مخاوف من اصطدام أرصدة البنوك في الخارج بالأزمة اليونانية

مخاوف من اصطدام أرصدة البنوك في الخارج بالأزمة اليونانية
جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الأربعاء, 19 مايو 10

أحمد الدسوقي
 
أعادت أزمة اليونان إلي أذهان قيادات البنوك تداعيات الأزمة المالية العالمية التي عصفت باقتصادات معظم دول العالم في العام الماضي، وأثارت المخاوف حول امكانية تأثر أرصدة البنوك المحلية لدي البنوك في الخارج، وطرحت العديد من التساؤلات حول امكانية سحب البنوك مزيداً من أرصدتها، خوفاً من عصف الأزمة بها.

وهذا بدوره استدعي قيام البنك المركزي بمواجهتها، من خلال اتخاذه مجموعة من الخطوات الاحترازية لحماية الجهاز المصرفي من تداعيات الأزمة التي قضت تماماً علي الاقتصاد اليوناني، وألقت بشكوك كبيرة حول مدي استقرار اقتصادات دول الاتحاد الأوروبي وعملتها الموحدة »اليورو«، فيما بدأت تلوح في الأفق علامات أزمات ديون مماثلة في بعض دول الاتحاد كالبرتغال وإسبانيا.

 
أكد المصرفيون ان أرصدة البنوك في الخارج سيصيبها التأثير جراء الأزمة اليونانية، وأشاروا إلي امكانية سحب البنوك أرصدتها، تحسباً للتداعيات المستقبلية للأزمة، ونوهوا بالخطوات التي اتخذها البنك المركزي للحيلولة دون تأثر التوظيفات الخارجية للبنوك بأزمة الديون، التي بدأت بعض دول الاتحاد الأوروبي تعاني منها، وتوقعوا مضاعفة هذه الخطوات من جانب »المركزي«، في حال تفشي الأزمة في معظم أنحاء منطقة »اليورو«.

 
وتشير التقارير الصادرة عن البنك المركزي مؤخراً، إلي أن حجم أرصدة البنوك المحلية لدي البنوك في الخارج علي مدار 3 شهور متتالية في ارتفاع متزايد، حيث بلغ حجم إجمالي الأرصدة في ديسمبر 2009 حوالي 69 مليار جنيه، وفي يناير 2010 حوالي 74 مليار جنيه، ومؤخراً في فبراير الماضي بلغ إجمالي الأرصدة حوالي 80 مليار جنيه، وذلك طبقاً لأحدث التقارير الصادرة عن البنك المركزي.

 
وفي هذا السياق، أكد محسن رشاد، رئيس قطاع المؤسسات المالية بالبنك العربي الأفريقي الدولي، ان البنوك المصرية تتوخي الحذر في عمليات الإيداعات لدي البنوك في الخارج، ومن ثم فاندلاع أي أزمة في الدول الأوروبية سيؤثر بدوره علي حجم أرصدة البنوك، منوهاً إلي أن هذه الإيداعات قصيرة الأجل، حيث إنها تمثل أسبوعاً أو أسبوعين، وقصر مدتها يجعلها عرضة للتأثر بأي متغيرات بسهولة، لافتاً الانتباه إلي امكانية سحب البنوك أرصدتها من البنوك الأكثر تأثراً بالأزمة.

 
واستطرد رشاد قائلاً: إن الأزمة المالية العالمية أدت إلي انخفاض أرصدة البنوك الخارجية لفترة طويلة، ولم تعد الأمور لمجراها الطبيعي مرة أخري إلا في الشهور القليلة الماضية، منوهاً إلي أنه منذ الأزمة المالية هناك حذر من قيادات البنوك علي عمليات الإيداعات في البنوك الأجنبية، إضافة إلي أن بنوك الدول الأكثر تأثراً بالأزمة لم تعد لديها السيولة الكافية لتوظيفها في البنوك المصرية، ومن ثم ظهر ما يسمي مبدأ المعاملة بالمثل، أي أن البنوك المصرية من حقها أن ترفض التعامل مع أي بنك أجنبي في حال رفضه التعامل معها، مضيفاً أن البنك المركزي وضع برامج محددة لمواجهة الأزمات المالية المتوقعة، ومستمر في تنفيذها، ولكن أزمة اليونان الأخيرة ستعجل من تنفيذ تلك البرامج.

 
وأشار إلي أن »المركزي« لم يعتمد علي سياسة »رد الفعل للأزمات«، ولكن الخطوات الأخيرة التي فرضها علي البنوك للتعامل مع الأزمة الحالية، من خلال الزام البنوك العاملة في السوق بضرورة تقديم تقارير يومية عن الأزمة وحجم توظيفها في الخارج لم يفرضها لمواجهة الأزمة الحالية، ولكنها كانت موجودة في برامج اصلاح الجهاز المصرفي لمواجهة الأزمة المالية، ولكن الأزمة الحالية هي التي عجلت بتطبيقها، مضيفاً ان هناك اجتماعات دورية بصفة مستمرة للقيادات البنكية، للوقوف علي مستجدات الأزمة اليونانية.

 
وأضاف »رشاد« أن »المركزي« لم يتدخل في القرار الائتماني، وهناك اطلاق حريات للبنوك، ولكن التدخل يقتصر علي تحديد السقوف الائتمانية للبنوك للتعامل مع البنوك الأجنبية، مشيراً إلي أنه في حال تأثر أرصدة البنوك في الخارج بالأزمة وسحب البنوك أرصدتها من البنوك الخارجية، فإن هناك بدائل أخري كثيرة لدي البنوك المحلية لتوظيف السيولة المتراكمة لديها، مثل اصدار أوعية دولارية وغيرها.

 
من جهته، أكد إسماعيل حسن، محافظ البنك المركزي سابقاً، رئيس مجلس إدارة بنك مصر – إيران، أن أرصدة البنوك المصرية في الخارج من اليورو هي التي سيصبها التأثير، نظراً لأن الأزمة لم تؤثر إلا علي دول اليورو، ومن ثم فأرصدة البنوك من العملات الأخري ليس عليها أي تأثير، وأشار إلي ان الأزمة أحدثت خللاً في العلاقة بين الصادرات والواردات لأوروبا، حيث انخفضت الصادرات المصرية لأوروبا مقارنة بالواردات، وقال: إن هذه الأزمة ستؤدي إلي تراكم السيولة الأجنبية باليورو لدي البنوك المحلية.

 
وبدوره، أكد إبراهيم الكفراوي، مدير غرفة المعاملات الدولية ببنك »بي إن بي باريباً«، احتمالية تأثير الأزمة اليونانية علي توظيفات البنوك المحلية في الخارج، مما سيجبر البنوك العاملة في السوق علي إعادة التفكير عند وضع أي إيداعات في الخارج في الفترة المقبلة، وأوضح أنه في حال حدوث انخفاض في حجم أرصدة البنوك في الخارج، فإن الانخفاض سيكون في الدول الأكثر تأثراً بالأزمة، وهي اليونان والبرتغال، وسيكون طفيفاً، ولفت الانتباه إلي أنه في حال تفشي الأزمة في كل أنحاء دول أوروبا، فإن تأثير الأزمة علي حجم الأرصدة والتوظيفات سيزداد، ومن ثم ستكون هناك نية من البنوك لسحب الكثير من أرصدتها في الخارج خوفاً من الأزمة.

 
وأشار »الكفراوي« إلي أن تراكم السيولة الأجنبية لدي البنوك، وقلة المشروعات التي تتطلب تمويلاً بالعملة الأجنبية، وراء اتجاه البنوك المحلية للتعامل مع البنوك الأجنبية، معتبرة إياها الملاذ الآمن لتوظيف السيولة المتراكمة لديها، وأوضح أن البنك المركزي وضع سقفاً محدداً للبنوك المحلية ينظم عملية التعامل مع البنوك الأجنبية. ولفت مدير غرفة المعاملات الدولية في »بي إن بي باريبا« الانتباه إلي أن »المركزي« تعامل مع الأزمة الحالية بكل دقة وشفافية، وذلك من خلال اتخاذ عدة خطوات، كان أهمها إلزام البنوك العاملة في السوق بضرورة تقديم تقارير يومية عن تداعيات الأزمة، بالإضافة إلي التشديد علي البنوك لدراسة سوق التوظيفات في كل دولة وفقاً لتصنيفها الائتماني وحجم اقتصادها، ونوه إلي أن »المركزي« سيتخذ المزيد من التدابير اللازمة في حال تفشي الأزمة في كل الدول الأوروبية.

 
كان البنك المركزي قد تدخل لرصد تداعيات تلك الأزمة التي عصفت بالاقتصاد اليوناني، وفي طريقها للعصف بدول أخري ضمن منطقة »اليورو«، وذلك من خلال اتخاذ مجموعة من الخطوات، كان أهمها مطالبة البنوك بتقديم تقارير يومية وافية عن مراكزها من النقد الأجنبي، وموافاته بأي ضغوط في جانبي العرض علي اليورو أو الطلب علي الدولار، إضافة إلي مطالبته البنوك العاملة في السوق بموافاته بأي تأثيرات سلبية قد تظهر علي أدائها، نتيجة التعرض بصورة مباشرة أو غير مباشرة للأزمة، سواء كان هذا التعرض في صورة انخفاض التصنيف الائتماني لديون مرتبطة بالأزمة أو في صورة تراجع للقيم السوقية لاستثمارات مالية خارجية.

 
كما ألزام »المركزي« بضرورة الدراسة الجيدة من جانب البنوك لسقوف التوظيفات في كل دولة، وذلك وفقاً لحجم اقتصادها وتصنيفها الائتماني، إضافة إلي ضرورة تحديث الحدود القصوي للبنوك للتعامل مع المؤسسات الخارجية، والزام البنوك المحلية العاملة برأسمال أجنبي بتقديم تقارير وافية حول تأثر مراكزها الأم بتداعيات الأزمة، مع توضيح التعاملات التفصيلية فيما بينها،  بالشكل الذي يمكنه من معالجة أي مشاكل قد تواجه هذه البنوك.
 
كان سعر صرف اليورو قد هوي إلي أدني مستوي له في أربع سنوات أمس الأول الاثنين، بسبب مخاوف من إجراءات التقشف التي تتبعها دولة اليونان وسط ترقب جميع دول منطقة »اليورو« خطة الانقاذ التي ستتحملها دول المنطقة بتكلفة تريليون دولار.

 
جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الأربعاء, 19 مايو 10