يري مصرفيون أن اتجاه البنك المركزي وهيئة الرقابة المالية، للانتهاء من ضوابط عمليات التأمين البنكي، سيدعم من إمكانية التوسع في تدشين تحالفات بين مؤسسات القطاعين، التأمين والبنوك، لخدمة عملائهما عبر طرح منتجات مالية جديدة والتوسع في القائمة وضم عملاء جدد.
وعبروا عن رغبتهم في ألا تتركز عمليات التأمين المصرفي في تسويق المنتجات التأمينية المختلفة عبر فروع البنوك فقط، وإنما يجب علي شركات التأمين تدشين منتجات يمكنها الاستفادة من أنشطة التمويل المتنوعة للبنوك، خاصة تمويل الأفراد Retail Banking ، لافتين إلي أن الشركات بحاجة إلي متخصصين في مثل هذه العمليات حتي تستفيد من التحالفات المرتقبة مع البنوك، وتقوم بتوفير التغطية التأمينية ليس لحياة العملاء فقط، وإنما للقروض التي يحصلون عليها من البنوك، مؤكدين أن هذا الاتجاه لا شك سيخضع للضوابط المرتقبة من البنك المركزي وهيئة الرقابة المالية.
كان البنك المركزي قد أصدر، قبل عامين، قراراً بإيقاف التحالفات بين شركات التأمين والبنوك، التي كانت تنص علي تسويق منتجات الشركات عبر فروع البنوك نظير عمولة معينة.
وكشفت »المال«، منتصف العام الماضي، عن انتهاء الرقابة المالية والبنك المركزي، من وضع أول مسودة لضوابط التأمين المصرفي، التي نصت علي مجموعة من البنود أبرزها، تشكيل لجنة مشتركة من الهيئة والبنك المركزي برئاسة رئيس الهيئة، وأحد نائبيه وعضوية وكيل محافظ البنك المركزي لشئون الرقابة علي البنوك، ورئيس الاتحاد المصري للتأمين، للإشراف علي الآليات والضوابط اللازمة، لتنفيذ أحكام الضوابط، وأن يتم تسويق منتجات التأمين من خلال فروع البنوك، بواسطة موظفي شركة التأمين، أو البنك مع توافر 3 شروط في كلتا الحالتين، أولها، أن يكون الموظف ممن تتوافر فيه شروط العمل المصرفي، أو التأميني، وفقاً للمتطلبات المهنية الصادرة من البنك المركزي أو الهيئة، وثانيها أن يكون موظف البنك أو شركة التأمين، مقيداً في سجل وسطاء التأمين لدي الهيئة، وثالثها حصول موظف البنك أو شركة التأمين علي موافقة اللجنة المشتركة والقيد في سجل خاص لدي الهيئة، بعد اجتياز الاختبارات الإضافية التي تحددها اللجنة المشتركة، بالإضافة إلي الزام شركة التأمين بالاتفاق مع البنك، الذي يتم التسويق من خلال فروعه، بوضع الضوابط الكفيلة بالتحقيق من أن عملاء »التأمين« المصرفي علي دراية كاملة بأن البنك ليس إلا قناة للتسويق وليس مسئولاً عن شروط وأحكام منتجات التأمين، التي يتم تسويقها، ولا عن تسديد التعويضات التي قد تستحق، وأن المسئول عن ذلك هو شركة التأمين وحدها.
وقا المصرفيون إن إقرار ضوابط التعاون بين القطاعين، قد يكون بداية لإلغاء ضمان البنك المركزي لودائع العملاء، إذا ما ارتضت شركات التأمين تدشين وثائق لتغطية مخاطر ضياع الوديعة وإفلاس البنك.
من جانبه، قال عمرو طنطاوي، مدير عام الفروع والعمليات المصرفية ببنك مصر ـ إيران، إن التأمين البنكي يعد ضرورة بالنسبة لعمليات التجزئة والمرتبطة بتمويل الأفراد، نظراً لأن المخاطر التمويلية الخاصة بهم تعد كبيرة، وعمليات التأمين البنكي المرتبطة بهذا النوع من التمويل تظهر في التأمين علي الحياة والتأمين علي المنتج، الذي يقدمه البنك ضد مخاطر عدم السداد، بسبب العجز الكلي أو الجزئي أو الوفاة.
وأضاف أن التأمين البنكي، وإن كان ضرورة عند تقديم الخدمات للأفراد وتشترطه الكثير من البنوك، إلا أنه يختلف تمام الاختلاف عن التأمين الائتماني والخاص بالمحافظ التمويلية للبنوك.
وأوضح أن الضوابط التي يضعها البنك المركزي للبنوك، بشأن منح الائتمان تجعل عمليات التأمين الائتماني غير ضرورية، نظراً لأن المركز فرض علي البنوك التدقيق ودراسة العملاء الكبار عند منح الائتمان والتحوط بأخذ ضمانات توازي القروض، إن لم تكن تفوقه.
وقال إن تأمين القروض الكبيرة غير ذي جدي، نظراً لأن دراسة المخاطر التمويلية التي تعدها البنوك تكون وافية، وتفعيل عمليات التأمين عليها سوف يزيد تكلفة منح الائتمان، لأن البنوك ستحولها علي العميل، الذي سيضطر إلي إضافتها علي سعر السلعة التي سينتجها بما يرفع سعرها وستعود علي الفرد العادي المستهلك، في حال الإنتاج الصناعي، ومثلها في باقي القطاعات.
ولفت إلي أن القيام بمثل هذا الأسلوب، قد يقلل من قدرة الاستثمار في الاقتصاد المحلي، في الوقت الذي يحتاج فيه البلد إلي ضخ مزيد من الاستثمار لعلاج المزيد من المشكلات كالبطالة وانخفاض معدلات الأجور.
وقال عدلي موسي، مساعد رئيس مجلس إدارة شركة مصر للتأمين، إن التأمين البنكي سيلعب دوراً كبيراً في ترويج منتجات التأمين المختلفة، خاصة تأمين الائتمان، الذي بدأ في الظهور مؤخراً عبر شركة واحدة فقط، هي »إسكان«.
وأضاف أن شركات التأمين، من خلال التعاقد مع البنوك تستغل فروعها لترويج منتجاتها التأمينية علي العملاء، خاصة شركات التأمين علي الحياة التي لا يوجد لها فروع، بما يتيح لها التسويق المباشر دون وسطاء.
وأشار إلي أن الشركات كانت تعمل علي عمليات التأمين البنكي، قبل إيقافها من جانب البنك المركزي، حتي يضع ضوابط منظمة مع هيئة الرقابة المالية حتي يحفظ حق البنوك في تلك التعاملات.
وأوضح أن الاتفاق يتم بين البنوك وشركات التأمين بتعاقد علي ترويج منتجاتها في فروع البنك، مقابل حصص يحصل عليها البنك، مشيراً إلي أن البنوك تستفيد أيضاً، بالإضافة إلي توفير هذه الخدمة داخل فروع البنك، بدلاً من أن يبحث العميل عن شركة بنفسه أصبحت متوافرة لدي البنك.
وقال إن عمليات التأمين الائتماني، لا تكون علي إجمالي المحافظ، وإنما تتم بعقود علي كل منتج دون غيره، من المنتجات حتي تحافظ البنوك علي أموالها وتتأكد من قدرتها علي استرداد الأموال، مضيفا أنه يدفع البنوك لتتوسع في عمليات التمويل الشخصي وتطرح المزيد من منتجات التجزئة.
من جانبه، قال طلعت رياض، رئيس قطاع خدمات التجزئة المصرفية في المصرف المتحد، إن عمليات التأمين الائتماني أحد متطلبات البنوك لمنح التمويل المطلوب، حتي يتسني لها ضمان عودة الأموال في حالة تعثر العميل بسبب حالات الموت أو العجز أو فقدانه الوظيفة.
وأضاف: إن البنوك تقوم بدورها عند القيام بمثل هذه العمليات التمويلية بدراسة العميل دراسة وافية والاستعلام عنه ائتمانياً حتي لا تتورط في عمليات تمويل يكون عملاؤها ليسوا جديرين ائتمانياً وبالتالي تدخل في مرحلة التعثرات الكبيرة.
من جانبه، قال علي بشندي، مدير عام الشئون الفنية بالمجموعة العربية المصرية للتأمين إن التأمين البنكي واستخدام الشركات فروع البنوك لتسويق منتجاتها يعدان إحدي قنوات التوزيع الإضافية والتواجد في المكان الذي يذهب إليه العملاء بدلاً من البحث عنهم والذهاب إليهم.
وأضاف: إن الضوابط الجديدة التي طرحها البنك المركزي بالتعاون مع هيئة الرقابة المالية التي تخضع لها شركات التأمين لا تضر بعملنا في قطاع البنوك، وإنما تدعم وتنظم ما نقوم به حتي لا نأخذ خطوات غير محسوبة تعود علينا بالسلب وتؤثر علي القطاع البنكي أيضاً.
وأوضح أن التأمين البنكي يختلف تماماً عن التأمين الائتماني الذي يكون علي نوعين تأمين تجاري، وتأمين شخصي، مشيراً إلي أن النوع الأول غير نشط في مصر رغم أنه نشيط جداً في أوروبا والغرب.
وأشار إلي أن التأمين الشخصي وهو الذي تقدمه الشركات بقوة في السوق المصرية من تقديم التأمين علي قروض السيارات وقروض العقارات أو القروض الشخصية والتي تشترطها البنوك عند القيام بعمليات التمويل حتي تضمن عودة الأموال في حال وقوع مخاطر عدم السداد.
من جانبه أوضح أحد مديري قطاع التجزئة بالبنوك أنه من المتوقع أن تكون قرارات المركزي المحددة لعمليات التأمين البنكي والائتماني نهاية المرحلة الثانية من عمليات الاصلاح المصرفي، حيث يسعي المركزي إلي قيام البنوك بالتأمين علي ودائعها، وعملياتها التمويلية حتي تكون هناك آلية لاشهار إفلاس بعض البنوك المتعثرة وذات الأوضاع المالية غير المنضبطة.
وأوضح المصدر أن المركزي بإقراره قواعد التأمين البنكي يسعي لرفع يده عن البنوك التي يقدم لها مساندات من خلال العوائد المتراكمة لودائع البنوك لديه والاحتياطيات الإلزامية التي يأخذ فوائد عليها وتكون إحدي تكلفة الأموال علي البنوك.
وأضاف المصدر أن آلية التأمين البنكي أصبح من الضروري إقرارها خلال هذه المرحلة من عمر القطاع المصرفي، نظراً لما سببته الأزمة المالية من خوف وحذر يشوب عمليات منح التمويل، بما جعل الكثير من الشركات تبحث عن وسائل أخري لتمويل احتياجاتها المالية.
وأكد أن التأمين البنكي في صالح البنوك رغم تكلفته التي ستحملها البنوك علي المعاملات المصرفية والعملاء، لأنها سوف تضمن عودة الأموال في حال توقف العميل عن السداد بسبب حالات العجز أو التعثر والتوقف عن السداد.