اتفقت شركات عالمية لصناعة السيارات من الوزن الثقيل مثل »فورد« و»رينو« و»بيجو« و»تويوتا« و»بي إم دبليو« علي أن قطاع السيارات يشهد حالياً تحسناً ملموساً، لكن ذلك لم يدفعهم لتوقع حدوث تعاف العام المقبل.
يأتي هذا الموقف الحذر مدفوعاً ببيانات المبيعات والعوائد التي أصدرتها الشركات لشهري سبتمبر وأكتوبر والربع الثالث.
وفاجأت شركة »فورد« حي المال في »وول ستريت« بتحقيقها أرباحاً فصلية وقيامها برفع توقعات أدائها خلال عام 2011، حيث أشارت إلي أنها ستحقق أرباحاً قوية خلال العام المقبل وإلي أنها استطاعت تحقيق هذه النتائج بفضل نجاحها في خفض التكاليف وزيادة حصتها السوقية في أمريكا الشمالية.
وأكدت هذه الشركات خلال المؤتمر الذي أعدته وكالة »رويترز« لشركات السيارات العالمية الكبري، وانعقد مؤخراً في باريس، أن نجاحها في تحقيق هذه النتائج الجيدة انما يرجع لاستفادتها من خطط التحفيز التي طبقتها الحكومات في الدول التي خرجت منها الأزمة خصوصاً في الولايات المتحدة.
وحملت هذه الخطط مسميات مختلفة في تلك الدول لكنها استهدفت جميعاً إقالة قطاع السيارات من عثرته والحيلولة دون انهياره لكونه يعد بمثابة قاطرة أساسية للنمو فيها.
وحضر المؤتمر بوب كارتر، المدير التنفيذي لشركة »تويوتا موتورز« حيث أكد أن القطاع يشهد حالياً مرحلة تعاف تدريجي مع صعود إجمالي المبيعات الأمريكية بنسبة %4.8.
وقدر الاقتصاديون أن اجمالي مبيعات السيارات في الولايات المتحدة بلغت 10 ملايين سيارة في شهر أكتوبر، ويعد هذا القدر من المبيعات هو الأكبر خلال العام الحالي باستثناء المبيعات خلال شهري يوليو وأغسطس، الذي تلقت خلالهما شركات السيارات دعماً إضافياً بفضل استفادتها من برامج التحفيز الحكومية التي اتاحت استبدال السيارات القديمة بأخري حديثة صديقة للبيئة.
وبلغت المبيعات ذروة صعودها خلال شهر أغسطس في الولايات المتحدة بدعم من خطط التحفيز حيث شهد هذا الشهر بيع 14.1 مليون سيارة، لكن هذا الصعود ما لبث ان انخفض إلي 9.2 مليون سيارة في شهر سبتمبر مع خفوت تأثير خطط التحفيز.
وانهمكت شركات السيارات منذ ذلك الحين في عرض مزيد من الحوافز لعدد كبير من الموديلات، ويقول الاقتصاديون إن هذه العروض ساعدت علي إنعاش« المبيعات الشهر الماضي.
وعلي صعيد أداء شركات صناعة السيارات الأوروبية صعدت الحصة السوقية لشركة »فولكس فاجن« الألمانية من %10 إلي %11.7 في الشهور التسعة الأولي من العام الحالي، وارتفعت مبيعات الشركة في شهر سبتمبر بنسبة %11.9.
وذكرت شركة »بيجو« الفرنسية أنها استفادت من النمو في الصين وأوروبا الغربية لكن الطلب الضعيف من أمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية وروسيا قد قلل من حجم عوائدها.
وتراجعت عوائد الشركة خلال الربع الثالث بنسبة %7.7 إلي 11.78 مليار يورو مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، لكن التراجع علي هذا النحو يعد أفضل من تراجع نسبته %18.9 في الربع الثاني و%24.9 في الربع الأول من العام الحالي، ويأتي هذا التحسن مدفوعاً بقدرة الشركة علي بيع مزيد من السيارات بنسبة تبلغ %10.
وحققت شركة »بي إم دبليو« الألمانية رائدة صناعة السيارات الفارهة أرباحاً بلغت 78 مليون يورو في الربع الثالث، مقابل 298 مليون يورو في الفترة نفسها من العام الماضي.
وقال نوربرت نايثوفيز، المدير التنفيذي للشركة، إنه يستهدف تحقيق نتائج إيجابية خلال العام الحالي، مستبعداً تحقق ذلك في حال تدهور الأحوال عما هي عليه الآن.
وتراجعت مبيعات الشركة خلال الربع الثالث إلي 11.76 مليار يورو من 12.59 مليار يورو خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وتتوقع الشركة تراجع حجم مبيعاتها بنسبة إجمالية تتراوح بين 10 و%15 في عام 2009.
أما شركة »رينو« الفرنسية فبلغت عوائدها 8.102 مليون يورو في الربع الثالث، مما يعني تراجعها بنسبة %11.3 وفقاً للتقديرات السنوية لكنه تراجع علي أي حال يقل عن تراجعها بنسبة %30.8 و%16.9 في الربعين الأول والثاني علي التوالي.
وتوقعت الشركة في هذا الاثناء زيادة حصتها السوقية في أوروبا خلال العام الحالي وبلوغها الأهداف التي وضعتها لهذا العام.
ودفعت المصاعب التي لا تزال تواجهها شركة »كرايسلر« للتقدم بخطة خمسية لإنعاش مبيعاتها، وأشارت في هذه الأثناء إلي أن مبيعاتها من السيارات الجديدة التي طرحتها في الأسواق الأمريكية مؤخراً، قد تراجعت بنسبة %30 في شهر أكتوبر الذي لم تستطع خلاله شركتان أمريكيتان منافستان هما »جنرال موتورز« و»فورد« تحقيق مبيعات كبيرة.
ويتوقع أن تبيع »كرايسلر« مليون سيارة خلال عام 2009 بأكمله بينما كانت قد باعت أكثر من 2 مليون سيارة منذ عامين.
وتراجعت حصتها السوقية إلي نسبة %7.9 في شهر أكتوبر، أي أقل من نصف حصة »فورد« السوقية، وأكثر من ثلث حصة »جنرال موتورز«.
وتعد مبيعات السيارات من ناحية أخري مؤشراً جيداً لمعدلات الطلب من المستهلكين خلال الربع الأخير، حيث إن تقارير المبيعات القوية الصادرة خلال الفترة التي تلت تطبيق خطط التحفيز والدعم لقطاع السيارات ستسهم في طمأنة شركات حي المال في »وول ستريت« بشأن فرص تعافيها دون الاحتياج للدعم الذي تقدمه خطط التحفيز.
وكشف مسح أجرته منظمة »كونفرنس بورد« العالمية المستقلة أن نسبة المستهلكين الذين يخططون لشراء السيارات قد تراجعت إلي %4.4 وهي تعد أدني مستوياتها منذ شهر مارس، فضلاً عن أن معظم المشترين سيقبلون علي شراء السيارات المستعملة، وتبلغ نسبة من يرغب منهم في شراء سيارات جديدة %1.4 فقط، وتعد هذه النسبة هي الأدني منذ بدء الركود. ويتوقع أن يظل المستهلكون في حاجة للحصول علي الحوافز التي تساعدهم علي استبدال السيارات القديمة بأخري صديقة للبيئة التي تقدمها الحكومات لإنعاش المبيعات.
وتنظر شركات السيارات بحسرة للماضي القريب عندما كان يتم بيع 17 مليون سيارة سنوياً خلال الفترة من 1999 إلي 2007 في الولايات المتحدة.
ورغم أن التحسن في مبيعات السيارات قد توقف عند 10 ملايين سيارة في أكتوبر، فإنه لا يزال من المستبعد تحقق تحسن إضافي إلا بعد انقضاء سنوات طويلة أو انتظار حدوث فقاعة ائتمان أخري تؤدي لزيادة الأسعار.