نشأ كريم في بيئة مستورة، اجتهد في دراسته وحصل على مجموع يؤهله للالتحاق بكلية ، لكنه فَضّل الالتحاق بكلية التجارة قسم المحاسبة، رغبة منه في تنمية تجارة والده في الغِلال.
في الأسبوع الأول من الدراسة، تَعرف على منال، وتطورت العلاقة بينهما من نظرة لابتسامة فإعجاب، واتفقا على الخِطبة خلال سنوات الدراسة على أن يتزوجا بعد تخرجهما، ومرت السنوات الأربع كأيام لأنه يرى من أحبها يوميًا، لكنها كانت كعقود لرغبتهما في العيش معًا.
بعد التخرج بأسبوع واحد، كانت منال في منزل زوجها وحبيبها كريم، مرت الأيام بحلوها قبل مُرها، ويومًا بعد الآخر كانت كريم في الغلال تتسع ولمع نجمه، وأوكل إليه أبوه المشروع بالكامل، للتفرغ لتربية الأطفال الثلاثة الذين أنجبهم ابنه كريم من حبيبته منال، والذين كانوا نسيمًا عليلًا للأسرة بالكامل.
طموح كريم فاق تجارة والده في مشروع الغِلال، فكر في إنشاء ، أعد دراسة جدواها، وأسسها فعليًا، ولم تشغله شركته الجديدة عن زوجته التي أحبها، ومازال ممتنًا لصنيعها معه ومعاونتها له فيما واجهه من مصاعب.
زادت المشاغل، كريم منهمك في عمله الذي أهّله لأن يكون عضوًا بمجلس إدارة في الكيان الذي ينظم سوق الاستيراد بكاملها، ومنال مشغولة في تربية أبنائها الثلاثة، وبعد أن كانا يلتقيان يوميًا، كلٌ منهما يحكي تفاصيل يومه، تباعدت اللقاءات، ليجلسا مرة في الأسبوع، وبسبب مشاغل الحياة، تباعدت المسافات أكثر فأكثر، لكن لايزال الحب كامنًا في قلب كل منهما نحو الآخر.
طلب كريم من المسئول الإداري بشركته الجديدة، الإعلان في الصحف عن حاجة شركته لسكرتيرة بشرط إجادتها اللغة الإنجليزية، وبالطبع تكون حسناء المظهر، تلقت الشركة سيرًا ذاتية، وعُقدت المقابلات وتم الاستقرار على إحداهن، تُدعى سناء، خريجة ، نجحت خلال فترة وجيزة في أن تصبح ليست فقط سكرتيرة كريم، بل المسئولة عن بعض المهام الإدارية الأخرى.
خلال عام واحد، توفي والد سناء، واكتشفت أنه مدين للبنك بقرضِ كبير حصل عليه دون علم والدتها، ونظرًا لعدم سداد القرض، حجز البنك على المنزل الذي كانت تعيش فيه سناء وأمها.
طموح كريم في توسعة نشاط شركته، قابله طموحٌ آخر من سناء، لكن طموحها كان من نوع مختلف، تطلعت لكريم نفسه، فلم تتحمل قسوة بعد أن كانت تعيش رغدها، غزلت شِباكها حوله، ونجحت فيما خططت له، طلبت منه مضاعفة راتبها الشهري، ووافق على الفور، نسجت قصة من وحي خيالها في أحد الأيام، بأن شابًا حاول التحرش بها أثناء مجيئها للعمل، وطلبت مبلغًا لشراء سيارة على أن تٌسدده من أجرها الشهري، وافق كريم مجددًا.
شعرت سناء بأن كريم بات على مقربة من السقوط في الفخ الذي نصبته له، عرضت عليه الزواج منها سرًا، وستقوم ببعض مهام عمله الذي أبعده كثيرًا عن حبيبته منال وأبنائه الثلاثة، وافق دون تفكير.
ذات يومٍ، جاء مندوب بإحدى لمقابلة رئيس الشركة ليعرض عليه شراء وثيقة تأمين على حياته بعشرة ملايين جنيه مقابل قسطً زهيد سيسدده سنويًا، لاقى العرض قبول سناء، وطلبت من المندوب أن يأتي خلال يومين لإعلامه بقرار رئيس الشركة.
أقنعت سناء، كريم بشراء ، وأن تكون منال وأبناؤه الثلاثة هم المستفيدون بمبلغ الوثيقة في حال وفاته، واشترطت عليه عدم إعلام زوجته بهذا الأمر، وافق كعادته، وبعد خمسة شهور من استصدار الوثيقة، عرضت سناء على زوجها في السر، إشهار زواجهما، فرفض في سابقة هي الأولى منذ عرفها، بل تغيرت معاملته لها، وطلب منها سداد أقساط ثمن السيارة التي حصلت عليها منه، وهددها بالرفت من الشركة.
لم تنم سناء ليلتها، فكرت في الانتقام، واختمرت الفكرة في رأسها، ذهبت لكريم في اليوم التالي، وتظاهرت أمامه بالندم على ما بدر منها، وقدمت له اعتذارًا كاذبًا، وقَبِلَه، بدأت في تسريب البيانات الخاصة بعملاء الشركة للمنافسين، ويومًا بعد الآخر، تدهورت الحالة المادية لكريم، وتراكمت الديون، وفوائد القروض التي حصل عليها من البنك، باع الشركة ورهن منزله الذي تقطنه زوجته وأبناؤه.
فوجئت منال زوجة كريم بخطاب من البنك يُعلمه بموعد بيع المنزل في مزاد علني، كان وقْع الصدمة عليها عنيفًا، لم تكن مصدومة من بيع المنزل في مزاد علني، بل صدمتها من عدم مكاشفة كريم لها بحالته المادية وتدهور تجارته وإفلاس شركته كان الأكثر إيلامًا، ولأول مرة تتبدل كل مشاعر الحب إلى النقيض.
في يوم من الأيام العِجاف التي عاشتها منال، رن جرس الباب الذي استأجره كريم لها، ففتحت وإذ بسناء في مواجهتها، طلبت منها الجلوس معها، وأعلمتها بزواجها سرًا من زوجها كريم، كادت منال أن يُغشى عليها، فلم تقصّر يومًا في حقه، بذلت الغالي والنفيس من أجله، لم تبخل بمشاعرها نحوه، فهل هذا جزاؤها؟
تأكدت سناء أن الخطة الشيطانية نجحت، فوجهت لمنال سؤالًا مباشرًا: أتريدين الانتقام؟ أجابتها بلا تردد: نعم، أخبرتها بوثيقة التأمين وأنها بمبلغ ضخم قيمته عشرة ملايين جنيه، فسألتها منال: ومتى يتم الحصول على مبلغ التأمين؟ فأجابتها في حالة وفاته، سألتها منال مجددًا، لكن الأعمار بيد الله؟ أجابتها متسائلة: ولماذا تنتظرين وفاته طبيعيا؟
سألتها سناء عن مقصدها، فأجابتها: عليكِ بقتله والحصول على نصف مبلغ التأمين، وبذلك تكوني قد حققتِ ما تريدين بالانتقام منه، وفي الوقت نفسه تستطيعين تربية أبنائك في نفس المستوى الذي كانوا يعيشون فيه قبل إفلاس كريم.
لم تتنبه منال للحيلة الشيطانية، فسألت سناء، لكن ما أعرفه أن المستفيد لا يحصل على مبلغ التأمين إذا قام بقتل صاحب الوثيقة، ويبدو أن هذا السؤال كان في حُسبان سناء، فأخبرتها أن وثيقة التأمين تضمنت شرطًا بعدم الإفصاح عن المستفيد إلا بعد الوفاة، وفي حالة التحقيق معكِ لدى القضاء عن مكان وجودك أثناء قتل كريم، سأشهد أنك كنتِ بصحبتي، ومن ثم تبرئتك من الجريمة، مقابل الحصول على نصف مبلغ التأمين كثمن لإنقاذك من الموت شنقًا.
لكن، ماذا فعلت منال؟ هل نفذت خطة سناء؟ هل قتلت من أحبته منذ اليوم الأول للدراسة في الجامعة؟
في الحلقة القادمة بإذن الله