرة او لاجئة فهي مرتحلة عن الوطن لاسباب شخصية او اجتماعية، لكن تري نفسها في مرايا الآخرين اي المغتربين، كما ان هناك احساسا عميقا داخل هذا الجيل الجديد في ازمة بحث عن الهوية وعن الذات والمستقبل وتنتابهم اسئلة محيرة تجعل رغبة الخروج من هذا المجتمع هي الحل.
 
ورأت أن فكرة الهروب لهذا الجيل جاءت نتيجة الضغطين الاجتماعي والسياسي الشديدين اللذين يولد أن هذه الرغبة عند جيلنا اكثر من الاجيال السابقة، فيحاولون الهروب من البلد بأي ثمن، وذلك يمكن رصده من خلال مراكب الموت والهجرة غير الشرعية، فهناك عدد كبير جدا من المصريين والعرب الموجودين في الولايات المتحدة بصورة غير شرعية ويمثلون ازمة كبيرة حيث يختلف التعامل معهم ويلحقهم العديد من الاضرار، وعلي الرغم من تضاؤل فرصهم في الحياة وصعوبة التحقق يفضلون الوجود في هذه الغربة الحقيقية بدلا من الوطن الذي مثل لهم اغترابا مماثلا فيختارون الغربة والاغتراب نتيجة عدم الاحساس بالمواطنة وانعداهما، وهذا لم يعطه الوطن البديل الذي لم يمنحهم سوي حق الاقامة، وبالطبع هناك فارق كبير بين المواطن والمقيم.
 
اما عن الغربة في مصر، فأكدت أنها ـ علي المستوي الشخصي ـ لا تشعر بالغربة في مصر رغم انها صورت هذه الغربة داخل النص إلا أنها مرتبطة بالحياة داخل مصر لأنها الحقل الابداعي الذي نشأت فيه، والذي يضم الاصدقاء والقراء والكتاب بكل اطيافهم، كما يحمل بين طياته العالم الموحي بالكتابة، وقالت »ميرال«  أما ما وضعته من الالفاظ الاجنبية فلم أتخوف من ذلك لان هذه الالفاظ اجتاحت الحياة المصرية وهي مستخدمة في العربية بكثرة، وعلي الرغم من ذلك فلقد وصفت بعض الكلمات بترجمتها حتي لا يحدث خلط في التفسير، وجاءت اهمية هذه التعبيرات من انها تضفي علي الشخصية حيوية ومصداقية، اما المصطلحات لا يمكن ترجمتها والتي تنم عن خلفية ثقافية فلم أترجمها ولكن حاولت ان احتفظ للرواية بلغة اصحابها«.
 
اما لغة الطفل ابن البطلة في الرواية والتي رآها البعض اكبر من سنه، فأكدت انها تحيل الناس حينما يسألونها عن ذلك الي الادب العالمي الذي احتفي بالطفل في العديد من الاعمال ليس بوصفه رمزا ساذجا وانما بوصفه كائنا تخلقه الرواية كالسينما، اما ان نتمسك باللغة الساذجة او ننسج له حوارا ساذجا فهذا لا يليق بالطفولة التي نعيشها اليوم، كما ان الطفولة تأخذ من الرواية حيزا من الحوار بلغة بسيطة للغاية تعطي رمزا لوعي هذا الطفل وليس جديدا ان يتبني الادب دور الطفولة عالميا ومحليا.
 

جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الأربعاء, 12 يناير 11