هبة محمد – أماني زاهر
أكد مصرفيون عدم وضوح الرؤية حول حسابات التبرعات التي فتحها البنك المركزي والمصرف المتحد وبنك القاهرة لاستقبال أموال المصريين بالداخل والخارج بالعملتين المحلية والأجنبية كمساهمات لدعم الاقتصاد المصري بعد ثورة 25 يناير وقالوا إن الأفراد لا يعرفون أوجه إنفاق هذه الأموال وهل سيتم توجيهها لوزارة المالية أم لجهات أخري؟ ومن المسئول عن إدارتها وهل ستوجه لتمويل مشروعات جديدة أم قائمة أم ستقوم بتمويل عجز ومساعدة المتضررين من أحداث الثورة؟
أكد إسماعيل حسن، رئيس بنك مصر – إيران، محافظ البنك المركزي السابق، الحاجة إلي تكاتف الجهود للعمل علي دفع عجلة الاقتصاد مرة أخري. وقال إن هذا يبدأ أولاً بالعمل وزيادة الإنتاجية وليس بجمع تبرعات وأن قيام الأفراد بالتبرع بساعة عمل إضافية أو تأجيل المطالب الفئوية الخاصة بزيادة الرواتب أفضل من تقديم تبرعات مالية لدعم الاقتصاد.
وأوضح »حسن« أن فتح حساب للتبرعات يجب أن يكون تحت إشراف جهة حكومية، لافتاً إلي ضرورة موافقة وزارة التضامن الاجتماعي علي فتح هذا الحساب، حتي تتم معرفة الجهة المسئولة عن إنفاق هذه الأموال والمشروعات الموجهة إليها ومحاسبتها.
وشدد رئيس بنك مصر – إيران، محافظ البنك المركزي السابق، علي ضرورة وضع هذه الحسابات محل الرقابة لمعرفة أوجه إنفاقها والتأكد من تحقيق الأهداف المرجوة من استثمارها، وقال إن التبرعات دائماً ما تكون لأهداف محددة ومعروفة للجميع كما فعلت الدولة في الستينيات أثناء الحروب وتم جمع تبرعات للمجهود الحربي، فلابد من وضوح الرؤية والهدف والجهات المانحة والمستفيدة.
ورأي »حسن« أن روح الانتماء واستشعار المواطن بالمسئولية تجاه بلده يجب أن تتخطي مرحلة التبرع بالأموال مؤكداً ضرورة استغلال هذه الروح في إتقان العمل وعدم المطالبة بالزيادة في الرواتب والتركيز علي زيادة الإنتاجية مما يعمل علي زيادة الإنتاج وارتفاع الناتج القومي، لافتاً إلي أن التبرع بالمجهود أفضل من التبرع بالأموال.
وتوقع رئيس بنك مصر – إيران، محافظ البنك المركزي السابق، عدم نجاح هذه الحسابات وعدم إقبال المواطنين عليها نظراً لغموض الرؤية والهدف المحدد من التبرعات، مشيراً إلي أن الوجه الأمثل لدعم الاقتصاد هو زيادة الإنتاج وليست التبرعات.
واعتبر محمد بدرة، المدير الإقليمي السابق لبنك المشرق الإماراتي، أن فتح حساب تبرعات لدعم الاقتصاد القومي أمر يتسم بالغموض وغير واضح المعالم، لأنه من المتعارف عليه أن يتم فتح حساب تبرعات لصالح أهداف محددة ومعلومة للجميع، مؤكداً عدم وجود حساب للتبرع دون معرفة المشروع الموجهة له الأموال والفئة المستفيدة منه.
وتساءل »بدرة« عن الجهة المسئولة عن استثمار هذه الأموال وهل سيتم توجيهها لوزارة المالية أم هناك لجنة معينة ستكون مسئولة عن استثمار هذه الأموال؟! كل هذا الغموض يؤثر علي مدي الجدية والفاعلية لهذه الحسابات.
وأعرب المدير الإقليمي السابق لبنك المشرق الإماراتي عن اعتقاده بأن هذه الخطوة غير فعالة من البنوك لأن دورها أكبر وأكثر شمولية من ذلك، وقال إننا في ظل هذه الظروف نحتاج إلي الوضوح والدقة والشفافية، ويجب معرفة تبعات هذا القرار.
ولفت إلي أن لهذا القرار تبعاته الاقتصادية المختلفة من توجيه التبرعات إلي تغطية عجز أم تمويل مشروعات جديدة تعمل علي توفير فرص عمل أم تمويل مشروعات قائمة وتمويل المتضررين نتيجة أحداث ثورة 25 يناير وتوقف كثير من القطاعات عن العمل، فكل قرار اقتصادي له تبعاته المختلفة فضلا عن المعاملة الضريبية للمتبرعين وإعفاء الجهات المتبرعة من الضرائب مما يؤثر علي إيرادات الدولة من جهة أخري.
وأشار إلي أن فتح حساب للتبرعات لابد أن يكون بموجب قانون مصدق عليه من مجلس الشعب حتي تكون هناك شرعية للجهة المسئولة عن السحب من هذه الأرصدة لأنه بموجب هذا القانون يتم تحديد الجهة المسئولة عن أموال المتبرعين موضحاً أنه بعد فتح الحساب لابد من معرفة من المسئول عن هذه الأموال وأوجه إنفاقها حتي نستطيع مساءلة هذه الجهة في أي وقت ومحاسبتها وبالتالي من المتوقع أن يكون تم فتح هذا الحساب بشكل استثنائي.
وربط المدير الإقليمي السابق لبنك المشرق الإماراتي مدي نجاح مثل هذه الحسابات لدعم الاقتصاد المصري بمدي إقبال الأفراد عليها، وأنه في حال إقبال الأفراد علي التبرع سيكون هذا الحساب مربحاً جداً، ولكن فاعلية هذا الحساب ستتوقف علي توجيه هذه الأموال لتمويل مشروعات أو عجز قائم.
قال أحمد عبدالمجيد مدير الائتمان ببنك الاستثمار العربي إن هناك عددا من الجهات التي تقوم بجمع التبرعات لاهداف خيرية من خلال فتح حسابات لدي البنوك كفتح حساب رقم 75375 لدي بنك مصر والبنك الاهلي في جميع الفروع لاستقبال التبرعات من أجل بناء وتجهيز مستشفي سرطان الاطفال.. مستنكرا أن تقوم البنوك بهذا الاجراء دون تكليف من إحدي المؤسسات الاجتماعية لأنه ليس دور البنوك المعتاد.. واصفا اياه بأنه غير اعتيادي من البنوك لكنها خطوة نبيلة في دفع الاقتصاد في ظل هذه الأوضاع.
وأرجع سبب قيام البنوك بهذه الخطوة الي توقف كثير من القطاعات عن العمل أبرزها السياحة والصناعة وتضرر عدد كبير من العمالة تبعاً للأحداث الأخيرة.. لافتا الي انها مبادرة جيدة من قبل البنوك لدفع عجلة الانتاج.. مؤكداً ضرورة توضيح الجهة التي فتحت الحساب وتحديد طرق التصرف في هذه التبرعات.. متوقعا ان توجه هذه التبرعات لتعويض أهالي الشهداء أو دعم الموازنة أو لأهداف أخري.
وأشار مدير الائتمان ببنك الاستثمار العربي إلي أن البنك المركزي سيقوم بتحويل هذه التبرعات للجهة المختصة والتي قد تتمثل في وزارة المالية.. مستبعداً أن يتم ضخ هذه التبرعات في مشروعات استثمارية وإنما لتعويض المتضررين من أحداث ثورة ة 25 يناير، فقد أعلنت الوزارة من قبل عن تخصيص 5 مليارات جنيه لتخفيف الأعباء عن المتضررين.. لافتاً إلي أنه قد يتم تعميم هذه المبادرة علي جميع البنوك في حال تنظيمها بشكل جيد ووضوح الهدف منها.
وانتقد عدم وجود دعاية كافية لحملة التبرعات.. منوها باستعداد المواطنين للمشاركة والذي ظهر بوضوح من خلال قيامهم بتنظيف الشوارع ودهان الأرصفة حتي وإن كانت مشاركة رمزية.
وأكد عبدالمجيد أن الجهاز المصرفي يقوم بدوره بشكل جيد من خلال التيسير علي العملاء وتقديم تسهيلات للعملاء المتضررين من الأحداث الأخيرة.. مشيراً إلي أن البنك المركزي قام خلال هذه الفترة بإصدار كثير من الضوابط أهمها وضع سقف للسحب النقدي بنحو 10 آلاف دولار أو 50 ألف جنيه يوميا بالنسبة لتعاملات الأفراد في حين ترك تعاملات الشركات مفتوحة.
واعتبر أحمد سليم نائب مدير البنك العربي الافريقي الدولي أنه لا تعارض بين دور البنوك في الاقراض والايداع ودورها في جمع التبرعات نظرا لأنه اجراء استثنائي تتجه اليه البنوك في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة لكنه ليس الدور المتعارف عليه.. وقال إن هذه المبادرة واجب وطني وليست مقصورة علي الجهاز المصرفي وإنما تمتد لتشمل جميع المؤسسات والأفراد والشخصيات الاعتبارية.. مؤكداً أن البنوك تعد أفضل الجهات لتلقي التبرعات والتي تضمن وصول الأموال للجهات المستفيدة.
واستطرد: ان البنوك ينحصر دورها في تلقي التبرعات وتسليمها للجهات المختصة في الدولة سواء كانت وزارة المالية أو غيرها ولا يصرح لها بالتصرف في هذه الأموال بشكل مباشر سواء لدعم الاقتصاد أو لأي هدف آخر.. مستنكراً عدم تحديد رؤية واضحة حول أشكال التعامل مع هذه التبرعات حول دعم الاقتصاد.. واصفاً إياها بأنها »هُلامية«.
ونبه إلي أهمية الاشارة الي الجهات الموجهة لها هذه التبرعات وطرق التعامل معها منعاً لحدوث تلاعب في هذه الأموال علي أن يتم الاشراف عليها من قبل إدارة الرقابة علي البنوك كإجراء قانوني.. مؤكداً نزاهة الجهاز المصرفي.
وأشار إلي أن دور البنوك في هذه المرحلة قد يظهر في دعم دفع الاقتصاد والمشاركة بجزء من الأرباح فضلا عن معاونة الحكومة في المشروعات القومية ومشروعات البنية الأساسية لتساهم في الخروج من هذا النفق وبالتالي تساهم في توجيه النشاط لصالح الدولة وعدم حصر الفائدة علي أفراد محددين كما كان قبل »25 يناير«.