واعتمدت الدراسة التي أجراها خبراء بمعهد كمبردج لأبحاث الطاقة ببوسطن، في نتائجها علي معلومات وبيانات من 811 حقل بترول حول العالم، وتقول صحيفة »وول ستريت« جورنال إن الدراسة تؤيد وجهة النظر القائلة بأن إنتاج العالم من البترول سيصل في وقت قريب للغاية إلي أعلي مستوياته نظرا للتزايد الكبير في حجم الطلب من جانب آسيا والشرق الأوسط، وإن المشروعات والاكتشافات الجديدة في الأعوام المقبلة لن تؤدي إلي ارتفاع كبير في الطاقة الإنتاجية لأنها في معظمها ستعوض تراجع إنتاجية الحقول الحالية.
وتعد معدلات تراجع إنتاجية حقول البترول مؤشرا رئيسيا حول مدي سلامة ومستقبل سوق البترول العالمية ومدي استقرار معدلات الإنتاج المستقبلية ولذلك تتزايد حدة النقاشات والخلافات بين الخبراء والمحللين حول هذه المسألة لنقص المعلومات والبيانات المتاحة لديهم والمتعلقة بمعدلات إنتاجية حقول البترول بالدول المنتجة الرئيسية مثل السعودية وإيران وروسيا وفنزويلا.
ويترقب الخبراء والمحللون بقلق بالغ معدلات تراجع إنتاجية الحقول الحالية التي يعتمد عليها العالم منذ عقود، وهناك عدد من حقول البترول الكبري في بحر الشمال وألاسكا وخليج المكسيك تتناقص معدلات إنتاجيتها بنسبة %18 سنويا. وأكدت الدراسة ان أقل قليلا من نصف الحقول التي شملتها قد دخلت بالفعل في مرحلة انخفاض الإنتاجية إلا أن معدلات التراجع بصفة عامة لا تسير بشكل متسارع كما يصر بعض الخبراء والمحللين في مجال صناعة البترول.
وقال دانييل يرجين رئيس الفريق البحثي الذي أجري الدراسة ان هناك عددا كبيرا من المشروعات البترولية الجديدة في الوقت الحاضر في البرازيل، والسعودية وغرب أفريقيا، ومنطقة بحر قوزين، وخليج المكسيك، وهذه المشروعات ستعوض التراجع الحالي في إنتاجية الحقول المستغلة، وأضاف يرجين أن هذه المسألة تشكل تحديا مستمرا لا ينتهي أمام صناعة البترول العالمية.
وقالت صحيفة »وول ستريت« إن الدراسة الأمريكية الجديدة اتخذت نبرة متفائلة مقارنة بآراء وتقديرات بعض الخبراء في مجال صناعة النفط، حيث يشير أندرو جولد الرئيس التنفيذي لشركة سكلامبرجر الكبري للخدمات البترولية، إلي أن متوسط تراجع إنتاجية حقول البترول الحالية يقترب من %8 سنويا وهذا المعدل في ازدياد مستمر، في حين حذركريستوف دومارجري الرئيس التنفيذي لشركة البترول الفرنسية توتال من أن غالبية الحقول الحالية ستتراجع إنتاجيتها بمعدلات سريعة للغاية.
ويري ماثيو سيمونز محلل شئون البترول بهيوشني ان الذين يعتقدون بأن معدل انخفاض إنتاجية حقول البترول الحالية يقل عن %5 سنويا عدد قليل جدا من المسئولين والخبراء في صناعة البترول، إلا أن نقص المعلومات والبيانات الدقيقة يشكل عائقا كبيرا في هذا المجال. واشتكي سيمونز من أن كبار المنتجين داخل منظمة الأوبك بالإضافة إلي روسيا لا يتيحون مثل هذه المعلومات أمام الخبراء والمحللين.
ويري معهد كمبردج لأبحاث الطاقة الذي أجري الدراسة أن الإنتاج العالمي من البترول الذي يزيد قليلا عن 85 مليون برميل يوميا يمكن أن يصل إلي 112 مليون برميل يوميا بحلول عام 2017 ولكن يبدو أن هذا التوقع مغرق في التفاؤل، فوفقا للدراسة نفسها ولمعدل تراجع الإنتاجية الحالي الذي تضمنه فإنه بحلول عام 2017 سيبلغ إنتاج العالم أقل من الإنتاج الحالي بمقدار 33 مليون برميل يوميا، وللوصول إلي مستوي 112 مليون برميل يوميا سيتطلب إضافة طاقة إنتاجية جديدة تقد بنحو 59 مليون برميل يوميا، وهو ما يزيد عن ستة أمثال الإنتاج اليومي للسعودية أكبر مصدر للبترول في العالم. مما يجعل تقديرات المعهد وتوقعاته متفائلة.