جاء إعلان مجلس الوزراء يوم الأربعاء الماضى عن موافقته على اعتماد مشروع قانون الصكوك الإسلامية بعد توافق جميع الجهات بما فيها وزارة المالية والهيئة العامة للرقابة المالية ليطرح التساؤلات حول ما اذا كان تطبيق القانون فعليا سيؤثر فى قرارات وخطط البنوك بشأن معدلات النمو المستهدفة وهل سيقوم القطاع المصرفى خاصة البنوك الإسلامية بوضع استراتيجيات وخطط بديلة للنمو فى حال تأخر أو عدم تطبيق القانون خلال العام الحالى؟
|
فى هذا الإطار أكد عدد من المصرفيين أن القائمين على رسم استراتيجيات البنوك الإسلامية لن يضعوا خطة للعام الجديد وأخرى بديلة فى حال إقرار القانون، لأن الصكوك ستكون بمثابة بديل عن أذون وسندات الخزانة ذات العائد الثابت، بما يشير الى أنها لن ترفع من حجم أصول البنوك أو تؤثر إيجابا على ودائع القطاع، بالإضافة الى أن كثيرا من البنوك على دراية بأن تطبيق القانون خلال العام الحالى مرهون باحتياج وزارة المالية لسيولة لمواجهة احتياجات الدولة الراهنة.
ورأى البعض الآخر أن البنوك سواء الإسلامية أو التقليدية لن تتجه لتوظيف أموالها فى الصكوك خلال العام الحالى، وقد تسعى لشرائها العام المقبل لأن تطبيق القانون سيحتاج الى إعداد خاص للبيئة التشريعية وتنفيذ عدد من الإجراءات التى تسهل التعامل مع الصكوك حفاظا على أموال المودعين.
من جهته، قال أشرف الغمراوى، العضو المنتدب لبنك «البركة ـ مصر»، إن خطط واستراتيجيات النمو التى تضعها البنوك تتسم بالمرونة بما يعكس قدرتها على استيعاب الأدوات التمويلية المختلفة حال طرحها ويجعلها مؤهلة للتعامل مع متطلبات تلك الأدوات بسهولة.
وأضاف أنه لا يمكن توقع مدى تأثير الصكوك على أصول البنوك الإسلامية أو استخدامها كبديل لأدوات الدين الحكومية لمقابلة نسب السيولة التى يفرضها المركزى، لافتا الى أنه مع إقرار القانون بشكل رسمى ستتضح معالمه ويجعل البنوك قادرة على رسم خريطة استثماراتها بشكل أفضل.
واستبعد الغمراوى أن تلغى تلك الإدارة الاستثمار فى الأذون والسندات الحكومية، وإنما ستكون أداة إضافية تساهم فى توسعة السوق، مشيرا الى أن الرؤية مازالت غير واضحة بشأن اشتعال المنافسة بين البنوك الإسلامية ومثيلاتها التقليدية حول الاستثمار فى الصكوك، حيث لم يتم تحديد حجمها وطبيعتها والصيغ التى ستطرح بها وكيفية الاكتتاب بها، بالإضافة الى ضرورة أن تتميز بعدد من المزايا لتساهم فى ارتفاع الإقبال عليها.
وأشار أشرف طلعت، مدير إدارة المعاملات الإسلامية فى البنك الأهلى، إلى أن البنوك الإسلامية أو التقليدية لم تضع استراتيجيات للعام الحالى أو استراتيجيات بديلا تتعلق بمستهدفاتها لنمو أصولها أو الوادئع فى حال الموافقة على إصدار قانون الصكوك بشكل نهائى، لأنها على دراية بأن القانون سيتم الاتفاق على العمل به خلال العام الحالى من خلال مجلس الشورى أو عند انتخاب مجلس نواب جديد على أقصى تقدير، بما يعكس أنها راعت فى مستهدفاتها إقرار العمل بالصكوك.
ولفت الى أن خطط البنوك الإسلامية ستعتمد بالدرجة الأولى على حجم الطروحات التى ستصدرها وزارة المالية فعند قيام الحكومة بإصدار قيم كبيرة من الصكوك، فإنها ستدفع البنوك الى زيادة حجم أصولها واستثماراتها، بالإضافة الى رفع حجم ودائع العملاء لتقابل نسبة التوظيف المتوقعة.
وأشار الى أن الصكوك سترفع من حجم الأصول المستثمرة لدى البنوك الإسلامية لأنها ستمتص الفوائض المالية لدى البنوك، لافتا الى أنه لا يمكن التوقع بمدى حجم الزيادة لأنها ستعتمد على حجم الإصدارات التى ستطرحها الدولة.
وقال إن إقرار قانون الصكوك أثر بشكل مباشر على القرارات التمويلية للشركات، حيث بدأت تضع أفضل البدائل أمامها من سندات وصكوك وغيرهما بما جعلها تؤجل قرارها لطرح الأداة التمويلية تمهيدا لتطبيق القانون.
وأشار الى أن الفترة المقبلة ستشهد إقبال وحدات القطاع المصرفى على طرح صناديق استثمارية متخصصة فى الصكوك لتستثمر فى مجالات محددة حتى تتيح لجميع العملاء سبل توظيفية متعددة.
ورجح طلعت أن تختص تلك الصناديق فى بداية اطلاقها بمشروعات البنية التحتية كالموانئ والمطارات، مشيرا الى أن اطلاق هذه الصناديق قد يستغرق بعض الوقت، إلا أن ذلك لا يتعدى عاما واحدا من تاريخ العمل بقانون الصكوك.
وقال إنه من المتوقع أن تصدر فتاوى بتحريم الاستثمار فى أدوات الدين الحكومية والتى أثار توظيف البنوك الإسلامية لأموال المودعين بها جدلا كبيرا خلال الفترة الماضية نظرا لإتاحة البديل أمام تلك البنوك.
يذكر أن إجمالى استثمارات البنوك الإسلامية الثلاثة زاد بقيمة 17.735 مليار جنيه نهاية عام 2010 وحتى سبتمبر الماضى مسجلا 20.670 مليار جنيه بنهاية سبتمبر مقابل 2.935 مليار فى ديسمبر 2010.
وتوقع أن تشتعل المنافسة بين البنوك التقليدية والإسلامية على الاستثمار فى الصكوك بما يساهم فى اتساع حجم السوق وطرح مزيد من الإصدارات.
واتفق معه علاء بندق، مساعد مدير إدارة المعاملات الإسلامية فى بنك الشركة المصرفية العربية الدولية، بشأن عدم قيام البنوك الإسلامية بالإعداد لخطة إضافية حال إقرار قانون الصكوك، لأن نسبة كبيرة من تلك البنوك لن تستثمر فى الصكوك خلال العام الأول من طرحها على أن تتجه الى شرائها خلال العام التالى له.
وفسر رأيه السابق بأن تلك الصكوك تحتاج الى مزيد من الوقت والإجراءات حتى تكتمل آلياتها ومن ثم تقوم البنوك بالاستثمار فيها، كما أن البنوك الإسلامية لن تسعى لإصدار الصكوك، إلا فى حال التأكد من وضع خطة لتنشيط تلك الإصدارات بشكل متكامل.
وأضاف أنه عند إقرار قانون التمويل العقارى فى عام 2003 فإنه لم يتم تطبيقه مباشرة، وإنما استغرق نحو ثلاث سنوات للعمل به، حتى يتم التأكد من تخطى جميع الصعوبات والعوائق التى قد تظهر عند تفعيله.
وقال إن البنوك ستحتاج الى مزيد من الوقت لإعداد كوادرها على كيفية الاستثمار فى تلك الأداة الجديدة، ما يعنى أنها لن تؤثر على حجم أصولها واستثماراتها خلال العام الحالى.
وتوقع أن تتجه البنوك خلال المرحلة المقبلة الى اطلاق صناديق استثمارية فى مجالات متعددة أبرزها النقل البحرى والصناعات المغذية واستصلاح الأراضى، بالإضافة الى قطاعات البنية الأساسية.
واستبعد أن يقدم الفقهاء على إصدار فتوى تمنع البنوك الإسلامية من الاستثمار فى أدوات الدين الحكومية، مشيرا الى أن الاختلاف رحمة، كما أن توظيف أموال البنوك أمر يرجع الى قرار هيئة الرقابة الشرعية التابعة للبنك، والتى تكون على دراية كاملة بمدى شرعية الأدوات التى يستثمر فيها البنك.
وأضاف أن ذلك لن يؤثر على ثقة العملاء أو زيادة عددهم لأن قرار الإيداع يرجع لرؤية كل عميل وحجم البدائل المتاحة أمامه لإيداع أمواله.
واستبعد مدير تنفيذى بأحد البنوك الإسلامية أن يساهم إصدار الصكوك فى رفع إجمالى أصول البنوك الإسلامية أو زيادة حجم ودائعها، باعتبار أن الصكوك ستكون بديلا عن السندات والأذون بما يشير الى أنه سيتم إحلال أداة مكان أداة أخرى، بما لا يؤدى الى رفع حصة الاستثمار داخل تلك البنوك أو زيادة ودائعها جراء تطبيق هذه الأداة.
ودلل على ذلك بأن البنوك الإسلامية تستثمر فى أدوات الدين بفتوى استثنائية من هيئات الرقابة الشرعية بها، ومع الموافقة على طرح الصكوك فإن البنوك الإسلامية ستقوم باستثمار فائض أموالها فى هذه الأداة.
وأكد أنه مع إقرار هذا القانون فإن البنوك الإسلامية لن تتجه لأدوات الدين الحكومية كإحدى أدوات توظيف فائض السيولة لديها، متوقعا أن تحظر هيئات الرقابة الشرعية على القائمين على تلك البنوك تشغيل فوائض الأموال بها.
وشدد على أهمية أن يقترب عائد الصكوك من سعر فائدة أدوات الدين الحكومية حتى تجذب العملاء للاستثمار بها، وأوضح أن المستثمر لن يقبل على شراء الصكوك بعائد %11 فى حين يصل سعر فائدة الأذون لـ%15، لذا على مصدر الصكوك أن يراعى ذلك فى اعتباره من خلال إصدار صكوك ترتبط بمشروعات ذات ربحية مرتفعة.