قال محللو بنوك استثمار إن توقف الطلب على الدولار بهدف المضاربة يعد النتيجة المباشرة لحصول مصر على الوديعة السعودية وإعلان قطر والإمارات عن ضخ استثمارات فى السوق المحلية، فضلا عن الدخول فى مفاوضات جادة مع صندوق النقد وكلها خطوات مهمة للوصول إلى سعر عادل للدولار يعبر عن تدفقات ميزان المدفوعات وليس المضاربات.
وأضافوا – فى تصرحات خاصة لـ« المال» – أن هذه التدفقات سيكون لها تأثير إيجابى على قيمة الجنيه أمام الدولار ولو بشكل مؤقت، مؤكدين أن الطلب بغرض معاملات ميزان المدفوعات لايزال مرتفعا خلال 2022 .
وأكدوا أن هذه الخطوات مطلوبة بشدة لدعم الاقتصاد المصرى فى الأوقات الصعبة إذ تعانى معظم الاقتصادات من تداعيات التضخم العالمى والحرب بين روسيا وأوكرانيا. وأعلنت المملكة العربية السعودية عن إيداع 5 مليارات دولار لدى البنك المركزى المصرى بحسب وكالة الأنباء السعودية. ليرتفع بذلك حجم الودائع السعودية لدى المركزى بعد إضافة هذه الوديعة إلى 10.3 مليار دولار إذ قامت السعودية بمد آجال وديعة بقيمة 2.3 مليار دولار إلى عام 2026 بالإضافة إلى إيداع وديعة بقيمة 3 مليارات دولار فى أكتوبر الماضى.
وقال هانى جنينة المحاضر فى الجامعة الأمريكية إن النتيجة المباشرة، لحصول مصر على الوديعة السعودية بقيمة 5 مليارات دولار، إلى جانب الاستثمارات التى أعلنت عنها كل من قطر والإمارات، هى توقف الطلب على الدولار بغرض المضاربة، خاصة فى ظل وجود مفاوضات جادة مع صندوق النقد الدولى وهذه خطوة مهمة للوصول إلى سعر عادل يعبر عن تدفقات ميزان المدفوعات وليس المضاربات.
وأضاف أن الطلب بغرض معاملات ميزان المدفوعات لايزال مرتفعا خاصة فى 2022 لارتفاع أسعار السلع وضعف دخل السياحة، إذا فمن المرجح استقرار سعر الدولار فى الأمد القصير عند مستوى ± 18.5 جنيه.
ورجح أن يتراوح قرض صندوق النقد الدولى المزمع أن تحصل عليه الحكومة المصرية بين 7 و10 مليارات دولار.
وتقدمت مصر بطلب إلى صندوق النقد الدولى لبدء المشاورات بين الطرفين بخصوص برنامج جديد، يهدف إلى مساندة الدولة المصرية فى خططها الخاصة بالإصلاح الاقتصادى الوطنى الشامل، وقد يتضمن البرنامج تمويلًا إضافيا لصالح مصر.
وقال مجلس الوزراء إن الاقتصاد العالمى، خاصة الاقتصادات الناشئة، يتعرض فى الوقت الحالى لصدمات خارجية متزامنة، متمثلة فى ارتفاع أسعار السلع والخدمات بشكل غير مسبوق، وارتفاع تكلفة التمويل فى ضوء قيام العديد من البنوك المركزية العالمية بزيادة أسعار الفائدة لديها لكبح جماح التضخم المتزايد، بالإضافة إلى التداعيات الاقتصادية السلبية الكبيرة للأزمة الروسية الأوكرانية، والتى ساهمت فى وجود مزيد من الارتفاعات فى أسعار الطاقة، والسلع الغذائية والمعادن، وكذلك تزايد حالة عدم اليقين والذعر من قبل المستثمرين، مما أدى إلى تراجع وتخارج استثماراتهم من العديد من الدول الناشئة.
وقال عمرو الألفى، رئيس قسم البحوث فى شركة برايم لتداول الأوراق المالية إن تأثير كل هذه التدفقات متمثلة فى الوديعة السعودية والاستثمارات القطرية الإماراتية على الجنيه سيكون إيجابيا بشكل مؤقت.
وأضاف أنه على المدى البعيد لابد من التركيز على التصدير لاستمرار تعافى العملة المحلية أمام الدولار واستمرار التحسن الإيجابى له حتى لا يصبح هذا التحسن مؤقتا، مشيرا إلى أن السلع الوسيطة أو مكونات الإنتاج أغلبها مستوردة وهى تمثل مشكلة ولكن فى النهاية التصدير مهم للغاية فى ظل أن السياحة معتمدة على أشياء موسمية ولها علاقة بالأوضاع الجيوسياسية كما أن تحويلات المصريين مرتبطة بعدد العاملين فى الخارج وإيرادات قناة السويس تعتمد على التجارة العالمية من ناحية أخرى زيادة الصادرات سيسهم فى خفض العجز فى الحساب الجارى.
وأشار إلى أن الحساب المالى ورأس المال سيعتمد على الاستدانة ودخول استثمارات أجنبية فى أسواق المال، إلى جانب الاستثمارات الأجنبية المباشرة بحيث لا يكون التصدير من خلال شركات محلية فقط، وإنما شركات عالمية أيضا يكون لها تواجد فى مصر كمنصة للتصدير.
وتابع إن الاستثمار المباشر يواجه بعض التحديات منها ارتفاع تكلفة الأراضى، كما يحتاج إلى حوافز ضريبية وتوافر عمالة مدربة ولديها المهارة، بالإضافة إلى أسعار الطاقة وكلها أمور جاذبة للاستثمار المباشر إلى جانب استقرار البيئة التشريعية.
وأوضح أن العرض والطلب على الدولار يتوقف على حجم السيولة المتاحة فإذا انخفضت السيولة سينتج عن ذلك ظهور سوق موازية وهو ما يخلق فجوة سعرية للعملة الأجنبية بين السوق الموازية والرسمية ولكن إذا توافرت السيولة سيصبح لدينا سعر صرف موحد، مشيرا إلى أن الحكومة والبنك المركزى حريصان على وجود قواعد لصرف العملة الأجنبية حتى لا يصبح هناك اكتناز لها، إلى جانب الاهتمام أكثر بتوفير العملة بالصناعات والاستخدامات الحقيقية.
وقال البنك المركزى المصرى إنه خلال الفترة الأخيرة، بدأت الضغوط التضخمية العالمية فى الظهور من جديد بعد بوادر تعافى الاقتصاد العالمى من الاضطرابات الناجمة عن جائحة كورونا، وذلك بسبب تطورات الصراع الروسى الأوكراني؛ إذ ارتفعت المخاطر المتعلقة بالاقتصاد العالمى نتيجة هذا الصراع.
وأضاف أنه يأتى على رأس تلك الضغوط الارتفاع الملحوظ فى الأسعار العالمية للسلع الأساسية، واضطراب سلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف الشحن، بالإضافة إلى تقلبات الأسواق المالية فى الدول الناشئة؛ مما أدى إلى ضغوط تضخمية محلية وزيادة الضغط على الميزان الخارجى.
وأكدت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى أن تحقيق معدلات تضخم منخفضة ومستقرة على المدى المتوسط شرط أساسى لدعم القوة الشرائية للمواطن المصرى وتحقيق معدلات نمو مرتفعة ومستدامة.
وقال هانى أبو الفتوح رئيس القطاع المؤسسى فى شركة «ميداف» للاستثمارات، إنه لا شك أن إعلان المملكة العربية السعودية إيداع 5 مليارات دولار لدى البنك المركزى المصرى يجسد متانة العلاقات التاريخية القوية وأواصر التعاون الوثيقة التى تجمع بين البلدين الشقيقين.
وأضاف أنه من المعلوم أن هذه ليست المرة الأولى التى تحصل فيها مصر على ودائع من السعودية كرمز لمساعدة مصر فى التغلب على الضغوط على موارد العملات الأجنبية، فقد بلغت قيمة الودائع نحو 7.5 مليار دولار حتى عام 2020، موزعة على 5 ودائع ذات آجال مختلفة وأسعار فائدة متنوعة.
وأوضح أن بيانات تقرير الوضع الخارجى للاقتصاد المصرى أشارت إلى أن قيمة الودائع السعودية تراجعت فى نهاية سبتمبرالماضى إلى 2.3 مليار دولار مقابل 5.3 مليار فى نهاية يونيو الماضى، بعد سداد 3 مليارات دولار من الوديعة فى يوليو الماضى وتأجيل موعد استحقاق وديعة بقيمة 2.3 مليار دولار لتدفع فى أكتوبر 2026 ، بالإضافة إلى وديعة أخرى بقيمة 3 مليارات دولار تم الحصول عليها فى أكتوبر الماضى.
وتابع : «يتزامن إعلان السعودية عن تقديم الوديعة الجديدة مع الإعلان عن استثمارات قطرية فى مصر بقيمة 5 مليارات دولار، وكذلك تقرير وكالة «بلومبرج» إن صندوق أبوظبى السيادى أجرى محادثات مع مصر على استثمار نحو 2 مليار دولار عن طريق شراء حصص مملوكة للدولة فى بعض الشركات».
وأكد أن هذه الخطوات مطلوبة بشدة لدعم الاقتصاد المصرى فى الأوقات الصعبة إذ تعانى معظم الاقتصادات من تداعيات التضخم العالمى والحرب بين روسيا وأوكرانيا.
وأشار إلى أنها سوف تساهم فى تخفيف الضغط على سعر صرف العملات الأجنبية فى السوق، وتدعم موقف مصر فى المفاوضات للحصول على قرض من صندوق النقد الدولى.