«لعنة البترول» تطارد مواطني نيجيريا

«لعنة البترول» تطارد مواطني نيجيريا
جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الأحد, 15 أكتوبر 06

حياة حسين:
 
نظرة سريعة الي اهم الدول المنتجة والمصدرة للبترول في العالم، لابد وان يتوقف بعدها المرء طويلاً امام ما يمكن تسميته بــ«الحالة النيجيرية» . . فنيجيريا التي تحمل المرتبة الثامنة بقائمة اهم الدول المنتجة للبترول، يزيد عدد سكانها علي 130 مليون نسمة.. والنتيجة ان عائدات تصدير البترول تمثل – في افضل الاحوال – مجرد قطرة في بحر احتياجات الشعب النيجيري، الذي لا تكاد الغالبية العظمي منه تستشعر اي معني ملموس «للثروة البترولية» المفترضة.

 
يضاف الي ذلك ان هذه الثروة تحولت عملياً الي لعنة تضيف المزيد من العناء الي اسلوب الحياة القاسي بالنسبة لعشرا ت الملايين من ابناء الشعب النيجيري في الشرائح الاكثر فقراً والسبب يعود في الاساس الي الصراع الناشيء بين الطوائف المختلفة بما فيها من تنويعات قبلية وعرقية من جانب وبين الحكومة الفيدرالية علي الجانب الآخر. وفي اطار هذا الصراع يمارس ابناء القبائل الاكثر سطوة ونفوذاً ضغوطاً كبيرة علي الحكومة لحملها علي منحهم حصة من عائدات البترول التي تستأثر بها اجهزة الدولة ومسئوليها وجماعات المصالح المرتبطة بها.
 
يذكر ان نيجيريا تنتج نحو 2.6 مليون برميل يومياً، يمثل عائدات صادراتها نحو %80 من الميزانية منذ ان تم اكتشافه في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي، بداية من منطقة «اولوربيش التي تعرف حالياً إيليسا.
 
وتزداد حدة الصراع في ولاية دلتا نيجيريا التي تعد من اهم واكبر المناطق انتاجاً للنفط في البلاد، واقلها استفادة منه في الوقت نفسه، حيث تستحوذ لاجوس العاصمة، ومقر الحكومة علي نصيب الاسد ومازالت ولاية «دلتا» غارقة في الفقر حيث تخلو تقريباً من وجود مصادر للكهرباء او مياه نظيفة او مدارس ومراكز رعاية صحية او مكاتب بريد ومراكز شرطة ويقتصر المظهر الوحيد لتواجد الشرطة علي بعض الجنود الذين يحرسون المسئولين ويطاردون المواطنين، ويضربونهم في المناسبات العامة!
 
احد الخبراء اوضح ان البنية التحتية ضعيفة وفرص التوظيف قليلة، لأن الشركات لا تحتاج الي كثير من العمال بمجرد ضخ النفط كما ان الاوضاع تزداد سوءاً من جراء التسرب المستمر للبقع الزيتية التي تلوث المياه وتهدد الحياة البحرية.
 
ويتركز الصراع علي ارض الحقول النفطية ويتخذ اشكالاً عديدة منها قيام بعض الطوائف بتدمير خطوط البترول بهدف الحصول علي تعويضات او علي عقود جديدة لازالة التلوث. وقد ادت هذه الاعمال الي خسارة الشركات الاجنبية العاملة في ولاية دلتا لنحو %20 من الانتاج منذ شهر فبراير الماضي. وكانت الخسارة الاكبر من نصيب شركة «شل» العالمية بمقدار 500 الف برميل يومياً ونتيجة لهذا الوضع، يدرس كثير من الشركات، مثل «ويلبرو» الانسحاب نهائياً من نيجيريا.
 
واصبح خطف عمال شركات البترول من الاعمال المربحة والتي تحدث بصفة شبه يومية وفي يوم واحد مثلاً، تم خطف 25 عاملاً والافراج عن 7 عمال تم اعتقالهم في اليوم السابق، نظير دفع مبالغ طائلة خاصة وانهم من العمال الاجانب الذين تزيد احجام المبالغ التي يطالب بها الخاطفون للافراج عنهم عن العمال المحليين العاملين في الشركات الاجنبية.
 
وقد اعترف رئيس شركة شل التنفيذي جيرون فان دير فير، بان الاوضاع تتطلب تغيير استراتيجيات التأمين في مواقع الانتاج كما اعلنت الحكومة مراراً انها بصدد وضع خطط لتحسين الاوضاع الا ان شيئاً من ذلك لم يحدث عملياً منذ العام الماضي.
 
ومازال البترول يعود علي نيجيريا بأضرار اكثر مما يفيد حيث ادت عقود من الاهمال والحرمان الي ازدياد حدة التناحر الذي لا يكاد يهدأ حتي يشتعل من جديد في محاولة من الفرقاء للحصول علي جزء من هذه الثروة التي يفترض ان تعود بالفائدة علي جميع المواطنين.
جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الأحد, 15 أكتوبر 06