«كفاية» تحاول تجاوز أزمتها استعداداً لمعركة التعديلات الدستورية القادمة

«كفاية» تحاول تجاوز أزمتها استعداداً لمعركة التعديلات الدستورية القادمة
جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الأحد, 15 أكتوبر 06

حافظ هريدي:
 
و لكن لم تمر عدة ساعات علي هذا الاجتماع حتي تصاعدت حدة الأزمة بعنف يوم الخميس 5 أكتوبر بسبب ما أثير عن الإعلان عن إقامة حفل رمضاني  لحركة كفاية في فيللا هاني عنان في المقطم و قيام  قناة الجزيرة بنقل الحفل علي الهواء مباشرة ، و كان هذا الخبر بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير فانفجرت موجة عارمة من الغضب بين الكثير من كوادر الحركة الذين رأوا أن إقامة الحفل بدون طرحه في اللجنة التننسيقية يجسد الشكاوي التي وردت في  مذكرة د. يحي القزاز من حيث إدارة الحركة بشكل فردي متجاوزاً كل الأطر المؤسسية المتمثلة في اللجنة التنسيقية و لجنة العمل اليومي و اللجان النوعية.

 
و توالت بعد ذلك موجات الفعل و رد الفعل بين الأطراف الفاعلة في الحركة وتوالت علي إثرها محاولات احتواء الأزمة  حتي انتهي الأمر إلي عقد اجتماع يوم الأربعاء 11 أكتوبر حضره العديد من أقطاب الحركة مثل جورج اسحق و المهندس أبو العلا ماضي و الدكتور يحي القزاز والدكتور مجدي قرقر و عصام الاسلامبولي و المهندس عبد العزيز الحسيني …و غيرهم.
 
وفي هذا الاجتماع ، و بعد مناقشة الملاحظات الواردة في الشكاوي ،  تم التوصل إلي اتفاق مبدئي يقوم علي تثبيت مفهوم المؤسسية في العمل و عدم انفراد أي طرف بالقرار كما أحيل الموضوع إلي لجنة العمل اليومي التي ستجتمع الأربعاء القادم من أجل متابعة الموضوع و بحث تفاصيل الخطوات المطلوبة للإصلاح ، و قد اتفق الحاضرون علي إصدار بيان مقتضب يعلن اتفاق الجميع علي المضي قدماً في بحث الموضوعات المطروحة دون إعطاء أي تفاصيل أخري ، ولكن الأنباء المتسربة من الاجتماع أكدت حدوث توافق بين المجتمعين علي أن يتم تدوير منصبي منسق الحركة و المتحدث الرسمي لها بشكل دوري ، علي أن يتم ذلك بدءًا من المؤتمر الثالث للحركة المزمع عقده في ديسمبر أو يناير القادمين ( المؤتمر الأول هو المؤتمر التأسيسي الذي عقد في جمعية الصعيد ، أما المؤتمر الثاني فهو الذي عقد العام الماضي في نقابة المحامين) .
 
و ينفي عصام الاسلامبولي ، الخبير القانوني و عضو حركة كفاية أن تمثل تلك الأزمة خطراً حقيقياً  يهدد بتفجير الحركة من الداخل كما تتمني بعض الصحف الحكومية ، فالأمر لا يتعدي خلافات  في وجهات النظر المختلفة حول بعض الأمور البسيطة ،و يري الاسلامبولي أن وجود مثل تلك الاختلافات هو دليل علي ديمقراطية الحركة و حيويتها ، و أن الأمر المهم هو الكيفية التي ستدير بها الحركة مثل تلك الاختلافات دون جور علي طابع الحركة الديمقراطي .
 
و علي الطرف الآخر ، يقف المهندس عبد العزيز الحسيني الذي يري أن المشاكل الأخيرة هي بالفعل تعبير عن أزمة أعمق ، فالحسيني نفسه كان قد تقدم منذ عامين بورقة حول المشاكل التي كانت بوادرها قد بدأت في الظهور ، و لكن يبدو أن الوقت كان مبكراً جداً بالنسبة  لإثارة مثل تلك الأمور مما دفع الحسيني للتوقف عن ذلك ، ويؤكد الحسيني أنه منذ حوالي عام بدأت المشاكل تصبح أوضح ، الأمر الذي كان يؤدي إلي استنفاد فترات طويلة من اجتماعات الحركة في نقد الأداء الداخلي بدلاً من بحث خطوات التحرك المستقبلي من أجل تحقيق أهداف الحركة ، وهو الأمر الذي استدعي تنظيم مجموعة من الورش لمناقشة الوضع التنظيمي للحركة و تلاها المؤتمر الذي عقد بنقابة المحامين و ما تلي ذلك من اختيار لجنة تنسيقية من 60 عضوًا ولجنة عمل يومي من 15 عضوا وعدد من اللجان النوعية الأخري.
 
 و يري الحسيني أنه من الطبيعي أن تصاب كفاية  بالأمراض المعتادة التي تصيب كل الأحزاب و الحركات السياسية في مصر مثل  الشخصنة و الانفراد بالقرار و عدم الرجوع للمستويات التنظيمية … الخ ، لذلك فالملاحظات التي وردت في مذكرة د. يحيي القزاز أغلبها صحيح ، فهذه الأخطاء موجودة بالفعل و لكن نشرها بهذا الشكل خارج كفاية يعتبر خطأ إضافياً يضاف إلي قائمة الأخطاء ، فعلي سبيل المثال فحين عقدت  الورش الخاصة بتطوير الحركة لم يتم دعوة الإعلام لها  ، فوجود الإعلام أثناء بحث الموضوع يؤثر علي أداء الحضور، فتبدأ في المزايدات وعمليات تسجيل المواقف في الظهور ، كما أن عرض الموضوع في الصحافة بهذا الشكل يؤثر علي الصورة الذهنية للحركة و يعطي للحكومة أداة فعالة لضرب الحركة.
 
و يري الحسيني أن ما يثار حول رغبة شباب من أجل التغيير في الانفصال عن الحركة يحمل الكثير من سؤ الفهم للطبيعة التنظيمية لكفاية ، فالورش التي عقدت من أجل التطوير التنظيمي أوصت بأن تدار الحركة بشكل غير مركزي ، فلجان الحركة في المحافظات تستطيع أن تتخذ المواقف التي تريدها طالما أتت تلك المواقف في إطار المبادئ العامة للحركة ، نفس الأمر ينطبق علي التشكيلات المشابهة لشباب من أجل التغيير و صحافيون من أجل التغيير و محاميون من أجل التغيير …الخ  ، فهذه التشكيلات ليست تابعة تنظيمياً لكفاية حتي و إن كانت لجنة التنسيق تضم ممثلين لها ،  فهذه اللجنة هي في النهاية لجنة تنسيق و ليست لجنة إدارة ، وبالرغم من ذلك فإن الحسيني يري أن الأخطاء الداخلية في الحركة قد ساهمت إلي حد ما في توتير العلاقة مع شباب من أجل التغيير و التشكيلات المماثلة .
 
وتتعدد التحليلات حول طبيعة الأزمة الحالية التي تمر بها كفاية فبينما يري البعض أن الأزمة أساسا نتجت من وجود حالة صراع بين مجموعة المؤسسين الذين يعتبرون أن مبادرتهم يجب أن تعطي لهم مكانة خاصة بينما يري آخرون أن كفاية قد حققت ما حققته ليس بفضل التأسيس الأول و لكن بفضل مئات الشباب الذين انضموا إليها  وذاقوا مرارة السجن والاعتقال دفاعاً عن مبادئها.
 
و يري البعض أن مشكلة كفاية تتمثل في تولد محور ثنائي بين شخصية قيادية في الحركة وأحد رجال الأعمال من قياداتها ، وهو المحور الذي أصبح يتخذ الكثير من القرارات المالية والإدارية دون الرجوع إلي المستويات التنظيمية المختصة و هو الأمر الذي دفع البعض للحديث عن ” خصخصة كفاية “، و ينسب البعض لهذا المحور ميولاً ” تطبيعية و  ليبرالية !! ” تتناقض مع التوجهات العامة للحركة الواردة في بيانها التأسيسي ذي النكهة القومية !
 
ويري آخرون أن مشكلة الحركة هي في انصرافها عن هدفها الأساسي والمتمثل في شعارها الشهير ” لا للتمديد و لا للتوريث “، و لكن محاولتها تجاوز هذا الشعار إلي مجالات أخري مثل دعوتها للتغيير و وضعها لمشاريع دساتير و قوانين قد شتتها عن هدفها الأصلي ، و لكن الحجة التي رفعها البعض للرد علي ذلك هي أنه لم يكن من الممكن لكفاية أن تظل أسيرة فقط لذلك الشعار و إلا أصبحت حركة احتجاج بدون رؤية  كما حاول البعض أن يصمها بذلك .

 
و يبقي السؤال الأهم هل تنجح كفاية في تجاوز أزمتها ؟   
 
المهندس الحسيني يري أنه  سيكون من الصعب هذه المرة ألا تلتزم  كافة الأطراف بما اتفق عليه من مبادئ تنظيمية ، و إلا فسيكون أمام كفاية طريق من اثنين : إما إجراء تغيرات جذرية في هياكل الحركة  و إما انفجار الحركة أو تولد  تشكيلات موازية، الأمر الذي سيؤدي حتماً إلي انفضاض الناس عنها.
 
الاسلامبولي كان أكثر تفاؤلاً من المهندس الحسيني، بل إن  ثقته في الحركة  جعلته يؤكد علي الخطوات القادمة لها ، فالحركة بعد أن أقرت مشروعًا للتعديلات الدستورية ( قام الاسلامبولي بصياغته )  تسعي حالياً للتنسيق مع كل القوي السياسية من خلال الجبهة الوطنية لتقديم رؤية مشتركة للتعديلات الدستورية ، كما أنها تسعي حالياً لعقد ورشة عمل  حول كامب ديفيد يتولاها المهندس محمد سيف الدولة.
 

جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الأحد, 15 أكتوبر 06