جاء الرد السلبي علي نتائج الاعمال كونها اظهرت قيام الشركة بالتوسع في بيع الاراضي غير المطورة لتساهم بكامل ايرادات المبيعات، جاء ذلك انعكاسا للتراجع الحاد في الطلب علي الوحدات الجاهزة، وامتناع شركات الاسكان عن النزول باسعار وحداتها لتحفيزه. وساهم في قرار الشركة بالتوسع في بيع الاراضي الضغط الواقع علي مستويات السيولة المتاحة، الذي صحبه سحب علي المكشوف من البنوك، ادي لتصاعد المصروفات التمويلية بنسبة %25 في الربع المالي المنتهي في ديسمبر 2008.
وجاء الضغط الواقع علي الارباح والمنتظر تصاعده، نتيجة الصعوبات التي تواجه مبيعات الوحدات السكنية، الي جانب تعرض السهم لضغط بيعي عنيف كونه اصبح يتداول علي مضاعف ربحية غير مبرر بلغ في اقفال الاسبوع الماضي 16 مرة مقابل 6 مرات لمتوسط الاسهم المكونة للمؤشر. وكان ما يبرر تداول السهم علي مضاعفات ربحية قياسية، الارباح المستقبلية من الوحدات السكنية، وجاءت الازمة المالية العالمية لتدفع القطاع العقاري لنفق الركود، مما ادي لتبخر فرص تحقيق الشركة لارباح تبرر السعر الذي تداول عليه السهم في منتصف عام 2008 بوصوله الي 80 جنيهاً.
كانت استراتيجية الشركة في الربع الاول المنتهي في سبتمبر 2008، قد قامت علي التوقف عن بيع الاراضي التي تمتلك منها رصيدا كبيرا في مواقع استراتيجية اكبرها في القاهرة الجديدة. جاء ذلك انعكاسا لعدم وضوح الرؤية في سوق العقارات بالاضافة الي رغبة الشركة في تعظيم عائد المساهمين بتطوير تلك الاراضي واقامة تجمعات سكنية عليها تناسب التركيبة السكانية والقدرة الشرائية للمستهلكين التي شهدت ضغطا قويا منذ مطلع العام الحالي بعد الارتفاع غير المسبوق لمعدلات التضخم قبل ان تنخفض مؤخرا.
كان هذا القرار قد تسبب في ضغط حاد علي السهم خاصة ان الشركة لم تعلن عزمها عن التوقف عن الاستمرار في هذه الاستراتيجية. وكانت استراتيجية الشركة السابقة هي الامتناع عن بيع الاراضي غير المطورة والتي من شأنها تعظيم عائد المساهمين علي المديين المتوسط والطويل. وكان السهم قد نجح بالفعل في ظل تلك الاستراتيجية في السباحة ضد التيار الهبوطي للبورصة ليرتفع بنسبة قياسية بلغت %50 حيث انتفض بعد وصوله لمستوي 19 جنيهاً في منتصف اكتوبر الماضي، وهو ادني مستوياته منذ عام 2006، ليصعد بعد ذلك بصورة تدريجية وسط الهبوط العنيف للسوق، مع وصوله لمستوي 32 جنيها في منتصف نوفمبر ليتراجع بعد ذلك متاثرا بهبوط البورصة وتعرضه لعمليات جني ارباح بعد الارتفاع الحاد الذي شهده دون تصحيح، ليتداول حول مستوي 28 جنيهاً ويستقر قربها.
وجاء اعلان الشركة عن نتائج اعمالها للنصف الاول التي اظهرت التغيير الجذري في استراتيجيتها البيعية، ليدفع السهم للتراجع بمعدل فاق مؤشرات البورصة ليتداول الاسبوع الحالي قرب مستوي 18 جنيهاً. ويتحرك السهم بعيدا عن اعلي مستوياته علي الاطلاق التي سجلها في يونيو الماضي بوصوله الي 80 جنيهاً، وتراجع السهم بعد ذلك تحت ضغط من عدة عوامل. في مقدمتها الارتفاع غير المسبوق لمعدل التضخم، وكان لذلك تاثير مزدوج علي انشطة الشركة المتمثلة في بيع الاراضي والوحدات السكنية. فمن جهة ادي التضخم لارتفاع حاد في تكلفة المواد الاساسية الداخلة في الانتاج وفي مقدمتها الحديد والاسمنت، مما ادي لتحميل شركات العقارات جانبا كبيرا من الزيادة في تكلفة اسعار العقارات نتيجة عدم قدرتها علي تمرير الزيادة في التكلفة بالكامل للمشترين لتزايد العرض، مما ادي للضغط علي هامش ربح المبيعات ومستويات السيولة. من جهة اخري ادي التضخم الي تراجع القدرة الشرائية لشريحة عريضة من الطبقة المتوسطة، وحد ذلك من الطلب علي الوحدات السكنية الموجهة لهم في الوقت الذي تصاعد فيه المعروض بمعدل قياسي نتيجة النزول المكثف من قبل القطاع الخاص لسوق العقارات الذي شهد رواجا غير مسبوق منذ مطلع 2004، وتسارعت وتيرة صعود القطاع في عام 2007 لتتضاعف اسعار الاراضي والعقارات عدة مرات قبل ان تنكسر العام الماضي.
من جهة اخري فان ما سيحد نسبيا من التأثير السلبي للتضخم علي مبيعات الشركة كون العقارات تعتبر ملاذا امنا للثروة علي المدي الطويل خاصة الفاخرة منها، وسينعكس ذلك بدوره ايجابيا علي الطلب علي الاراضي والوحدات السكنية الفاخرة كون الطلب عليها لن يتأثر بشكل حاد بمعدل التضخم الذي انكسر مؤخرا.