نشوى عبدالوهاب ـ هبة محمد
فى ظل اجراءات “المركزي” الأخيرة بخفض سعر الفائدة الأساسية بنحو 50 نقطة مئوية، فإنه من المرجح أن تسلك أسعار العائد على أدوات الدين الحكومى، اتجاهاً هابطاً لجميع الآجال، بما يخفف عبء خدمة الدين على الموازنة العامة، وذلك وفقاً لما أكده عدد من المصرفيين.
وأضافوا أن ارتفاع فوائض السيولة لدى البنوك يدعم الخفض، لاسيما أن العائد يعتبر ملائماً حالياً بسبب التباطؤ فى طلب الائتمان.
وتوقع بعضهم أن تتخذ لجنة السياسة النقدية، قراراً جديداً بخفض سعر الكوريدور بنحو 50 نقطة جديدة خلال الشهور الثلاثة المقبلة لتحفيز معدلات الاستثمار، بما يؤثر بدوره على عائد الأذون والسندات الحكومية بالمعدل نفسه لتصل نسبة الخفض فى النهاية إلى 1 % قبل مارس المقبل.
وشهدت سوق الدين المحلى تراجعاً ملحوظاً فى مستويات العائد على أدوات «المالية» من الأذون والسندات الحكومية التى طرحت مؤخراً، لتصل نسب الخفض لمستويات تجاوزت نقطة مئوية كاملة للعائد على أذون 364 و0.6 نقطة مئوية لعائد أذون 91 يوماً.
فى المقابل توسعت وزارة المالية فى حجم اقتراضها من السوق المحلية، بمخاطبتها البنوك لاقتراض نحو 18.5 مليار جنيه خلال تعاملات الأسبوع الحالى، مقابل 16.5 مليار اقترضتها الأسبوع الماضى.
وطرحت «المالية» مزادات لأذون الخزانة والسندات الحكومية بالعملة المحلية قصيرة، ومتوسطة وطويلة الأجل الخميس الماضى، بدلاً من تعاملات أمس، بسبب اجازة ذكرى 25 يناير، وشهدت المزادات اقبالاً بكثافة من البنوك بهدف توظيف فائض سيولتها من النقد المحلى.
وانعكس انخفاض متوسط أسعار الفائدة لمزادات اذون الخزانة والسندات الحكومية على أداء مؤشر المال «ALMAL IR » الذى سجل تراجعاً ملحوظاً خلال تعاملات الأسبوع الماضى، بما يقرب من نقطة مئوية كاملة، ليكسر المؤشر الذى يقيس متوسط أسعار الفائدة المتاحة على ادوات الدين المحلى قصيرة الأجل، مستوى 12 نقطة هبوطاً إلى مستوى 11.19 نقطة، جمعها فى تعاملات نهاية الأسبوع.
وكان العائد على اذون 364 يوماً الاكثر تراجعاً خلال تعاملات الأسبوع الماضى، بانخفاضه نقطة مئوية كاملة ليصل إلى 11.228 % مقابل 12.235 % سجلها فى مزادات سابقة قبل خفض عائد الكوريدور، واقترضت «المالية» 4 مليارات جنيه من66 عرضاً من اجمالى 297 عرضا قدمتها البنوك بقيمة تجاوزت 13.9 مليار جنيه، بعائد تراوح بين 11.18 و11.249 %
كما انخفض متوسط عائد اذون 273 يوماً بنحو 0.8 نقطة مئوية مسجلاً 11.275 % مقابل 12.235 % سجلها فى السابق، وقدمت البنوك 225 عرضاً بقيمة تجاوزت 10.85 مليار جنيه لتقبل منها «المالية» 54 عرضاً بقيمة 3.5 مليار جنيه وبعائد تراوح بين 11.199 و%11.295 خلال المزاد.
كما انخفض العائد على اذون خزانة 91 يوماً بنحو 0.6 نقطة مئوية ليصل إلى 11.11 % مقابل 11.766 % سجلها فى السابق، وخلال المزاد قدمت البنوك 179 عرضاً بقيمة 5.2 مليار جنيه لتقبل منها «المالية» 104 عروض بقيمة 2.5 مليار جنيه وبعائد تراوح بين 10.9 و11.13 %.
وانخفض متوسط عائد اذون خزانة فئة 182 يوماً بنحو 0.8 نقطة مئوية ليصل إلى مستوى 11.124 % فى المتوسط مقابل 11.99 % سجلها فى السابق، واقترضت «المالية» 3 مليارات جنيه من 91 عرضاً من اجمالى 208 عروض قدمتها البنوك بقيمة 7.78 مليار جنيه وبعائد تراوح بين 11.08 % و11.15 %.
وقال تامر مصطفى، نائب مدير إدارة الخزانة ببنك التنمية الصناعية والعمال، إن عائد أدوات الدين الحكومية استجاب لتراجع فائدة الكوريدور وانخفض على بعض الآجال فى عطاء «المركزى» يوم الأحد والخميس الماضيين بنحو 50 نقطة مئوية.
ويرى أن العائد سيواصل الانخفاض بشكل طفيف بدعم من توافر فوائض السيولة، لاسيما أن عائد الأوراق الحكومية يعتبر جاذباً لتوظيف تلك الفوائض مقابل أسعار الفائدة على الودائع المربوطة.
تعتبر الودائع المربوطة، إحدى أدوات «المركزى» لامتصاص السيولة الزائدة لدى البنوك، وهى أداة أعاد «المركزى» تفعيلها فى أكتوبر 2013، ووصلت قيمة الأموال التى عرضها نحو 31 بنكاً إلى 171 مليار جنيه، قبل «المركزى» منها نحو 80 ملياراً فقط، بسعر فائدة ثابت وصل إلى %9.25 ، لمدة سبعة أيام تنتهى فى 27 يناير المقبل، مقابل سيولة نقدية بقيمة 153 مليار جنيه عرضتها البنوك فى مزاد الأسبوع قبل الماضى.
وتستهدف الآلية تخفيض حجم المعروض من الجنيه فى السوق المحلية من جهة، ومحاربة التضخم من جهة أخرى، لتعمل على امتصاص فائض السيولة المتضخمة.
وتوقع تامر مصطفى، أن ينخفض سعر فائدة سندات الخزانة فى الطروحات المقبلة بـ 0.5 % فى استجابة لتراجع سعر الكوريدور، مبدياً صعوبة فى تحديد شكل العائد على أدوات الدين بعد اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المقرر انعقاده آخر فبراير المقبل نظراً لإمكانية اختلاف المتغيرات الاقتصادية.
ولفت إلى أنه فى حال اتخاذ «المركزى» قراراً بخفض الفائدة فإن ذلك سيتبعه تراجع عائد أدوات الدين، إلا أنه لا يتوقع ذلك، لاسيما فى ظل القرارات التى اتخذها «المركزى» مؤخراً بخفض قيمة الجنيه مقابل الدولار.
وسمح البنك المركزى بهبوط الجنيه خلال الأسبوع الماضى بنحو 25 قرشاً بصورة تدريجية أمام الدولار ليصل إلى 7.39 جنيه للدولار مقابل 7.14 جنيه.
فيما رجح تامر يوسف، رئيس قطاع الخزانة بأحد البنوك الأجنبية، أن تتجه أسعار الفائدة، إلى التراجع قبل المؤتمر الاقتصادى المخطط عقده فى مارس المقبل، وذلك بدعم من قرار البنك المركزى خفض الفائدة على الكوريدور، إلى جانب زيادة السيولة غير المستغلة.
وأشار إلى أن عدداً كبيراً من البنوك توظف ما يزيد على 60 % من فوائض السيولة لديها فى أدوات الدين، لاسيما فى ظل تراجع معدلات الائتمان تأثراً بتداعيات الثورة.
وتوقع أن تخفض لجنة السياسة النقدية أسعار الفائدة الأساسية مجدداً قبل مارس المقبل بنسبة 50 نقطة مئوية أخرى سواء بشكل تدريجى أو عبر قرار واحد، كما حدث فى اجتماع اللجنة الخميس قبل الماضى ليتراجع سعر العائد النهائى على الأوراق الحكومية بـ1 % على جميع آجال الأذون والسندات.
وقال إن المركزى يهدف إلى رفع معدلات النمو الاقتصادى، بما يدعم خفض عجز الموازنة الحكومية، لاسيما أن التراجع بـ 1 % فى عائد أدوات الدين يوفر نحو 10 مليار جنيه للدولة، لافتاً إلى أن «المركزى» غير قلق حالياً على ارتفاع مؤشرات التضخم.
وطبقاً للمؤشرات فإن التضخم الأساسى تراجع إلى 7.690 % نهاية ديسمبر الماضى مقارنةً بـ 11.691 % منذ بداية العام الماضى.
كما شهدت مزادات السندات الحكومية، تراجعاً ملحوظاً فى مزادات الأسبوع الماضى، بنسب تجاوزت نقطة مئوية كاملة، وانخفض العائد على سندات لأجل 5 سنوات إلى مستوى 13.054 % فى مزاد شهد إقبالاً ملحوظاً من البنوك التى قدمت 197 عرضاً بقيمة تجاوزت 8.7 مليار جنيه لتقبل منها المالية 22 عرضاً بقيمة 2.5 مليار جنيه، فيما بلغ سعر الكوبون 14 % عند الاستحقاق، بينما تراوح العائد خلال المزاد بين 13.1 % و13.6 %.
كما انخفض متوسط عائد سندات لأجل 10 سنوات مسجلاً 14.48 % وخلال المزاد قدمت البنوك 124 عرضاً بقيمة 3.48 مليار جنيه، لتقبل منها المالية 21 عرضاً بمليار جنيه بعائد تراوح بين 14.4 % و14.518 %، ويصل سعر الكوبون عند الاستحقاق 14.25 %.
واتفق معهم فى الرأى مدير ادارة المعاملات الدولية فى احد البنوك العامة والذى أكد أن التطورات الأخيرة التى يشهدها القطاع المصرفى تصب فى صالح انخفاض عائد ادوات الدين المحلى، وتراجع تكلفة خدمة الدين بما يساهم فى خفض كبير لنسب عجز الموازنة العامة وهو الامر الذى تسعى الدولة لتحقيقه فى المرحلة المقبلة بعد تفاقم الدين العام لمستويات ضخمة اقتربت من 90 % من اجمالى الناتج المحلى الاجمالى.
وتوقع مدير ادارة المعاملات الدولية تراجع متوسط العائد على ادوات الدين المحلى فى الفترة المقبلة خاصة مع انتهاج البنك المركزى سياسة خفض الفائدة على الجنيه وتحول دفة السياسة النقدية إلى تخفيض قيمة العملة المحلية بهدف جذب الاستثمارات الاجنبية والمحلية خاصة قبل انعقاد مؤتمر القمة الاقتصادية فى مبارس المقبل.
كما توقع أن تنخفض أسعار الكوريدور بنسبة نصف نقطة مئوية فى الاسابيع المقبلة مجدداً فى ظل انحسار المخاوف من الضغوط التضخمية فى السوق المحلية، وتراجع أسعار السلع العالمية وأسعار المواد الغذائية وتراجع أسعار الطاقة والبترول بما يحد من ارتفاع فاتورة الواردات.
وأضاف أن الحكومة تعتبر المستفيد الاكبر من القرارت الاقتصادية الاخيرة لكونها تساهم فى تراجع تكلفة الدين المحلى واقتراضها من البنوك.