مصر كانت البورصة الأساسية لتحديد سعره عام 1950.. والآن لا توجد جهة رسمية للتعامل معه

مصر كانت البورصة الأساسية لتحديد سعره عام 1950.. والآن لا توجد جهة رسمية للتعامل معه
جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الأحد, 5 أكتوبر 03

أحمد عامر:
 
رغم أن السوق المحلية قبل عام 1950 كانت تعد مركزا دوليا وبورصة عالمية مهمة لتحديد سعر الألماظ «الماس» إلا أنه الآن أصبح لغزا محيرا، بلا قاعدة اقتصادية أو تجارية تحكمه.. فلا توجد له جهة رسمية لاستيراده، ولا مناجم لاستخراجه.

 
والألماظ ليس لغزا اقتصادياً في مصر فقط ولكن علي مستوي العالم فلا أحد يستطيع تحديداً تقدير حجم تجارته ولكن طبقا لأرقام شركة احتكار الماس العالمية المعروفة بـ «ديبرس» وهي شركة انجليزية جنوب افريقية ومقرها لندن تقدر تجارة الماس والاحجار الكريمة في العالم بمليارات الدولارات سنوياً وتقوم نفس الشركة بتوزيع حصص معينة علي الأسواق حتي لا يزيد المعروض علي الطلب فينخفض السعر.
 
والألماظ في مصر يعتبر عبئاً اقتصادياً علي الدولة كما يري د. صلاح الجندي استاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة لأن استيراده يكون بالعملات الاجنبية ويأتي مهرباً ولا تستفيد الجمارك منه شيئاً كما أن وضعه في البنوك يعتبر أموالاً عاطلة ولا يعتبر وديعة بنكية لأنه لا يكون علي شكل نقدي وليس للبنك المركزي نسبة منه كما أنه لا يمكن اعتباره عطاءً اقتصادياً لانه ليس له قواعد واضحة للعرض والطلب.
 
ويضيف أنه لا تستطيع أية جهة حكومية في مصر التعامل مع الألماظ أو غيره من الأحجار الكريمة إلا من خلال مصلحة دمغ الموازين والمصوغات والتي يتوقف دورها علي التواجد مع الجهات الأمنية لضبط المهرب منه وتقديم شهادات تقييم تثبت أنواعها ومدني جودتها.
 
رفيق العباسي رئيس شعبة صناعة الذهب باتحاد الصناعات يقول: الرقابة علي الألماظ شيء في غاية الصعوبة لأن استيراده يتم عبر مجموعة من التجار فقط ومن المستحيل تحديد كم معين للألماظ عند هؤلاء التجار ولا يمكن سؤال شخص ما من أين لك هذا الألماظ! فقد يكون موروثاً أو تم شراؤه من شخص آخر فهناك أشخاص يشترون هذا المعدن الثمين من الخارج ويركبونه علي قطعة ذهبية ويدخلون بها إلي البلاد دون أدني مشكلة كما أنه عادة لا تدفع ضريبة المبيعات المقررة عليه والشيء الغريب حقاً في الألماظ أن الأجهزة الأمنية في المنافذ الحدودية والمطارات لا تستطيع كشفه نظراً لخواصه الفيزيائية والكيميائية التي ينفرد بها عن باقي المعادن والأحجار.
 
ويضيف رفيق العباسي أن حجم تجارة الذهب سنوياً في مصر 150 طناً و%80 من هذه النسبة عيار 21 وهي التي تلبي احتياجات الشعب المصري والنسبة المتبقية وهي %20 تمثل المشغولات الذهبية عيار 18 وهذه النسبة منها %10 فقط كحد أقصي يدخل فيها الألماظ والأحجار الكريمة.
 
ناجي شوقي عضو مجلس إدارة شعبة المجوهرات بالغرفة التجارية بالقاهرة وأحد المحاضرين عن الألماظ في الجامعات الأجنبية يقول: لا يوجد مرجع محدد للألماظ في مصر ومن يتتبع ذلك يصل لطريق مسدود لانه لا توجد جهة رقابية محددة له ويؤكد أن هناك ضريبة مبيعات علي الألماظ ولكن بشكل غير مباشر فالقاعدة العامة أن ضريبة المبيعات علي المشغولات المرصعة بأحجار كريمة هي %10 من قيمة المعدن وغالباً ما يدفع المشتري الفاتورة بإجمالي الرقم والذي تدخل ضمنه هذه النسبة.
 
ويري أن الألماظ يمكن اعتباره نوعاً من الادخار لدي الأفراد الذين يمتلكونه ويمكن اعتبار المقياس الذي يحكمه تجارياً هو التنافس بين التجار والثقة التي يحظي بها التاجر لدي المتعاملين معه والذين عادة ما يكونون علي اطلاع وإدراك ببورصة الألماظ العالمية.
 
ويضيف أنه في مصر يتم الاعتماد علي قطع الألماظ المستوردة من بلجيكا والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا ويتم تركيبها علي الذهب الأبيض عادة وتشتهر مصر عالمياً بجودة التركيب وهذه السمعة اكتسبتها منذ عصور قديمة كما أن الزبون المصري يعد من أفضل المتعاملين مع الألماظ من الناحية الذوقية ودائما يسعي لاقتناء أحدث الأشكال العالمية.
 
وعن خواص الألماظ يقول ناجي شوقي أن الألماظ هو الكربون الخالص تماماً من أية شوائب ويوجد في طبقات الأرض العميقة تحت ضغط وحرارة شديدين عبر ملايين السنين ويأتي عادة من منطقة جنوب ووسط افريقيا وهي المنطقة الأساسية في انتاجه عالمياً بالإضافة لروسيا وكندا واستراليا التي توجد بها مناجم طبيعية أيضاً.
 
ويشير إلي أن وحدة التعامل مع الألماظ هي القيراط أي الخمس جرام وتوجد معايير معقدة جداً للتعامل ولتحديد سعر هذا القيراط والذي يصل أحيانا إلي 100 ألف جنيه.
 
وعن هذه المعايير يقول سامر جون جواهرجي ومركباتي أحجار كريمة أن من أهم صفات الماس هي درجة شفافيته ومدي صفاء لونه وتحديدها يرتبط بعدد وحجم الشوائب وموضعها علي الحجر وهذه التحليلات دقيقة جداً حيث يتم مسح الحجر من جميع جوانبه بميكروسكوب مكبر جداً فإذا كان الحجر خاليا تماما من الشوائب فيسمي «IF » وتتدرج درجة الصفاء وصولاً لما يعرف بالـ «BK » وهي سهولة رؤية الشوائب بالعين المجردة كذلك هناك صفة الحك أو القطع ويعني بها كيفية صقل الحجر ومدي لمعانه وقدرته علي عكس الأضواء وكل هذه الصفات يتحدد بناء عليها سعر الحجر لنجد أن القيراط عادة يتراوح سعره ما بين 5 إلي 25 ألف جنيه.
 
ويشير إلي أن الالماظ لا يتفاعل مع أية مادة كيميائية ويعكس الأضواء في جميع الاتجاهات ويتميز بأنه أغلي الاحجار صلابة حيث يستطيع خدش أي معدن في الطبيعة حتي الحديد الخام ويستخدم في حفر طبقات الأرض للوصول للبترول.
 
ويوضح أن الألماظ أصبح له سوق واضح في مصر نظراً للاقبال عليه كشبكة للعروس والتي أصبحت موضة هذه الأيام وتبدأ من 7 آلاف جنيه للخاتم والدبلة المرصعة بالألماظ.
 
ونظرا للقيمة الاقتصادية للألماظ فدائماً ما يكون السبب وراء عمليات قتل جماعية بالقبائل الافريقية للسيطرة علي مناجم الماس أو للحصول علي قطعة واحدة منه بل أنه من أحد الأسباب الرئيسية غير المعلنة للاحتلال البريطاني للهند ماسة «كوهي نور» جبل النور التي سرقتها قوات الاحتلال البريطاني واستخدمتها في ترصيع مقدمة التاج الملكي البريطاني!
 
كما يلعب دورا كبيراً في الحياة السياسية فمثلا في مؤتمر الماس السنوي الذي عقد في ابريل عام 1998 بتل أبيب أعلن اتحاد الصناعات الإسرائيلية للماس أن إسرائيل تريد دخول القرن العشرين وعينها علي السيطرة علي أسواق الماس في مصر والأردن ودول الخليج العربي وخلال الشهور السابقة ألغت الكونغو الديمقراطية تراخيص كل التجار الذين يشترون الألماظ حيث يقوم أفراد بتعدينه خارج القطاع الحكومي كذلك خرج بيان عن وزارة التجارة بالمملكة العربية السعودية يذكر أنها التزمت بالحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة علي صادرات الألماظ الخام من سيراليون وجاء في البيان أن الحظر المفروض علي الأحجار الكريمة من سيراليون يشمل كل واردات الماس الخام غير المصحوبة بشهادة منشأ تصدرها حكومة سيراليون وفقاً للقواعد التي حددتها الأمم المتحدة وبدأ سريان هذا الحظر منذ شهر اغسطس الماضي ولمدة 18 شهراً.
 
وخلال الشهور الماضية تم عقد اتفاق عالمي للحد من تجارة الماس التي تمول الحروب في افريقيا ورصد برنامج كمبرلي لتوثيق تجارة الماس الذي طرح عام 2002 المعايير التي يجب اتباعها دوليا بين الدول لحل المشاكل والحروب الناتجة عن تجارته وأكد البرنامج عدم السماح باستيراد أو تصدير الماس الخام من وإلي الدول غير المشاركة بالبرنامج وتتولي أمانة البرنامج ومقرها جنوب افريقيا مراقبة الصادرات والواردات في 72 دولة تريد المشاركة لمعرفة ما إذا كانت تجارتها تفي بالمعايير المطلوبة أم لا.
 
وتضم قائمة الدول الملتزمة بالمعايير أغلب كبار مصدري الألماظ في العالم ومنها جنوب افريقيا وبوتسوانا وناميبيا وزيمبابوي في افريقيا ودول الاتحاد الاوروبي وروسيا والصين والولايات المتحدة الأمريكية وكندا واستراليا أما الدول غير المدرجة علي هذه القائمة فتشمل البرازيل وبوركينا فاسو والكاميرون وافريقيا الوسطي والجابون وغانا والمكسيك وتوجو وفيتنام.
جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الأحد, 5 أكتوبر 03