كشف التقرير السنوي الصادر عن البورصة المصرية عن تقلص صفقات الاستحواذ بالسوق المحلية خلال العام الماضي إلي 3.1 مليار جنيه، من خلال 8 صفقات، في مقابل 42 مليار جنيه من خلال 11 صفقة في العام الأسبق، وهو ما آثار حفيظة المتعاملين بالسوق حول التراجع العنيف في قيمة الاستحواذات بنسبة بلغت أكثر من %92.6.
|
على الطاهرى |
واعتبر خبراء سوق المال وبنوك الاستثمار التراجع العنيف في قيمة صفقات الاستحواذ الواردة بتقرير البورصة السنوي »غير معبر«، مشيرين إلي أن قيمة صفقات الاستحواذ الواردة بالتقرير لم تفصل صفقات الاستحواذ الحقيقية عن عمليات نقل الملكية الاعتيادية بسوق المال.
ورأي الخبراء أنه علي الرغم من تراجع قيمة صفقات الاستحواذ خلال العام الماضي مقارنة بالأسبق، فإنه ليس بالدرجة العنيفة الواردة بتقرير البورصة السنوي.
من جهة أخري، اختلف الخبراء حول ترشيح القطاعات المؤهلة لجذب أكبر عدد من صفقات الاستحواذات خلال العام الحالي، فالبعض رجح القطاع الاستهلاكي المستفيد من الطلب الداخلي المتنامي بالسوق المحلية، مستندين إلي احتمالية تسجيل صفقة استحواذ »الكترولوكس« علي حصة الأغلبية بشركة »أوليمبيك جروب« حالة الاستحواذ الحقيقية الأولي بسوق المال المحلية خلال العام الحالي، في حين رشح البعض الآخر قطاع الأدوية في ظل تمتعه بعدد كبير من الشركات المتوسطة والصغيرة الراغبة في التوسع، والبعض الآخر اعتبر شركات القطاع العقاري الأكثر ترشيحاً لحصد أكبر نقاط بصفقات الاستحواذات خلال العام الحالي، في ظل التباطؤ الذي يمر به القطاع، تزامناً مع انتقاص السيولة المتاحة في بعض منها.
اعتبر علي الطاهري، رئيس مجلس الإدارة العضو المنتدب بشركة دلتا القابضة للاستثمارات المالية، تراجع قيمة صفقات الاستحواذ خلال عام 2010 بنسبة %92.6 غير معبر بشكل جيد عن انخفاض حقيقي في حجم سوق صفقات الاستحواذ، نظراً لعدم تصنيفها بالتقرير السنوي الصادر عن البورصة إلي صفقات استحواذ تتم بغرض تغيير في هيكل الملكية الخاص بالشركة أو استحواذات تتم لأسباب اقتصادية.
وأضاف الطاهري: إن صفقات الاستحواذ تتم في سوق المال عن طريق عروض الشراء مباشرة أو استحواذ إحدي الشركات علي شركة أخري، نظراً لكون الشركة المستهدفة مقيمة بأقل من قيمتها العادلة ولديها امكانيات ضخمة للنمو إذا ما تمت بعض التعديلات علي هيكل إدارتها.
من جهة أخري، لم يرشح الطاهري قطاعا بعينه لجذب أكبر عدد من الاستحواذات خلال العام الحالي، مشيراً إلي صعوبة التكهن بالقطاعات التي ستخطف الأضواء، في ظل اعتماد صفقات الاستحواذ علي الظروف الخاصة التي ترتبط بالشركتين المستحوذة، والمستحوذ عليها، وملابسات تطور القطاع الذي تعمل به الشركة المستهدفة بشكل عام.
من جانبه أرجع خالد الطيب، عضو مجلس إدارة شركة »بايونيرز« القابضة للاستثمارات المالية، تراجع قيمة الصفقات عام 2010 إلي تداعيات الأزمة المالية العالمية علي سوق صفقات الاستحواذات، والتي ظهرت بوضوح خلال العام الماضي، لافتاً إلي أن الاقتصاد المصري مازال ينمو بدرجة جيدة، ودلل علي ذلك بانخفاض حالات التعثر بالسوق.
وتوقع الطيب تحسن صفقات الاستحواذ من حيث عدد وقيمة الصفقات خلال عام 2011، مرجعاً ذلك إلي تغير نظرة الشركات بوجه عام لمشروعات الاستثمار المباشر، خاصة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ومشروعات البنية التحتية، وهو ما قد يعزز من فرص نمو صفقات الاستحواذات خلال الفترة المقبلة.
وأضاف عضو مجلس إدارة شركة بايونيرز القابضة للاستثمارات المالية، إنه من الصعب تحديد قطاع بعينه ليستحوذ علي عدد كبير من صفقات الاستحواذ خلال العام الحالي، نظراً لكونها تتم وفقا لحالة كل شركة، غير أنه رجح أن يشهد قطاع العقارات أبرز صفقات الاستحواذ خلال عام 2011، لوجود عدد من الشركات به تعاني من التعثر ونقص شديد في السيولة المتاحة لديها، بالإضافة إلي حالة الركود الموجودة بسوق العقارات، والتي أثرت بالسلب علي حجم مبيعاتهم، وهو ما قد يجعل منها فريسة لشركات أخري ترغب في التوسع، ولديها قدر من السيولة المتاحة.
من جهته، قال ولاء حازم، نائب رئيس إدارة الأصول بشركة »اتش سي« إن التراجع الملحوظ في تقرير البورصة المصرية في قيمة صفقات الاستحواذ خلال العام الماضي مقارنة بالأسبق، يرجع إلي إدراج عدد من صفقات نقل الملكية وعمليات الهيكلة الإدارية في تلك الأرقام، وعدم فصلها، وهو ما أدي إلي التسبب في التراجع العنيف.
ورأي نائب رئيس إدارة الأصول بشركة »اتش سي« أن عام 2010 شأن العام الأسبق لم ير تنفيذ صفقات استحواذ »حقيقية«، بسبب التداعيات السلبية للأزمة المالية العالمية، فضلاً عن عدم تنفيذ طروحات عامة ذات تأثير قوي بسوق المال، عدا طرح حصص صغيرة من خلال طرحي »عامر جروب« و»جهينة« فقط.
وتوقع »حازم« أن يشهد عام 2011 عدداً من صفقات الاستحواذ في عدة قطاعات علي رأسها القطاع الاستهلاكي بشكل عام، خاصة صفقة استحواذ شركة الكترولوكس علي حصة عائلة سلام بشركة أوليمبيك جروب، والتي ستعتبر أول صفقة استحواذ حقيقية خلال العام الحالي، فضلاً عن التنبؤات بتنفيذ صفقات استحواذ بالقطاعات المرتبطة بالتعداد السكاني مثل القطاع الغذائي.
كما تنبأ حازم بتنفيذ صفقات استحواذ بقطاع البترول والطاقة، مشيراً إلي أنه علي الرغم من الانخفاض التدريجي في أسعار البترول علي المستوي العالمي علي المدي القصير جداً، فإنه يتحرك بشكل عام في مسار صاعد متوسط الأجل، وهو ما سيدعم فكرة نمو الشركات بشكل تدريجي، تزامناً مع عدم مواكبة الطلب المتزايد علي تلك النوعية من المنتجات مع المعروض المحدود.
من جانبه، شكك عمرو الألفي، رئيس مجموعة البحوث بمجموعة »سي آي كابيتال« في صحة الأرقام الخاصة بتراجع قيمة الصفقات المنفذة بالبورصة المحلية علي مدار العام الماضي إلي 3.1 مليار جنيه في مقابل 42 مليار جنيه خلال العام الأسبق، مشيراً إلي أنه علي الرغم من التراجع الفعلي لقيمة الصفقات المنفذة خلال العام الماضي، مقارنة بالعام الأسبق، فإنه ليس بتلك الدرجة المبالغ فيها.
وأوضح »الألفي« أن ما أدي إلي »تفخيم« نسبة التراجع في قيمة الصفقات المنفذة علي مدار العام الماضي هو احتساب قيمة صفقات نقل الملكية التي شهدتها السوق خلال عام 2009 إلي إجمالي الصفقات، وهو ما دفعه إلي المناداة بفصل صفقات نقل الملكية عن صفقات الاستحواذات الحقيقية.
وأرجع رئيس مجموعة البحوث بمجموعة سي آي كابيتال انخفاض قيمة صفقات الاستحواذات علي مدار 2010 مقارنة بالعام الأسبق بشكل عام إلي أن معظم الشركات التي تقوم بالاستحواذ علي شركات محلية هي في الأصل شركات أجنبية، تلك الشركات التي تأثرت خلال العام الماضي بتداعيات الأزمة المالية العالمية وتداعياتها علي حالة غموض الرؤية بأسواقهم المحلية، وهو ما أدي إلي تفضيل تلك الشركات إعادة النظر في خططها التوسعية في الدول الخارجية.
ولاحظ الألفي التحسن النسبي في مناخ الصفقات بشكل عام خلال الربع الأخيرمن العام الماضي، وهو ما دفعه إلي التكهن باستمرار التحسن النسبي علي مدار العام المقبل، خاصة في ظل التوقعات بالتحسن النسبي في الرؤية الاستثمارية بشكل عام، تزامناً مع الانتعاش النسبي المرتقب في الاقتصاد الأوروبي.
ورشح الألفي عدداً من القطاعات للحصول علي قدر لا بأس به من صفقات الاستحواذ خلال العام الحالي، علي رأسها قطاع الاتصالات في ظل حالات التوسعات الإقليمية لبعض الشركات، بالإضافة إلي قطاع الأدوية، في ظل رغبة العديد من الشركات المتوسطة والصغيرة الحجم في الاندماج وتوسيع نطاق أعمالها لمواكبة نمو القطاع بشكل عام.