قطاع السياحة ينتظر 2010 لتحقيق طفرة في الأعداد والإشغالات‬

قطاع السياحة ينتظر 2010 لتحقيق طفرة في الأعداد والإشغالات‬
جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الأربعاء, 30 سبتمبر 09


د. عثمان محمد عثمان

بسمة حسن:

شهد القطاع السياحي العام الماضي نجاحاً ملحوظاً، حيث حققت الحركة السياحية 11.2 مليون سائح قضوا ما يقرب من 129 مليون ليلة سياحية بمعدل نمو 12.8 مليون ليلة ووصلت الإيرادات إلي 10.98 مليار دولار علي الرغم من تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية في نهاية العام الماضي علي الحركة السياحية الوافدة إلي مصر، وما ترتب عليها من خسائر متوالية علي القطاع، وهو ما دفع المستثمرين السياحيين إلي اتخاد بعض التدابير للخروج من الأزمة بأقل الخسائر .

وأكدت إحصائية حديثة صادرة عن وزارة السياحة أن النصف الأول من العام الحالي شهد انخفاضاً في أعداد السياحة الوافدة إلي مصر بنسبة %8.7 وانخفاض الدخل بنسبة %9.5 مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، لافتة إلي أن الإيرادات السياحية تراجعت خلال الأشهر الأربعة الأولي من 2009 بنسبة %13.2 وفي الأعداد بنسبة %9.3 وانخفضت أعداد سائحي الشواطئ علي البحر الأحمر بنسبة %10.3 لتصل إلي 3.67 مليون سائح خلال الأشهر الأربعة الأولي من 2009، وأكدت وزارة السياحة أن نسبة الانخفاض من دول شرق أوروبا تراوحت بين 60 و%70 من نسبة الانخفاض الذي ظهر بوضوح في المنتجعات والشواطئ نظراً لأن سائحيها يتركزون في دول شرق أوروبا .

كما انخفض عدد السائحين الوافدين من أوكرانيا بنسبة %57، بينما تراجع عدد السياح القادمين من بولندا وروسيا بنسبة %23، بسبب ضعف عملات هذه الدول أمام الدولار ما جعل السفر مكلفاً جداً بالنسبة لهم .

كان العاملون بالقطاع يتوقعون أن تشهد الحركة السياحية طفرة في عدد السائحين بما يصل إلي وفود 14 مليون سائح إلا أن الأزمة الاقتصادية العالمية عصفت بهذه التوقعات، الأمر الذي سيؤدي إلي تباطؤ في معدلات نمو القطاعات السياحية سواء في إنشاء شركات جديدة أو زيادة الاستثمارات السياحية سواء الجديدة أو عمليات التطوير للقائم منها .

وأكد خبراء السياحة أن الأزمة العالمية كان تأثيرها علي مصر خارج توقعات العاملين بالقطاع السياحي، وهو ما أدي إلي تباطؤ تحركات القطاعين العام والخاص السياحي في مواجهة تداعيات الأزمة، الأمر الذي أدي إلي انخفاض الحركة السياحية الوافدة إلي مصر وزيادة إلغاء الحجوزات السياحية علي البرنامج السياحي المصري .

يؤكد ناجي عريان، عضو غرفة المنشآت الفندقية، أن الأزمة العالمية أدت إلي انخفاض الحركة السياحية الوافدة إلي مصر ولجوء مستثمري القطاع السياحي إلي تخفيض الأسعار بما يتراوح بين 20 و%30، وهو ما أدي إلي انخفاض الإيرادات المحققة للقطاع السياحي .

وأضاف أن نجاح أي مقصد سياحي يقاس بـ»الكيف«، وهو تحقيقه لإيرادات مرتفعة ولا يقاس بـ»الكم« وهو عدد السائحين، ولذلك فإنه مهما زاد عدد السائحين الوافدين إلي مصر فإن الإيرادات هي ما تهم مستثمري القطاع، خاصة أنها تحقق لهم هامشاً من الربحية المرتفعة تفيدهم في زيادة استثماراتهم السياحية وتطوير القائم منها، إلي جانب القدرة علي زيادة مستوي الخدمة المقدمة للسائحين من خلال تدريب العاملين بالقطاع السياحي .

وأشار عريان إلي أنه بعد انخفاض الحركة السياحية الوافدة إلي مصر سارع مستثمرو القطاع السياحي إلي تخفيض أسعار المنتج السياحي المقدم للسائحين بما يتراوح بين

6  و%8 أسوة بالدول المنافسة للمقصد السياحي المصري وأملاً في حصولهم علي نصيبهم من كعكة السياحة الخارجة من الدول الأوروبية، خاصة أنها تمثل %80 من إجمالي الحركة الوافدة إلي مصر، موضحاً أن الأسواق الأوروبية تعتبر من الأسواق التقليدية المصدرة للسياحة إلي مصر، ومن أبرز الدول التي تعمل بها أغلب الشركات السياحية المصرية وتحقق منها إيرادات سياحية روسيا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، وهو ما يدعو إلي الاهتمام بهذه الأسواق والمحافظة علي الأعداد الوافدة منها إلي مصر .

وأشار إلي أن القطاع يحتاج إلي 3 سنوات مقبلة بعد الانتهاء من الأزمة، للعودة إلي أسعار المنتج السياحي لعام 2008، ولكن بنسبة تتراوح بين 30 و%35 من هذه الأسعار، مشيراً إلي أن انخفاض الأسعار سيؤدي إلي تراجع الإيرادات المحققة للقطاع المصري، حتي يمكن العودة بالقطاع للأسعار الأصلية التي تحقق لهم الإيرادات المرتفعة بما يمكن أن يعوض لهم نسبة ضئيلة من الربحية التي تمت خسارتها من جراء تداعيات الأزمة العالمية، بالإضافة إلي فيروس أنفلونزا الخنازير .

وتوقع عريان أن يتحسن الوضع الاقتصادي عالمياً خاصة بالولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية بداية من شهر يناير وحتي شهر يونيو المقبل، وسوف يشعر القطاع السياحي المصري بهذا التحسن خلال الربع الثاني من العام المقبل إلا أن عجلة الاقتصاد ستبدأ في دورتها بجميع الدول الأوروبية نهاية عام 2010، التي تؤثر علي تحسن الدخول للجنسيات الأوروبية ومقرري السفر، الأمر الذي يؤدي إلي زيادة الطلب علي البرنامج السياحي المصري وبالتالي ستزيد الحركة السياحية الوافدة إلي مصر ونسب الاشغالات بالفنادق إلا أن مشكلة إعادة الأسعار إلي معدلاتها السابقة ستبقي قائمة .

وعن مناخ الاستثمار خلال فترة الأزمة يقول عريان إن الاستثمار في هذا الوقت بالقطاع السياحي الفندقي أمر مطلوب بشدة في ظل ارتفاع معدلات التضخم في مصر، بالإضافة إلي أن الاستثمارات الجديدة ستكون قادرة علي المنافسة وستجلب المزيد من العمالة السياحية والمدربة التي تم الاستغناء عنها بمعرفة الفنادق بعد أن قامت بترشيد نفقاتها المختلفة، ومنها العمالة الزائدة لديها نتيجة تأثير الأزمة العالمية سلباً عليها، مضيفاً أن الأسعار الحالية المنخفضة للخامات المختلفة سواء في مواد البناء أو الخامات المستخدمة في الخدمات بالفنادق تساعد علي نجاح هذه الاستثمارات بجانب انخفاض أجور العاملين خلال هذه الفترة .

وطالب عريان الدولة بتشجيع المستثمرين علي ضخ استثماراتهم في القطاع السياحي خلال الفترة الحالية، وذلك من خلال منح فترة إعفاء ضريبي تتراوح بين 3 و5 سنوات بعد منحه ترخيص تشغيل الفندق، مما يشجع المستثمرين سواء العرب أو الأجانب أو المصريون علي ضخ أموالهم في الاستثمار السياحي بالمناطق السياحية المصرية .

من جهته أكد عمرو صدقي، نائب رئيس غرفة شركات ووكالات السفر والسياحة سابقاً، أن الأزمة الاقتصادية العالمية اثرت سلبا علي القطاع السياحي المصري، وذلك من خلال حدوث انكماشات وإفلاسات في كل القطاعات السياحية من شركات سياحية وفنادق والاستغناء عن بعض العمالة السياحية المدربة وغير المدربة، إلي جانب تأجيل المخططات التوسعية المستقبلية للمشروعات السياحية القائمة، لافتاً إلي حدوث تراجع ملحوظ في معدل إلغاء الحجوزات الخاصة بالبرنامج السياحي المصري من قبل السائحين بداية من أوائل أكتوبر المقبل .

وأضاف أن عام 2009، هو أكثر الأعوام قسوة علي القطاع السياحي، فليست الأزمة العالمية وحدها -علي حد قوله- كان لها تأثير علي القطاع السياحي في ظل انتشار فيروس أنفلونزا الخنازير وتداعياته علي موسم الحج والعمرة، وهو ما أدي إلي تراجع توقعات وآمال العاملين بالقطاع السياحي للانفراجة الاقتصادية وتعويض ما فقده القطاع خلال الفترة الماضية، مشيراً إلي أن كل هذه الأحداث أثرت علي الحركة السياحية الوافدة إلي مصر وأدت إلي لجوء العاملين بالقطاع إلي خفض الأسعار، وتراجع الإيرادات المحققة للسياحة، فضلاً عن مشاكل أخري اثر عليها انخفاض الإيرادات والحركة السياحية العالمية، وهي تراجع قيمة العملات الأجنبية للدول الأوروبية مثل الجنيه الاسترليني واليورو والروبيل الروسي أمام الجنيه المصري، وبالتالي ارتفاع تكلفة البرنامج السياحي المصري لسائحي دول اليورو، وهو ما أدي إلي انخفاض الطلب علي البرنامج المصري خلال فترة الانكماش في ظل الأزمة الحالية .

وعن مناخ الاستثمار السياحي خلال فترة الأزمة يقول صدقي إن أي أزمة تحدث في العالم يكون لها تأثيرها السلبي والإيجابي علي بعض القطاعات السياحية مثل دخول شركات سياحية جديدة للسوق أو إفلاس أخري أو زيادة استثمارات شركات معينة، مشيراً إلي أن هناك تشجيعاً من قبل الحكومة علي تنمية الاستثمارات السياحية وزيادة عمليات ضخ استثمارات جديدة لزيادة الطاقة الفندقية، مطالباً الحكومة بإزالة المعوقات وإصدار القوانين التشجيعية للاستثمار السياحي .

وأضاف أن الأزمة تسببت في تراجع عدد كبير من المستثمرين عن ضخ استثماراتهم في القطاع السياحي، بسبب انخفاض السيولة لديهم والاتجاه إلي الاستثمار العقاري خاصة في الأسواق التي انخفضت فيها أسعار العقارات مثل الولايات المتحدة ودبي، في المقابل قام عدد من المستثمرين بشراء العديد من الفنادق خاصة العائمة، التي أعلن أصحابها عن بيعها بسبب الأزمة العالمية إلي جانب شراء الأتوبيسات السياحية .

من جهته أكد مجدي حنين، عضو غرفة المنشآت الفندقية، أن الخبرات السابقة للأزمات التي مرت بها مصر خلال الفترات الماضية جعلت السوق المصرية لديها الدراية الكافية في التعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية، والدليل علي عدم حدوث التأثير الشديد للأزمة صمود الكيانات الاقتصادية خاصة السياحية وعدم انهيارها مقارنة بما حدث في بعض الدول الأخري، موضحاً أن مصر من أقل الدول تأثراً بالأزمة، مشيراً إلي أن تأثير الأزمة علي السياحة يكاد يكون محدوداً خاصة أن العالم كله لم يلغ فكرة السفر في ظل حرية التنقل بدليل أن حجم حركة السياحة العالمية يبلغ 800 مليون سائح خلال العام .

وبالنسبة لشكوي المستثمرين السياحيين من امتناع بعض البنوك عن تمويل مشروعاتهم خلال الأزمة أكد حنين أن المشروعات السياحية تحتاج إلي خطة طويلة المدي لمواجهة أي تغيرات قد تحدث، لأنها أكثر صناعة حساسة إلي جانب أن إيرادات المشروعات السياحية تتأخر لأنها استثمارات طويلة المدي، ولذلك فإن البنوك كانت تخشي أن تتعرض لخسائر كتلك التي تعرضت لها نتيجة موافقتها علي إقراض أصحاب المشروعات دون الاستعلام الكافي عنهم أو عمل الدراسات اللازمة لهذه المشروعات وهو ما كلفها أموالاً طائلة .

وأكد أن العالم يشعر بالانفراجة للأزمة الاقتصادية إلا أن مصر لم تشعر حتي الآن بهذه الانفراجة في ظل الزيادة في معدلات التضخم وانخفاض القوة الشرائية للجنيه المصري .

كان زهير جرانة، وزير السياحة، قد أكد أن عام 2009 هو الأسوأ علي القطاع السياحي، مشيراً إلي أن تأثر قطاع السياحة بالأزمات الاقتصادية يأتي من خلال إعادة نظر المستهلك في ميزانيات انفاقه علي الأولويات الخاصة به، وبالتالي فمن المتوقع أن يحدث انخفاض في الحركة السياحية العالمية ومعها تنخفض الإيرادات المحققة للدول من عدد الوافدين إليها التي ستظهر آثارها السلبية الحقيقية خلال نهاية العام الحالي، مشيراً إلي أن الأزمة الاقتصادية أو »تسونامي الاقتصاد« بدت بوادرها في الظهور منتصف العام الماضي بانخفاض الإيرادات السياحية في الربع الأخير من العام المالي السابق، وهو ما أدي إلي انخفاض متوسط النمو في قطاع السياحة من %6 عام 2007 إلي %3 العام الماضي، مما يرجح احتمال حدوث مزيد من الانخفاض في نهاية العام الحالي .

من ناحية أخري أكد الدكتور عثمان محمد عثمان، وزير التنمية الاقتصادية في تصريحاته، أنه برغم زيادة أعداد السائحين بنحو %14 خلال الربع الثاني من العام 2009/2008 مقارنة بحوالي %12 من نفس الفترة من العام السابق فإن عدد الليالي السياحية انخفض بنحو %10 في الربع الثاني من العام الحالي مقابل زيادة تصل إلي %49 تقريباً من نفس الفترة من العام السابق، وهو ما انعكس علي تراجع الإيرادات السياحية بنحو %9 في الفترة »أكتوبر- ديسمبر« من عام 2008 مقارنة بزيادة أكثر من %48 في الفترة ذاتها من العام السابق .

جريدة المال

المال - خاص

12:00 ص, الأربعاء, 30 سبتمبر 09