توقع عدد من المصرفيين ان يؤدى توسع وزارة المالية فى طرح المزيد من سندات الخزانة طويلة الأجل ضمن خطتها لتمويل عجز الموازنة المتوقع للعام المالى 2013/2012 إلى تحسن تقييم مؤسسات التصنيف الائتمانى للبلاد فى المستقبل القريب، مستندين فى ذلك إلى أن تأجيل مديونيات الدولة لفترات زمنية طويلة واستحقاق آجال سداد أدوات الدين بعد عدة سنوات يعكس انخفاض حجم المخاطر المتعلقة بالسوق المحلية فى الفترة القصيرة المقبلة .

فى حين رأى البعض أن هناك عددًا من العوامل التى تعنى بها مؤسسات التقييم الائتمانى عند إصدارها لتصنيف محدد أبرزها مؤشر أداء الاقتصاد وحجم العجز فى ميزان المدفوعات، وهو ما يرجح تأثر تصنيف البلاد بارتفاع حجم الدين المحلى الذى تم تمويله محلياً سواء كان معتمداً على الاذون او السندات الحكومية باختلاف آجالها .
وفسر المصرفيون اتجاه «المالية » لإعادة هيكلة الدين العام من خلال التركيز على إصدار سندات الخزانة لآجال أطول بدلا من الأذون، بأنها محاولة للتخفيف من أعباء خدمة الدين التى زادت بشكل كبير خلال الفترة الماضية، مشيرين إلى أنه لا يمكن الحكم بمدى إقبال البنوك بإصدار شهادات ادخارية جديدة، لأن ذلك يعتمد على حجم السيولة وحصيلة الشهادات الادخارية الموجودة لدى البنوك والتى تتوافر فقط لدى البنك المركزى .
فى حين يرى البعض الآخر أن هناك عددًا من البنوك خاصة العامة لديها وفرة فى هذه الأوعية والتى يصعب ضخها فى ائتمان جديد خلال هذه الفترة، كما أنها ستكون حريصة على الاستفادة بالعائد خلال تلك الفترة، نظراً لأنه مع انتهاء الاضطرابات وعودة الأنشطة الاقتصادية للحياة من جديد سيؤدى ذلك إلى انخفاض عائد الأوعية، الأمر الذى سيحرم الكثير من تلك المؤسسات المالية من الحصول على عائد مرتفع .
وأظهرت بيانات وزارة المالية زيادة إصداراتها للسندات خلال الربع الأول من العام المالى الحالى لترتفع إلى 38 ملياراً، مقابل 22 ملياراً فى الربع الأول من العام المالى الحالى، بزيادة قيمتها نحو 16 ملياراً تتوزع ما بين سندات متوسطة الأجل بين 3 و 5 سنوات وطويلة الأجل بين 7 و 10 سنوات .
من جانبه لفت هيثم عبد الفتاح مدير إدارة الخزانة فى بنك التنمية الصناعية والعمال إلى صعوبة الحكم بمدى اتجاه بعض البنوك لإصدار شهادات ادخارية خلال المرحلة المقبلة، حتى تكون قادرة على تغطية طروحات وزارة المالية من سندات الخزانة طويلة الأجل، خاصةً أنه من المتوقع أن تزداد قيمة هذه السندات وترتفع آجال استحقاقها .
وأشار إلى أن اتجاه «المالية » نحو زيادة الاعتماد على السندات قد يؤثر على قرارات مؤسسات التقييم، إلا أنه قد لا يمكن التنبؤ بذلك حيث إنها تضع فى اعتبارها عدة عوامل وليس عاملاً واحداً فقط .
ولفت إلى أن حجم سندات الخزانة خلال الربع الأول التى يصل أجل استحقاقها لنحو 7 و 10 سنوات، لا تعتبر كبيرة لأن قيمتها لا تتجاوز 9.5 مليار جنيه، كما أن هناك بنوكاً لديها حصيلة جيدة من الشهادات الاستثمارية بالآجال نفسها، الأمر الذى قد لا يشكل صعوبة فى تغطية هذه السندات خلال الربع الأول من العام المالى الحالى .
وفسر مدير إدارة الخزانة فى بنك التنمية الصناعية والعمال الاتجاه إلى الاعتماد على سندات ذات آجال طويلة خلال الربع الأول، برغبة وزارة المالية فى زيادة اجال الاستحقاق بأن الفترة الماضية شهدت اعتماد الوزارة عليها فى سد عجز الموازنة بشكل أكبر على الأذون، مما ضاعف من الضغوط المالية الواقعة عليها حيث تقوم بسداد قيمة هذه الأذون فى فترة زمنية قصيرة، على أن تقترض مجدداً بسعر عائد أعلى لمقابلة احتياجاتها، مما ساهم فى زيادة خدمة الدين خلال الفترة الماضية .
وتوقع عبد الفتاح ارتفاع عائد السندات خلال الفترة المقبلة، تبعاً للسياسة التخطيطية لوزارة المالية فى الاعتماد على السندات لأنه حتى الآن لم يتم التعرف على شكل الحكومة الجديدة وحجم الموارد المتاحة أمامها، بالإضافة إلى أن زيادة الفترة الزمنية للمديونية ستؤدى إلى أن يتخطى عائد سندات الـ 10 سنوات نحو الـ 19 %.
وقال إن هناك عددًا من العوامل التى قد تحد من حدوث طفرة فى معدلات العائد عليها، أبرزها أن الاتجاه العام لا يهدف إلى زيادة خدمة الدين الحكومى، فضلاً عن أن رفع العائد قد يضر بأسعار الفائدة على الائتمان، نظرًا لأن التوجه السائد فى السوق خلال الفترة الراهنة يعكس الدعوة إلى خفض معدلات البطالة وزيادة الانتاج، وبالتالى لن يساهم ذلك فى حدوث قفزات فى أسعار العائد على السندات، بالإضافة إلى أن تلك السندات مضمونة من الحكومة بما يشير إلى انخفاض حجم المخاطر المتوقعة .
ويرى تامر يوسف رئيس قطاع الخزانة بأحد الفروع الأجنبية العاملة فى السوق المصرية أن طول فترة استحقاق أدوات الدين يعتبر أحد العوامل التى تساعد على رفع التصنيف الائتمانى للدول، فكلما زاد متوسط أجل استحقاق الدين دل ذلك على انخفاض نسبة المخاطر السوقية، إلا أنه لا يمكن اعتبارها العامل الرئيسى، خاصة فى ظل اضطراب الأوضاع الاقتصادية .
وقال إنه لا يمكن الحكم بمدى اتجاه البنوك لطرح مزيد من الشهادات الادخارية خلال الفترة المقبلة لأن المعلومات عن حصيلة الشهادات والسيولة طويلة الأجل تتوافر فقط لدى «المركزى » ، متوقعاً أن تقبل البنوك العامة منها الأهلى ومصر التى تستحوذ على ما يقرب من 50 % من الحصة السوقية، على الاستثمار فى هذه السندات تبعا لارتفاع عدد الأوعية الادخارية طويلة الأجل لديها، والتى تجد صعوبة فى توظيفها مع انخفاض حجم المشروعات ذات الأجل الطويل .
واستبعد أن يرتفع العائد على هذه السندات تبعاً للتدخل المباشر وغير المباشر من قبل الجهات المعنية بذلك تجنباً لتحميل المزيد من الأعباء المالية على الدين العام، بالإضافة إلى أن قرار المركزى بخفض العائد على الودائع ساهم فى توفير سيولة جيدة بالسوق، لأن تراجع معدلات السيولة يؤدى إلى ارتفاع العائد على الأوراق المالية الحكومية .
وأضاف أن البنوك اتجهت عقب الثورة إلى رفع العائد على الشهادات الادخارية لترتفع حصيلتها لدى البنوك من 15 % من إجمالى الودائع إلى نحو 45 % فى بعض البنوك، بما يعكس قدرة البنوك على تغطية طروحات وزارة المالية الخاصة بالسندات .
وتوقع أن تقبل البنوك على الاستثمار فى هذه السندات لأنه سيساهم فى دعم ربحيتها، خاصة أنه من المتوقع أن ينخفض العائد خلال الفترة المقبلة مع بدء مراحل الاستقرار السياسى ودوران عجلة الانتاج وعودة الأجانب للاستثمار فى أدوات الدين .
فيما يرى مدير إدارة المعاملات الدولية بأحد البنوك العامة أن اعتماد الحكومة على أدوات تمويلية طويلة الأجل، لن يؤثر على رفع درجة التصنيف الائتمانى للدولة، خاصة أن مؤسسات التقييم تعتمد فى تصنيفها على أداء المؤشرات الاقتصادية ومدى تحقيق ميزان المدفوعات فوائض مالية، متوقعاً أن ترفع هذه المؤسسات التقييم مجدداً فى حال استقرار الأوضاع السياسية ووضوح الرؤية الاقتصادية وخطة الحكومة فى التنمية .
واستبعد أن تتجه البنوك خلال الفترة المقبلة لطرح أوعية ادخارية طويلة الأجل تبعاً لتوافر نسبة جيدة لديها من هذه الأموال، كما أنه من المتوقع أن يتجه عدد كبير من الأفراد وشركات التأمين والمؤسسات المالية الأخرى إلى شراء تلك السندات تبعاً لارتفاع عائد أدوات الدين خلال الفترة الماضية .
ورجح أن يرتفع عائد هذه السندات تبعاً لطول فترة استحقاقها، لافتاً إلى أن القطاعات المالية يمكنها تغطية طروحات الربع الأول تبعاً لانخفاض قيمة السندات المطروحة .