مستقبل تمويل قطاع الأعمال مرهون بتحسين الأداء والإبقاء علي ملگية الدولة

مستقبل تمويل قطاع الأعمال مرهون بتحسين الأداء والإبقاء علي ملگية الدولة
جريدة المال

المال - خاص

12:01 ص, الأربعاء, 24 فبراير 10

علاء عبدالعليم
 
مازالت شركات قطاع الاعمال العام تعاني ضعف الاداء وتراكم المديونيات، وقد سعت وزارة الاستثمار نحو تسوية هذه المديونيات، وظهرت بعض العقبات في المرحلتين الاولي والثانية اثناء عملية تسليم الاراضي للبنوك والتي تضمنت نقل 62 قطعة ارض تصل قيمتها الي 6 مليارات جنيه، في حين سعت وزارة الاستثمار الي بدء المرحلة الثالثة نهاية الشهر الماضي لتسوية المديونيات بنقل حوالي 30 قطعة ارض تصل قيمتها الي 3 مليارات جنيه، وتعتبر التسوية اتجاها لتحسين الاداء والنهوض في المرحلة المقبلة واستغلال مساحات الاراضي التابعة لها، ويسعي بنكا مصر والاهلي المصري لاستغلال الاراضي التي حصلا عليها مقابل المديونيات المستحقة علي شركات قطاع الاعمال العام.

 

وحول امكانية تمويل هذه الشركات من قبل البنوك خلال المرحلة المقبلة اوضح عدد من المصرفيين ان البنوك لا تضع اي عقبات في وجه التمويل لاي مؤسسة طالما انها قادرة علي السداد. وهذا يتطلب عمل دراسة ائتمانية تحتوي علي قدر كبير من تفاصيل العمل داخل المؤسسة، والتأكد من توافر الاصول الكافية لسداد القروض في حالة التعثر المالي، وعمل ما يسمي التقييم الرقمي للمؤسسة عن طريق استعراض تاريخ الشركة في تسوية مستحقات البنوك، وكذلك عمل ما يسمي المثلث الائتماني والذي يتكون من ثلاثة عوامل هي: كفاءة الادارة، والجدارة الائتمانية، والجدوي الاقتصادية للمشروعات المطلوب تمويلها.
 
حافظ الغندور، مدير عام الاهلي المصري سابقا، اشار الي ان العميل الذي يقوم بعمل تسوية لمديونياته ثم يتجه الي البنوك مرة ثانية للحصول علي الائتمان اللازم للقيام بمشروعات تهدف الي التوسع في النشاط والنهوض بالاداء، يجب ان تكون العقبات التي ادت الي تعثره في السابق قد زالت بشكل نهائي، وعند عمل دراسة ائتمانية جديدة في سبيل منح الائتمان لابد ان تكون دقيقة وبها قدر كبير من الشمولية لمعرفة الاسباب الرئيسية التي ادت الي التعثر في سداد القروض، فاذا كان السبب الرئيسي لذلك هو سوء الادارة وتم تغييرها لابد من معرفة مدي قدرة الادارة الجديدة علي سداد القروض الجديدة والتي لن تكون مسئولة باي شكل عن تاريخ التعثر المالي للشركة عن الفترات السابقة علي توليها.
 
واكد الغندور ان الدراسات الائتمانية المعدة من البنوك تستهدف بالاساس قياس الجدارة الائتمانية للعميل وعمل تقييم رقمي يدخل في اعتباره تاريخ معاملات الشركة مع البنوك والذي يبدو انه سينخفض في حالة شركات القطاع العام التي سددت جزءا من مديونياتها مما يقلل بدوره من حجم الائتمان الممنوح وستتم الاستعانة بمجموعة من الخبراء والفنيين المختصين بتقييم العملاء للنظر في امكانية تقديم التمويل، والذي يرسلها بعد ذلك الي قطاع التسويق لينظر في الدراسة الائتمانية ويقوم بعمل تحليل للجدارة الائتمانية ثم تنتقل الدراسة تباعا الي قطاع المخاطر والذي يتأكد من الجدارة الائتمانية لتنهي الدراسة المقدمة رحلتها عند عرضها علي السلطة العليا في البنك، والتي تتحدد حسب حجم التمويل المقدم وآجال القروض وحسب دراسة المخاطر. فاذا كانت كبيرة فإن السلطة المختصة للنظر في الدراسة سوف تكون عليا ولتكن من مجلس ادارة البنك. اما اذا كانت المخاطرة منخفضة فإن السلطة المختصة ستكون علي سبيل المثال مدير فرع، وهو الامر نفسه في حالة الاقتراض ومدي توافر الضمانات.
 
واوضح الغندور ان العبرة الاساسية من وراء تمويل المشروع هي الاستراتيجيات المعدة من مجلس ادارة الشركة والتي يجب ان تشتمل علي الايرادات المحققة من المشروع والنفقات الموجهة للتوسع وحجم التدفقات النقدية والسيولة المتوفرة من المشروع ولذلك فإن كل شركة من شركات القطاع العام ستتم معاملتها بطرق مختلفة حسب الخطط المقترحة ومدي توافر عوامل النجاح للتمويل المقدم.
 
واضاف الغندور ان شركات القطاع العام لن تحصل بأي وسيلة علي ائتمان جديد دون القيام بعمليات جدولة للديون السابقة وبحيث تكون خطة المنح معادلة لخطة التسوية السابقة، وفي حال طلب هذه الشركات قروضا بغرض القيام باصلاحات في خطوط الانتاج وتقوم البنوك بما يسمي »تعويم العميل« لسداد الديون السابقة والقيام بالاصلاحات اللازمة ومن ثم تتسني له القدرة علي سداد القروض المقدمة لاحقا، ففي حالة القبول بالسداد العيني مثل ما حدث مع بنكي »الاهلي المصري«، و»مصر« سيكون لذلك بالغ الاثر علي الدراسة الائتمانية بالايجاب.
 
محمد فاروق، الخبير الاقتصادي والمصرفي، اوضح ان اساس التمويل من اي مؤسسة مالية هو العوائد المحققة من هذا التمويل في اطار ما يسمي »المثلث الائتماني« والذي يتكون بالاساس من كفاءة الادارة والجدارة الائتمانية والجدوي الاقتصادية للمشروعات المطلوب تمويلها، وهذه العوامل مجتمعة تحدد وبنسب ثقل مختلفة الملاءة الائتمانية للعملاء ومن ثم لا يعتمد تمويل اي شركة علي كونها سددت الديون المستحقة عليها سابقا، ولكن الاعتماد الاساسي علي التدفقات النقدية الداخلة للمشروع ومدي قدرتها علي السداد فهناك علي سبيل المثال شركة يقع علي عاتقها الكثير من الديون ولكن تدفقاتها النقدية تغطي القرض الممنوح وتحقق ما يعرف بالعائد الداخلي للمشروع والذي يزيد من الملاءة الائتمانية.
 
واشار فاروق الي ان شركات القطاع العام علي المحك من ناحية البيع او ما يطلق عليه في لغة الاقتصاد »الخصخصة« والتي تعني بالاساس تغيرات كبيرة في هيكل الملكية والادارة والتدفقات النقدية وحجم الضمانات المقدمة مما يشكل عائقا اساسيا في سبيل تمويل هذه الشركات إلا في حالة اعطاء الضمانات الكافية بعدم التصرف في الاصول المملوكة للشركة طوال فترة القرض المقدم.
 
واضاف فاروق ان تاريخ الشركة بالنسبة للمكسب والخسارة ما هو إلا نظرية من الناحية الشكلية، حيث انه عند طلب قروض جديدة في الحالة النظرية سوف يتم الاعتماد علي 3 ميزانيات سابقة علي الدراسة المعدة ولكن من الممكن معاملة تلك الشركات علي انها كيانات جديدة دون النظر الي الميزانيات السابقة بشرط تحقق المثلث الائتماني المذكور سلفا.
 
وتابع فاروق ان البنوك ووزارة الاستثمار تعكف حاليا علي دراسة المراكز المالية الحالية والمستقبلية لشركات القطاع العام وعمل السياسات المناسبة للنهوض بادائها والمتمثلة في قيام وزارة الاستثمار بالحفاظ علي القلة الباقية من العمالة ورفع القيمة السوقية لتلك الشركات كبديل افضل عن بيعها بالاضافة الي القيام بعمليات اعادة الهيكلة المالية والادارية لها.
 
وتشكك في ان تكون السياسات الائتمانية المتبعة من قبل بنكي الاهلي المصري ومصر علي سبيل التعويم لان البنوك في الاخير ما هي إلا مؤسسات هادفة للربح تعمل علي استهداف المؤسسات التي توظف لديها سيولتها في اطار تقريب المصالح، الذي يسعي بالاساس الي اصلاح شركات القطاع العام لتكون السبل ممهدة للتسهيلات الائتمانية الجديدة.
 
سحر السلاب، الخبيرة المصرفية، اوضحت ان البنوك لا تضع في اعتبارها عند منح التمويل لشركات القطاع العام التي سددت مديونياتها قضية التسوية، ولكنها تنظر الي التدفقات المالية الناتجة من مشروعات الشركة والملاءة المالية لهذه الشركات اي قدرتها علي تسديد القروض التي حصلت عليها، بالاضافة الي الحالة الاقتصادية داخل الدولة مع اعطاء اهتمام كبير الي مجلس ادارة الشركة وقدرته علي ادارة القرض الممنوح وخفض التكاليف داخل الشركة لتحقيق ما يعرف بـ»استمرارية التدفقات النقدية«.
 
واكدت السلاب ان البنوك تأخذ في اعتبارها وجود مساحات من الاراضي مملوكة لشركات القطاع العام والتي تعتبر ميتة علي حد تعبيرها وهي التي يمكن استغلالها من الشركة عن طريق بيعها وسداد المديونيات المستحقة عليها والاقتراض بضمانها في ظل سعي البنوك نحو توظيف اموالها والتعاون مع القطاع الحكومي في اطار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
 
واشارت الي ان مستقبل شركات القطاع العام مرهون بقيام الحكومة ببيع هذه الشركات او الابقاء عليها ففي حالة البيع سوف تكون الحكومة الخاسر الاول وتؤول جميع المزايا الي القطاع الخاص، اما في حالة ابقاء الحكومة عليها فإن الحكومة ستحقق مكاسب كبيرة خصوصا اذا ما تم القيام بعمليات اعادة هيكلة لهذه الشركات.
 
محمد مدبولي، رئيس البنك الاهلي سوسيتيه جنرال سابقا، اوضح ان قيام البنوك بتمويل شركات القطاع العام، مرهون بقابليتها للتحول نحو تحسين الاداء وكذلك بحجم التدفقات النقدية المتولدة عن المشروعات الممولة واعطي تشبيها لذلك بالمريض في غرفة الانعاش والذي في حالة استجابته لضخ الدم فإن الجميع يسعي نحو ضخ مزيد من كميات الدم لكي تستمر الحياة اما في حالة عدم الاستجابة فإن اامر سيكون علي خلاف ذلك لانه من الافضل دفنه.
 
واشار الي انه من المفترض ان يتم التعامل مع شركات القطاع العام كل علي حدة ولذلك فإن عمل تقييم ائتماني لكل شركة سيتأثر بتدفقاتها النقدية ومدي قدرتها علي سداد الديون والذي سيقوم به عدد من خبراء التقييم الائتماني داخل كل بنك وستكون المبالغ الممنوحة حسب فترة الاسترداد وحجم الضمانات المقدمة مع اعتبار ان الشركات السابقة بمثابة مولود جديد يتم عمل تقييم ائتماني جديد لها.
 

جريدة المال

المال - خاص

12:01 ص, الأربعاء, 24 فبراير 10