وسط مخاوف من احتمال فرض غرامات مالية قيمة اقتطاعها من إيرادات شركات الأسمنت في حالة ثبوت شبهة الممارسات الاحتكارية ضدها.. جاء قرار النائب العام أمس الأول بإحالة 20 مسئولاً في هذه الشركات إلي المحاكمة الجنائية، ليزيد من الوضع السلبي للقطاع داخل البورصة، نظراً لما يمكن أن يترتب عليه من تقليص للأرباح وتراجع نصيب السهم منها.
وقالت نعمة الله شكري رئيس قسم البحوث ومحللة قطاع الأسمنت بشركة HC للأوراق المالية: إن هذا الوضع السلبي للقطاع بالبورصة يتماشي مع وضع السوق بشكل عام، والذي بدأ في سلسلة انحدارات أفقدت مؤشر CASE 30 حوالي %7 من مستواه في يومين منذ بدء الحركة التصحيحية العنيفة المتأثرة بقوة باتجاه المحافظ والمؤسسات المالية العالمية بإعادة بناء مراكز جديدة وجني أرباحها الرأسمالية التي حققتها علي مدار العام.
وفقد مؤشر قطاع مواد البناء والإنشاءات الذي يضم أسهم الأسمنت حوالي 91 نقطة في أسبوع من 1974 نقطة إلي 1883 نقطة في منحني هبوطي صريح دون تعرجات صعودية لعكس قوة الدفع لأسفل، والمرتبطة بالسوق بشكل عام.
ولفتت نعمة الله شكري إلي أن التأثير السلبي علي القطاع سيطول في حالة تثبيت تهمة الاحتكار علي الصناع، وما قد يترتب علي ذلك من تراجع في أسعار بيع الأسمنت إلي جانب الغرامات المقرر فرضها.
ويصل الحد الأقصي لغرامة مخالفة القانون رقم 3 لسنة 2005 إلي 10 ملايين جنيه.. وكانت النيابة أجرت تحقيقاتها خلال الأشهر الثلاثة في صمت وهدوء لتقرر إحالة رؤساء مجالس إدارة الشركات ومديري الإنتاج وقطاع التسويق والقطاع التجاري إلي المحاكمة وهم الذين ثبت ارتكابهم ومسئوليتهم عن ارتكاب تلك الوقائع.
وتعود وقائع القضية إلي 4 أكتوبر الماضي حينما تلقي النائب العام بلاغاً من المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة في هذا الشأن، وأجري مكتب النائب العام تحقيقات موسعة علي مدار 3 أشهر.
وتشير الإحصائيات إلي أن استشراء الاحتكار داخل سوق الأسمنت المصرية مع سيطرة كل من »لافارج« الفرنسية و»سيمنت« الإيطالية نهاية العام الماضي علي أن %62 من الحصة السوقية بعد بيع »أوراسكوم« للإنشاء والصناعة قطاع الأسمنت التابع لها إلي »لافارج« الفرنسية لترتفع حصتها إلي %31 تقريباً مقابل النسبة ذاتها لـ »سيمنت« الإيطالية.
واستمرت أسعار الأسمنت في الارتفاع، ووصل سعر الطن للمستهلك إلي 410 جنيهات بزيادة 40 جنيهاً مرة واحدة نتيجة ارتفاع أسعار المازوت الذي يمثل %10 من تكلفة الإنتاج ، مما خلق دعماً إضافياً لأسم القطاع بالبورصة قبل أن تأتي أزمة البورصات بشكل عام وتراجع المؤشرات إلي جانب قرار النائب العام الذي وضع الصناعة تحت المجهر من جديد.
ويبلغ إنتاج مصر من الأسمنت نحو 37 مليون طن سنوياً، بينما يبلغ حجم الاستهلاك 29 مليوناً، ليصل الفائض الموجه للتصدير إلي %17.
ولفتت دراسة لوزارة التجارة والصناة إلي أن هناك فائضاً قدره 8 ملايين طن بين الإنتاج والاستهلاك، في ظل توقعات بارتفاع الطلب داخل السوق المصرية إلي نحو 55 مليون طن عام 2011 مع طفرة الاستثمار العقاري الكبيرة داخل مصر ودخول شركات اقليمية عالمية مثل »داماك« و»اعمار« و»ديار«.
ودعا ذلك الحكومة إلي فتح الباب لتأسيس 13 مصنعاً جديدا من المتوقع أن تضيف 21 مليون طن لطاقة الإنتاج باستثمارات تقدر بنحو21 مليار جنيه.
وكانت تقارير رسمية صادرة عن مجلس الوزراء قد اعتبرت أن ارتفاع الأسعار بات ظاهرة خطيرة بعدما شهدت السوق في الفترة الأخيرة قفزات شديدة، مما حدا بالحكومة إلي الغاء الجمارك علي واردات الأسمنت في محاولة للسيطرة علي ارتفاع الأسعار.
وعزا التقرير الزيادة الأخيرة في الأسعار إلي سيطرة عدد من الشركات الأجنبية علي السوق، ووجود اتفاق شبه احتكاري بينها لرفع الأسعار، في إشارة إلي أن متوسط تكلفة إنتاج الطن من بين متوسطات أكبر ثلاث شركات كبري، هي السويس والمصرية والقومية نحو 182 جنيهاً (33 دولاراً)، بعد الزيادات الأخيرة في أسعار الوقود في حين يباع الطن بأسعار وصلت إلي 410 جنيهات.