أكد عدد من خبراء القطاع المصرفي وجود العديد من المعوقات التي تقف حائلاً أمام تدفق ائتمان الأفراد لأصحاب المهن الحرة والمشروعات الصغيرة أهمها عدم ثبات واستقرار دخول ورواتب عملاء تلك الشريحة، إلي جانب حدوث بعض التجاوزات في السجلات التجارية وتعرض عدد من بنوك القطاع لعمليات نصب واحتيال بسبب تلك التجاوزات مما كبد البنوك خسائر فادحة، ودفعتها إلي الإحجام عن تمويل تلك الشريحة ووضع قواعد وضوابط صارمة لمنح قروض التجزئة المصرفية.
نبيل الحكيم |
وأشار الخبراء إلي أن موظف الشركات الكبري سواء كانت حكومية أو خاصة يعتبر عميل تجزئة مميزاً للبنوك كونه يتمتع بدرجة وعي وثقافة عالية بالمنتجات المصرفية إضافة إلي امتلاكه وظيفة وأجراً ثابتاً، مشيرين إلي اشتعال المنافسة بين وحدات الجهاز المصرفي علي موظفي الشركات الكبري والتي تعتبر واحدة من أهم القنوات التسويقية لمنتجات التجزئة المصرفية.
وأشار الخبراء إلي قيام عدد كبير من البنوك بدراسة أوضاع شريحة أصحاب المهن الحرة والمشروعات الصغيرة للوقوف علي كيفية تصميم عدة منتجات تتماشي مع احتياجاتهم التمويلية ووضع الضوابط والشروط التي تضمن للبنك حقه في الالتزام بسداد أقساط الدين وفوائده في آجالها المستحقة.
علي الجانب الآخر، انتقد بعض الخبراء إحجام البنوك عن تمويل أصحاب المهن الحرة ومنافسة البنوك بعضها البعض علي نفس الشريحة من العملاء والتي لا تتخطي حاجز الثلاثة ملايين عميل في حين أن تعداد السكان أكثر من 80 مليوناً، مشددين علي ضرورة خلق أسواق ومجالات اَخري لترويج وتسويق منتجات التجزئة، إضافة إلي تصميم منتجات جديدة تستهدف فئة أصحاب المهن الحرة والصناعات الصغيرة علي أن يتم تسويقها في المناطق الصناعية لتلبية الاحتياجات التمويلية لتلك الفئة وزيادة عدد عملاء التجزئة المصرفية.
وكان البنك التجاري الدولي »CIB « قد نشط مؤخرا في الترويج والتسويق لبطاقاته الائتمانية علي موظفي شركة المقاولون العرب وهي احدي الشركات التي يتنافس عليها عدد كبير من البنوك لتسويق منتجاتها حيث قام بنك »الاسكندرية سان باولو« من قبل بالتسويق لمنتجي القرض الشخصي وقرض السيارة لعدد كبير من موظفيها كما يروج أيضاً بنك القاهرة لبطاقاته الائتمانية علي موظفي نفس الشركة.
وقد أوضح حازم حجازي المشرف علي قطاع الفروع بالبنك الأهلي المصري، أن تسويق منتجات التجزئة المصرفية لأصحاب المهن الحرة والمشروعات الصغيرة، يقابله العديد من المعوقات، أهمها عدم ثبات واستقرار دخول الأفراد، مؤكداً أن اقتحام البنوك هذه الفئة من المجتمع، يتطلب دراسات وأبحاثاً لفترة طويلة للوصول إلي الأدوات والآليات التي يمكن استخدامها ووضع القواعد والضوابط اللازمة للتحكم في درجة المخاطر.
وأشار المشرف علي قطاع الفروع إلي قيام إدارات مخاطر التجزئة المصرفية علي مستوي وحدات الجهاز المصرفي في الوقت الحالي، بدراسة أوضاع أصحاب المهن الحرة والمشروعات الصغيرة للوقوف علي آلية يمكن من خلالها تحديد متوسط التدفقات النقدية أو حجم المبيعات من خلال الميزانيات وعلي أساس ذلك يتم منح الائتمان للأفراد الذي غالباً سيكون بمبالغ صغيرة لارتفاع حجم المخاطر نسبياً علي ائتمان الموظفين أصحاب الدخول الثابتة، مؤكداً أن أصعب المعوقات التي تشكل عائقاً في طريق تدفق ائتمان الافراد إلي أصحاب المهن الحرة والمشروعات الصغيرة، عدم إمساكهم دفاتر منتظمة يمكن للبنوك من خلالها التحقق من جدية الأفراد وقدرتهم علي سداد الالتزامات.
وأكد حجازي تفضيل البنوك تسويق منتجاتها لموظفي الشركات الكبري، لما تتميز به هذه الفئة من استقرار في الدخول، إضافة إلي أن الشركات الكبري تعد من أهم القنوات التسويقية لمنتجات التجزئة لوجود عدد كبير من الأفراد والتي تتنوع احتياجاتهم التمويلية مع قدرتهم علي الوفاء بأقساط الدين في آجالها المستحقة، وأوضح »حجازي« أن الشركات لا تسعي للتعاقد مع البنوك للحصول علي منتجات الأفراد لموظفيها ولا يقتصر تعامل الشركة مع بنك واحد في السوق المصرفية مشيراَ إلي أن باب الشركة مفتوح أمام جميع البنوك – وفق تعبيره – وكل بنك يقوم بتسويق منتجاته مع إمكانية تقديم بعض المزايا والعروض لجذب أكبر عدد من الموظفين، حيث إن ذلك يكون بحسب رغبة كل فرد واحتياجاته ويمكن أن يحصل الموظف علي بطاقة ائتمانية من بنك. فيما يمكنه الحصول علي قرض سيارة أو شخصي من بنك آخر، لافتاً إلي أن الحصول علي قروض التجزئة مشروط بتحويل الأقساط وليس تحويل الراتب كله وللأفراد حرية الاختيار.
وأضاف »حجازي« قائلاً إن الشركات الكبري تتميز بانتشار فروعها في جميع أنحاء الجمهورية وهو ما يمثل ميزة تنافسية للبنوك والمؤسسات المالية الكبري، التي تمتلك كما هائلاًَ من الفروع الموزعة في جميع المحافظات وتستطيع الوصول لأكبر عدد من الأفراد وتغطية احتياجات موظفي الشركة في جميع فروعها، مشيراً إلي أن المنافسة بين البنوك علي تلك النوعية من الشركات أمر طبيعي للاستحواذ علي حصة جيدة في سوق التجزئة ،حيث من المتوقع أن تشهد الفترة المقبلة منافسة مشتعلة في أسعار الخدمات التي تقدمها البنوك للأفراد لجذب قاعدة عريضة من العملاء.
وأضاف »حجازي« أن المحرك الأساسي في ترويج وتسويق ائتمان الأفراد هو سرعة تقديم الخدمة وليس الفائدة، حيث إن كل ما يهم الفرد هو سرعة الحصول علي احتياجاته التمويلية بغض النظر عن أسعار الفائدة، موضحاً أن الاحتياجات التمويلية للفرد غير مخطط لها وقد تكون حاجته للأموال طارئة وهنا يسعي للحصول علي الأموال في أسرع وقت مهما وصل سعر العائد، وأكد المشرف علي قطاع الفروع أن المنافسة المشتعلة بين وحدات الجهاز المصرفي تتطلب من البنوك وإدارات التجزئة المصرفية، العمل علي تطوير وتنويع منتجاتها وخدماتها، خاصة أننا في بداية عام جديد بعد الأزمة وفي ظل سعي كل بنك للحفاظ علي حصته السوقية من سوق التجزئة، مشدداً علي ضرورة التوسع في المنافسة علي عملية حرق الأسعار كونها غير مجدية وتحمل البنوك عبئاً وتقلص من أرباحها.
وقال »حجازي« إنه من المنتظر أن تشهد السوق المصرفية خلال الفترة المقبلة طرح عدة منتجات وبرامج تمويلية جديدة لأصحاب المهن الحرة والمشروعات الصغيرة بعد الانتهاء من دراسة تلك الشريحة بشكل جيد وتحديد حجم احتياجاتها التمويلية وسيتم تصميم وتصنيف البرامج والمنتجات وفقاً لتلك الاحتياجات علي أن يستهدف كل منتج فئة معينة تندرج تحت فئة أصحاب المهن الحرة، حيث سيتم تقسيمها لعدة شرائح وفقاً لحجم أعمالها ونشاطها للتحقق من قدرة العميل علي سداد أقساط الدين في آجالها المستحقة.
من جانبه أرجع نبيل الحكيم، مستشار التجزئة المصرفية ببنك بيريوس، إحجام البنوك عن منح قروض الأفراد لأصحاب المهن الحرة إلي المشكلات التي تقابلها عند تمويل تلك الشريحة، وهي: عدم ثبات الأجور والدخول، وحدوث تجاوزات وعمليات احتيال ونصب من خلال السجلات التجارية وهو الأمر الذي دفع وحدات القطاع المصرفي إلي الإحجام عن تمويل أصحاب المهن الحرة والمشروعات الصغيرة ووضع شروط وضوابط صارمة لمنح التمويل.
وأشار مستشار التجزئة المصرفية إلي أن البنوك كانت تقوم بالفعل بمنح قروض الأفراد لأصحاب المهن الحرة في السنوات القليلة الماضية إلا أنها توقفت عن ذلك بعد أن أثبتت التجربة فشلها وتكبدت البنوك خسائر فادحة لتعرضها لعمليات نصب واحتيال من خلال التجاوزات التي تحدث في السجلات التجارية للأفراد ومماطلة عدد كبير من العملاء في سداد أقساط الدين، وأشار »الحكيم« إلي وجود مشكلة أخري تعوق تدفق التمويل لتلك الشريحة في حال إفترضنا حسن نية وجدية أصحاب المهن الحرة والمشروعات الصغيرة وهي عدم ثبات دخولهم، حيث يمكن أن يلتزم العميل بسداد عدد من الأقساط طالما توفر له دخل ويتعثر في سداد الأقساط التالية كونه لا يمتلك وظيفة ثابتة بأجر ثابت بخلاف موظفي الشركات، الذين يتمتعون بدرجة عالية من الاستقرار في رواتبهم ووظائفهم ولديهم القدرة علي تنسيق وترتيب نمط مصروفاتهم والوفاء بسداد ديونهم.
وأشار »الحكيم« إلي اشتعال المنافسة بين وحدات القطاع المصرفي علي موظفي الشركات الكبري نظراً لتمتعها بدرجة عالية من الاستقرار بالنسبة للموظفين والرواتب، إضافة إلي أن هذه الشركات تمتلك آلاف العمال والموظفين ولا يوجد بها استغناء أو تسريح للعمالة وأوضاعها مستقرة الأمر الذي يجعلها محط أنظار الجميع وهدفاً لكل بنك.
وانتقد خالد حسن مساعد مدير عام إدارة التجزئة المصرفية ببنك الشركة المصرفية العربية الدولية، انحسار المنافسة بين البنوك علي جذب أكبر عدد من موظفي الشركات الكبري لتسويق منتجاتها وخدماتها المصرفية وإهمال فئة أصحاب المهن الحرة والمشروعات الصغيرة، التي تمثل شريحة عريضة من المجتمع، مشيراً إلي أن الأمر وصل إلي تقديم البنوك العديد من المزايا علي منتجاتها، مقابل المنافسة علي جذب عملاء نفس الشريحة المستهدفة والتي يتراوح عدد عملائها بين مليونين وثلاثة ملايين عميل في حين إن تعداد السكان تخطي حاجز الـ80 مليون نسمة.
ونفي مساعد مدير عام إدارة التجزئة وجود عقبات تسويقية تعوق البنوك عن تسويق منتجاتها لأصحاب المهن الحرة، موضحاً أن الدور الرئيسي لمديري التجزئة المصرفية عند تصميم أي منتج جديد، وضع القواعد والضوابط والشروط التي تتم بناءً عليها الموافقة علي طلب التمويل إذا تطابقت المواصفات وتوافرت الشروط، مؤكداً أن هناك عدداً لا بأس به من البنوك يقوم بتقديم منتجاته لأصحاب المهن الحرة وفقاً لدرجة مخاطر مقبولة محسوبة مسبقاً بشكل جيد وذلك خير دليل علي عدم وجود أي معوقات ولكن المشكلة هنا تكمن في تعود البنوك الحصول علي عميل مضمون.
وأوضح »حسن« أنه لا ينكر أن الشركات الكبري تعد فرصة مناسبة أمام البنوك لترويج منتجاتها وخدماتها، للاستقرار الذي يتمتع به موظفوها، إلي جانب التمتع بقدر عال من الوعي والثقافة بالمنتجات المصرفية، لكن من الضروري الاتجاه والبحث عن شرائح جديدة من العملاء فمازالت منتجات التجزئة المتوافرة في السوق المصرفية لم تغط جميع الشرائح.
وأشار مساعد مدير عام إدارة التجزئة المصرفية إلي إمكانية خلق مجالات وأسواق جديدة لتسويق قروض الأفراد من خلال تصميم منتجات خاصة لأصحاب المهن الحرة وتسويقها في المناطق الصناعية خاصة منطقة الصعيد كونها في أمس الحاجة للتنمية، موضحاً أنه يمكن للبنوك مضاعفة عدد عملاء التجزئة في حال تم تصميم منتجات متخصصة للأنشطة والمجالات المختلفة ومنها المنتجات التجارية والصناعية والزراعية مع وضع الضوابط والشروط التي تتلاءم مع إمكانيات تلك الشريحة من العملاء وتتناسب مع ثقافتهم.