Loading...

مطلوب التدخل لإنعاش السوق.. رغم «الدولرة» وبازل (2)

Loading...

مطلوب التدخل لإنعاش السوق.. رغم «الدولرة» وبازل (2)
جريدة المال

المال - خاص

10:55 ص, الأثنين, 10 مارس 03

المال ـ خاص:
 
عاد خفض أسعار الفائدة علي القروض ليتصدر قائمة مطالب المستثمرين ورجال الأعمال مرة أخري بعد فترة من الوقت تراجع فيها بسبب احجام البنوك عن تقديم التسهيلات الائتمانية بعد أزمة الديون الرديئة التي تفجرت علي نحو حاد العام الماضي.

 
وعودة هذه القضية لتصدر «أجندة» المستثمرين لها ما يبررها ليس علي صعيد المصلحة المباشرة التي تحققها هذه الفئة فقط.. وإنما علي صعيد الآثار التي ترتبها بالنسبة لتطورات الاقتصاد الكلي.. وهو ما جعل خطوط المصلحة تتقارب إلي حد بعيد بين الحكومة وهذه الفئة.. حيث ان انعاش الطلب المحلي الذي تحتاج إليه الحكومة لزيادة معدلات النمو لا يتحقق إلا بزيادة قدرة المستهلكين علي الانفاق وهو ما يحتاج إلي تدخل مؤسسات التمويل ممثلة في البنوك تارة لتقديم التسهيلات لهؤلاء المستهلكين.. وتارة اخري لتمويل متطلبات النمو الاستثماري الضروري لمواجهة طلب المستهلكين ومن ثم شيوع الرواج.
 
وإذا كان ذلك يصدق من الناحية النظرية .. فإن الكلمة الأخيرة تبقي للبنوك التي تربط خفض الفائدة دائماً بكلفة الأموال لديها.. فهل تقب البنوك خفض سعر الفائدة علي القروض في المرحلة الراهنة؟!
 
في البداية يؤكد عبدالرحمن بركة رئيس مجلس إدارة بنك مصر رومانيا ان البنوك رغم الحاجة إلي انعاش الطلب المحلي وزيادة جرعة منح الائتمان إلا انها لا تستطيع ان تقرر فجأة خفض أسعار الفائدة علي القروض نزولاً علي رغبة المستثمرين ورجال الأعمال لأن هناك سقفاً لهذه القضية لا يمكن ان تتخطاه هو تكلفة الاموال لديها.. أي ان خفض سعر الفائدة علي القروض لا يمكن ان يتم بمعزل عن خفض الفائدة الدائنة التي تمنحها البنوك لاصحاب الودائع نظير الاحتفاظ بأموالهم لديها.. والحصول علي مقابل لذلك.
 
وهذا يعني ان خفض الفائدة علي القروض ينبغي ان يتم في ضوء سياسة أشمل يراعي فيها ألا يتم الخفض علي حساب معدلات الادخار التي هي ايضاً من اهم أركان زيادة معدلات النمو.. لأن حفز وتشجيع الاستثمار مثلما يحتاج إلي أسعار فائدة مشجعة يحتاج كذلك إلي موارد كافية لضخ الائتمان.
 
ولفت بركة إلي ان مطلب المستثمرين هو مطلب مشروع تتفهمه الحكومة والبنوك معاً ولكن في حدود عدم إلحاق الضرر بقطاع المدخرين خاصة ان اموال المودعين بدورها تحتاج إلي الحفز والتنمية وهو ما يفسر حرص البنوك حتي الآن علي طرح المزيد من الأوعية الإدخارية.
 
وإلي جانب المعيار السابق الذي يمثل عائقاً موضوعياً أمام خفض أسعار الفائدة علي القروض خاصة في ضوء تجربة المركزي قبل نحو عام حيال أسعار الاقراض والخصم التي قام بخفضها %1 دون ان يؤثر ذلك في موقف البنوك من خفض أسعار الاقراض لديها.. يلاحظ أحمد عبدالوهاب المدير العام ببنك مصر الدولي. ان هناك عائقاً اضافياً يجعل من تدخل السلطات النقدية لحث البنوك علي خفض أسعار الفائدة علي الاقراض لا يصطدم بضرورة خفض أسعار الفائدة علي الودائع فحسب وإنما يصطدم بما هو أهم من ذلك وهو الحفاظ علي جاذبية سعر الفائدة علي ودائع العملة المحلية في إطار اجراءات التصدي لشبح «الدولرة» الذي تخشاه السلطات النقدية ومن اجله تستعد للوقوف علي الحياد تجاه هذه القضية.
 
ويري عبدالوهاب ان عائق «الدولرة» ليس مجرد شبح يزعج السلطات النقدية وانما هو انعكاس لحالة عدم الاستقرار النقدي التي سعت إلي حصارها والتغلب عليها في الفترة الأخيرة من خلال سياسة تحرير أسعار الصرف من جهة والحفاظ علي ارتفاع اسعار الفائدة علي الودائع بالجنيه حتي لا يتحول الاقتصاد إلي اختزان فائض القيمة الناجم عن حركة الانتاج في «الدولار» كمخزن للقيمة.
 
ويضيف ان خفض الفائدة علي القروض ينبغي ان يتم في ظل ظروف استقرار نقدي كامل سواءً فيما يتعلق باسعار الصرف أو أسعار الفائدة لأن ذلك وحده هو الذي يؤمن اجراء أية تغييرات بعيداً عن هاجس «الدولرة» التي استمرت حتي الآن السلطات النقدية في رفع أسعار الفائدة علي أذون الخزانة في الأجل القصير من خلال الطلب المتلاحق عليها حتي تبعده وتؤمن مسيرة الاستقرار النقدي بعيداً عنه.
 
ورغم ذلك يعترف فريد حسني مدير عام القطاع المالي ببنك الشركة المصرفية العربية الدولية بضرورة تحرك البنوك لزيادة نشاطها وحفز الطلب علي الائتمان مرة أخري داخل السوق لان استمرار الاوضاع الراهنة داخل الجهاز المصرفي يهدد علي المدي البنوك بخسائر لا تقل فداحة عن أزمة الديون الرديئة.. لان تراجع معدلات النشاط بها يعني تنامي العجز عن إدارة ما في حوزتها من فوائض.. أو ما يسمي بالقدرة علي رفع الاموال الذي يؤدي تراجعها إلي ركود الأموال التي تدفع عنها تكلفة باهظة للغاية تجعل استمرار مثل هذا الوضع امراً شبه مستحيل.
 
ويشير حسني إلي انه في مثل هذا الوضع يصبح خفض سعر الفائدة علي القروض إجبارياً لمواجهة الخسائر المحدقة.. فلو ان البنك استطاع جمع 100 وحدة نقدية واستمر عاجزاً عن توظيفها في حدود سعر الفائدة الذي يعوض تكلفة هذه الأموال من فائدة لمودعيها مضافاً إليها هامش ربح البنك فإن الوضع بمرور الوقت يصبح كارثة إذا انقضي العام ولم يوظف البنك النصيب الأكبر منها.. بل ربما كانت القدرة علي تعويض تكلفة الأموال عن طريق سرعة دوران النقود احد الحلول الوقت حتي ينتعش السوق وتعود قوي الطلب علي الائتمان قادرة علي تحمل أسعار الفائدة علي القروض التي تطالب بها البنوك.
 
ومع ذلك فإن هذا الخيار مسألة بالغة التعقيد وتعمل السوق المصرفية علي تفادي الوصول إليها.. وفي كافة الاحوال فإن البنوك سوف تظل تحاول التوصل إلي موازنة ما تتيح لها التغلب علي تلك الصعوبات وسيكون من المجدي ان يتم التفكير في حلول يساهم البنك المركزي بها في خفض أسعار الاقراض من خلال مزيد من تحريك نسبة الاحتياطي الالزامي باتجاه التراجع عن المعدل الحالي وهو %14 لتحتفظ البنوك بمزيد من السيولة القابلة للتوظيف لديها أو علي الأقل دراسة مدي امكانية منح المركزي حداً ادني من سعر الفائدة علي أرصدة الاحتياطي التي تحتفظ بها البنوك لديها للمساعدة الفعالة في خفض نسبي لأسعار الفائدة علي القروض.
 
مثل هذه الحلول يتعين الاسراع بالتفكير فيها في هذه المرحلة قبل ان تصل الاوضاع الي حدود الأزمة الضاغطة خاصة ان المركزي يستعد لإلزام البنوك بتطبيق معايير بازل «2»  التي من بينها حرص هذه القواعد علي فرض مستويات من الملاءة تقيد من مرونة عمليات الاقراض.. وبالتالي قد تزداد في المستقبل صعوبة التوظيف مع تزايد معدلات مخاطر الائتمان وتعويض ذلك برفع نسب الملاءة إلي حدود يمكن ان ترتفع إلي اكثر من %12 من اجمالي موجودات البنوك.
 
لهذا ينبغي الاسراع بدراسة الحلول المتاحة للخروج من هذا المأزق بعد الفراغ مباشرة من تثبيت ركائز الاستقرار النقدي.
 
جريدة المال

المال - خاص

10:55 ص, الأثنين, 10 مارس 03