أثار تحول البعض من الإسلام إلي المسيحية مؤخرا ردود فعل مختلفة في البرلمان لاسيما لدي اعضاء كتلة الـ 88 من الإخوان وبعض مشايخ الدين الإسلامي، وأعلن نائب الاخوان علي لبن عن نيته التقدم بمشروع قانون لتطبيق حكم الإسلام في المرتد، بعد التنسيق مع النائب سيد عسكر عضو الكتلة المسئول عن الملف، لكن لبن أوضح انه لن يتعجل في تقديم قانون حد الردة في هذا التوقيت، حيث إن كتلة الإخوان لا تزال تدرس الوقت والظرف المناسبين للتقدم بهذا التشريع.
نصر فريد واصل |
أكد الدكتور نصر فريد واصل مفتي مصر الأسبق ان قتل المرتد امر أجمع عليه كل الفقهاء والأئمة والمجتهدين علي مدي التاريخ الاسلامي موضحا ان حد الردة هو حق الله لأن المرتد بخروجه عن الاسلام يكون قد نقض عهده مع الله ولهذا تكون عقوبته واجبة وضرورية لتحقيق صالح جماعة المسلمين والكيان الاجتماعي داخل الدول الاسلامية.
وأكد مفتي مصر الاسبق ان الآية الكريمة التي يقول فيها الله سبحانه وتعالي :»لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي«، »فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر«… لا تعني مطلقاً انه لا عقوبة علي المرتد موضحا ان الحرية وعدم الاكراه التي تتحدث عنها الآية الكريمة هي حرية الدخول في الاسلام أو عدم الدخول فيه أساساً، فالاسلام لا يجبر احداً علي اعتناقه حتي أن من يدخل الاسلام مكرهاً لا يعد مسلماً، ولكن اذا دخل أي انسان في الاسلام برغبته الكاملة وحريته المطلقة فلا يحق له ان يخرج منه، لان اعتناق الاسلام بمثابة عقد ذي شقين، الشق الأول بين المسلم والله سبحانه وتعالي، والشق الثاني مع جماعة المسلمين ولهذا جرم الاسلام الخروج عن الاسلام، وقال الرسول صلي الله عليه وسلم: »من بدل دينه فاقتلوه«.
وأرجع مفتي مصر الاسبق ظهور حالات ارتداد بعض المسلمين عن دينهم الي ظروف سياسية وثقافية.. محلية ودولية تفسح المجال للعلمانية العالمية وتغري بعض ضعاف المسلمين بالارتداد، منتقدا ما سماه تدخل غير المتخصصين في الفقه والشريعة، ومشيراً الي أنهم يقولون بانه لا يجوز قتل المرتد وانه لا يوجد حد للردة، وفسروا قواعد الفقه والشريعة استناداً إلي أصول العلوم الفلسفية وهو امر لا يجوز ولا يحق لغير المتخصصين أن يفتوا فيما لا يعلمون.
علي الجانب الآخر، اكد الدكتور محمد اسماعيل، استاذ التشريعات الاجتماعية بحقوق القاهرة، أن مشروع القانون يتعارض مع مفهوم المواطنة الذي تقتضيه المرحلة، لاسيما ان هناك نصاً دستورياً يكفل حرية الاعتقاد للمواطنين ولابد من دراسة المشروع بالتفصيل.
واضاف اسماعيل ان مثل هذا التشريع لا يساعد علي تكريس الوحدة الوطنية وسيكون تاثيره الاجتماعي سلبيا علي الوحدة والتماسك الاجتماعي ومن الممكن ان يكون هناك فهم خاطئ يخلق بؤراً للتوتر بين المصريين.
من جهته اكد كمال زاخر، منسق التيار العلماني القبطي، ضرورة ان نحدد طبيعة الدولة بداية، هل هي دولة دينية أم مدنية؟ فالمادة الاولي في الدستور مادة حاكمة تقول اننا في دولة مواطنة، والمادة الثانية، تؤكد ان الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع وليست المصدر الوحيد وبما لا يتعارض مع المواطنة في المادة الاولي.
واضاف ان هذا المشروع في جوهره يعد تقزيما للاسلام واساءة اليه لان حماية الدين لا تكون بنص قانوني، والا فكيف استمر الاسلام 1400 سنة حتي الآن! وهل كانت هناك قوانين تحدد الدخول اليه والخروج منه ؟ مشيرا الي ان الذي سيقدم مشروع القانون يعاني حالة خوف وتراجع ديني وايماني وقانوني وفكري وثقافي غير مبررة علي الدين الذي يحمل في داخله عوامل قوته.
وأوضح ان الاسلام أقر مبدأ »لا اكراه في الدين«، ومواثيق حقوق الانسان التي وقعت عليها مصر والدستور المصري تكفل حرية الاعتقاد، ما يجعل مشروع القانون غير دستوري.
وتساءل زاخر: هل سيكون القانون عاماً يطبق علي الخروج من أي دين؟ وهل اذا انتقل المسيحي للإسلام او للبهائية سيطبق عليه القانون، فيعتبر من خرج من المسيحية قد ارتد كذلك؟ أم أنه سيكون مقصوراً علي المسلمين فقط دون غيرهم ما يجعل القانون غير دستوري؟.. الامر الذي يعود بالمجتمع الي مرحلة العصور الوسطي ومحاكم التفتيش.
وحذر من ان هذا القانون سيخلق من هم من المسلمين اسما وفي جوهرهم مسيحيون أو بهائيون خوفا من احكام هذا القانون حال اقراره ما يمثل خطرا علي الجماعة المسلمة، لانه سيجعل المواطنين يظهرون غير ما يبطنون، كنوع من اغتصاب احد حقوق الله الذي يحكم علي الانسان اذا ما كان مؤمنا او غير مؤمن، علاوة علي ان الاخطر ان مثل هذا المشروع يعد محاولة لإنهاء المجتمع عن قضاياه الاساسية لاسيما وان اكثر من%60 من الشعب يعيش تحت خط الفقر.
يري أمين المهدي الكاتب الليبرالي انه ليس في الاسلام حد ردة اصلا، وقد اكد ذلك الشيخ عبد العال الصعيدي، كما ان القاعدة المعروفة انه »لا تحريم إلا بنص، ولا فريضة إلا بنص« وربما التيارات الدينية التي تتشدق بانها تسعي لخدمة الدين إنما هي تخدم الديكتاتوريات الحاكمة بطرحها الامني والديني بهدف خطف الانظار عن ازمة النظام لتحويلها الي ازمة داخل المجتمع.
واضاف ان ضعف النظام الحاكم المحاصر دوليا واقليميا افقده وزنه علي الصعيد الاقليمي فضلا عن تزايد معدلات الفساد مما دفع النظام للبحث عما يمكن ان يفجر الصراع الطائفي في مصر لالهاء الجماهير من جهة ولاستمرار الديكتاتورية من جهة اخري باعتبارها المستفيد الوحيد بما في ذلك نواب الاخوان المتواطئين مع النظام، وان كان نواب الحزب الوطني اكثر عنصرية من الاخوان ويساعدون النظام ليصدر أزماته للمجتمع.